أذهلني موقف سارية الرفاعي وكلامه في برنامج ( الشريعة والحياة )
لقد كنا ننتظر من الشيخ الداعية ، أن يشدَّ الانتبهاء إلى الوضع المأساوي الذي وُضِعَ فيه المواطن السوري على أيدي نظام الأسد الطائفي الحاقد . فكنا نودُّ لو حدثنا مثلا عن مقتل أكثر من مائة وخمسين ألف شهيد ما بين شاب وشيخ وطفل وامرأة . ولو حدثنا عن تهجير أكثر من مائتي ألف مواطن إلى البلدان المجاورة ، تركيا والأردن ولبنان ، وتشريد اكثر من مليوني إنسان ، ممن فروا من الأماكن الساخنة إلى بلدان وقرى أخرى أقل سخونة . أو كان حدثنا عن مئات آلاف الجرحى والمعوقين .. وكنا نتمنى لو أن الشيخ أخبر العالم من خلال ظهوره على هذه القناة ، بما قام به النظام من انتهاك للحرمات ، وتدنيس للمقدسات ، واعتداء على الأرواح والأموال والكرامة والعرض والدين ...
ولكن مولانا الشيخ - حفظه الله - لم يشأ أن يمرَّ بكلامه على هذه الجرائم ، ولو مرورا سريعا ، ولكنه آثر تناولَ الوَضْعِ بالحديث عن العموميات ، ونأى عن جوهر المشكلة ، وتحاشى أن يضع النقاط على الحروف ، وتجنب أن يُجرِّمَ أحداً بعينه من أركان النظام ، ولم يزلَّ لسانُه بكلمة سوء واحدة عن بشار الأسد ، فكأنما هو خط أحمر لا يجوز تخطيه ، ولا المساس به إلا مقرونا بالإجلال والتعظيم ..
لم يقل الشيخ للناس أن سوريا يحكمها اليوم رئيس يَدَّعِي الألوهية ، ويُكرِهُ معارضيه على قول ( لا إله إلا بشار ) كما يُكرِه المعتقلين على السجود لصوره .. ولم يَقُلِ الشيخُ للناس أن زبانية بشار الأسد هدموا المساجد ، وأحرقوا المصاحف ، وشتموا الإله والرسول .. ولم يشأ أن يخبر الناس بأن هذا الرئيس لم يدع أهل بيت في سوريا إلا أدخل إليهم الحزن ، وحملهم على البكاء ، إما على شاب قتله ، أو طفل أحرقه ، أو عرض انتهكه ، أو بيت هدمه ، أو محل تجاري نهبه ثم أحرقه ... وكأنَّ هذه الأمور لا تعني للشيخ شيئاً من قريب ولا من بعيد . وكأنَّ كل الذي يهمه من خلال هذه المقابلة أن يقول : إنه شخص مهمٌّ ، يلتقي بالرئيس والوزير ، وضباط الأمن ، وأنه ممن يظهر على قناة الدنيا ، ويفتي من خلالها بجواز قتل العصابة المندسة بين صفوف المتظاهرين ، لأنها هي التي تقوم بقتلهم من حيث لا يشعرون ... وأنه كان يخيل إليه أنه يصدح بكلمة الحق ، فقد ضرب لذلك شاهدا فقال : إن عناصر الأمن قاموا بمداهمة بيت ، فانقطع حليب المرأة من الخوف وبالتْ على نفسها ... وهكذا اختزل مولانا آلام السوريين كلها في قصة هذه المرأة وبولتها .!؟
أيها الشيخ ، إن بعض التهذيب من الدناءة ، وإن الكلمة الوقحة إن جاءت في مكانها المناسب كانت تسبيحة ، وإن التسبيحة في غير محلها ربما جَعَلَتْ صاحبها شريكا في القتل ...
ولعلك تذكر أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لعروة بن مسعود الثقفي يوم الحديبية : ( امصُصْ بَظْرَ اللات ) ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع ، فلم ينهه ، ولم يقل له : أفحشت ، مع أنها لفظة فاحشة بكل المقاييس .. فكانت كلمته هذه على فحشها مرضيةً لرسول عليه الصلاة والسلام .
وحدث الشعبي ( أظنُّه ) يوما فقال : جاء رجل إلى أمير ظالم فوشى إليه برجل يشتمه بالغيب . فقال بعض الحضور يتملق للأمير ( سبحان الله ) وكأنه يغري الأمير بعقوبة الموشى به ... فقال الشعبي : ما كنت أعلم أن " سبحان الله " يمكن أن تكون معصية إلا في مثل هذا المقام .
أسوق إليك هذه الأخبار ، ردا على أن أدبك الجمَّ مع المجرم القاتل بشار الأسد ، وهو أدب في غير محله ، لذلك أثار حفيظتي عليك ، ودفعني إلى شتمتك .. وها أنذا أخبرك بذلك ، ولا أستميحك المغفرة على شتمي إياك ، ليقيني أني مَثُوبٌ بشتمك .
أيها الشيخ ، أين أنت اليوم من موقف العز بن عبد السلام ، وابن تيمية من الحكام في زمانهم ؟ لقد أذْهَلَتْنِي مُرَاوَغَتُكَ في الكلام . وإقرارُك بوجود عصابات مندسة ، وليس هنالك إلا الجيش الحر ، الذي يدافع عن الأعراض والحرمات .. وأذهلَنِي حديثُك عن الفتنة ، وليس هنالك سوى الإجرام الذي يمارسه النظام .. وأذهلَني تَوَجُّعُكَ لمَقْتَلِ عناصر الأمن والشبيحة ، وهم لا يدينون بدين ، وليس لديهم من مهمة سوى قتل المسلمين وإرهابهم واغتصابهم .. وأذهلَنِي إسقاطُ الكلام عن وليَّ أمر المسلمين على بشار الأسد ، وهو عدو الله ورسوله وعدو المسلمين ..!!؟؟
أيها الشيخ ، سُئِلْتَ عن الإذن بالجهاد فتلعثمتَ في الإجابة ، وراوغتَ بكلام لا يفهم منه أنك تأذن بالجهاد ضد المجرم بشار الأسد وعصابته ، أو تمنع منه .؟ أما علمتَ أيها الشيخ أن الجهاد اليوم أصبح فرض عين ، وأن التعلل بعدم التكافؤ في السلاح غرة من الشيطان ، فأصحاب رسول الله قاتلوا فارس والروم ، ولم يكن هنالك تكافؤ بينهم وبين عدوهم ، لا في العَدَدِ ولا في العُدَد ، ومع ذلك انتصروا عليهم ، وزلزلوا عروشهم ، وثلوا ملكهم ..
فإذا لم يكن الجهاد اليوم واجبا على المسلمين ، فمتى يجب .. وإن لم يكن هذا منك خذلانا للمؤمنين ، فقل لي بربك ما هو الخذلان .!!؟؟
بقلم : ابو ياسر السوري
لستُ أنا وحدي الذي فوجئ بعدم ارتقاء حديث الشيخ سارية الرفاعي إلى مستوى الحَدَثِ أثناء ظهوره في برنامج ( الشريعة والحياة ) على قناة الجزيرة ، وإنما كان حديثُه اللَّيّنُ مثارَ استغرابٍ لدى الآلاف من المشاهدين السوريين ، الذين كانوا يظنون أن الشيخ سوف يعرِّي الأسد وعصابته المجرمين على رؤوس الأشهاد ، وأنه سينتصف في هذا اللقاء لكل المقهورين المظلومين من السوريين .. وإذا بالشيخ الفاضل يهرب في هذا اللقاء من الواقع ، ليحدثنا عن لقاءاته السابقة بالسيد الرئيس والسيد الوزير ، وكبار المسؤولين . ويحدثنا عن نصحه لهم ، وحواره مع ضباط أمن النظام ، الذين كانوا كما صوَّرهم الشيخ ، على جانب رفيع من اللطف والتهذيب ، حتى خيل إلينا وكأنه يحدثنا عن رجال من الشرطة في زمن الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز رحمه الله ... لقد كنا ننتظر من الشيخ الداعية ، أن يشدَّ الانتبهاء إلى الوضع المأساوي الذي وُضِعَ فيه المواطن السوري على أيدي نظام الأسد الطائفي الحاقد . فكنا نودُّ لو حدثنا مثلا عن مقتل أكثر من مائة وخمسين ألف شهيد ما بين شاب وشيخ وطفل وامرأة . ولو حدثنا عن تهجير أكثر من مائتي ألف مواطن إلى البلدان المجاورة ، تركيا والأردن ولبنان ، وتشريد اكثر من مليوني إنسان ، ممن فروا من الأماكن الساخنة إلى بلدان وقرى أخرى أقل سخونة . أو كان حدثنا عن مئات آلاف الجرحى والمعوقين .. وكنا نتمنى لو أن الشيخ أخبر العالم من خلال ظهوره على هذه القناة ، بما قام به النظام من انتهاك للحرمات ، وتدنيس للمقدسات ، واعتداء على الأرواح والأموال والكرامة والعرض والدين ...
ولكن مولانا الشيخ - حفظه الله - لم يشأ أن يمرَّ بكلامه على هذه الجرائم ، ولو مرورا سريعا ، ولكنه آثر تناولَ الوَضْعِ بالحديث عن العموميات ، ونأى عن جوهر المشكلة ، وتحاشى أن يضع النقاط على الحروف ، وتجنب أن يُجرِّمَ أحداً بعينه من أركان النظام ، ولم يزلَّ لسانُه بكلمة سوء واحدة عن بشار الأسد ، فكأنما هو خط أحمر لا يجوز تخطيه ، ولا المساس به إلا مقرونا بالإجلال والتعظيم ..
لم يقل الشيخ للناس أن سوريا يحكمها اليوم رئيس يَدَّعِي الألوهية ، ويُكرِهُ معارضيه على قول ( لا إله إلا بشار ) كما يُكرِه المعتقلين على السجود لصوره .. ولم يَقُلِ الشيخُ للناس أن زبانية بشار الأسد هدموا المساجد ، وأحرقوا المصاحف ، وشتموا الإله والرسول .. ولم يشأ أن يخبر الناس بأن هذا الرئيس لم يدع أهل بيت في سوريا إلا أدخل إليهم الحزن ، وحملهم على البكاء ، إما على شاب قتله ، أو طفل أحرقه ، أو عرض انتهكه ، أو بيت هدمه ، أو محل تجاري نهبه ثم أحرقه ... وكأنَّ هذه الأمور لا تعني للشيخ شيئاً من قريب ولا من بعيد . وكأنَّ كل الذي يهمه من خلال هذه المقابلة أن يقول : إنه شخص مهمٌّ ، يلتقي بالرئيس والوزير ، وضباط الأمن ، وأنه ممن يظهر على قناة الدنيا ، ويفتي من خلالها بجواز قتل العصابة المندسة بين صفوف المتظاهرين ، لأنها هي التي تقوم بقتلهم من حيث لا يشعرون ... وأنه كان يخيل إليه أنه يصدح بكلمة الحق ، فقد ضرب لذلك شاهدا فقال : إن عناصر الأمن قاموا بمداهمة بيت ، فانقطع حليب المرأة من الخوف وبالتْ على نفسها ... وهكذا اختزل مولانا آلام السوريين كلها في قصة هذه المرأة وبولتها .!؟
أيها الشيخ ، إن بعض التهذيب من الدناءة ، وإن الكلمة الوقحة إن جاءت في مكانها المناسب كانت تسبيحة ، وإن التسبيحة في غير محلها ربما جَعَلَتْ صاحبها شريكا في القتل ...
ولعلك تذكر أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لعروة بن مسعود الثقفي يوم الحديبية : ( امصُصْ بَظْرَ اللات ) ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع ، فلم ينهه ، ولم يقل له : أفحشت ، مع أنها لفظة فاحشة بكل المقاييس .. فكانت كلمته هذه على فحشها مرضيةً لرسول عليه الصلاة والسلام .
وحدث الشعبي ( أظنُّه ) يوما فقال : جاء رجل إلى أمير ظالم فوشى إليه برجل يشتمه بالغيب . فقال بعض الحضور يتملق للأمير ( سبحان الله ) وكأنه يغري الأمير بعقوبة الموشى به ... فقال الشعبي : ما كنت أعلم أن " سبحان الله " يمكن أن تكون معصية إلا في مثل هذا المقام .
أسوق إليك هذه الأخبار ، ردا على أن أدبك الجمَّ مع المجرم القاتل بشار الأسد ، وهو أدب في غير محله ، لذلك أثار حفيظتي عليك ، ودفعني إلى شتمتك .. وها أنذا أخبرك بذلك ، ولا أستميحك المغفرة على شتمي إياك ، ليقيني أني مَثُوبٌ بشتمك .
أيها الشيخ ، أين أنت اليوم من موقف العز بن عبد السلام ، وابن تيمية من الحكام في زمانهم ؟ لقد أذْهَلَتْنِي مُرَاوَغَتُكَ في الكلام . وإقرارُك بوجود عصابات مندسة ، وليس هنالك إلا الجيش الحر ، الذي يدافع عن الأعراض والحرمات .. وأذهلَنِي حديثُك عن الفتنة ، وليس هنالك سوى الإجرام الذي يمارسه النظام .. وأذهلَني تَوَجُّعُكَ لمَقْتَلِ عناصر الأمن والشبيحة ، وهم لا يدينون بدين ، وليس لديهم من مهمة سوى قتل المسلمين وإرهابهم واغتصابهم .. وأذهلَنِي إسقاطُ الكلام عن وليَّ أمر المسلمين على بشار الأسد ، وهو عدو الله ورسوله وعدو المسلمين ..!!؟؟
أيها الشيخ ، سُئِلْتَ عن الإذن بالجهاد فتلعثمتَ في الإجابة ، وراوغتَ بكلام لا يفهم منه أنك تأذن بالجهاد ضد المجرم بشار الأسد وعصابته ، أو تمنع منه .؟ أما علمتَ أيها الشيخ أن الجهاد اليوم أصبح فرض عين ، وأن التعلل بعدم التكافؤ في السلاح غرة من الشيطان ، فأصحاب رسول الله قاتلوا فارس والروم ، ولم يكن هنالك تكافؤ بينهم وبين عدوهم ، لا في العَدَدِ ولا في العُدَد ، ومع ذلك انتصروا عليهم ، وزلزلوا عروشهم ، وثلوا ملكهم ..
فإذا لم يكن الجهاد اليوم واجبا على المسلمين ، فمتى يجب .. وإن لم يكن هذا منك خذلانا للمؤمنين ، فقل لي بربك ما هو الخذلان .!!؟؟