روى محمد رحمن سهيل تفاصيل مذبحة رهيبة وقعت في منطقة جبل الزاوية في
شمال سوريا، وهو ضابط في الجيش السوري الحر، يعتقد أنه هو الناجي الوحيد من
مجزرة جبل الزاوية التي قتل فيها 83 رجلاً.
ويروي محمد سهيل التفاصيل قائلاً: “كانت الدبابات والجنود والرشاشات
تتحرك من القرى المجاورة وتستعد لضرب المناطق العالية، وتسوق أسراها مثل
الكلاب التي تدفع بالقطيع نحو هذا الوادي المنسي بجانب إحدى الهضاب في
شمالي سوريا”. وبعد حشر الرجال في المنطقة السفلى، سار المسلحون الموالون
لبشار الأسد بثبات حول المنحدر وطوقوا كل الرجال الموجودين أسفل منهم، بحيث
لم يعد للمحاصرين أي أمل في النجاة. وكان الطريق الوحيد هو القفز
الانتحاري نحو مخرج عرضه خمسة أمتار نحو واد واسع في الأسفل، بعض الرجال
قاموا بمحاولة يائسة للوصول إليه، وتقبل الآخرون مصيرهم، واختبأ سهيل
بهدوء، وهو يرتجف مرعوبًا مع كل رجل يسقط قتيلاً.
وأضاف محمد لصحيفة “ذي غارديان” البريطانية: “كانوا يصرخون ويصيحون الله
أكبر وهم يموتون” وينخرط سهيل في موجة من البكاء وهو يتذكر المجزرة قائلاً
“كان صوت احتضارهم عند موتهم مؤلمًا للغاية، وسيبقى هذا الصوت في ذهني إلى
الأبد”. ويضيف سهيل: “إن إطلاق النار استمر ست ساعات في ذلك اليوم الرهيب
21 كانون الأول ديسمبر”، ويقول: “أخرج جنود الأسد كل سكان القريتين
المجاورتين -كفر عاريا وسرجي- بحلول الساعة الرابعة و45 دقيقة صباحًا،
وبدأوا إطلاق النار الساعة العاشرة وانتهوا في الساعة الرابعة عصرًا، لم
أتحرك طيلة الوقت، وماذا كنت سأفعل؟”.
وتابع: “عندما سكتت البنادق، كان عدد القتلى قد بلغ 83 -ومن بينهم اثنان
من أشقاء سهيل و 10 من أبناء عمومته- وكانت جثث القتلى جميعًا مملوءة
بثقوب رصاص الأسلحة الثقيلة”، وقال سهيل: “كان من بين القتلى إمام قطعوا
رقبته، كانوا همجًا”.
ويشير التقرير إلى أن سهيل، وهو ضابط في الجيش السوري الحر، كان في
الحقول عندما وصلت القوات السورية في ذلك اليوم. وينقل التقرير عنه أنه سمع
أصوات الاضطراب والهياج في القرى المجاورة وبقي في مكانه.
وفي ديسمبر من العام الماضي كانت قوات الأسد تلاحق المنشقين في شمالي
سوريا، وخصوصًا الذين هربوا إلى منطقتين يسيطر عليهما الثوار، هما جبل
الزاوية وجسر الشغور اللتين ادعى نظام الأسد أنهما معقلان للأصوليين
الإسلاميين.