سعادة الأمين العام السابق والمبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا.

بدأ الحديث عن مبادرتك الخاصة بسوريا منذ ثلاثة أشهر الآن. وسيمضي مع
نشر هذه الكلمات أكثر من ثلاثة أسابيع على بدء سريان الخطة على الأرض بشكل
رسمي بتاريخ 12 أبريل الماضي.

قبل ذلك التاريخ، ومع كل الملاحظات السياسية على المبادرة من حيث طريقة
الصياغة المليئة بثغرات يستفيد منها النظام في قدرته على المناورة. ومع علم
الجميع في سوريا أنها ستكون بشكلٍ رئيس مهلةً تُعطي النظام فرصةً لمزيدٍ
من القتل والترويع والجرائم، وهو استقراء ظهرت حقيقته فيما بعد. مع كل ذلك،
أعلنت كافة فصائل المعارضة السورية وعلى رأسها المجلس الوطني السوري
والجيش السوري الحر موافقتها على المبادرة والتزامها بتطبيقها.

رغم هذا، نود تذكيرك وتذكير العالم أن النظام السوري لم يلتزم عملياً بأي بندٍ من بنود المبادرة حتى الآن، ولو في حدها الأدنى.

تعلم سعادة الأمين العام، ويعلم فريقك، من واقع التقارير التي يرسلها
المجلس الوطني وغيره من الهيئات إليك، ومن وسائل الإعلام، ومن مصادرك
الخاصة بالتأكيد، أن النظام لم يسحب الآليات الثقيلة وأنه يمارس العنف بنفس
الوتيرة السابقة إن لم يكن بوتيرةٍ أعلى، وتعلم أن النظام لم يُطلق
المعتقلين، ولم يسمح بإيصال المساعدات بالشكل المطلوب للمناطق المنكوبة،
ولم يسمح بدخول وسائل إعلام عالمية حرّة، ولم يسمح بالمظاهرات السلمية.
ونريد إبلاغك هنا تحديداً أن عدد شهداء الثورة السورية الموثقين منذ تاريخ
سريان المبادرة تجاوز 900 شهيد، فضلاً عن مئات المعتقلين الجدد وممارسات
التدمير والتهجير والتعذيب التي قام بها خلال هذه الفترة وهي أيضاً موثقةٌ
ومعروفة.

نترك كل هذه الحقائق في عهدتك سعادة الأمين العام، ونأمل أن تكون
دلالاتها مأخوذةً بعين الاعتبار في قراراتك وقرارات فريقك وقرارات النظام
الدولي، وننتقل إلى بضع ملاحظات إضافية يجب أن تصل إلى أسماعكم.

تأكّد من مصادرنا أن فريقكم يُعبّر عن سخطه بشكلٍ مباشر على قناتي
الجزيرة والعربية بدعوى أنهما تساهمان فيما يسمونه (التحريض) على العنف
وعلى التجييش لإفشال المبادرة. وقد أكّد لنا الثوار على الأرض أكثر من مرة
أن بعض المراقبين يصفونهم بأنهم (مشاغبون) وأن سبب تعرضهم للقتل هو الخروج
في مظاهرات! وأن الطريق لتجنب القتل والاعتقال وأعمال العنف يتمثل في وقف
المظاهرات السلمية؟! ونحن نستغرب أصلاً هذا (العجز) غير المألوف لدى هيئة
نحترمها كالأمم المتحدة في القدرة على إرسال مجرد 300 مراقب دفعة واحدة!
ونرصدُ بحيرةٍ كيف يصل المراقبون (بالتقسيط) على دفعات بسيطة وفترات
متباعدة، وكأن ما يجري في سوريا مجرد أزمة جانبية هامشية لا تستحق جهداً من
الأمم المتحدة ينسجم مع قدراتها الكبيرة ومع خبرتها الواسعة في هذا
المجال!

الأخطر من هذا كله أننا نعلم أن فريقكم مستعجلٌ جداً لتهيئة (الظروف)
للقفز إلى البند الأخير من المبادرة والمتمثل في بدء ما يُسمى (العملية
السياسية).. وأن هناك محاولة لحرق المراحل والإيهام بأنه قد تمّ تطبيق
المبادرة بدرجةٍ (معقولة) بحيث يقتضي هذا بدء تلك العملية.

بناءً على كل هذا، نرجو أن نحيطكم بتعليقنا على الملاحظات السابقة. فنحن
في سوريا نثمّن إلى درجةٍ كبيرة دور محطتي الجزيرة والعربية في تغطية
الثورة السورية بشكلٍ يُنصف شعبنا إعلامياً ويُظهر للعالم بأسره درجة
الوحشية والهمجية التي وصل إليها النظام السوري في تعامله معها. وإذا كان
العالم مقصراً جداً في هذا المجال، فإننا نستنكر ونرفض بشدّة الآراء التي
يطرحها أعضاء فريقكم بهذا الخصوص. خاصة أننا ننتظر منهم أن يعملوا على
تطبيق بند المبادرة المتعلق بالضغط على النظام للسماح لوسائل الإعلام
الدولية للدخول إلى سوريا والتحرك فيها بحرية. وهذا الموقف ليس استجداءً،
وإنما طلبٌ من فريقكم بالتحلي بمستوى المسؤولية السياسية والقانونية
المطلوبة منهم، والالتزام بمقتضياتها.

ومن نفس المنطلق نؤكد رفضنا لطريقة تعامل بعض أفراد فريق المراقبين مع
الثوار السوريين الذين يخرجون في مظاهرات سلمية. ونأمل منهم الالتزام ببنود
المبادرة ومحاولة العمل على تنفيذها بدلاً من إعطاء (نصائح) ليس هذا
مقامها للمتظاهرين السلميين بالعودة إلى منازلهم! الأمر الذي يحمل في طياته
ابتعاداً خطيراً عن الحرفية السياسية والقانونية، وانحرافاً عن أداء الدور
المطلوب رسمياً منهم كأعضاء وفد مراقب من الأمم المتحدة.

كما نشدد على ضرورة تعجيل دفعة المراقبين التي أقرّها مجلس الأمن بشكلٍ
كامل وبأقصى سرعة للحفاظ على حدٍ أدنى من مصداقية المبادرة والأمم المتحدة
بين أبناء شعبنا.

أما العملية السياسية التي يتمّ الدفعُ باتجاهها فإننا نؤكد لكم في هذا
المجال رفضنا لأي تجاوز فيما يتعلق بترتيب بنود المبادرة. وبالتالي التحذير
من أي مناورات سياسية أو دبلوماسية يمكن أن تتمّ للدفع باتجاه أي نوعٍ من
أنواع الحوار تحت سقف بقاء بشار الأسد كرئيسٍ للنظام. وبغضّ النظر عن أي
قرارات يتخذها أي طرفٍ من أطراف المعارضة قد يقبل بمثل هذا التوجّه.

سيادة الأمين العام. نود في هذا المقام التأكيد لك ولفريقك وللعالم أجمع
أن التزام الشعب السوري بالمبادرة ابتداءً لم يأت عن ضعفٍ أو تردد أو
تراجعٍ في عزيمته الثورية. فهذا الشعب ماضٍ في طريقه لتحقيق أهداف الثورة
رضي من رضي وكره من كره. وإنما جاء الالتزام المذكور تعبيراً عن الروح
الحضارية لثورتنا وللشعب السوري، ولرغبته في التنسيق مع النظام السياسي
العالمي وهيئاته الرسمية، والتعاون معه تحت ظل الشرعية الدولية.

لكننا نؤكد لك، حفاظاً على جهودك وجهود فريقك، أن ثورتنا ترى في
المبادرة الحدّ الأدنى من قيام المجتمع الدولي بواجباته وبمسؤوليته
السياسية والقانونية، بدليل الملاحظات العديدة الواردة أعلاه. وأن من
المستحيل على أي طرفٍ حقيقيٍ فاعل في الثورة السورية أن يرضى بأي قرارٍ أو
مشروعٍ يهدف للالتفاف على أهدافها الواضحة، ولا يحقق طموحاتها المشروعة.

ولئن وصلت هذه الرسالة إليكم عبر أثير الإعلام، فإننا على استعداد لأن
تصل إليكم، إذا فضّلتم ذلك، من الأجسام الرئيسة الفاعلة بشكلٍ حقيقي في
الثورة السورية من الداخل والخارج، وممهورةً بتوقيع كل الشخصيات التي
يمنحها الشعب السوري شرعية تمثيله بشكلٍ جماعي.

وتقبلوا خالص التحية.



وائل مرزا

هؤلاء المراقبين حاسين بالناس ، هي مهمة لديهم والسلام

حسبي الله ونعم الوكيل عليهم