سقوط الأسد قد يحول الجولان إلى ساحة قتال
حين يزور السياح جبل بنتال بمرتفعات
الجولان، الذي يوصف بأنه نقطة مراقبة عسكرية قديمة، فإنهم يحدقون بالسهول
الخصبة لجنوب سوريا، ويُخبَرون بأنهم ينظرون إلى تلك الحدود التي كانت
تعتبر أكثر حدود إسرائيل هدوءً خلال العقود الأربعة الماضية.
لكن الفوضى الدموية التي تشهدها المدن السورية جاءت لتبعث بتموجات قوية
عبر القرى الجبلية على هذا الجانب وبداخل الثكنات العسكرية الإسرائيلية
القريبة والقاعات الحكومية التي تقع على بعد ثلاث ساعات في القدس. وبدأ
يطالب المسؤولون الإسرائيليون على نحو متزايد بالإطاحة بنظام الرئيس بشار
الأسد، رغم أنهم رفضوا على مدار أشهر مناقشة مصير النظام السوري الذي
تربطهم به هدنة منذ مدة طويلة.
وينطبق نفس الأمر في المدن الموجودة على جبال مغطاة بالثلوج ويمكن
رؤيتها من فوق مرتفعات الجولان، حيث ينتمي معظم السكان لطائفة الدروز الذين
يُعرِّفون أنفسهم باعتبارهم مواطنين سوريين وحيث يتسبب الصراع في حدوث
انقسامات جديدة عميقة.
وفي هذا السياق، أشارت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن إسرائيل
تراقب بحذر منذ أكثر من عام التحولات السياسية الكبرى التي يشهدها العالم
العربي، معتقدةًً أن صعود التيار الإسلامي من غير المحتمل أن يتمخض عن
تغييرات مفضلة بالنسبة للدولة اليهودية.
وقال بعض المراقبين الإسرائيليين إن سقوط سوريا قد يحول مرتفعات
الجولان، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967، من منطقة هادئة متنازع عليها
إلى ساحة قتال، قد ينتقل إليها كثير من اللاجئين، أو قد تجعل سوريا قاعدة
للمنظمات المسلحة التي تميل لمهاجمة إسرائيل.
وبامتداد الحدود، حيث يراقب الجيش الإسرائيلي التحولات الدقيقة التي
تحدث على الجانب الآخر وحيث يُجَمِّع القرويون من الدروز بعض المعلومات من
أقاربهم في سوريا عبر سكاي بي وفايسبوك، يسود اتفاق عام على أن حكومة الأسد
ستواصل معركتها على مدار عدة أشهر قادمة، ما يهدد بسفك مزيد من الدماء
وبقاء مصير الانتفاضة غير واضح.
ومضت الصحيفة تنقل عن وهيب أيوب، وهو رجل أعمال بقرية مجدل شمس الدرزية
ومن مؤيدي المعارضة السورية، قوله ” الطريقة التي أرى الأمور تسير بها
اليوم تدل على أن الأسد لن ينهار قبل أن يتم تدمير البلاد”. وسبق لمسؤولين
عسكريين إسرائيليين مرابطين بطول الحدود المسيجة أن قالوا قبل عدة أشهر إن
نظام الأسد يتصدع على ما يبدو.
فيما يتحرك السوريون على الجانب الآخر بطريقة أكثر حرية ويظهرون تحدياً
“غير مسبوق” تجاه قوات الشرطة، فضلاً عن تزايد السرقات من مواقع قوات حفظ
السلام التابعة للأمم المتحدة، التي تحرس منطقة وقف إطلاق النار بين سوريا
وإسرائيل منذ العام 1974، على حسب ما نقلته الصحيفة عن مسؤول عسكري
إسرائيلي.
لكن في الوقت الذي بدأ يركز فيه الجيش السوري هجماته على المدن الرئيسية
خلال الأشهر الأخيرة، بدأت تقيم الشرطة السورية مزيداً من نقاط التفتيش في
الجنوب، وبدأت تزول العلامات التي كانت تدل على فقدان السيطرة. وأضاف
مسؤولون عسكريون إسرائيليون أنهم لا يرون الآن أي فرص لإمكانية حدوث نزوح
جماعي للاجئين، وأنه لا توجد إشارات دالة على استمرار دعم طائفة الدروز
الصغيرة بداخل سوريا للثوار.
وقال أحد المسؤولين بعدما رفض الكشف عن هويته التزاماً من جانبه بقواعد
العمل التي ينظمها الجيش الإسرائيلي :” إنهم أقليات، ووجودهم يعتمد على
العلاقات التي تربطهم بالنظام. فإذا رأيناهم يغيرون ولائهم، فسنعرف أن
النهاية ربما تكون وشيكة بالنسبة لنظام الأسد. ولذلك نحن لسنا بعيدين عن
تلك الاحتمالية”.
وتابعت الصحيفة بنقلها عن محلل لم تسمه قوله :” في نهاية اليوم، سيكون
لديك شعباً محافظاً ويكن عداء تام تجاه جيرانه من العرب والغرب، وهذه أرض
خصبة جداً للتعصب”.
وبالرغم من ذلك، أعقبت الصحيفة بقولها إن إسرائيل ترى أيضاً ثمة فرص في
الانتفاضة السورية، من منظور أن سقوط الأسد سيعقبه التخلص من نظام كان يسعى
لامتلاك أسلحة نووية وتخزين أسلحة كيميائية، فضلاً عن أنه سيتسبب في إضعاف
الجانب الإيراني، طبقاً ليوفال شتاينتس، وهو عضو في الحكومة الأمنية
الإسرائيلية الداخلية.
وأضاف شتاينتس :” من مصلحة العالم أن يتم التخلص من هذا الطاغية. وإن
حدث ذلك، فإن محور الشر المكون من كوريا الشمالية وإيران وسوريا وحزب الله
قد يتلقى ضربة قوية”. وختمت الصحيفة بنقلها عن شاب يدعى عماشة، وهو طالب
ويعمل في نفس الوقت كنجار، قوله :” وضع مؤخراً مؤيدو النظام مكبرات صوت
أمام منزلي وظلوا يرددون أغاني داعمة للأسد. وقامت قبل أسبوعين عصابة مكونة
من بعض الشباب المؤيد للأسد بضرب أبي ثم صدموه بسيارة. ويسود الخوف
الجولان، بشكل أكبر مما هو حاصل في سوريا، من الإقدام على التعبير عن
معارضة الأسد”.