البوطي ... والضلال في أرذل العمر :
بقلم : ابو ياسر السوري
بداية أقول ، الأصلُ الشرعي أنه لا ينبغي أن نغتاب العلماء . ولكن العالم إذا عمل خلافا لعلمه ، واتبع الهوى ، وأحل الحرام ، وحرم الحلال ، واعتذر للحاكم الظالم ، وبرر له قتل الأبرياء ، وانتهاك أعراض النساء ، وإظهار الكفر الصراح ... صار بهذا شيطانا ، ولا وزن لعلمه ، لأن علمه بات حجة عليه ، ويمكن أن يكون أكبر سبب إلى قذفه في النار . فقد ورد في الصحيح ما ملخصه « أِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ ثلاثة ، رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ ، ليقال أنه جريء ... ورجل وسع الله عليه في الرزق ، فتصدق ليقال أنه كريم معطاء ... وعالم آتاه الله علما ، فلم يبتغ به وجه الله ، وإنما أراد به الشهرة ، والمكانة بين الناس ... فهؤلاء الثلاثة جميعا ، يفضحهم الله ، ويأمر بهم أن يسحبوا على وجوههم حتى يلقى بهم في النار .. ( الحديث بطوله في صحيح مسلم )
ولعل البوطي واحد من هؤلاء العلماء الذين لم يبتغوا بعلمهم وجه الله ، وما أرادوا به إلا الشهرة الواسعة ، وقد حصل عليها ، وصار يشار إليه بالبنان ، ولكنه كان من الذين أضلهم الله على علم ، والعياذ بالله من الضلال في أرذل العمر ...
البوطي يا سادة ، يبرر كل الأعمال الإجرامية ، التي يقوم بها الشبيحة وعناصر الأمن والجيش الخائن ، الذين قتلوا أكثر من مائة وعشرين ألف سوري ، لم يوثق منهم سوى عشرين ألفا .. ويبرر البوطي للأسد أن يهدم المنازل على رؤوس المدنيين العُزَّل ، وفيهم الشيوخ والمرضى والعجزة والنساء والأطفال ...
البوطي يا سادة ، يبرر للأسد الإعدامات الميدانية ، التي تحدث كل يوم وكل ساعة ، وينفذ بها حكم الإعدام على العشرات كل يوم ... كما يبرر للأسد أن يهدم المساجد على رؤوس المصلين ، ويقصف المآذن حتى لا يرتفع من فوقها صوت الأذان ... بل يبرر لعناصر الأسد أن ينتهكوا الأعراض ، ويقول : يقع الإثم على أزواجهم وآبائهم الذين يتظاهرون ضد بشار ...
البوطي يا سادة ، يبيح لبشار أن يحرق المنازل على السكان ، فيحرق الأحياء ... كما يبيح لعناصره أن ينبشوا جثث الأموات ، ويخفوها لئلا تكون شاهد إثبات على جرائمهم ... وعلى الرغم من كل هذه المجازر ، فما زال البوطي يرفع أكفه بالدعاء لبشار وشبيحته بالنصر والتأييد على كل من يهتف بإسقاطه ، ويزعم أن بشار الأسد ، أكبر الراعين للإسلام والمسلمين ، وأن الإسلام سيسقط بسقوطه ...
البوطي يا سادة ، يرى ويسمع كل ما يجري من هذه الجرائم ويبررها ، ولا يلوم العصابة المجرمة عليها ... وإنما يهاجم الثوار ، فيصفهم بقلة الدين ، وأنهم ينتعلون المساجد ، وأنهم لا يصلون ، وأنهم مرتزقة زعران ، كما يعتذر له عن قتل الأطفال الصغار ، يقول : قتلهم آباؤهم الذين يتظاهرون ضد النظام ... وحتى في مجزرة الحولة : يردد البوطي مقولة النظام ، ويتبناها ، ويزعم أن جماعة مندسة هي التي قامت بارتكاب هذه الجريمة البشعة ، ولعله يزعم كما زعمت الفنانة سوزان نجم الدين ، بأن أطفال الحولة ، قتلهم أهلهم ، ليثيروا المجتمع الدولي على بشار الأسد .!؟
البوطي يا سادة ، يسأله سائلٌ على صفحته في الفيسبوك ، عن قيام شبيحة بشار بإكراه المعتقل على قول ( لا إله إلا بشار ) .؟؟ فيقول : لا إثم على هؤلاء الشبيحة ، وإنما الإثم على من دعاهم إلى هذا ... ويستشهد بقوله تعالى ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ) . وهو بهذه الفتوى يجيز للشبيحة أن يسبوا الله ، ويأمروا الناس أن يشهدوا لبشار بالألوهية ، ردا على الشعب الذي يهتف بإسقاط بشار ...
أفلا يحق لنا بعد هذا كله ، أن نبرأ إلى الله من هذا الرجل وعلمه .؟ أفلا يحق لنا بعد هذا كله أن نفضحه ونفضح كل العلماء المنافقين ، الذين ينافقون بشار الأسد ، ويناصرونه على إجرامه ؟
أيها السادة ، إن هذا الموقف من البوطي وأمثاله ، كاد أن يفتن المسلمين في سوريا عن دينهم ، فصاروا يتساءلون مستنكرين : أهكذا يتصرف رجال الدين ؟ أهكذا يقول الإسلام .. أيُّ دين هذا الذي يبيح للحاكم أن يرتكب كل هذه الجرائم .؟؟
ونظرا لكون البوطي كان يتكلم بكلام النبيين والصديقين ، وكان محل ثقة الناس ، وكان له أتباع وتلاميذ ... نظرا لهذا لزم أن يعلم الناس أن الرجل قد فُتِنَ في آخر عمره ، ونعوذ بالله من الضلال بعد الهدى .. وينبغي أن نحذر الناس منه ، وندعوهم إلى وزن أقواله وأفعاله بميزان الشرع ، ولو أنهم وزنوه بهذا الميزان ، لتبين لهم أن الرجل زائغ عن الحق ، منساق في الضلال ، لأن العالِمَ إذا لم يعمل بعلمه ، تحوَّل إلى شيطان ، فالشيطان عالم واسع المعرفة بكل العلوم والفنون ، ومع ذلك فهو مطرود من رحمة الله ، ولم ينفعه علمه ، لأنه لم يعمل به ، بل عمل على خلافه . ويحضرني في هذا المقام ، قول صاحب جوهرة التوحيد في أرجوزته القَيِّمَة :
بقلم : ابو ياسر السوري
بداية أقول ، الأصلُ الشرعي أنه لا ينبغي أن نغتاب العلماء . ولكن العالم إذا عمل خلافا لعلمه ، واتبع الهوى ، وأحل الحرام ، وحرم الحلال ، واعتذر للحاكم الظالم ، وبرر له قتل الأبرياء ، وانتهاك أعراض النساء ، وإظهار الكفر الصراح ... صار بهذا شيطانا ، ولا وزن لعلمه ، لأن علمه بات حجة عليه ، ويمكن أن يكون أكبر سبب إلى قذفه في النار . فقد ورد في الصحيح ما ملخصه « أِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ ثلاثة ، رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ ، ليقال أنه جريء ... ورجل وسع الله عليه في الرزق ، فتصدق ليقال أنه كريم معطاء ... وعالم آتاه الله علما ، فلم يبتغ به وجه الله ، وإنما أراد به الشهرة ، والمكانة بين الناس ... فهؤلاء الثلاثة جميعا ، يفضحهم الله ، ويأمر بهم أن يسحبوا على وجوههم حتى يلقى بهم في النار .. ( الحديث بطوله في صحيح مسلم )
ولعل البوطي واحد من هؤلاء العلماء الذين لم يبتغوا بعلمهم وجه الله ، وما أرادوا به إلا الشهرة الواسعة ، وقد حصل عليها ، وصار يشار إليه بالبنان ، ولكنه كان من الذين أضلهم الله على علم ، والعياذ بالله من الضلال في أرذل العمر ...
البوطي يا سادة ، يبرر كل الأعمال الإجرامية ، التي يقوم بها الشبيحة وعناصر الأمن والجيش الخائن ، الذين قتلوا أكثر من مائة وعشرين ألف سوري ، لم يوثق منهم سوى عشرين ألفا .. ويبرر البوطي للأسد أن يهدم المنازل على رؤوس المدنيين العُزَّل ، وفيهم الشيوخ والمرضى والعجزة والنساء والأطفال ...
البوطي يا سادة ، يبرر للأسد الإعدامات الميدانية ، التي تحدث كل يوم وكل ساعة ، وينفذ بها حكم الإعدام على العشرات كل يوم ... كما يبرر للأسد أن يهدم المساجد على رؤوس المصلين ، ويقصف المآذن حتى لا يرتفع من فوقها صوت الأذان ... بل يبرر لعناصر الأسد أن ينتهكوا الأعراض ، ويقول : يقع الإثم على أزواجهم وآبائهم الذين يتظاهرون ضد بشار ...
البوطي يا سادة ، يبيح لبشار أن يحرق المنازل على السكان ، فيحرق الأحياء ... كما يبيح لعناصره أن ينبشوا جثث الأموات ، ويخفوها لئلا تكون شاهد إثبات على جرائمهم ... وعلى الرغم من كل هذه المجازر ، فما زال البوطي يرفع أكفه بالدعاء لبشار وشبيحته بالنصر والتأييد على كل من يهتف بإسقاطه ، ويزعم أن بشار الأسد ، أكبر الراعين للإسلام والمسلمين ، وأن الإسلام سيسقط بسقوطه ...
البوطي يا سادة ، يرى ويسمع كل ما يجري من هذه الجرائم ويبررها ، ولا يلوم العصابة المجرمة عليها ... وإنما يهاجم الثوار ، فيصفهم بقلة الدين ، وأنهم ينتعلون المساجد ، وأنهم لا يصلون ، وأنهم مرتزقة زعران ، كما يعتذر له عن قتل الأطفال الصغار ، يقول : قتلهم آباؤهم الذين يتظاهرون ضد النظام ... وحتى في مجزرة الحولة : يردد البوطي مقولة النظام ، ويتبناها ، ويزعم أن جماعة مندسة هي التي قامت بارتكاب هذه الجريمة البشعة ، ولعله يزعم كما زعمت الفنانة سوزان نجم الدين ، بأن أطفال الحولة ، قتلهم أهلهم ، ليثيروا المجتمع الدولي على بشار الأسد .!؟
البوطي يا سادة ، يسأله سائلٌ على صفحته في الفيسبوك ، عن قيام شبيحة بشار بإكراه المعتقل على قول ( لا إله إلا بشار ) .؟؟ فيقول : لا إثم على هؤلاء الشبيحة ، وإنما الإثم على من دعاهم إلى هذا ... ويستشهد بقوله تعالى ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّواْ اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ) . وهو بهذه الفتوى يجيز للشبيحة أن يسبوا الله ، ويأمروا الناس أن يشهدوا لبشار بالألوهية ، ردا على الشعب الذي يهتف بإسقاط بشار ...
أفلا يحق لنا بعد هذا كله ، أن نبرأ إلى الله من هذا الرجل وعلمه .؟ أفلا يحق لنا بعد هذا كله أن نفضحه ونفضح كل العلماء المنافقين ، الذين ينافقون بشار الأسد ، ويناصرونه على إجرامه ؟
أيها السادة ، إن هذا الموقف من البوطي وأمثاله ، كاد أن يفتن المسلمين في سوريا عن دينهم ، فصاروا يتساءلون مستنكرين : أهكذا يتصرف رجال الدين ؟ أهكذا يقول الإسلام .. أيُّ دين هذا الذي يبيح للحاكم أن يرتكب كل هذه الجرائم .؟؟
ونظرا لكون البوطي كان يتكلم بكلام النبيين والصديقين ، وكان محل ثقة الناس ، وكان له أتباع وتلاميذ ... نظرا لهذا لزم أن يعلم الناس أن الرجل قد فُتِنَ في آخر عمره ، ونعوذ بالله من الضلال بعد الهدى .. وينبغي أن نحذر الناس منه ، وندعوهم إلى وزن أقواله وأفعاله بميزان الشرع ، ولو أنهم وزنوه بهذا الميزان ، لتبين لهم أن الرجل زائغ عن الحق ، منساق في الضلال ، لأن العالِمَ إذا لم يعمل بعلمه ، تحوَّل إلى شيطان ، فالشيطان عالم واسع المعرفة بكل العلوم والفنون ، ومع ذلك فهو مطرود من رحمة الله ، ولم ينفعه علمه ، لأنه لم يعمل به ، بل عمل على خلافه . ويحضرني في هذا المقام ، قول صاحب جوهرة التوحيد في أرجوزته القَيِّمَة :
وعالمٍ بعلمهِ لم يَعمَلَنْ : مُعذَّبٌ منْ قبلِ عُبّادِ الوَثَنْ