أشقاءنا في الخليج ، بقاءُ الأسدِ خطرٌ علينا وعليكم
بقلم : ابو ياسر السوري
1 - بدايةً : يَحسُنُ أن نضعَ القضيّةَ كاملة أمام القراء ، ونُصوِّرَ الجرائم الواقعةَ على الشعب السوري ، ومواقفَ الآخرين منها :
الثورةُ في سوريا ، ثورةٌ على الاستبداد والفساد ، بهدفِ العودة إلى الحياة الحُرّة الكريمة ، التي سبقتِ حقبةَ ما قبلَ حكمِ آل الأسدِ لسوريا ، فقد اعتمدت هذه العائلة المشؤومة في حكمها على التجييش الطائفي ، وأقاموا تحالفاً مع شيعة إيران وشيعة لبنان ، واضطهدوا الشعب السوري كله ، وخصُّوا طائفةَ أبناءِ السُّنّة بمزيدٍ من الظلم والاضطهاد ..
فما إنْ تفجرتِ الثورةُ السورية ، حتى أعلن النظامُ وإيرانُ وحزبُ اللات اللبناني اتهامهم للثوار بأنهم عبارةٌ عن حفنةٍ من الخونة المندسين المخربين ، الذين يعملون لصالح السعودية وسعد الحريري ..
ثم آلتِ الأمورُ أخيراً إلى أنْ شنَّ النظامُ النصيري حرباً على شعبه ، وبدأ بتنفيذ عمليات إبادة ممنهجة لطائفة السُّنّة خاصة ، وكان لا بأس لديه أن يقمع كل من يثور عليه من الطوائف الأخرى ، ولكنْ بصورةٍ أقلَّ عُنفاً . لذلك تجنب البطشَ بمُدُن وقرى الأكراد ولا الدروز ولا الآشور ولا التركمان .. بينما أنزل بقرى السُّنّة ومُدُنِهِم أشد العذاب .. فقد هدَّم ثُلُثَ مباني أهل السُّنّة على رؤوس أصحابها ، وزجَّ منهم في السجون مئات الآلاف ، وشرَّد وقتلَ وعذَّب وسرقَ ونهبَ واغتصبَ ...
2 - ارتكب النظامُ كلَّ هذه الجرائم بمباركةٍ من إيرانَ وشيعةِ العراق وشيعةِ لبنان .. وظهرَ للعَيَان أنها حربٌ طائفيةٌ قذرة ، يتبناها النظام وحلفاؤه ضدَّ شعبٍ لم يعرف الطائفية ، ولم يتعايش على أساسها في يوم من الأيام ... فلما عُومل بروح الطائفة ، سرعان ما حدَّد عَدُوَّه ، وعرفَ هوية المتحالفين مع النظام ضده ، وقرأ المخطط الجهنمي الذي يسرون عليه في المنطقة كلها .. لقد عرف السوريون أن نظامَ الأسد وإيران وحزب اللات وشيعة العراق ، كلهم يعملون ضمن مخططٍ واحد مشترك ، غايتُه الاستيلاءُ على المنطقة العربية بِرُمَّتها : سوريا ولبنان والعراق والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي ، وعلى رأسها السعودية .. هذا المخططُ الإيراني الفارسي، الذي يتوارى أصحابه تحتَ العمائم السوداء، ويرفعون راية العداء لأهل السُّنّة ، باسم التشيع لآل البيت ، هذا المخطط هو الذي يُهدِّدُنا جميعا اليوم . وعلى أساسه يجب أن تقام مصدَّاتُ الدفاع المشترك ، بين السوريين والإخوة السعوديين وكافة دول الخليج ... إنها هجمةٌ أشبه بالحروب الصليبية تماماً ، فعناصرُ النظام وميليشيات نصر اللات ومقتدى الصدر ، يقومون بقتل المدنيين الأبرياء من أهل السُّنَّة السوريين ، فيقتحمون عليهم بيوتهم ، ويقومون بذبح أطفالهم ونسائهم بالسكاكين ، وهم يصرخون : يا لثارات الحسين .. وإن موقف السيستاني وملالي إيران المعادي للشعب السوري ، وفتاواهم بأنَّ مَنْ قَتَلَ السُّنّة دخل الجنة ، وأن قَتْلَ الناصبيَّ واجبٌ دينيٌّ على كل شيعيّ ، وما ترتَّبَ على هذه الفتاوى من جرائم ... إن هذا الموقف العدائي على أساس ديني ، ليُذكِّرُنا بقساوسة النصارى ، الذين حَمَلُوا صلبانهم ذات يوم ، وقاموا بحملاتهم الصليبية ، التي مَثَّلَتْ قمّة الوحشية ، وذهب جراءها مئاتُ آلاف الضحايا . بل إن ما يرتكبه هؤلاء النصيريون ومن شايعهم من إيران ولبنان ، من الجرائم ضد المسلمين ، ليعيد إلى الذاكرة صوراً حيةً من همجية التتار ، الذين أغرقوا الأمة قبل قرون ، في بحار من الدماء ..
3 - هذه المؤامرة التي اكتشفها السوريون من أول يوم من ثورتهم ، هي التي جعلتهم يتطلعون بلهفةٍ إلى إخوانهم في الخليج ، لينضمُّوا إليهم في صدِّ هذه الهجمة الفارسية التي ترتدي ثوب التشيع الكاذب ، وتحاولُ فرض سيطرتها الاستعمارية على المنطقة بأسرها ، باسم الدين .
نحن لا نشكُّ في أنَّ السعودية تعلمُ حقيقةَ المطامع الإيرانية ، وتعلمُ أنَّ قمعَ الثورة السورية يعني وقوعَ سوريا في أحضان إيران ، ويعني وقوع لبنان تحت السيطرة الإيرانية ، وهذا التوسعُ المقنَّعُ بالتشيُّعِ يعني تهديداً مباشراً لدول الخليج كلها ، خاصة السعودية ...
ولهذا يتساءلُ كلُّ سوري ، ويُلِحُّ في السؤال: لماذا لم تُعلنِ المملكةُ عن موقفها الداعم للسوريين ، ولماذا لم تفعلْ كما فعلتْ إيرانُ وحزبُ اللات والمالكيُّ في دعم النظام ؟ لقد أعلن هؤلاء وُقُوفَهم مع الأسد بمنتهى الصراحة ، وقالوا : لن نسمحَ بإسقاط النظام في سوريا ، ثم قَرَنُوا القول بالعمل ، فأمدُّوه بالمال والسلاح والرجال والتأييد الدولي ، وضغطوا على روسيا والصين ، حتى وقفتا إلى جانبهم في تأييد هذا النظام المجرم ..
فلماذا لم تُعلن المملكةُ ودولُ الخليج من ورائها عن وقوفهم إلى جانب الثورة ، ولماذا لم يُصرِّحُوا على الملأ بأن التدخُّلَ الإيراني العراقي اللبناني عدوانٌ سافرٌ على الشعب السوري ، ومساسٌ صارخٌ بأمن المنطقة العربية بأسرها .؟؟ وهم يعلمون أنه كذلك ...
4 - لقد اكتفتِ المملكةُ وأغلبُ دُولِ الخليج ، بالتعاملِ مع القضية السورية من وراءَ وراءَ ، فهي تُخفي تأييدها للشعب السوري ، وتُظهرُ للنظام أنها على الحياد . ثم تسمحُ لإعلامها بتأييد الشعب ، فتقوم عدةُ قنوات خليجية كالعربية والجزيرة ووصال وصفا.. بتغطية الأحداث في سوريا ، ونشرها على الفضاء . ولا شكَّ أن هذه خدمة جليلة للثورة ، وتأييدٌ إعلامي كبير . ولكن المطلوب في رأينا أكبرُ من ذلك ، فالخطرُ كبير ، وهو لا يتهدد السوريين وحدهم ، وإنما يتعداهم إلى دول الخليج كافة ، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية . فمصيرنا ومصيرهم واحد ، وكل تأخير في بقاء هذا النظام المجرم، مضرٌّ بنا وبهم على حد سواء .
5 – على الرغم من سفاهة الإعلام السوري والإيراني واللبناني ، ومهاجمتهم المعلنة لدول الخليج ، وخاصة المملكة وقطر ، فقد كان الرد الخليجي بمزيد من الصبر وضبط النفس ، على مدى خمسة أشهر ، ولم يقفوا الموقفَ الذي كنا نتمناه ، حتى أخذت القضية تتجهُ في مسارٍ آخرَ ، فانبرت الجامعة العربية لتبني الحلِّ ، وتلك هي القشَّةُ التي قصمتْ ظهر البعير ، فقد كنا على يقينٍ منذ البداية ، أن الدول العربية لا تُريد إسقاط الأسد ، وأنها ستحاولُ إفشال أي مشروع يتضمن إسقاطه ، وهذا ما فعلته الجامعة العربية في نهاية المطاف ، لقد أحبطتْ كل المساعي الرامية إلى تنحي الأسد ، وأبطلتْ كل المحاولات الخليجية ، الرامية لرفع القتل عن الشعب السوري ، ولم تتمكن المملكة وقطر من إيقاف القتل عنا حتى اليوم . وما زال خطر المد الإيراني قائما ، يتهدد الجميع . سواء أقر المقرون بهذا أم أنكر المنكرون ...
6 - إننا نُحسُّ بالخطر الداهم ، الذي يُحدِقُ بنا وبأشقائنا في الخليج ، ونتطلَّعُ إلى موالاةٍ صريحةٍ ، فالجَرحُ قد بلغ العظم ، وإن الأقدارَ قد وضعتنا أمام حربٍ شرسة ، لا ينفعُ فيها الوقوفُ على الحياد، بل قد يَضُرُّ ولا يُفيد . وإن التصريحات المؤيدة لتسليح المعارضة غير كافية ما لم تقترن بالأفعال ، وإن إظهار الامتعاض والغضب من الجرائم الشنيعة التي يرتكبها النظام في حق الشعب السوري ، لن ترفع القتل عن هذا الشعب ، ولن تكبح آلة الإجرام .. لقد سمعنا من فرنسا وبريطانيا وأمريكا تصريحات أشد ، واستنكارا أقوى ، ومطالبةً للأسد بالتنحي ، ولم يَقُلْ مثل ذلك أحدٌ من العرب ، ومع ذلك لم تُغيِّر تصريحاتُهم من الواقع شيئا ، فما زال القتل مستمراً من غير توقف ، لا في ليل ولا نهار .
إنَّ العالم الغربيَّ لا يهمُّه أمرُنا ، وإنما تهمُّه مصالحُه في منطقتنا ، وإنَّ مصالِحَه في منطقة الخليج أكبرُ من مصالحه في سوريا والعراق وإيران . فليتنا وظَّفْنا سلاح المصالح لصالحنا .. وإلا فالقادمُ مرعبٌ ومخيف .
7 – أختم بالقول : إنَّ علينا أن نعترفَ ، بأن الأسلوب الذي كُتِبَتْ فيه مقالةُ الأخ عبد الحق صادق (أيها المتحمسون اطمئنوا السعودية أكبر داعم للانتفاضة السورية ) على الرابط: http://www.syria2011.net/t34215-topic
كان أسلوباً مستفزاً ، نكَأَ به جراحاً نائمة ، وحرَّكَ أشجاناً كامنة، ومما زاد في إيلامه ، أنَّ عدداً من الإخوة علَّقُوا على مقاله بالاستحسان ، وأيدوه في كل ما قال .. ولعلَّ هذا هو ما دفع الأخ زكريا حجازي إلى القسوة في الردِّ عليه ، بنفس الخشونة في الخطاب ..
وللتنويه أقول ، لقد حَظِيَ هذا المقال بأكبرِ عددٍ من القراء والمعلِّقين ، من بين ما نُشِرَ في هذا المنتدى منذ وقت طويل ، وقد كنتُ أحدَ مَنْ علَّقَ عليه بكلامٍ ، أحببتُ أنْ أصرفَ به الأنظار عن العتاب والملامات ، ولكنَّ ما جاء فيه كان أكبرَ من احتمالِ بعضِ الإخوة ، فلم يَسَعْهُمُ السُّكوت .. لهذا رأيتُ أن أعودَ فأكتبَ في صُلْبِ هذا الموضوع ، وأن أُعقِّبَ على الرُّدُود التي وُجِّهَتْ إليه ، المؤيدِ منها والمعارِضِ ، الليِّنِ منها والخشنِ .. فأقولُ : رُبَّما رضيَ المرءُ فمدحَ أخاه بحقٍّ ، وَرُبَّما غضبَ فذمَّه بحقّ أيضا ، وكان مصيباً في الحالين .
فقد وردَ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمرِو بنِ الأهتم السعدي : يا عمرو أخبرني عن الزبرقان ؟ فقال : أعلم أنه قد نَجَمَتْ له مُروّة ، وأنه مطاعٌ في قومه ، وأنه مانعٌ لما وراءَ ظهره .
فقال الزبرقان: أما والله لقد تَرَكَ ما هو أفضلُ من هذا . ولكنه حَسَدَنِي .
فقال عمرو : أمّا إذا قال ما قال ، فهو ما علمتُ : أحمقُ الأب ، لئيمُ الخال ، زَمِرُ المروّة ، حديثُ الغِنى ؛ ولقد صدقتُ في الأولى، وما كذبتُ في الأُخرى .
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال عمرو : يا رسول الله .! لقد رضيتُ فقلتُ أحسنَ ما علمتُ . وغضبتُ فقلتُ أقبحَ ما علمت . وما كذبت في الحالين .
فقال النبي صلى الله عليه: " إنّ من البيانِ لَسِحْراً " .
وأكرر القول : إنَّ القدر وضعَ السوريين وأشقاءهم في الخليج أمامَ خطرٍ داهمٍ واحد ، ولا يُنقذهم منه إلا وقوفهم في وجهه صفاً واحداً كأنهم بنيان مرصوص . ألا هل بلَّغتُ اللهم فاشهد .
بقلم : ابو ياسر السوري
1 - بدايةً : يَحسُنُ أن نضعَ القضيّةَ كاملة أمام القراء ، ونُصوِّرَ الجرائم الواقعةَ على الشعب السوري ، ومواقفَ الآخرين منها :
الثورةُ في سوريا ، ثورةٌ على الاستبداد والفساد ، بهدفِ العودة إلى الحياة الحُرّة الكريمة ، التي سبقتِ حقبةَ ما قبلَ حكمِ آل الأسدِ لسوريا ، فقد اعتمدت هذه العائلة المشؤومة في حكمها على التجييش الطائفي ، وأقاموا تحالفاً مع شيعة إيران وشيعة لبنان ، واضطهدوا الشعب السوري كله ، وخصُّوا طائفةَ أبناءِ السُّنّة بمزيدٍ من الظلم والاضطهاد ..
فما إنْ تفجرتِ الثورةُ السورية ، حتى أعلن النظامُ وإيرانُ وحزبُ اللات اللبناني اتهامهم للثوار بأنهم عبارةٌ عن حفنةٍ من الخونة المندسين المخربين ، الذين يعملون لصالح السعودية وسعد الحريري ..
ثم آلتِ الأمورُ أخيراً إلى أنْ شنَّ النظامُ النصيري حرباً على شعبه ، وبدأ بتنفيذ عمليات إبادة ممنهجة لطائفة السُّنّة خاصة ، وكان لا بأس لديه أن يقمع كل من يثور عليه من الطوائف الأخرى ، ولكنْ بصورةٍ أقلَّ عُنفاً . لذلك تجنب البطشَ بمُدُن وقرى الأكراد ولا الدروز ولا الآشور ولا التركمان .. بينما أنزل بقرى السُّنّة ومُدُنِهِم أشد العذاب .. فقد هدَّم ثُلُثَ مباني أهل السُّنّة على رؤوس أصحابها ، وزجَّ منهم في السجون مئات الآلاف ، وشرَّد وقتلَ وعذَّب وسرقَ ونهبَ واغتصبَ ...
2 - ارتكب النظامُ كلَّ هذه الجرائم بمباركةٍ من إيرانَ وشيعةِ العراق وشيعةِ لبنان .. وظهرَ للعَيَان أنها حربٌ طائفيةٌ قذرة ، يتبناها النظام وحلفاؤه ضدَّ شعبٍ لم يعرف الطائفية ، ولم يتعايش على أساسها في يوم من الأيام ... فلما عُومل بروح الطائفة ، سرعان ما حدَّد عَدُوَّه ، وعرفَ هوية المتحالفين مع النظام ضده ، وقرأ المخطط الجهنمي الذي يسرون عليه في المنطقة كلها .. لقد عرف السوريون أن نظامَ الأسد وإيران وحزب اللات وشيعة العراق ، كلهم يعملون ضمن مخططٍ واحد مشترك ، غايتُه الاستيلاءُ على المنطقة العربية بِرُمَّتها : سوريا ولبنان والعراق والأردن ودول مجلس التعاون الخليجي ، وعلى رأسها السعودية .. هذا المخططُ الإيراني الفارسي، الذي يتوارى أصحابه تحتَ العمائم السوداء، ويرفعون راية العداء لأهل السُّنّة ، باسم التشيع لآل البيت ، هذا المخطط هو الذي يُهدِّدُنا جميعا اليوم . وعلى أساسه يجب أن تقام مصدَّاتُ الدفاع المشترك ، بين السوريين والإخوة السعوديين وكافة دول الخليج ... إنها هجمةٌ أشبه بالحروب الصليبية تماماً ، فعناصرُ النظام وميليشيات نصر اللات ومقتدى الصدر ، يقومون بقتل المدنيين الأبرياء من أهل السُّنَّة السوريين ، فيقتحمون عليهم بيوتهم ، ويقومون بذبح أطفالهم ونسائهم بالسكاكين ، وهم يصرخون : يا لثارات الحسين .. وإن موقف السيستاني وملالي إيران المعادي للشعب السوري ، وفتاواهم بأنَّ مَنْ قَتَلَ السُّنّة دخل الجنة ، وأن قَتْلَ الناصبيَّ واجبٌ دينيٌّ على كل شيعيّ ، وما ترتَّبَ على هذه الفتاوى من جرائم ... إن هذا الموقف العدائي على أساس ديني ، ليُذكِّرُنا بقساوسة النصارى ، الذين حَمَلُوا صلبانهم ذات يوم ، وقاموا بحملاتهم الصليبية ، التي مَثَّلَتْ قمّة الوحشية ، وذهب جراءها مئاتُ آلاف الضحايا . بل إن ما يرتكبه هؤلاء النصيريون ومن شايعهم من إيران ولبنان ، من الجرائم ضد المسلمين ، ليعيد إلى الذاكرة صوراً حيةً من همجية التتار ، الذين أغرقوا الأمة قبل قرون ، في بحار من الدماء ..
3 - هذه المؤامرة التي اكتشفها السوريون من أول يوم من ثورتهم ، هي التي جعلتهم يتطلعون بلهفةٍ إلى إخوانهم في الخليج ، لينضمُّوا إليهم في صدِّ هذه الهجمة الفارسية التي ترتدي ثوب التشيع الكاذب ، وتحاولُ فرض سيطرتها الاستعمارية على المنطقة بأسرها ، باسم الدين .
نحن لا نشكُّ في أنَّ السعودية تعلمُ حقيقةَ المطامع الإيرانية ، وتعلمُ أنَّ قمعَ الثورة السورية يعني وقوعَ سوريا في أحضان إيران ، ويعني وقوع لبنان تحت السيطرة الإيرانية ، وهذا التوسعُ المقنَّعُ بالتشيُّعِ يعني تهديداً مباشراً لدول الخليج كلها ، خاصة السعودية ...
ولهذا يتساءلُ كلُّ سوري ، ويُلِحُّ في السؤال: لماذا لم تُعلنِ المملكةُ عن موقفها الداعم للسوريين ، ولماذا لم تفعلْ كما فعلتْ إيرانُ وحزبُ اللات والمالكيُّ في دعم النظام ؟ لقد أعلن هؤلاء وُقُوفَهم مع الأسد بمنتهى الصراحة ، وقالوا : لن نسمحَ بإسقاط النظام في سوريا ، ثم قَرَنُوا القول بالعمل ، فأمدُّوه بالمال والسلاح والرجال والتأييد الدولي ، وضغطوا على روسيا والصين ، حتى وقفتا إلى جانبهم في تأييد هذا النظام المجرم ..
فلماذا لم تُعلن المملكةُ ودولُ الخليج من ورائها عن وقوفهم إلى جانب الثورة ، ولماذا لم يُصرِّحُوا على الملأ بأن التدخُّلَ الإيراني العراقي اللبناني عدوانٌ سافرٌ على الشعب السوري ، ومساسٌ صارخٌ بأمن المنطقة العربية بأسرها .؟؟ وهم يعلمون أنه كذلك ...
4 - لقد اكتفتِ المملكةُ وأغلبُ دُولِ الخليج ، بالتعاملِ مع القضية السورية من وراءَ وراءَ ، فهي تُخفي تأييدها للشعب السوري ، وتُظهرُ للنظام أنها على الحياد . ثم تسمحُ لإعلامها بتأييد الشعب ، فتقوم عدةُ قنوات خليجية كالعربية والجزيرة ووصال وصفا.. بتغطية الأحداث في سوريا ، ونشرها على الفضاء . ولا شكَّ أن هذه خدمة جليلة للثورة ، وتأييدٌ إعلامي كبير . ولكن المطلوب في رأينا أكبرُ من ذلك ، فالخطرُ كبير ، وهو لا يتهدد السوريين وحدهم ، وإنما يتعداهم إلى دول الخليج كافة ، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية . فمصيرنا ومصيرهم واحد ، وكل تأخير في بقاء هذا النظام المجرم، مضرٌّ بنا وبهم على حد سواء .
5 – على الرغم من سفاهة الإعلام السوري والإيراني واللبناني ، ومهاجمتهم المعلنة لدول الخليج ، وخاصة المملكة وقطر ، فقد كان الرد الخليجي بمزيد من الصبر وضبط النفس ، على مدى خمسة أشهر ، ولم يقفوا الموقفَ الذي كنا نتمناه ، حتى أخذت القضية تتجهُ في مسارٍ آخرَ ، فانبرت الجامعة العربية لتبني الحلِّ ، وتلك هي القشَّةُ التي قصمتْ ظهر البعير ، فقد كنا على يقينٍ منذ البداية ، أن الدول العربية لا تُريد إسقاط الأسد ، وأنها ستحاولُ إفشال أي مشروع يتضمن إسقاطه ، وهذا ما فعلته الجامعة العربية في نهاية المطاف ، لقد أحبطتْ كل المساعي الرامية إلى تنحي الأسد ، وأبطلتْ كل المحاولات الخليجية ، الرامية لرفع القتل عن الشعب السوري ، ولم تتمكن المملكة وقطر من إيقاف القتل عنا حتى اليوم . وما زال خطر المد الإيراني قائما ، يتهدد الجميع . سواء أقر المقرون بهذا أم أنكر المنكرون ...
6 - إننا نُحسُّ بالخطر الداهم ، الذي يُحدِقُ بنا وبأشقائنا في الخليج ، ونتطلَّعُ إلى موالاةٍ صريحةٍ ، فالجَرحُ قد بلغ العظم ، وإن الأقدارَ قد وضعتنا أمام حربٍ شرسة ، لا ينفعُ فيها الوقوفُ على الحياد، بل قد يَضُرُّ ولا يُفيد . وإن التصريحات المؤيدة لتسليح المعارضة غير كافية ما لم تقترن بالأفعال ، وإن إظهار الامتعاض والغضب من الجرائم الشنيعة التي يرتكبها النظام في حق الشعب السوري ، لن ترفع القتل عن هذا الشعب ، ولن تكبح آلة الإجرام .. لقد سمعنا من فرنسا وبريطانيا وأمريكا تصريحات أشد ، واستنكارا أقوى ، ومطالبةً للأسد بالتنحي ، ولم يَقُلْ مثل ذلك أحدٌ من العرب ، ومع ذلك لم تُغيِّر تصريحاتُهم من الواقع شيئا ، فما زال القتل مستمراً من غير توقف ، لا في ليل ولا نهار .
إنَّ العالم الغربيَّ لا يهمُّه أمرُنا ، وإنما تهمُّه مصالحُه في منطقتنا ، وإنَّ مصالِحَه في منطقة الخليج أكبرُ من مصالحه في سوريا والعراق وإيران . فليتنا وظَّفْنا سلاح المصالح لصالحنا .. وإلا فالقادمُ مرعبٌ ومخيف .
7 – أختم بالقول : إنَّ علينا أن نعترفَ ، بأن الأسلوب الذي كُتِبَتْ فيه مقالةُ الأخ عبد الحق صادق (أيها المتحمسون اطمئنوا السعودية أكبر داعم للانتفاضة السورية ) على الرابط: http://www.syria2011.net/t34215-topic
كان أسلوباً مستفزاً ، نكَأَ به جراحاً نائمة ، وحرَّكَ أشجاناً كامنة، ومما زاد في إيلامه ، أنَّ عدداً من الإخوة علَّقُوا على مقاله بالاستحسان ، وأيدوه في كل ما قال .. ولعلَّ هذا هو ما دفع الأخ زكريا حجازي إلى القسوة في الردِّ عليه ، بنفس الخشونة في الخطاب ..
وللتنويه أقول ، لقد حَظِيَ هذا المقال بأكبرِ عددٍ من القراء والمعلِّقين ، من بين ما نُشِرَ في هذا المنتدى منذ وقت طويل ، وقد كنتُ أحدَ مَنْ علَّقَ عليه بكلامٍ ، أحببتُ أنْ أصرفَ به الأنظار عن العتاب والملامات ، ولكنَّ ما جاء فيه كان أكبرَ من احتمالِ بعضِ الإخوة ، فلم يَسَعْهُمُ السُّكوت .. لهذا رأيتُ أن أعودَ فأكتبَ في صُلْبِ هذا الموضوع ، وأن أُعقِّبَ على الرُّدُود التي وُجِّهَتْ إليه ، المؤيدِ منها والمعارِضِ ، الليِّنِ منها والخشنِ .. فأقولُ : رُبَّما رضيَ المرءُ فمدحَ أخاه بحقٍّ ، وَرُبَّما غضبَ فذمَّه بحقّ أيضا ، وكان مصيباً في الحالين .
فقد وردَ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمرِو بنِ الأهتم السعدي : يا عمرو أخبرني عن الزبرقان ؟ فقال : أعلم أنه قد نَجَمَتْ له مُروّة ، وأنه مطاعٌ في قومه ، وأنه مانعٌ لما وراءَ ظهره .
فقال الزبرقان: أما والله لقد تَرَكَ ما هو أفضلُ من هذا . ولكنه حَسَدَنِي .
فقال عمرو : أمّا إذا قال ما قال ، فهو ما علمتُ : أحمقُ الأب ، لئيمُ الخال ، زَمِرُ المروّة ، حديثُ الغِنى ؛ ولقد صدقتُ في الأولى، وما كذبتُ في الأُخرى .
فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال عمرو : يا رسول الله .! لقد رضيتُ فقلتُ أحسنَ ما علمتُ . وغضبتُ فقلتُ أقبحَ ما علمت . وما كذبت في الحالين .
فقال النبي صلى الله عليه: " إنّ من البيانِ لَسِحْراً " .
وأكرر القول : إنَّ القدر وضعَ السوريين وأشقاءهم في الخليج أمامَ خطرٍ داهمٍ واحد ، ولا يُنقذهم منه إلا وقوفهم في وجهه صفاً واحداً كأنهم بنيان مرصوص . ألا هل بلَّغتُ اللهم فاشهد .