كشف البرنامج الوثائقي ليلة أمس “ديسباتشيز” الذي بثته القناة الرابعة
للتلفزيون البريطاني، تحت عنوان “الأسد وزوجته الحقيقيان”، أدلة جديدة برزت
تزعم أن أفرادًا من عائلة بشار الأسد ودائرته الداخلية يأمرون مباشرة
بارتكاب جرائم ضد الإنسانية في سوريا، مشيرة إلى أن المجازر التي ارتكبت
بأوامر مباشرة وصريحة من أقارب الرئيس بشار الأسد وصمة عار في جبين النظام
وتثير الاشمئزاز.
وللمرة الأولى على التلفزيون البريطاني تعرض لقطات لبشار الأسد وزوجته
أسماء لم تشاهد من قبل، وركزت اللقطات على صورة الزوجين اللذين تحولا إلى
الشخصيتين الأكثر كراهية في العالم. وتشرح الصور سبب قبول الغرب فكرة أنهما
كانا مجددين حقيقيين. عندما تولى بشار مقاليد السلطة بعد وفاة والده في
عام 2000 تشبث الغرب بالأمل والرجاء في أن تكون سوريا قوة جديدة للتغيير في
الشرق الأوسط، وكان ينظر إلى الزوجين الشابين على أنهما الزوجان اللامعان
اللذان يتبنيان القيم والمثل الغربية، فكان بشار يوصف ب”المصلح”، أما أسماء
فكانت تلقب “بوردة الصحراء”.
كان القادة والزعماء في الغرب يرحبون بالزوجين الشابين ويعتقدون أن طبيب
العيون، ذي الصوت الهادئ الذي تلقى تدريبه في لندن، وزوجته المولودة في
بريطانيا، التي عملت في مجال المصارف الاستثمارية، سيجلبان الإصلاح
والتحديث إلى البلاد التي حكمها طاغية قرابة ثلاثين عامًا. لكن يبدو أن
الغرب قد خُدع، فبدلاً من قيادة تقدمية وشفافة، كان ما ظهر خلال عام كامل
من انتفاضة دامية دليلاً على انتهاكات حقوق الإنسان الممنهجة، بما في ذلك
انتشار عمليات القتل والتعذيب، في الوقت الذي وقف الأسد يتابع هذه المذابح.
ويحقق برنامج رسائل إخبارية على القناة الرابعة في مدى تورط عائلة الأسد
وسلسلة القيادة التي تربط الرئيس الأسد واختيار الحلقة الداخلية بالأعمال
القمعية الوحشية.
واستضاف البرنامج الوثائقي الذي حظي بمتابعة كبيرة من البريطانيين ليلة
أمس منشقين اثنين من أجهزة المخابرات والأمن السورية، “زعما أن ابن خالة
الرئيس الأسد أصدر أوامر إطلاق النار بهدف القتل ضد المتظاهرين المدنيين في
درعا مهد التمرد، وأمر القناصة باغتيال الناشطين المؤيدين للديمقراطية”.
وزعم المنشقان أيضًا أن “ماهر شقيق بشار القائد البارز في الجيش السوري كان
من بين كبار الشخصيات التي عملت انطلاقًا من مركز قيادة سري في درعا عندما
صدرت الأوامر لاحتواء مسيرة الاحتجاج بكل الوسائل، التي قُتل خلالها أكثر
من 100 مدني”، كما اتهما العقيد ماهر “بإصدار أوامر العقاب الجماعي
العشوائي العام الماضي ضد سكان بلدة المعضمية”، في محافظة ريف دمشق.
وقال مراقبون في العاصمة لندن إن اعترافات المنشقين التي بثتها القناة
الرابعة التلفزيونية البريطانية الليلة ضمن البرنامج الوثائقي “ديسباتشيز”
سيكون لها صدى بعد وقوع أبشع الفظائع في بلدة الحولة خلال المواجهة
المستمرة منذ نحو 15 شهرًا في سوريا. وقالوا إن المنشقين زعما أنهما تلقيا
أوامر مباشرة من عاطف نجيب، ابن خالة بشار ورئيس فرع الأمن السياسي في درعا
وقتها، باستخدام الذخيرة الحية ضد المتظاهرين. وكشف البرنامج أن عمار
الشيخ، أحد المنشقين، الذي كان يخدم في جهاز الأمن المركزي بدمشق قبل نقله
إلى درعا، “وصف كيف أمر نجيب عناصر مسلحة من الفرع الذي يرأسه خلال اجتماع
حضره بإطلاق النار بالذخيرة الحية على المتظاهرين إذا ما رأوا الوضع يخرج
عن السيطرة”. وأشار البرنامج إلى أن القمع الدموي في درعا أثار غضبًا
عارمًا على الصعيد الوطني تم على إثره نقل نجيب من هناك.
أما المنشق الآخر آفاق أحمد، العضو السابق بمديرية العمليات الخاصة لفرع
المخابرات الجوية، فقد زعم أن “العملية التي قتل فيها 100 متظاهر في درعا
صادق عليها رئيس المخابرات الجوية الذي كان يقيم بمركز قيادة سري في فندق
(الكويت) عند المشارف الشرقية للمدينة”. وأضاف البرنامج أن أحمد “يقيم الآن
بمكان آمن في بلد مجاور لسوريا”، لم يسمه. ونسب إلى المنشق أحمد قوله: “إن
مهمتنا كانت مقتصرة على اغتيال النشطاء والمحتجين بموجب الأوامر وحصص
القتل المسموح بها من قبل السلطات، التي اختلفت تباعًا وكانت 10 أشخاص ثم
15 أو 20 شخصًا بعمليات أخرى”.