حوار هادئ مع صاحب مقال : ( الخطاب الأول لقائد الثورة ) :
http://www.syria2011.net/t33854-topic
بقلم : ابو ياسر السوري
أحيانا تعتريني حالٌ من السَّآمة والمَلل ، يُشَلُّ ذهني معها عن التفكير ، ويُرْتَجُ عليَّ فيها ، فلا أملكُ القدرة على الكتابة والتعبير .. فأبدأ بتصفُّح بعض المنتديات ، لعلي أمر بموضوع ما ، يحركني للتعليق عليه ، أو يفتح لي باب الكتابة والكلام ..http://www.syria2011.net/t33854-topic
بقلم : ابو ياسر السوري
وبينما كنت أتجول اليوم في منتديات الثورة ، شدَّني مقال بعنوان ( الخطاب الأول لقائد الثورة ) فتساءلتُ في سري : من هذا القائد ؟ ومتى ألقى خطابه ؟ وأين كان ذلك ؟ واستفتحتُ بوَّابة المقال ، ففُتِحَ لي ، فقرأتُه على عَجَل .. ولكنني لم أستوعبْ منه إلا القليل ، لأني كنتُ متلهفاً لمعرفة القائد ، أكثر من معرفة فحوى الخطاب .؟ ثم تذكرت أني مررت باسم رئيس المجلس الوطني الجديد عبد الباسط سيدا . فقلتُ لعله هو الرئيس المقصود .. فعدتُ إلى قراءة المقال من جديد ، وإذا بالكاتب ينعى على الأستاذ سيدا كونه نسخة من سلفه غليون ، وإذا به يلومُ المجلس الوطني ، الذي وضَعَ نفسه داخلَ دهاليزِ قَوْقَعَةٍ ، لم يَجِدْ إلى الخروجِ منها سبيلا ... ثم وضحَ لي أخيراً أن الأخ الكاتب عمر الحكيم يريد أن يقترح خطاباً ، لرئيس الثورة المنتظر ، الذي حتى الآن لم نسمعْ باسمه ولم يظهر له أَثَر .. و هنا واجهني تساؤلٌ آخرُ لم أجد له جواباً : لماذا لا يكون للثورة قائدٌ مسمَّى ؟ فالقيادةُ يتوقَّفُ عليها أكبرُ أعباء النجاح . ولقد أولاها المسلمون عنايتهم منذ فجر الإسلام ؟ والثورةُ معركةٌ ، ولا معركةَ إلا بجيش ، ولا جيشَ إلا بقائدٍ وراية ..!؟ .
( هذه واحدة ) .
ومضيتُ في قراءة المقال ، بتمهُّلٍ ورويَّة ، وشكرتُ للكاتب جُهدَهُ الكبيرَ في لَمْلَمةِ أفكارِه ، وبناءِ مقاطعهِ ، ومحاولةِ توجيهِ قائدِ الثورةِ المفترَضِ في الذِّهنِ ، إلى كيفية وضعِ النُّقاطِ على الحروف ، وإنتاجِ خطابٍ له متصالِحٍ مع الثورة ، التي شاءتْ الأقدار أن يكون هو قائدَها . ثم إن الكاتبُ قد اختار لهذه الغاية ثمانيةَ جهاتٍ ، يُوجِّهُ إليها خطاب القائد باسم الشعب الثائر . وأستأذنه بتلخيصها على النحو التالي :
1 – أن نقول لرأس العصابة القاتل : الأرض لا تتسعُ إلا لواحد منا ، فإما نحن فيها وإما أنت . والمعركة بيننا وبينك معركة وجود ، و لا وجود .
2 – أن نقول لمن يدعم هذه العصابة : أنتم شركاء في كل الجرائم التي وقعتْ أو ستقعُ بعد اليوم على الشعب السوري .
3 – أن نقول للمجتمع الدولي : صمتُكم وتظاهركم بالعجزِ عن حلٍّ لقضيتنا ، هو ما ساعد على إطالة عمر معاناتنا ، وأسهم في قتلنا بشكل غير مباشر. فأنتم أيضا مسؤولون عن المجازر التي يرتكبها النظام ضدنا .
4 – أن نقول لإخواننا العرب ، إنكم شاركتم أيضا بقتلنا ، وذلك حين كنتم تعطون النظام المهلة بعد المهلة ، وهو يستغلها للإيغال في قتلنا ونحر أطفالنا .
5 – أن نقول للثوار في داخل سوريا ، اصبروا وصابروا ، وكونوا عونا للجيش الحر ، الذي نذر أبناؤه أرواحهم للدفاع عنكم ..
6 – أن نقول للجيش الحر : ليكن هدفكم الأخير دمشق ، وسنعمل معا للهجوم على الطاغية في مكمنه ، والقبض عليه في مخبئه .
7 – أن نقول للصامتين والمترددين : نحن نعي قلقكم من المستقبل ، فلا تصدقوا النظام في أكاذيبه ، فلن يكون بعد رحيله إلا الأمن والاستقرار والحرية والكرامة والعدالة والمساواة .
8 – أن نقول للطائفة العلوية : الثورة لكل السوريين . وحيادكم غير مقبول ولا مبرر ، فأنتم في نظر الشعب شركاء فيما يرتكب من جرائم ، ما لم ترفعوا الغطاء عن هذا النظام المجرم ... و( هذه الثانية ) .
وأما ( الثالثة ) فأحبُّ أن أدردشَ حول هؤلاء الذين خصوا بالذكر في الخطاب ، ووجهت إليهم النداءات . بأسلوبٍ تَردَّدَ بين الترهيب والترغيب ، والشدة واللين ...
ولن أختلف مع الكاتب في قوله لرأس العصابة الحاكمة " إن الأرض لا تتسع لنا معا " فتلك قضيةٌ لا يختلف فيها اثنان ، ولسنا نحن الذين يرون ذلك وحدنا . فخصمُنا حَسَمَ أمرَه منْ أولِ لحظة وقال " إن أرادوها حربا فأهلا بها " ثم جرَّد علينا كتائبَ جيشه ، وعناصرَ أمنه ، وزبانيةَ شبيحته ، وسيَّرَ الدبابات والمصفحات والطيران إلى مدن سوريا وقراها ، ولم يوقفِ القصفَ عليها منذ بدأه حتى الآن ، وقد مضى على ذلك 15 شهرا بالتمام والكمال .
ولن أخالفَ الكاتب كذلك ، في تجريم الذين يدعمون النظام ، واعتبارهم شركاء في الجريمة .. ولا يغيب عن القارئ أن هؤلاء الداعمين للنظام ، هم أشياخُ الطوائف الإسلامية والقسيسون والتجار وأبواق الإعلام المرئي والمقروء والمسموع . والسفراء والدبلوماسيون والوزراء وأعضاء مجلس الشعب وضباط الأمن وضباط الوحدات العسكرية الموالية ولاء أعمى للنظام ، كالفرقة الرابعة والحرس الجمهوري وتوابعها ... فهؤلاء هم اليد التي تبطش ، والعقل الذي يدبِّرُ ويقدِّر ، ويخطِّطُ ويَمكُر .
وأشُدُّ على يدي الأخ عمر ، في اعتباره الثوار بمثابة مقلة العين وروح الفؤاد ، فهم تاج الكرامة ، ورمز المجد والفخار ، ومهما أثنينا عليهم ، فلن يكون ثناؤنا كِفَاءً ، ولن نستطيع لِحقِّهِمْ وَفَاءً .
وأتفق معه في أن تكون دمشق هي الهدف الرئيس للجيش الحر ، ليعملوا على إخراج الضبِّ من جُحرِه . وشلِّ حركة النظام في مكمنه ، فضربُ دمشقَ بمثابة الضربِ على الرأس . وستكون موجعة بدون شك .
وأُطَمْئِنُ الكاتبَ إلى أنه ليس في الداخل اليوم مترددون ، فقد حزمَ كلُّ واحدٍ أمرَهُ ، وانحازَ إلى الجهة التي اختارَ تأييدَها .. وإنما هنالك صامتون ، وهؤلاء ساقطون من الحساب ، وإن وجودهم وعدمه سواء . ووجود الصامتين لا يضعف الثورة ، ولا يقوي النظام . لأنهم سلبيون ، والسلبية عَدَمٌ ، والعَدَمُ لا يَدخُلُ عند العقلاء في حساب .
وأما المجتمع الدولي ، وأما العَرَبُ ، وأما النصيريون .. فهؤلاء الثلاثة هم من وجهة نظري موضعُ خلاف .. وما أظن الكاتب ينازعني الرأي ، في أن هؤلاء جميعا هم حتى الآن مع النظام ، وأنهم لم يبتعدوا عنه قيد أنملة . ولكنه فيما يبدو ما زال الكاتبُ يطمعُ في تحرك ضمائرهم إلى نصرة المظلوم وحمايته من الظالم ... وما زلتُ أنا أقف من هذه القضية على النقيض ، ولا أمَلَ لديَّ في صحوةِ ضمائرِ هؤلاء ، لأنها ضمائرُ ميتة ، والميت لا يتحركُ ولا يُفيق .
فالمجتمعُ الدوليُّ ، لن يتحركَ إلا بإيعازٍ من إسرائيل . وإسرائيلُ لن تُوعِزَ للغربِ بشيءٍ إلا إذا رجَّحَتْ كِفَّةُ الثُّوار على الأرض .. أما الجامعةُ العربية فإن ممثليها ملكيون أشدّ من الملك . وهم متعصبون لوجهة نظر النظام أكثرَ من النظام ، لأن الأنظمةَ العربية متعاطفةٌ فيما بينها ، ضدَّ شعوبها . والجامعةُ العربية هي جامعةُ أنظمةٍ ، وليست جامعةَ شعوب . وقد اكتوينا بنارِ هذه الجامعة بما فيه الكفاية ، حتى تولَّد لدينا شعورٌ بأنَّ في البعد عنها السلامة ، وفي القرب منها الندامة .
أما الطائفةُ النُّصَيريّة ، فلن يجيءَ منها خيرٌ أبداٌ . وهذا الأمر بالنسبة لي يقين ، لا يتطرق إليه الشك .. وقد كتبتُ في مقالي ( النصيريون هم أبناء المَزْدكية والخُرَّمية ، الضالعين في الإجرام ) الذي لم يحفل به قراء المنتدى ، وهو في منتهى الأهمية ، لأنه يكشفُ عما جُبِلَتْ عليه هذه الطائفة من إجرام وراثي ، لا يُمكِنُ أن تتراجع عنه ، إلا بقوة تُلجِمُهَا .
وبمنتهى الهدوء ، أرجو من أخي عمر حفظه الله أن لا يُكرِّرَ وصفَ هذه الطائفة المجرمة بـ (الكريمة ) لأن هذا لن يرضي المتضررين على أيدي أبنائها ، الوالغين في هتك أعراضهم ، وقتل شبابهم ، وهدم بيوتهم ، ووأد الأحياء منهم .. ثم متى كان المجرم أهلا للتكريم .؟ حتى يُكرَّمَ هؤلاء المجرمون .؟ لا تَقُلْ لي : إنَّ بعضَهم مع الثورة ، فالحكمُ لا يكون إلا للغالب . والنادرُ لا حكمَ له . مع أننا لن نحاسب أحدا إلا بذنب .
وشكراً