بعد نحو أربع وعشرين ساعة على توتر الأوضاع الأمنية في منطقة القصير
بحمص القريبة من الحدود مع شمال لبنان، وتعرض قرى تلك المنطقة لقصف مدفعي
وسط أنباء عن تسلل عناصر من حزب الله واختطاف نحو 37 مدنيا سوريا وجنديين
منشقين، مقابل اختطاف مواطنين لبنانيين، أعلن ناشطون في منطقة القصير أن
«المكتب السياسي بالتعاون مع كتيبة الـ(77) التابعة للفاروق أتم عملية
تبادل للأسرى مع آل جعفر وآل زعيتر جرى خلالها إطلاق سراح 37 مدنيا من
القصير بالإضافة إلى عنصرين من الجيش الحر التابعين لكتيبة الوادي مقابل
تسليم الأسيرين المحتجزين لدى الفاروق وتم الاتفاق على وثيقة ستنشر لاحقا».
فيما قالت لـ«الشرق الأوسط» مصادر قريبة من كتيبة الفاروق إن عملية
تبادل للمختطفين جرت بين كتيبة الفاروق وعائلتي زعيتر وجعفر اللبنانيتين
الشيعيتين، أطلق بموجبها سراح 37 مدنيا من أهالي منطقة القصير بالإضافة إلى
جنديين من كتيبة الوادي التابعة للجيش الحر، لقاء تسليم مختطفين لبنانيين
تم احتجازهما من قبل كتيبة الفاروق. مع الإشارة إلى أن كتيبة الوادي ليست
تابعة للفاروق، وغالبية عناصرها من شباب منطقة القصير. وكان العقيد الطيار
الركن قاسم سعد الدين قائد المجلس العسكري في حمص وريفها والناطق الرسمي
باسم القيادة المشتركة للجيش السوري الحر في الداخل صرح لـ«الشرق الأوسط»
في وقت سابق أن «قوات تابعة لحزب الله قامت باقتحام عدد من القرى في القصير
واستقرت فيها». وقال: إن هذه القوات قامت «باعتقال 37 سوريا منهم نساء
ووضعوا حواجز على مداخل هذه القرى».
ومن جهته أعلن رئيس بلدية الهرمل صبحي علي صقر، أن «عملية التبادل جرت
برعاية فعاليات الهرمل ووجهاء بعض القرى السورية المجاورة». وأكد صقر
لـ«الشرق الأوسط»، أنه «بحكم تداخل البلدات اللبنانية والسورية الحدودية،
ولكون هناك بلدات سورية غالبية سكانها لبنانيون، تعرض الشابان اللبنانيان
خضر جعفر وعبد الله الزين وهما من بلدة زيتا السورية للخطف على يد معارضين
سوريين، وبفعل النزعة العشائرية أقدم شبان من آل جعفر على خطف نحو 22 شخصا
سوريا من منطقة القصير ردا على خطف الشابين، وعلى الأثر تسارعت الاتصالات
واللقاءات، وتم التوصل إلى اتفاق على معالجة الأمر رغم الصعوبات التي واجهت
سعاة الخير إلى أن جرى إطلاق سراحهم جميعا». ونفى رئيس بلدية الهرمل «وجود
أي علاقة لحزب الله بالحادث لا من قريب ولا من بعيد»، معتبرا أن «القضية
هي قضية عائلات وعشائر لم يتدخل فيها أي طرف سياسي لا من لبنان ولا من
سوريا». وقال: «نأسف أن تصل الأمور إلى هذا الحد، لأن هناك علاقات وروابط
عائلية واجتماعية وتجارية، ونأمل أن تكون انتهت الحادثة عند هذا الحد من
دون أن تترك أي ذيول وذلك بفضل وعي الناس وكل المعنيين».
إلى ذلك أعلن ضابط في «الجيش السوري الحر» لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه
العملية (تبادل المخطوفين) ليست جديدة وليست الأولى وربما لا تكون
الأخيرة»، لافتا إلى أن «عمليات خطف المعارضين السوريين دائما ما ينفذها
لبنانيون موالون للنظام السوري، وتقف وراءهم جهات حزبية تأتمر بأوامر
المخابرات السورية».
وكانت صحيفة «الأخبار» اللبنانية المحسوبة على حزب الله تحدثت عن «سقوط
شهيد لبناني يدعى علي أبو بكر نتيجة قصف المسلحين السوريين للأراضي
اللبنانية (أول من أمس) بقذائف آر بي جي ودوشكا». ونقلت الصحيفة عن مصادر
«الجيش السوري الحر» أن «3 شهداء سقطوا خلال كمين نصبه عناصر من حزب الله».
ويتركز في القصير عدة كتائب تابعة للجيش الحر أكبرها كتيبة الفاروق، ومن
الكتائب كتيبة الوادي والكتيبة الخضراء وغيرها. وتسيطر تلك الكتائب على
عدة مناطق في محيط مدينة القصير المحاصرة. وقال ناشطون إن أكثر من 10
مجندين انشقوا يوم أمس الأربعاء عن القوات النظامية المتمركزة في المشفى
الوطني في الحي الغربي، وانضم الجنود المنشقون إلى الجيش الحر، بعد قيامهم
بإطلاق نار كثيف على جنود متواجدين عند حاجز المشفى .
وكانت القرى الحدودية السورية اللبنانية قد تعرضت لقصف مدفعي عنيف نهار
أول من أمس الثلاثاء، كما جرت اشتباكات عنيفة، لدى تصدي الجيش الحر
المتمركز في منطقة القصير لمحاولة توغل عناصر من حزب الله مدعومة بالقوات
السورية النظامية في منطقة القصير. لا سيما أن هناك شريط قرى حدودية سورية ـ
لبنانية (شيعية) معظم سكانها من مناصري حزب الله، والنظام السوري وينتمون
لعائلات شيعية معروفة زعيتر. جعفر. الجمل. وقد قام عناصر الجيش الحر
باختطاف مواطنين لبنانيين قيل إنهما من حزب الله.
وأسفر القصف العنيف على قرى البرهانية وأبو حوري وسقرجة والسوادية وتل
النبي مندو (قادش) عن مقتل 7 أشخاص وإصابة العشرات بينهم نساء وأطفال، كما
تم إعدام شخص ميدانيا بإطلاق نار مباشر عند حاجز لقوات الجيش النظامي، كما
قتل شخص ذبحا بيد الشبيحة، وآخر قال مقربون من الجيش الحر إنه ذبح على يد
عناصر حزب الله لدى اقتحام قرية المصرية، كما تم العثور على جثة شخص قضى
تحت التعذيب، وجثته عليها آثار تعذيب شديد جدا ومحروقة، بالإضافة لتشويه
وجهه بشكل تام ولم يتم التعرف على هويته.
وقالت مصادر قريبة من الجيش الحر في القصير إن قرى القصير -البرهانية
وأبو حوري وسقرجة والسوادية وتل النبي مندو (قادش) تعرضت يوم الثلاثاء لقصف
مدفعي عنيف من محورين، الأول: من كتائب القوات النظامية المحيطة بهذه
القرى، والثاني: من عناصر حزب الله المتواجدة في حوش السيد علي. كما قامت
عناصر تابعة للحزب باقتحام أراض سورية واحتلت عددا كبيرا من القرى الحدودية
وقامت بنصب حواجز وعمليات اختطاف واستخدام المدنيين كدروع بشرية في عمليات
الاقتحام. وقد حاولت ميليشيات الحزب اقتحام قريتي الزراعة والنزارية تحت
غطاء ناري كثيف بالقصف والرشاشات. كما شهدت قرية كمام الواقعة شمال القصير
وقرية عش الورور التي لا يتجاوز عدد سكانها 400 نسمة قصفا عنيفا بالمدفعية
والصواريخ والهاون. وترافق ذلك مع تحليق لطيران الاستطلاع في سماء القصير.
في وقت ما زال الحصار مستمرا على مدينة القصير وقراها، مع انتشار كثيف
للحواجز العسكرية، والقناصة وقطع للطرقات، وبشكل يجعل الحركة داخل المدينة
ومحيطها بالغة الصعوبة، حيث يتم اعتقال المواطنين عند الحواجز، كما تشهد
الحواجز على طريق بعلبك (شنشار – جوسية) لا سيما حواجز قرى ربلة وجوسية،
استنفارا أمنيا شديدا، حيث يتم توقيف كل السوريين المسافرين النظاميين عند
معبر جوسية، وتعريضهم للإهانة بعد رفع أيديهم إلى الجدران لعدة ساعات بعد
التفتيش الدقيق للمواطنين والسيارات.