أكد ديبلوماسي بريطاني في لندن, أمس, أن
“المجزرة التي ارتكبتها قوات النظام السوري في الحولة بمدينة حمص وأدت إلى
مقتل 114 مدنياً داخل منازلهم بينهم خمسون طفلاً, ستكون الخط الفاصل ما
بين مرحلتين في المأساة السورية, مرحلة الثورة السلمية حتى الآن, ومرحلة
عسكرتها, ما يؤشر بوضوح على ان الاوضاع مقبلة خلال الاسابيع الثلاثة او
الاربعة المقبلة على مفترق طريقين: إما قبول الروس بحل على الطريقة اليمنية
يتسلم من خلاله نائب الرئيس السوري فاروق الشرع السلطة لفترة انتقالية لا
تتجاوز الاشهر الستة فيما تضمن موسكو سلامة الرئيس السوري ومن يختار من
بطانته وحزبه للانتقال الى روسيا (على الطريقة اليمنية), وإما اندلاع حرب
اهلية يضطر معها مجلس الامن الدولي لاصدار قرار بالتدخل العسكري في سورية
او تعمل مجموعة “أصدقاء سورية” على التدخل العسكري بواسطة تركيا ودول عربية
و”أطلسية” من دون العودة الى مجلس الامن, كما حدث في كوسوفو والبوسنة لضرب
مفاصل الجيش السوري وترساناته العسكرية ومحاولة القضاء على قادة النظام
(على الطريقة الليبية)”.
ونقل الديبلوماسي البريطاني عن مقربين من وزير الخارجية
وليام هيغ قولهم ان الحكومة البريطانية لن تقبل بعد مجزرة الحولة, بأقل من
اجتماع طارئ لمجلس الامن واستصدار قرار بالتدخل العسكري الدولي لحماية
المدنيين في سورية, أو الانتقال الى وسائل اخرى خارج الامم المتحدة لتأمين
تكتل عربي – دولي من “أصدقاء سورية” لشن حملة جوية وبرية عبر الحدود
التركية وربما عبر حدود دول اخرى محاذية لسورية, هدفها إنشاء ملاذات أو
ممرات آمنة لحماية المدنيين, وتدمير الآلة العسكرية السورية واستهداف
الأجهزة الامنية والعصابات الحكومية.
وقال الديبلوماسي “ان أحداً في العالم لم يكن يتوقع ان تبلغ وحشية
النظام السوري حدود مذبحة الحولة التي ترقى الى اعمال النازية الهتلرية ضد
الانسانية التي استأهلت تقديم قادة هتلر الى المحاكمة والحكم على معظمهم
بالاعدام او بالسجن المؤبد, وهو ما يجب ان يحصل بالنسبة لبشار الاسد
ومجموعته الحزبية والمذهبية التي تعيث في سورية قتلا وتدميرا من دون اي
وازع انساني او اخلاقي”.
ووصف الديبلوماسي البريطاني, استناداً إلى مصادر المراقبين الدوليين في
شمال سورية ممن زاروا الحولة وكرم الزيتون وغيرهما من مدن حمص, ما حدث في
تلك المناطق بأنه “الاكثر دموية ووحشية منذ الحرب العالمية الثانية وبعد
ذلك في كمبوديا ودول افريقية في التسعينات, وقد لاقى جميع قادة تلك المجازر
جزاءهم في المحاكم الدولية الخاصة ببلدانهم في لاهاي, وبعضهم صدرت حقه
احكام طويلة الاجل مازال ينفذ مدتها في السجون”.
وقال الديبلوماسي ان الاتصالات التي جرت اول من امس بين وزيري خارجية
بريطانيا ويليام هيغ وفرنسا لوران فابيوس أعطت انطباعا حاسما بان حكومتي
البلدين ذاهبتان الى مجلس الامن بالتوافق مع روسيا والصين او بعدمه, وبأن
نظام الأسد, للمرة الاولى منذ 15 شهراً من اندلاع الثورة ضده, سيواجه فعلا
وفي وقت قريب جدا ما واجهه نظام القذافي ولكن بصورة اعنف وبمشاركة قوات
برية على الارض تحت عمليات القصف الجوية لألويته العسكرية والامنية
ودباباته ومواقع صواريخه وقياداته في دمشق والمحافظات الاخرى, مع دخول قوات
خاصة من دول عدة لحماية مخازن الأسلحة الكيميائية والبيولوجية”.
وأعرب الديبلوماسي عن اعتقاده ان الاسد ومجموعته الحاكمة لم يكونوا مرة
واحدة منذ اندلاع الثورة أقرب الى السقوط والتصفية أو الهروب الى الخارج
كما هم الآن, متوقعاً أن “يستبق الجيش السوري الحر والميليشيات الشعبية
المسلحة التي خرجت من قلب الثورة, أي عمل عسكري دولي لفتح الطريق وتمهيده
أمام القوى العسكرية الاخرى, وخصوصا التركية وربما العربية والأطلسية,
بالبدء بمرحلة جديدة من الهجمات على مفاصل النظام خصوصا في قلب دمشق, بعدما
تلقى هؤلاء اطنانا من الاسلحة من انواع مختلفة, وخصوصاً المضادة للدبابات
والدروع والتحصينات والطائرات”.