السياسة- 20/6/2012
حصون للعلويين وأرض خراب للسنة في حمص
حمص - رويترز: حين تنظر من فوق الاسطح في مدينة حمص يتجلى ميزان القوة بوضوح, ففي بعض الاحياء هناك حركة دائبة للأفراد والسيارات, وفي أخرى لم يعد هناك سوى منازل خاوية اخترقتها القذائف.
وبعد شهور من الهجمات العسكرية الشرسة والكمائن التي ينصبها مقاتلو المعارضة في حمص, قلب الانتفاضة على حكم الرئيس بشار الاسد, انقسمت المدينة بالفعل الى مدينتين: فإلى جانب المنازل المحترقة والمتداعية هناك أحياء محمية جيداً تعيش فيها الاقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد.
وقال أبو علي, الذي يبلغ من العمر 60 عاما وهو يجلس في متجره الصغير في حي الزهراء العلوي, "نحن دائما متوترون لكننا سنظل وسنبقى", مضيفاً ان "المناطق السنية هي الخاوية", في اشارة إلى المناطق الثائرة.
وأصبحت أحياء المعارضة التي كان يعيش فيها السنة في يوم من الايام كمدينة أشباح, حيث شنت قوات الاسد هجمات عسكرية على هذه الأحياء وعددها 16, باستثناء ثلاثة أحياء فقط تقريباً.
ويؤكد الكثير من العلويين انهم يشعرون أنه لا يوجد أمامهم اي خيار سوى دعم الاسد خوفاً من أعمال قتل انتقامية لمجرد انتمائهم الى طائفة الرئيس, مع تحول الانتفاضة بشكل متزايد الى صراع طائفي.
وقال أحد أفراد الطائفة العلوية ان "السنة تعرضوا للاضطهاد لكن العلويين سيكونون هم الضحايا".
جلس أبو علي في مقعده بمتجره وقد علق على الحائط من ورائه صورة للأسد, فيما أخذت علب وأوان معدنية تهتز وتصدر صوتاً مع تواصل اطلاق النار والقصف اليومي.
وقال مشيراً الى حالات عدة لعلويين تعرضوا للخطف أو القتل من قبل مقاتلين معارضين "هؤلاء الاخرون هم الارهابيون.. أستطيع أن أخبرك ماذا يحدث: انها الحرب".
ورغم أن مناطق كثيرة في سورية لم تشهد صراعاً طائفياً, فإن قلب الصراع (حمص) يقدم لمحة لأسوأ سيناريو ممكن وهو صراع دموي يمزق البلاد الى دويلات متحاربة.
ومع قصف المناطق السنية وانتشار الدمار فيها, لا يجد النازحون الفقراء الذين لا يمكنهم مغادرة حمص أمامهم خيارات كثيرة.
وينتهي الحال بمعظمهم في حي الوعر وهو عبارة عن مساكن خرسانية كانت تعيش فيها النخبة السنية.
وفر السكان السنة الاثرياء من الوعر هرباً من الفوضى في المدينة, وسرعان ما اقتحم النازحون الحي وأقاموا في الشقق التي تركها الاثرياء.
وسيطر نازحون على المتاجر واقتحموا أيضا المراكز التجارية التي أصبحت محلاتها الآن مليئة بالاغطية والمواقد.
أمام المتاجر وقف أبو عمر لطلب الصدقة من أجل أطفاله الستة الذين وفر لهم أحد المساجد مأوى, وقال "نعيش على الصدقة.. نحن محظوظون فهناك أناس في الشوارع".
وكان يعيش في حمص نحو مليون شخص أما الآن فيقول سكان المدينة ان ما لا يقل عن نصف عدد السكان على الاقل فروا.
وفي تلك الاثناء, تبدو أحياء للعلويين مثل منطقة الزهراء كقواعد عسكرية أكثر منها أحياء سكنية.
ولم يعد مكان المدفعية ثكنات الجيش على مشارف حمص وإنما وسط أحياء العلويين, وتكون القوات مستعدة لتحريكها واطلاق النار على مناطق سكنية قريبة للمعارضة.
وقام الجيش بتأمين شوارع تربط بين أحياء العلويين لكن سيطرته على حمص ضعيفة.
ولا يجرؤ الجنود على دخول معظم المناطق السنية لأن هناك مباني ملغومة بالقذائف, كما يختبئ مئات المعارضين الذين يطلقون المقذوفات الصاروخية بشكل عشوائي.
وقال ضابط في الجيش "إذا أردنا انهاء مشكلة حمص فعلينا أن نسوي المكان كله بالارض. سيموت مئات الجنود".
وأشار إلى أنه شارك في حصار حي بابا عمرو بحمص عندما أسفر هجوم بالدبابات والقوات عن طرد المعارضين من معقلهم الاساسي, مضيفاً "نحن قلقون من أن يتم تلغيم المنازل مثلما حدث في بابا عمرو.. هذا الصراع كلفنا عددا من الرجال يفوق ما أعلن عنه.. لذا فإننا الان نقصف مناطق المعارضة من هنا".
والى جانب القوات العسكرية, فإن المئات من الميليشيات الموالية للاسد والتي تعرف باسم الشبيحة تنتشر في مناطق العلويين. ويجوب الشبيحة الشوارع مرتدين زيا عسكريا للتمويه ويتحدثون بازدراء عن الجنود ويرون أنهم يتعاملون مع العدو بحذر شديد.
وعلى الرغم من عسكرة الصراع, فإن السكان العلويين يحاولون أن يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي فمعظم المدارس مفتوحة كما يقف الباعة بالخضروات والفاكهة في الشوارع.
وأخذت امرأة تتجول بين متاجر أصبح يطلق عليها اسم "السوق السنية", لأن الشبيحة يجلبون إليها أثاثا وملابس مسروقة من مناطق سنية يداهمونها بعد أن يقصفها الجيش.
وقالت المرأة "هذه غنائم حرب.. ومن حقنا أخذها".
حصون للعلويين وأرض خراب للسنة في حمص
حمص - رويترز: حين تنظر من فوق الاسطح في مدينة حمص يتجلى ميزان القوة بوضوح, ففي بعض الاحياء هناك حركة دائبة للأفراد والسيارات, وفي أخرى لم يعد هناك سوى منازل خاوية اخترقتها القذائف.
وبعد شهور من الهجمات العسكرية الشرسة والكمائن التي ينصبها مقاتلو المعارضة في حمص, قلب الانتفاضة على حكم الرئيس بشار الاسد, انقسمت المدينة بالفعل الى مدينتين: فإلى جانب المنازل المحترقة والمتداعية هناك أحياء محمية جيداً تعيش فيها الاقلية العلوية التي ينتمي إليها الأسد.
وقال أبو علي, الذي يبلغ من العمر 60 عاما وهو يجلس في متجره الصغير في حي الزهراء العلوي, "نحن دائما متوترون لكننا سنظل وسنبقى", مضيفاً ان "المناطق السنية هي الخاوية", في اشارة إلى المناطق الثائرة.
وأصبحت أحياء المعارضة التي كان يعيش فيها السنة في يوم من الايام كمدينة أشباح, حيث شنت قوات الاسد هجمات عسكرية على هذه الأحياء وعددها 16, باستثناء ثلاثة أحياء فقط تقريباً.
ويؤكد الكثير من العلويين انهم يشعرون أنه لا يوجد أمامهم اي خيار سوى دعم الاسد خوفاً من أعمال قتل انتقامية لمجرد انتمائهم الى طائفة الرئيس, مع تحول الانتفاضة بشكل متزايد الى صراع طائفي.
وقال أحد أفراد الطائفة العلوية ان "السنة تعرضوا للاضطهاد لكن العلويين سيكونون هم الضحايا".
جلس أبو علي في مقعده بمتجره وقد علق على الحائط من ورائه صورة للأسد, فيما أخذت علب وأوان معدنية تهتز وتصدر صوتاً مع تواصل اطلاق النار والقصف اليومي.
وقال مشيراً الى حالات عدة لعلويين تعرضوا للخطف أو القتل من قبل مقاتلين معارضين "هؤلاء الاخرون هم الارهابيون.. أستطيع أن أخبرك ماذا يحدث: انها الحرب".
ورغم أن مناطق كثيرة في سورية لم تشهد صراعاً طائفياً, فإن قلب الصراع (حمص) يقدم لمحة لأسوأ سيناريو ممكن وهو صراع دموي يمزق البلاد الى دويلات متحاربة.
ومع قصف المناطق السنية وانتشار الدمار فيها, لا يجد النازحون الفقراء الذين لا يمكنهم مغادرة حمص أمامهم خيارات كثيرة.
وينتهي الحال بمعظمهم في حي الوعر وهو عبارة عن مساكن خرسانية كانت تعيش فيها النخبة السنية.
وفر السكان السنة الاثرياء من الوعر هرباً من الفوضى في المدينة, وسرعان ما اقتحم النازحون الحي وأقاموا في الشقق التي تركها الاثرياء.
وسيطر نازحون على المتاجر واقتحموا أيضا المراكز التجارية التي أصبحت محلاتها الآن مليئة بالاغطية والمواقد.
أمام المتاجر وقف أبو عمر لطلب الصدقة من أجل أطفاله الستة الذين وفر لهم أحد المساجد مأوى, وقال "نعيش على الصدقة.. نحن محظوظون فهناك أناس في الشوارع".
وكان يعيش في حمص نحو مليون شخص أما الآن فيقول سكان المدينة ان ما لا يقل عن نصف عدد السكان على الاقل فروا.
وفي تلك الاثناء, تبدو أحياء للعلويين مثل منطقة الزهراء كقواعد عسكرية أكثر منها أحياء سكنية.
ولم يعد مكان المدفعية ثكنات الجيش على مشارف حمص وإنما وسط أحياء العلويين, وتكون القوات مستعدة لتحريكها واطلاق النار على مناطق سكنية قريبة للمعارضة.
وقام الجيش بتأمين شوارع تربط بين أحياء العلويين لكن سيطرته على حمص ضعيفة.
ولا يجرؤ الجنود على دخول معظم المناطق السنية لأن هناك مباني ملغومة بالقذائف, كما يختبئ مئات المعارضين الذين يطلقون المقذوفات الصاروخية بشكل عشوائي.
وقال ضابط في الجيش "إذا أردنا انهاء مشكلة حمص فعلينا أن نسوي المكان كله بالارض. سيموت مئات الجنود".
وأشار إلى أنه شارك في حصار حي بابا عمرو بحمص عندما أسفر هجوم بالدبابات والقوات عن طرد المعارضين من معقلهم الاساسي, مضيفاً "نحن قلقون من أن يتم تلغيم المنازل مثلما حدث في بابا عمرو.. هذا الصراع كلفنا عددا من الرجال يفوق ما أعلن عنه.. لذا فإننا الان نقصف مناطق المعارضة من هنا".
والى جانب القوات العسكرية, فإن المئات من الميليشيات الموالية للاسد والتي تعرف باسم الشبيحة تنتشر في مناطق العلويين. ويجوب الشبيحة الشوارع مرتدين زيا عسكريا للتمويه ويتحدثون بازدراء عن الجنود ويرون أنهم يتعاملون مع العدو بحذر شديد.
وعلى الرغم من عسكرة الصراع, فإن السكان العلويين يحاولون أن يعيشوا حياتهم بشكل طبيعي فمعظم المدارس مفتوحة كما يقف الباعة بالخضروات والفاكهة في الشوارع.
وأخذت امرأة تتجول بين متاجر أصبح يطلق عليها اسم "السوق السنية", لأن الشبيحة يجلبون إليها أثاثا وملابس مسروقة من مناطق سنية يداهمونها بعد أن يقصفها الجيش.
وقالت المرأة "هذه غنائم حرب.. ومن حقنا أخذها".