حوار هادئ (2)
مع صاحب مقال : ( الخطاب الأول لقائد الثورة )
بقلم : ابو ياسر السوري
التقى جميل بثينة ، وعمر بن أبي ربيعة يوما ، فتناشدا شيئا من شعر الغزل ، فأنشده جميل قصيدته التي يقول فيها :مع صاحب مقال : ( الخطاب الأول لقائد الثورة )
بقلم : ابو ياسر السوري
خَلِيليَّ فيما عِشْتُما هَلْ رأيتُما . . . قَتيلاً بَكَى مِنْ حُب قَاتِلِهِ قَبْلي ؟
وأنشده عمر قصيدته التي يقول فيها :
جرى ناصح بالودَ بيني وبينها . . . فعرضني يومَ الحِصَابِ إلى قتلي
فاستحسن جميل طريقة ابن أبي ربيعة في الغزل فقال : هذا والله الشعر الذي طلبه الشعراء ففاتهم ، فتعلَلُوا بوصف الديار ، ونعت الأطلال . .. وأدركه هذا الفتى من دونهم .
أقدم بهذا الخبر الأدبي ، بين يدي حديثي عن ثلاث مقالات للأخ عمر الحكيم ، وضع فيها يده على الوجع من دون من قرأت لهم من الكُتَّاب ... فمنذ بدأت الثورة السورية ، وحتى الآن ، وكل حملة الأقلام يكتبون ، وكل الناشطين يتحدثون عبر القنوات التلفزيونية ، عن مساوئ النظام وفساده واستبداده ، وكل ذلك يعد من باب التبرير لقيام الثورة في سوريا على نظامٍ بهذا القدر من القبح والسوء .
وكنت على قناعةٍ بأننا قد استطعنا تعريةَ النظام ، ونشرَ فضائحه على نطاقٍ واسع من العالم ، وصار لزاما علينا أن نتخطَّى هذه المرحلة ، وننتقلَ إلى مرحلة التخطيط العملي ، للإطاحة بالنظام الذي عريناه ، أمام نفسه وشعبه والعالم من حوله . وقد حاولتُ ذلك في عدد من مقالاتي الأخيرة ، كنت طرحتُ من خلالها بعض الحلول العملية ، التي يمكن لو جرى الأخذُ بها أن تُطيحَ بالنظام ، أو تمنعَه من الإيغال في جرائمه ضد المدنيين ، كان من بين تلك المقالات ، الداعية إلى تغيير استراتيجيتنا ومفاهيمنا السابقة في إدارة الحراك الثوري المقالات التالية :
1 - خذوا على أيدي هؤلاء المارقين قبل أن يخرقوا السفينة
2 - نريدها حربا طائفية ضد النصيرية ، وإن كره الجبناء
3 - اقتلوني واقتلوا النصيريين المجرمين معي
4 - نعم الإسلام يجيز لنا أن نهاجم النصيريين في قراهم
5 - مع الإخوةِ المعترضين على الطَّرحِ الطائفي
6 - أدب الحوار بين الثوار
وقد دعوتُ فيها إلى دفعِ العُدوان بمثله ، بأن نهاجمَ أبناء الفرقة الرابعة كما يهاجمون قرانا .. ليشعروا بألمنا ، فيكفوا عنا .. ومبدأ المعاملة بالمثل مبداٌ تقرُّه شرائع الأرض والسماء . وقد تكلَّمنا في هذه القضية بما يكفي ويشفي ، ولا أحبُّ أن أعود إلى الحديث فيه .. ومع ذلك فقد ثارت زوبعةٌ كبيرة حول هذه الفكرة ، وأغلقنا بابها خوفاً من أن تشغلنا ببعضنا عن عدونا .. مع أنها فكرةٌ وجيهةٌ ، ولكنها لم تلقَ قبولا لدى الكثيرين .. وربما جاء يوم فتلقَّاها الناسُ بالقبول .!؟
المهمُّ ، كنتُ أتطلع إلى مَنْ يكتبُ داعياً إلى حُلُولٍ عملية ، تأخذ بأيدينا إلى شاطئ الأمان ... وتخرجنا مما نحن فيه .. حتى وقفتُ على مقال بعنوان : ( الخطاب الأول لقائد الثورة ) للأخ عمر الحكيم . أشار فيه إلى أنه قام فيه بعملِ استبيانٍ ، وفرزٍ وإحصاءٍ ، وتحليلٍ للنتائج .. واستطلعَ منْ خلالِهِ آراءَ عيّنةٍ من السوريين ، حولَ ما يجري في سوريا بين الثورة والنظام ، وتلمَّسَ المَخْرَجَ المُناسبَ من هذه المحنة التي وضَعَنا فيها نظام الأسد اللاشرعي واللاوطني ... فظفرتُ بهذا المقال على بغيتي ، ووجدتُ الإنسانَ الذي أخذَ بدفَّة القارب إلى الوُجْهَةِ التي كنت أتمناها . فكتبتُ مقالا على مقاله بعنوان : (حوار هادئ مع صاحب مقال ( الخطاب الأول لقائد الثورة ) فعاد الأخُ الحكيمُ فَلَفَتَ نظري إلى قراءةِ مقاليه الآخرين :
1 - ( نقاش في الخطاب الأول لقائد الثورة -1 )
2 - ( نقاش في الخطاب الأول لقائد الثورة -2 )
فقرأتهما ، وها أنذا أعلِّقُ عليهما الآن فأقول :
استخلصتُ من كتاباتك أنك ترى المواطنين ثلاث فئات [ مؤيدين للنظام ... مترددين وصامتين ... مؤيدين للثورة ] وتسألني عن كيفية توجيه الخطاب المناسب ، إلى كل فئة منهم .؟
فأما أنصارُ بشارٍ فَهُمْ :
- إما طائفيٌّ قد أغلقَ تفكيرَهُ ، واندفعَ يؤيدُ هذا النظام ، الذي رباه على الطائفية منذ نعومة أظفاره ، حتى صار ترساً في مجموعة طائفية ، تتحركُ معا ، وتفكّرُ معا ، وتقتُلُ معا ، وتحاربُ الخالق والخلق معاً ، ولا هَمَّ لها إلا البقاء على كرسي الحكم ، الذي يُؤمِّنُ لأبنائها امتيازات ما كانوا ليحلموا بمعشارها من قبل . لذلك هم يَدعُون إلى حوارٍ تحت سبطانة المدفع ، يُتِيحُ لهم فرضَ استسلام تحت راية الحوار .
- وإما مستفيدٌ فائدة شخصية من هذا النظام . فهو لا يريد التنازل عن مصالحه ، وإن كان في ذلك شقاء الآخرين .
- وإما مغلوب على أمره ، من أمثال بعض التجار الذين صار النظام يلزمهم بدفع رواتب للشبيحة ، أو ضَخِّ المبالغ الكبيرة لمساندة الليرة السورية .. فهؤلاء تحوَّلوا إلى فئة متضررة ، تسير في ركاب النظام بالإكراه .. مَثَلُهَا مَثَلُ قسمٍ كبير من الجيش ، الذي بات مختطفاً من قِبَلِ عناصرِ الأمن ، ويُدفَعُ دفعاً إلى قصف المدن والقرى وهو كاره .
وأما الصامتون والمترددون :
فقد عرفتَ من مقالي السابق رأيي فيهم ، وأعربتُ لك أنه لا قيمة لهم ، ووجودُهم عندي كعدمهم في هذه المعادلة حاليّاً . وليس بالضرورة أن تَستقطِبَ الثورةُ كلَّ أبناء الشعب ، وتحظَى بولائهم المعلن ، فكم وكم من مؤيدٍ للثورة ولكنه لا يجرؤ على الكلام . وهذه ظاهرة طبيعية لكل فردٍ يعيش في دولة الصمت . ومع أن هؤلاء الصامتين ، لا وزن لهم الآن ، فربما تسنحُ لهم الفرصةُ ويقدموا للثورة خدمات كبرى في ساعة الصفر ، وذلك حين يختلط الحابل بالنابل ، ويعلن العصيان المدني العام . فالمتوقَّعُ منهم أن يزيدوا في سواد الناس ، ويقدموا بذلك أحسن خدمة للثورة من غير أن يطلب منهم ذلك .
وأما الثوار ومؤيدوهم :
فأنا معهم ، ورأيي من رأيهم ، وأجيبُكَ عن رأيي في ( الحوار مع النظام ) فأقول :
- لا حوار مع الجزار ، لأنَّ الحوار عبثيٌّ وغير مثمر ولا بنَّاء .. لا حوار مع القتلة ومنتهكي الأعراض والمجرمين ، مهما كانت النتائج ، فإما نحن فوق الأرض وإما هم . وبكل بساطة أقول : لو قبلنا نحن بالحوار . فسوف ننتقل من مجازر ما قبل الحوار ، إلى مجازر ما بعد الحوار .. ولن يقبل الطاغية بأن نحاسبه ونحاكمه ، وإنما سيصرُّ هو على محاسبة كل من هتف منا للحرية وينكل به أشد تنكيل .
وأنا هنا لستُ مع تلك النخب الخرقاء ، القائلة بإمكانية تصور الحوار برعايةٍ دولية .. فهذه غفلةٌ منهم ، لأنهم أناسٌ فارقوا البلد منذ زمن بعيد ، وغيبتهم الغربة عن الواقع ، فصاروا أشبهَ بأهل الكهف ، الذين ناموا مئات السنين فتوقف الزمن لديهم ، فلما صَحُوا من نومهم ، ظهر لهم وللآخرين أنهم يعيشون في عصرٍ غيرِ عصرهم .. لذلك رحمهم الله وأماتهم ، فأراح منهم وأراحهم . وللسبب نفسه أقترحُ : لهذه النُّخب أن تبقى في كهف غربتها، ويُغلَقَ عليهم بابُها إلى الأبد، فيستريحوا ويريحوا . لأنهم حين انخرطوا في هذا الحراك ، ظهرَ لنا أنهم يتكلمون في شأن الوطن ، بعقلية مَنْ لا يزالُ يعتمدُ في أسفاره على الجمل والحمار ، في عصرِ سيارةِ المرسيدس وطائرة البُويِنجْ .
وتسألني عن رأيي بالنسبة ( لإعدام المجرم بشار ) عند التمكن منه ، مع أن هذه مسألة سابقة لأوانها ، ولكنني مع القائلين بقتله دون محاكمة ، وأنْ يُقتَلَ فوراً بدون إبطاء ولا انتظار . وأرى أن يطلق الرصاص عليه في الرأس فَوْرَ التمكُّنِ منه .. وأؤكّدُ لك يا أخي ، لو أن القذافي أو تشاوتشسكو لم يُقتلا بالحال ، لما تمكَّنَ من قتلهما أحدٌ حتى الآن ، لأن كلَّ واحد من هؤلاء الطغاة مؤيدٌ من كل قوى الشر في العالم ، وما أكثرها .!؟ ثم إن هؤلاء الطغاة سرقوا شعوبهم ، حتى أثروا إثراء فاحشاً ، وصار بمقدورهم أن يشتروا ضمائر دول ومحاكمَ دولية بحالها ، ويظفروا بتخفيف الحُكم إلى الدرجة التي يريدون .. لذلك يجب أن لا نمنحهم أية فرصة للبقاء على قيد الحياة ، فهم حين قتلوا شبابنا ، ورملوا زوجاتهم ، ويتموا أطفالهم ، وأثكلوا أمهاتهم ، لم يحاكموا ضحاياهم ، ولم يمنحوهم أي فرصة للبقاء .. والمعاملة بالمثل هي من أعدل المبادئ البشرية ، التي يقرها الشرع والقانون ( وإنْ عاقبتمْ فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ) وأما بالنسبة لرأيي بالإسراع في قتل بشار ، فقد أستوحيتُه من قوله تعالى : (فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ) . أي الموت السريع . لذلك أخترتُ أن يطلق عليه الرصاص في الرأس ، فإذا تأكدنا من موته ، أعلنَّا ذلك ، وأيَّدنا الخبرَ بالصورة ، لنقطعَ الطريقَ على مؤيديه المندسين في المجتمع الدولي والعربي معا ، وإذا لامونا على ذلك ، قلنا لهم كما قال المثل العربي القديم : ( سبقَ السَّيفُ العَذَلَ ) .
وتقبلوا تحياتي