المشهد العام للثورة السورية اليوم وتحديات الواقع :
بقلم : ابو ياسر السوري
أولا : تنطلق الثورة من الإيمان بالتغيير القسري لنظام قائم على الاستبداد والفساد .. وأدواتها إلى هذا التغيير : بقلم : ابو ياسر السوري
1 – استمرار التظاهرات السلمية ، المناهضة للنظام ، والمطالبة برحيله ورفع الصوت عاليا لإسماع العالم كله بأن الشعب يريد تغيير النظام بكافة رموزه من رأس الهرم إلى القاعدة .
2 – الجيش الحر السوري : ومهمته الرئيسية حماية الحراك السلمي الثائر والمطالب بالتخلص من الفساد والاستبداد .. ثم انتقل الجيش إلى الدفاع عن كيانه الخاص ، بعد أن بات مستهدفا رئيسيا من قبل النظام .
3 – الثورة الشعبية المسلحة ، وتشمل آلاف الشباب الثائر ، الذين انضموا تحت مظلة الجيش الحر ، لحمل السلاح ، ومقاومة الاحتلال الأسدي على سوريا ، وهؤلاء مع الجيش الحر يقومون بالمقاومة المسلحة ، على طريقة حرب العصابات ، التي سترهق هذا النظام عسكريا واقتصاديا وتعطل عمل دوائره ومؤسساته الحكومية ، وتمهد لعصيان مدني يشل قدرات الدولة ، وينتهي بها إلى السقوط والانهيار ..
ثانيا : وينطلق العمل السياسي ، من الإيمان بضرورة التغيير ، والانتقال من الحكم الاستبدادي إلى الحكم الديمقراطي ، عبر قنوات الجامعة العربية ومنظمات الأمم المتحدة ، ومنظمات حقوق الإنسان . وأدواتها إلى هذا التغيير :
1 – المؤتمرات المنعقدة هنا وهناك من أجل توحيد رؤية المعارضة على كيفية إسقاط هذا النظام الفاسد .
2 – مطالبة الجامعة العربية بالتحرك الجاد لهذا الغرض المنشود .
3 – دعوة المنظمات الدولية للقيام بعمل ما ، يساعد على الإطاحة بهذا النظام ، وتمكين الشعب من الانتقال إلى ظل حكم ديمقراطي ، ينعم فيه كافة أطياف الشعب بالأمن والرخاء .
ثالثا : العمل الثوري هو الأداة الفعالة للتغيير ، وليس العمل السياسي ، وذلك لأن الثوار متفقون على الهدف ، ومتفقون على صورة الحراك وكيفية التوجه نحو الهدف . وماضون إليه بخطوات ثابتة وئيدة ، كلما زاد النظام في قمعها ، ازدادت الثورة تأججا وسعيرا . ولهذا تحقق الثورة نجاحا ، ويقوى ساعدها يوما بعد يوم . وقد باتت الثورة توجه للنظام الصفعة بعد الصفعة ، وسيأتي ذلك اليوم الذي تطيح به بكل تأكيد ، بعون الله تعالى ... وأطمئن السوريين أنه لن يمضي وقت طويل على بقاء هذا النظام العفن ، فقد خسر دوليا ، وخسر داخليا ، وبدأت مرحلة التفكك في بنيته العسكرية والسياسية والاقتصادية . فهو الآن يهوي منكوسا إلى أسفل ، وعما قريب تصطدم هامته بالقاع .
رابعا : أما العمل السياسي ، فهو رديف للعمل الثوري في الخارج ، ولكنه رديف ضعيف ، لأن المعارضة عبارة عن سوريين سياسيين معارضين للنظام منذ زمن طويل ، ولكل منهم أجندة سياسية خاصة به ، يعمل على تسويقها وإحراز أكبر قدر من الفوائد لنفسه .. فهؤلاء المعارضون القدامى في الأصل ليسوا مع الثورة ولا ضدها ، ثم اتحدث مصلحتهم مع مصلحة الثورة ، فانطلقا يعملان معا ضد عدو مشترك هو النظام . وكلما تعالت المعارضة عن مطامعها الشخصية ، وذابت في بوتقة العمل الوطني العام ، استطاعت أن تؤثر في تسريع نجاح الثورة وانتصارها ، وتحقيق الحلم المشترك بــ ( إسقاط النظام ) .
خامسا : هذا هو المشهد العام لما يجري بخصوص سوريا ، في الداخل والخارج .. وطبيعي أن تختلف حياله رؤى المعارضة ، لأنها مهمشة ومتباعدة عن بعضها منذ أربعة عقود ( فترة عمر هذا النظام الفاسد ) . ومن هنا ينبغي أن لا نعول عليها كثيرا ، وأن لا ننصدم بمواقفها الهزيلة ، وخلافاتها التافهة ، الطارف منها والتليد ... وحسبنا منها أن تتحد على هدف عام مشترك . ويُقالُ أنها قد توصلت أخيرا إليه ، بعد مرور أكثر من 16 شهرا . ونسأل الله لها الهداية والشفاء ، ونرجو أن يترفع هؤلاء المعارضون المقرفون عن مطامعهم الشخصية ، ويتخلصوا من الأنانية ، فالإيثار خلق كريم ، يشعر صاحبه براحة نفسية لا يعرفها الأنانيون .
ولكي نكون واقعيين ومنصفين ، فعلينا أن نقر بأن المعارضة لا تملك قرارتها ، فهي مقيدة بمواقف الجامعة العربية التي لم تتفق على خير منذ قيامها وحتى اليوم .. ومقيدة باستجابة المجتمع الدولي ، الذي لا تحركه إلا المصالح ، ومعلوم أن مصالح هذا المجتمع متقاطعة مع مصالح الثوار ، ولن يرضخ المجتمع الدولي لمطالبنا ما لم نتمكن من شل النظام في الداخل شلا كاملا ، والوصول إلى حالة العصيان المدني ، التي نسميها ساعة الصفر .. وعندها سنجد أن هذا المجتمع قد رضخ لمطالبنا عن بكرة أبيه ، وتخلى عن عميله الأسد ، وتركه يهوي إلى مزابل التاريخ ..
سادسا : أيها الثوار ، نحن نريد السلاح ، لنحول بين النظام وبين محاولاته اليائسة بقمع الثورة . نحن نريد الاستمرار في حراكنا السلمي بالتظاهر ، ونريد الاستمرار في حراك المقاومة الميدانية بالسلاح .. ونريد الاستمرار في إنهاك النظام ، الذي بدأ يتهاوى ، وقد شارف على السقوط ... نعم لقد شارف النظام على السقوط ، وهو يتآكل يوما بعد يوم .. فكل عنصر ينشق عنه يشكل خسارة له ، وبعملية تراكمية ، سوف تتعاظم خسائره ، حتى يعجز عن احتمالها ويسقط .
لا شك أن ما يقع من جرائم هو شيء فظيع وأليم ، ولكن هذا هو السبيل الوحيد إلى النصر . فالحرية لا تنال بالسؤال ، وإنما تطلب بالمغالبة . والمغالبة فيها غالب ومغلوب ، وسالب ومسلوب ، ومنتصر ومهزوم ، والصراع فيه الجراح والآلام ، ولكن العاقبة جميلة ، وحلوة ، وسعيدة .. ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم ، مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ؟ ألا إن نصر الله قريب ) .