اللعب الآن على المكشوف . فما هو الحل لكسب المعركة (2) :
( سلسلة مقالات سياسية تنويرية قصير )
بقلم : أبو ياسر السوري
3 - تساءلتُ في مقالي السابق " من أين جاء هذا الربيع العربي ؟ وهنا أجيب على تساؤلي فأقول :( سلسلة مقالات سياسية تنويرية قصير )
بقلم : أبو ياسر السوري
أيها السادة : من ظلمة الفجر يشرقُ وجهُ الصباح .. ومن الشدة والضنك يجيء الفرج والرخاء .. ومَنْ رَحِمِ الآلامِ وُلِدَ الربيعُ العربي ... مِنْ مجزرةِ حماة ، التي ذهبَ جراءها ما بين الخمسين ألفاً والمائة ألف ، وكُتِبَ فيها آلاف الصفحات ، وقيل في ضحاياها مئاتُ القصائد .. من تلك المجزرة الفظيعة ، التي استطاع النظام السوري أن يغطي صفحاتها السوداء بآلاف الحُجُبِ ، فلم يتمكن من ستر عاره عن أعين التاريخ ، ولا محو إجرامه من ذاكرة الشعوب ...
مِنْ رَحِمِ الألَمِ .. وذكرياتِ القهر .. وتَمَثُّلِ الظلم .. من مراجل الضغطِ وبوتقة الكبت والقهر والإقصاء والتهميش .. من قمقم المنع والإفقار والحرمان .. من كوابيس عناصر الأمن .. من أشباح الرقباء الموكلين بملاحقة حركات الأحرار .. وسكناتهم .. وهمساتهم .. ونظراتهم .. وتعابير وجوههم .. من هذا كله ولد الربيع العربي .
لقد وَضَعَتْنَا هذه الأنظمةُ ، في حالٍ بات الموتُ معها أقلَّ إيلاما منها ، فاخترنا الموتَ والرحيلَ من الحياة ، على مهادنةِ من سلبنا نعيم الحياة . لقد استعبدتنا هذه الأنظمة المستبدةُ وأذلتنا ، والأصلُ أن نكون أحرارا مُكرَّمين ... كنتُ بالأمس أنظر إلى أولئك المتظاهرين في تونس ومصر ، وهم يُضربون بالعصي ، ويدهسون بالسيارات ، ويخنقون بالمقذوفات الدخانية السامَّة ، المستوردة من إيران وإسرائيل .. وأنظرُ إليهم في ليبيا فأرى الطبيب يترك عيادته ، والصيدلي صيدليته ، والمهندس مرسمه ، والمحامي مكتبه ... ويُهرَعُون للمشاركة في معركة التحرير .. وأنظرُ إلى أولئك المواطنين العاديين ، الذين لا يحلمون بالمناصب ، ولا يستشرفون إلى المرابح العاجلة ، فأرى منهم الكهل والشيخ والشاب .. وقد خرجوا إلى ميادين الشرف ، مفضلين الموت بعزة ، على الحياة في الذل والخنوع ...
لقد كنتُ أستعظم ما أراه من تضحيات وبطولات في تلك الأقطار الشقيقة ، وأعجب من بسالتهم وشجاعتهم ... حتى أذن الله باشتعال ثورة الحرية والكرامة في سوريا ، وإذا بها تتكشَّفُ عن أعظم بطولات من كل ما رأيت ، وأكبر تضحيات من كل ما شاهدت ... رأيت شعباً يُرمَى بكل ما يَقتُلُ من سلاحٍ وآلة حربية ، فيَستقبِلُ آلة القتل بالصدور العارية ، ويتعرضُ لرصاصِ القناصين ، وقذائفِ الدبابات ، وقنابلِ المدفعية ، ورماياتِ الهاون ، وصواريخِ الراجمات ... ورأيتُ الطائراتِ تُلاحق هذا الشعب الباسل في الجبال والأودية والسهول والغابات ... وهو صابر صامد ، ثابت على مبدئه ، كلما أمعن النظام في قتله ، أمعن في صموده وتصميمه ... يا الله كم هي الحرية غالية .!! وكم ندفع في انتزاعها من دماء .!؟ وما أعظم هذا الشعب الذي يجود بكل هذا العطاء ، ثمنا لحريته وكرامته .!!؟؟
أيها الناس ، يا أهل المشارق والمغارب ، يا شعوب هذا الكوكب الأرضي ، هل رأيتم ، أو سمعتم بشعب يستقبل الموت بالأهازيج والغناء ، هل سمعتم ما قاله الناس في درعا لهذا النظام ، لقد قالوا له : لئن قتلتَ رجالَنا ، ستحاربُك نساؤنا ، ولئن قتلتَ نساءَنا ، سيحاربُك أطفالُنا ، ولئن قتلتنا جميعا ، ستحاربُك أحجار بيوتنا ..!؟؟ فهل هنالك تصميم على النصر فوق هذا التصميم .؟؟
أيها الناس ، هل رأيتم أو سمعتم شعبا يقول للنظام الغاشم : ارفعوا القصف عن الرستن واقصفونا .. كفوا عن هدم المنازل في حمص فوق رؤوس أهلها واقبلونا فداء لهم ... هل رأيتم إيثارا أعظم من هذا الإيثار ؟
إن شعبا يطلب الموت على هذه الشاكلة ، لا بد أن توهب له الحياة .. إن شعبا فيه هذه الروح ، لن يغلبه عميل دخيل حقير ذليل .. سيذهب آل الأسد .. وسيلعنهم التاريخ إلى الأبد .. وسيبقى الشعب السوري مرفوع الرأس ، عالي الجبين ، بإذن الواحد الأحد ..