"الى روح الشهيد وليد.. الممثل الشرعي الوحيد.. لشباب سورية.. وشعبها العنيد"
خرجَ وليدٌ من قُمقمِهِ
خرجَ يشاهدُ بزوغَ الفجرِ
خرجَ يشمُّ نسائمَ موطنِهِ
ويزفِرُ عميقاً من ضيقِ الصدرِ
نادته بصوتٍ صكَّ مسامعَهُ
خرج يطالِعُ ذاتَ الخدرِ
نادته الحريةُ عِبرَ الآفاقْ
خرج وليدٌ من قمقمِهِ
خرج وحيداً في الليلِ
صارَ جسدُهُ عملاقْ
يتتَّبع أصواتاً من خلفِ التلِ
ترتفعُ.. تشقُّ ظلامَ الآفاقْ
خرجَ وحيداً في الليلِ
و وجدني أمشي هناكْ
مشينا سوياً في العتمِ
نتلمَّس خطانا بين الألغامِ
نتعثّرُ في الوعرِ، ونمضي بين الأشواكْ
نتعثّرُ بين ركامِ الأجسادِ
ونربِّتُ فوقَ جراحِ الآلامِ
ونمضي للقدرِ القادمِ
نسمعُ هدير حناجرهم والأقدامِ
يصرخُ وليدٌ: جاء الحقُ.. وحقَّ
يصرخُ: منتشياً بالأحلامِ
ولم تُخطِئهُ الطلقة
* * *
قِيلَ رصاصةُ قناصٍ
وقِيلَ قذيفةُ شيلكا
قِيلَ انفجارُ قنبلةٍ
أوقذيفةُ مدفع مالودكا
وتساوى الموتُ بين هذي وتلكَ
سكن الجسدُ
ابتسم الجرحُ.. وضَحِكَ
سكنَ الليلُ
و وليدٌ يضحكُ ضِحْكا
وأنا أصرخُ: وليد.. وليد
أنت تنزفُ.. تنزفُ نزفا
يضحكُ.. يضحكُ
وليدُ.. أعطني يدكَ
يهربُ بينَ دهاليزِ الليلِ
يركضُ.. يرقصُ.. يصرخُ
يدكُّ الأرضَ بقدميهِ
دكّاً.. دكّاً
تقلَّصَ جسدُ وليدٍ فجأة
وعاد صغيراً طفلاً
يبكي.. يعبثُ.. يصرخُ
يملؤُ الكونَ حياةً.. وأملا
يهدأُ.. يسكن.. يغفو
ورائحةُ الموتِ تفوحْ
أمسكتُ جسدَه المبتلَّ بندى العطشِ
وكان الفجرُ يكادُ يلوحْ
يتسربُ من بينِ اصبعِ كفي المرتعشِ
كقطرات الماء المسفوحْ
يتبخر مثل رذاذ العطرِ المرشوشِ
ويصيرُ غمامةَ مسكٍ
تعلو.. تضحكُ ثم تنوحْ
* * *
وليدُ كان طفلاً من درعا
اقتُلِعَتْ في السجنِ أظافِرَهُ
طبعَ بدمِهِ بصمةَ كفٍّ كاملةٍ
على خدِّ الحَرمِ العُمَرِيِّ
وأشعلَ شمعةْ
وليدُ كان رجلاً من كرنازْ
حملَ بندقيتَهُ باليسرى
وباليمنى غصنَ الزيتونْ
وليدُ كان من بُصرى
من قارة.. من حيِّ القابونْ
وليدُ كان شيخاً من الدَيْرِ
خرجَ يتظاهرُ مستنداً بالعكازْ
وليدُ كان فتاةً من حمصَ اغتصِبتْ
وعائلةً من طفسَ أُبِيدتْ
وأخرى من حاسَ ابتلِيتْ
وليد كان كهلا من الوعرِ
وجندياً منشقّاً في إعزازْ
وقِيلَ كان فتىً مِنَ الشامْ
أمهُ من السلميةِ
وأبوهُ من طيبةِ الإمامْ
أخوالُهُ في القُورِيَّةِ
وعمَّاتُهُ في جَرْجَنازْ
وليدُ كان من ديْرِ بعلبة
من سلمى والحفة.. من شهبا
من الحاضر.. من برزة.. من قدسيا
من دوما.. من سَقْبا.. والدرباسية
من عامودا.. من يبرودَ.. من داريّا
لقد كان وليدُ سورية
وسوريةُ كانتْ وليدْ
وليدُ كان صرخةَ حرية
والحريةُ كانت الوليدْ
والحريةُ كانتْ وعداً
وكانتْ وَعِيدْ
يرونَه بعيداً
وهو ليس بعيدْ
::: جحا الدمشقي :::
خرجَ وليدٌ من قُمقمِهِ
خرجَ يشاهدُ بزوغَ الفجرِ
خرجَ يشمُّ نسائمَ موطنِهِ
ويزفِرُ عميقاً من ضيقِ الصدرِ
نادته بصوتٍ صكَّ مسامعَهُ
خرج يطالِعُ ذاتَ الخدرِ
نادته الحريةُ عِبرَ الآفاقْ
خرج وليدٌ من قمقمِهِ
خرج وحيداً في الليلِ
صارَ جسدُهُ عملاقْ
يتتَّبع أصواتاً من خلفِ التلِ
ترتفعُ.. تشقُّ ظلامَ الآفاقْ
خرجَ وحيداً في الليلِ
و وجدني أمشي هناكْ
مشينا سوياً في العتمِ
نتلمَّس خطانا بين الألغامِ
نتعثّرُ في الوعرِ، ونمضي بين الأشواكْ
نتعثّرُ بين ركامِ الأجسادِ
ونربِّتُ فوقَ جراحِ الآلامِ
ونمضي للقدرِ القادمِ
نسمعُ هدير حناجرهم والأقدامِ
يصرخُ وليدٌ: جاء الحقُ.. وحقَّ
يصرخُ: منتشياً بالأحلامِ
ولم تُخطِئهُ الطلقة
* * *
قِيلَ رصاصةُ قناصٍ
وقِيلَ قذيفةُ شيلكا
قِيلَ انفجارُ قنبلةٍ
أوقذيفةُ مدفع مالودكا
وتساوى الموتُ بين هذي وتلكَ
سكن الجسدُ
ابتسم الجرحُ.. وضَحِكَ
سكنَ الليلُ
و وليدٌ يضحكُ ضِحْكا
وأنا أصرخُ: وليد.. وليد
أنت تنزفُ.. تنزفُ نزفا
يضحكُ.. يضحكُ
وليدُ.. أعطني يدكَ
يهربُ بينَ دهاليزِ الليلِ
يركضُ.. يرقصُ.. يصرخُ
يدكُّ الأرضَ بقدميهِ
دكّاً.. دكّاً
تقلَّصَ جسدُ وليدٍ فجأة
وعاد صغيراً طفلاً
يبكي.. يعبثُ.. يصرخُ
يملؤُ الكونَ حياةً.. وأملا
يهدأُ.. يسكن.. يغفو
ورائحةُ الموتِ تفوحْ
أمسكتُ جسدَه المبتلَّ بندى العطشِ
وكان الفجرُ يكادُ يلوحْ
يتسربُ من بينِ اصبعِ كفي المرتعشِ
كقطرات الماء المسفوحْ
يتبخر مثل رذاذ العطرِ المرشوشِ
ويصيرُ غمامةَ مسكٍ
تعلو.. تضحكُ ثم تنوحْ
* * *
وليدُ كان طفلاً من درعا
اقتُلِعَتْ في السجنِ أظافِرَهُ
طبعَ بدمِهِ بصمةَ كفٍّ كاملةٍ
على خدِّ الحَرمِ العُمَرِيِّ
وأشعلَ شمعةْ
وليدُ كان رجلاً من كرنازْ
حملَ بندقيتَهُ باليسرى
وباليمنى غصنَ الزيتونْ
وليدُ كان من بُصرى
من قارة.. من حيِّ القابونْ
وليدُ كان شيخاً من الدَيْرِ
خرجَ يتظاهرُ مستنداً بالعكازْ
وليدُ كان فتاةً من حمصَ اغتصِبتْ
وعائلةً من طفسَ أُبِيدتْ
وأخرى من حاسَ ابتلِيتْ
وليد كان كهلا من الوعرِ
وجندياً منشقّاً في إعزازْ
وقِيلَ كان فتىً مِنَ الشامْ
أمهُ من السلميةِ
وأبوهُ من طيبةِ الإمامْ
أخوالُهُ في القُورِيَّةِ
وعمَّاتُهُ في جَرْجَنازْ
وليدُ كان من ديْرِ بعلبة
من سلمى والحفة.. من شهبا
من الحاضر.. من برزة.. من قدسيا
من دوما.. من سَقْبا.. والدرباسية
من عامودا.. من يبرودَ.. من داريّا
لقد كان وليدُ سورية
وسوريةُ كانتْ وليدْ
وليدُ كان صرخةَ حرية
والحريةُ كانت الوليدْ
والحريةُ كانتْ وعداً
وكانتْ وَعِيدْ
يرونَه بعيداً
وهو ليس بعيدْ
::: جحا الدمشقي :::