“ضربة معلم” للمخابرات السورية في طرابلس: تعطيل الدولة وإحراج القوى السياسية ... الأربعاء 16-5-2012 F5ycU

أي عقل مخابراتي خبيث هذا الذي دبر فتنة
طرابلس؟ بهذه الكلمات بدأ قيادي إسلامي في عاصمة الشمال حديثه لـ”السياسة”
واصفاً الأحداث التي تشهدها المدينة منذ يوم السبت الماضي, بالمؤامرة
المحكمة والمدبرة على مستوى عال من الخبث والدهاء, معتبراً أن خطة إشعال
طرابلس تحمل بصمات المخابرات السورية الواضحة وهي التي تعرف الكثير عن حياة
المدينة, كما يعرف النظام السوري على نحو أشمل التناقضات السياسية
والأمنية في لبنان.

وعرض المرجع قراءته لما جرى ويجري على النحو الآتي:

أولاً: استفاد المخططون من ضبط الجيش اللبناني باخرة الأسلحة في المياه
الإقليمية اللبنانية لتأكيد مقولة النظام السوري ان شمال لبنان عموماً,
وطرابلس خصوصاً, تحول إلى مقر للمنشقين السوريين, وإلى ممر لتهريب السلاح
والمقاتلين, علماً أن جهات لبنانية تابعة لدمشق روجت أن وجهة الأسلحة كانت
القوى الإسلامية الشمالية لمقاتلة “حزب الله”.

ثانياً: بعد توالي التفجيرات داخل المدن السورية بدا النظام السوري
سعيداً بالمواقف الدولية التي تعتبر أن تنظيم “القاعدة” مسؤول عنها, بشكل
سمح له بالطلب لبعثة المراقبين الدوليين أن تركز أعمالها على مسائل تهريب
السلاح والمتفجرات, وليس مراقبة أعمال القتل التي تمارسها قوات النظام. وقد
احتاج إلى دليل إضافي من خلال إحياء مقولة وجود خلايا للقاعدة قرب الحدود
اللبنانية, ومنها الخلية التي يزعم إن شادي المولوي ينتمي إليها. تماماً
كما أثير في السابق, على لسان وزير الدفاع اللبناني فايز غصن زوبعة وجود
“القاعدة” في بلدة عرسال البقاعية.

ثالثاً: توالت المعلومات عن رسائل تهديد واضحة لرئيس الحكومة نجيب
ميقاتي إذا استمر بسياسة “النأي بالنفس”, وتلويحه بالاستقالة بسبب الضغوط
الممارسة عليه تحديداً من حلفاء دمشق, ورغم نفي ميقاتي لهذه المزاعم, إلا
أن هؤلاء الحلفاء أطلقوا حملة دعائية في الاتجاه نفسه, ما يعني أن دمشق
بالفعل تريد إبقاء ميقاتي ولكن بعد إخضاعه تماماً, لتشرف حكومته على تلبية
الحاجة السورية الملحة في هذا التوقيت باستخدام لبنان أكثر من أي وقت مضى.

رابعاً: كان بإمكان قوى الأمن الداخلي القيام بمهمة توقيف المولوي لو
كانت تستند بالفعل إلى القانون, كما كان يمكن لمخابرات الجيش أن تفعل ذلك,
ولكن تم اختيار جهاز الأمن العام لأسباب عدة.

خامساً: أصيب تيار “المستقبل” كممثل للاعتدال في الساحة الإسلامية بنكسة
حادة, لأنه في الأساس ليس من أنصار اللجوء إلى الشارع وإلى السلاح. وهذه
المواجهة التي تتولاها قوى إسلامية مستقلة تأكل من رصيده, ولا يملك لوقفها
سوى التدخل السياسي الذي قلما يفيد في هكذا حالات.

وختم المرجع الإسلامي الطرابلسي بالقول: “هكذا نجح النظام السوري في
خطوة أولى من سلسلة خطوات لإدخال لبنان في أتون صراعه على البقاء, فتمكن
بضربة واحدة من شل الدولة بإثارة الشقاق في صفوفها, وعطل الأجهزة الأمنية
كافة, وأحرج القوى السياسية المعتدلة, وجعل السلاح سيداً للشارع الطرابلسي,
وربما لشوارع أخرى لاحقة, تماماً كما هو حاصل في المدن والبلدات والقرى
السورية”.