أكد ناشطون معارضون أن قوات الأمن السورية اعتقلت، ظهر السبت، الروائي
السوري المعروف خالد خليفة (مواليد مدينة حلب) أثناء مشاركته في تشييع
جنازة الشاب ربيع الغزي وسط العاصمة السورية دمشق، وذلك لعدة ساعات قبل أن
تعود وتفرج عنه. وأشار الناشطون إلى أن خليفة تم اعتقاله مع صديقه الباحث
حسان عباس بطريقة وحشية، حيث اعتدي عليهما بالضرب من قبل شبيحة النظام مما
تسبب في كسر بيده وأذى شديد في رأسه.
ويعد خالد خليفة من أبرز الروائيين السوريين وأكثرهم شهرة في الوطن
العربي، فقد كانت روايته “مديح الكراهية”، التي تتحدث عن الصراع بين النظام
السوري والإخوان المسلمين في الثمانينات، بين ست روايات عربية وصلت إلى
الترشيحات النهائية لجائزة البوكر، وهي قيد الترجمة إلى الإنجليزية، وهو
يكتب السيناريو التلفزيوني إضافة إلى كتاباته الروائية.
وبعد اندلاع الثورة في بلاده، أخذ خليفة موقفًا حاسمًا بالوقوف بجانب
مطالبها، معبرًا عن هذا الموقف بشكل واضح وعلني، حيث وجه رسالة إلى كتاب
العالم مطالبًا إياهم بدعم الحراك السلمي في بلده وقال فيها: “أصدقائي
الكتاب والصحفيين في كل أنحاء العالم، خاصة في الصين وروسيا، أود أن أعلمكم
بأن شعبي يتعرض لإبادة جماعية. منذ أسبوع قامت قوات النظام السوري بتصعيد
هجماتها على المدن الثائرة، خاصة في مدن حمص والزبداني وريف دمشق والرستن
ومضايا ووادي بردى وعين الفيجة وإدلب وقرى جبل الزاوية، حتى كتابة هذه
السطور سقط أكثر من ألف شهيد بينهم عدد كبير من الأطفال، ودمرت مئات
المنازل فوق رؤوس ساكنيها”.
وأضاف: “إن العمى الذي أصاب العالم شجع النظام على محاولة تصفية الثورة
السلمية في سوريا ببطش لا نظير له. إن دعم روسيا والصين وإيران وصمت العالم
إزاء جريمة ترتكب في وضح النهار أطلق يد النظام في قتل شعبي، ولكن في
الأسبوع الماضي ومنذ 2 فبراير شباط إلى اليوم توضح معالم المجزرة، ومشهد
مئات آلاف السوريين الذين نزلوا إلى شوارع مدنهم وقراهم ليلة مجزرة
الخالدية في ليلة الجمعة وفجر السبت الماضي، رافعين أياديهم بالدعاء
والدموع يفطر القلب ويضع التراجيديا الإنسانية السورية في قلب العالم، في
تعبير واضح لا لبس فيه على اليتم الذي نشعر به بتخلي العالم عنا، واكتفاء
السياسيين بالكلام وعقوبات اقتصادية لا تردّ قاتلاً ولا تلجم دبابة لاهية
وموغلة في الدم”.
وختم خليفة تلك الرسالة بالقول: “إنني لا أستطيع شرح كل شيء في هذه
اللحظات العصيبة، لكنني آمل تحرككم للتضامن مع شعبي بالوسائل التي ترونها
مناسبة، وأنا أعرف بأن الكتابة تقف عاجزة وعارية أمام أصوات المدافع
والدبابات والصواريخ الروسية التي تقصف مدنا ومدنيين آمنين، لكنني ليست لدي
أي رغبة بأن يكون صمتكم شريكا في قتل شعبي أيضا”.
ولا تعد هذه المرة الأولى التي يعتدي فيها موالون للرئيس السوري بشار
الأسد على مثقف سوري مؤيد للثورة، حيث تم ضرب الرسام الكاريكاتيري العالمي
علي فرزات وتكسير أصابعه في أواخر شهر أغسطس آب من العام الماضي، بعد
اختطافه من إحدى الساحات العامة في العاصمة دمشق.
يشار إلى أن كثيرًا من المثقفين والكتاب الذين يعارضون نظام الأسد،
ويؤيدون الثورة السورية يتعرضون بشكل دائما للملاحقة والاعتقال من قبل
الأجهزة الأمنية. والكاتب خالد خليفة لا يعد المثقف الوحيد الذي يعتقله
النظام السوري، فقد قامت عناصر الأمن باعتقال الناقد المسرحي عماد حورية من
مكان عمله في المكتبة العمومية بفندق الشام، خلال الأسابيع الماضية، وأشار
شهود عيان على مواقع للمعارضة السورية إلى أن الاعتقال تم عبر دورية من
الأمن العسكري.