[
الشهيد بندر المعضماني ( 1987 -2012 ) ... مدينة الضمير - ريف دمشق
لحكايا وسيَرِ الشهداءِ جّو لا يُمّل .. كيف لا وكلّما تذكرناهم طافتْ بيننا أرواحهم التي نشتاق ، وملأ الطُهرُ مجالسنا والأرجاء .. وإن كانَ لكلٍّ منهم في قلوبنا مستقرٌ وفي ذاكرةِ الأيام مقاما ، إلاّ أنّهم يتفاوتون في ذلك بحسبِ الأثرِ البالغِ الذي أحدثته قصصُ استشهادهم في نفوسنا ، وبكلماتهم التي ختموا بها رحلةَ حياتهم وسجلها التاريخ .. الشهيدُ بندر عبد الكريم معضماني كان أحدَ هؤلاء الأفذاذ الذين تأثرتْ الإنسانية جمعاء بلحظاتِ استشهاده .. بالألم الذي عاشه في سويعاتِ ودقائق حياتهِ الأخيرة ، وكنّا معه نعايشها بدموعنا ، وشعورِ العجزِ عن إنقاذه أو حتى الاعتذارِ له عن تخاذلِ العالم المُدقع .
صدقَ الثائرُ إذ قال مخاطباً الطاغية " عم تقتل كل شبّ فينا متل الوردة " .. فشهيدنا لم يتعدّ العشرين ربيعاً من عمره وما كان له ذلك ، لأنّ تعطّشَ القتلةِ لدماءِ الأبرياءِ لا ينتظرُ طويلاً ريثما يُقررُ أيّ الورود يختار .. أُصيبَ بندر بطلقٍ ناريٍ اخترقَ جسده الطاهرَ ولجمهُ عن ممارسةِ الحرّيةِ والهتافِ لها في هجومٍ لقوّات الغدرِ على مظاهرةٍ خرجت في مدينة الضمير التابعة للريف الدمشقي .. تلك المدينةُ التي أزعجَ صوتُ الحقّ والحرية فيها أذناب البغي فهاجموها غير مرّة .. سقطَ البطلُ على الأرض متأثراً بجراحه غير الخطيرة .. وقتها كانت قوّات البغي الأسدية قد طوّقت منطقةَ المظاهرة ، فلم يستطع أحدٌ إسعافه أو منحهِ فُرصةً أُخرى ليخرج فيهتفَ لحقّنا ويدافعَ عن كرامةِ الوطن .
نظّل نتذكّرُ وجهه الجميلَ وهو يتألم ويتوجّع في لحظاتهِ الأخيرة وينزفُ في مكانه لا حول له ولا قوّة .. لم يكن ينتظرُ تفجّر دموعنا أو غضبنا لأجله لدرجة أنّه لم يستغث إلاّ بالله ..ولم ينادِ سوى أُمّه .. قالها بملءِ حبِّه لها وشوقه : آه يا أمي ، أرادها أن تكونَ إلى جانبه لتشهدَ منظرَ ابنها ممدداً قد نالت منه يدُ القتلِ وحرمتهُ التمتعَ بالحياة كأيّ شابٍ في مُقتبل عمره يستشرفُ مستقبلاً كريماً في وطنٍ يكونُ الإنسانُ أهمُّ ما فيه .. ظلّ شهيدنا ينزفُ لساعاتٍ في بقعته وعلى حاله .. لكأنّ الأرض الطيبة من تحته استطابت دماءه .. ولكأنّ السماءَ اشتاقتهُ في ركاب العابرين إليها ، ولكأن أمّه الحقة كانت الجنة ، فلبته وحضنته في ذلك اليوم الذي شهدت عليه البشرية ، فارتاحت روحه و ارتقتْ إلى حيثُ الرَوح والريحان ، بصحبةِ الأنبياء والشهداء والصالحين ..
علّمنا بندرُ أنّ للشهداء في نظراتِ وداعهم الأخيرة سرٌّ لا تفقهه إلاّ قلوبُ الذين يتمنون الذي ناله أسلافهم ممن اصطفاهم الله شهداء .. وأنّ الشهادة تجارةٌ مع الرحمان لا تبور !
الشهيد بندر المعضماني ( 1987 -2012 ) ... مدينة الضمير - ريف دمشق
لحكايا وسيَرِ الشهداءِ جّو لا يُمّل .. كيف لا وكلّما تذكرناهم طافتْ بيننا أرواحهم التي نشتاق ، وملأ الطُهرُ مجالسنا والأرجاء .. وإن كانَ لكلٍّ منهم في قلوبنا مستقرٌ وفي ذاكرةِ الأيام مقاما ، إلاّ أنّهم يتفاوتون في ذلك بحسبِ الأثرِ البالغِ الذي أحدثته قصصُ استشهادهم في نفوسنا ، وبكلماتهم التي ختموا بها رحلةَ حياتهم وسجلها التاريخ .. الشهيدُ بندر عبد الكريم معضماني كان أحدَ هؤلاء الأفذاذ الذين تأثرتْ الإنسانية جمعاء بلحظاتِ استشهاده .. بالألم الذي عاشه في سويعاتِ ودقائق حياتهِ الأخيرة ، وكنّا معه نعايشها بدموعنا ، وشعورِ العجزِ عن إنقاذه أو حتى الاعتذارِ له عن تخاذلِ العالم المُدقع .
صدقَ الثائرُ إذ قال مخاطباً الطاغية " عم تقتل كل شبّ فينا متل الوردة " .. فشهيدنا لم يتعدّ العشرين ربيعاً من عمره وما كان له ذلك ، لأنّ تعطّشَ القتلةِ لدماءِ الأبرياءِ لا ينتظرُ طويلاً ريثما يُقررُ أيّ الورود يختار .. أُصيبَ بندر بطلقٍ ناريٍ اخترقَ جسده الطاهرَ ولجمهُ عن ممارسةِ الحرّيةِ والهتافِ لها في هجومٍ لقوّات الغدرِ على مظاهرةٍ خرجت في مدينة الضمير التابعة للريف الدمشقي .. تلك المدينةُ التي أزعجَ صوتُ الحقّ والحرية فيها أذناب البغي فهاجموها غير مرّة .. سقطَ البطلُ على الأرض متأثراً بجراحه غير الخطيرة .. وقتها كانت قوّات البغي الأسدية قد طوّقت منطقةَ المظاهرة ، فلم يستطع أحدٌ إسعافه أو منحهِ فُرصةً أُخرى ليخرج فيهتفَ لحقّنا ويدافعَ عن كرامةِ الوطن .
نظّل نتذكّرُ وجهه الجميلَ وهو يتألم ويتوجّع في لحظاتهِ الأخيرة وينزفُ في مكانه لا حول له ولا قوّة .. لم يكن ينتظرُ تفجّر دموعنا أو غضبنا لأجله لدرجة أنّه لم يستغث إلاّ بالله ..ولم ينادِ سوى أُمّه .. قالها بملءِ حبِّه لها وشوقه : آه يا أمي ، أرادها أن تكونَ إلى جانبه لتشهدَ منظرَ ابنها ممدداً قد نالت منه يدُ القتلِ وحرمتهُ التمتعَ بالحياة كأيّ شابٍ في مُقتبل عمره يستشرفُ مستقبلاً كريماً في وطنٍ يكونُ الإنسانُ أهمُّ ما فيه .. ظلّ شهيدنا ينزفُ لساعاتٍ في بقعته وعلى حاله .. لكأنّ الأرض الطيبة من تحته استطابت دماءه .. ولكأنّ السماءَ اشتاقتهُ في ركاب العابرين إليها ، ولكأن أمّه الحقة كانت الجنة ، فلبته وحضنته في ذلك اليوم الذي شهدت عليه البشرية ، فارتاحت روحه و ارتقتْ إلى حيثُ الرَوح والريحان ، بصحبةِ الأنبياء والشهداء والصالحين ..
علّمنا بندرُ أنّ للشهداء في نظراتِ وداعهم الأخيرة سرٌّ لا تفقهه إلاّ قلوبُ الذين يتمنون الذي ناله أسلافهم ممن اصطفاهم الله شهداء .. وأنّ الشهادة تجارةٌ مع الرحمان لا تبور !