بجميع أجهزته وسريعاً جداً (بين شهر إلى ثلاثة أشهر فقط), على الرغم من
جبروت القوة التي يظهرها وحجم القتل الذي يقوم به والدمار الذي ينشره
فهذا النظام لا يمكن أن يستمر بأي شكل من الأشكال وبأي ظرف كان وهو يعلم
ذلك وجميع مؤيديه علم اليقين , لذلك تراه لا يتوقف عن اطلاق النار لأنه
يعرف بمجرد توقفه عن القتل سيبدأ بالانهيار لذلك نراه يبذل قصارى جهده
للتخلص من أي مبادرة ووضع جميع العراقيل في طريقها للالتفاف عليها لتفريغها
من أهدافها ومن ثَم القضاء عليها .
والعجيب في الأمر حين تقوم المعارضة بمعظم أطيافها في الداخل وفي الخارج
بما فيها المجلس الوطني أيضاً بوضع مزيداً من العراقيل في طريقة تنفيذها ,
بذلك تساهم في انقاذ النظام في ابعاد حبل المشنقة عن رقبته , فإذا كانت لا
تعلم ولا تعي ماذا تفعل فتلك مصيبة تدل على الغباء الكامل أما المصيبة
الأعظم إذا كانت تعلم ذلك وتصر على أفعالها فهذا يعني أنها شريكة مع النظام
وهذا ما أستبعده عن قسم كبير منها . وهذا ما حدث مع المبادرة العربية وما
يحدث الآن مع مبادرة كوفي عنان أيضاً .
أليس من بديهيات السياسة والمنطق والحكمة عندما يقوم العدو وأعني هنا
النظام بوضع العراقيل وزرع الألغام للتملص من وقف اطلاق النار أن نقوم نحن
من طرفنا بإزالة هذه العراقيل والألغام وتمهيد الطريق لتطبيق وقف اطلاق
النار .
الطريقة الأفضل والأسرع والآمن لإسقاط النظام :
إن الطريقة التي أعنيها لإسقاط النظام تتلخص في نقل الصراع من الملعب
الذي يجيد اللعب عليه النظام وهو استخدام القوة للقتل ونشر الدمار لأنه
الأقوى في هذا الملعب إلى ملعب آخر نكون نحن فيه الأقوى وهو الصراع السياسي
عل طاولة المفاوضات , لكن هذا الصراع ليس سهلاً على الإطلاق كما يتصوره
البعض بل هو أشد شراسة من المعرك العسكرية لكن ليس فيه خسائر وتضحيات بشرية
ودمار لأن أدوات المعركة في هذا الملعب هي المهارة السياسية والدهاء
والحنكة والخداع .
قد لا يستطيع القسم الأعظم من السوريون هضم هذه الأفكار فأنا أعذرهم
بسبب انعدام الثقافة والممارسة السياسية لديهم طيلة الخمسين سنة الماضية في
سورية لكنني لا أعذر جهابذة المعارضة والمجلس الوطني وقسم كبير منهم من
الأكادميين لكنهم للأسف إما لا يفقهون ألف باء السياسة أو يستغبون على مآسي
هذا الشعب المسكين .
ولتقريب هذه الفكرة من ذهن القارئ أقول بأن الخلافات بين الدول والأمم
كانت تدار بالصراع العسكري فقط وما تجره من مآسي انسانية , أما في السنوات
الأخيرة وبعد التطور الهائل بالفكر الإنساني أصبحت هذه الخلافات تدار
بالصراع السياسي وأصبحت القوة العسكرية ورقة ضغط تستخدم على طاولة التفاوض
والحوار السياسي , حتى قال العلماء أن الحرب صراع عنيف والسياسة صراع لطيف ,
وغالباً ما تحقق السياسة أهداف أكثر بكثير مما تحققه الحروب .
العوامل التي ستؤدي إلى انهيار السلطة سريعاً :
1- وقف اطلاق النار
علينا بذل كل الجهود لتمهيد الطريق لتنفيذ البند الأول من مبادرة كوفي
عنان وهو وقف إطلاق النار وعدم الاستجابة لاستفزازات أمن وجيش النظام مهما
كانت , ضبط النفس بأقصى درجة ممكنة إلا إذا كان هناك خطراً مباشراً عليهم,
ولقد أعجبني قرار الجيش الحر بوقف اطلاق النار وعدم الرد على استفزازات
النظام مع أملي بالالتزام الكامل لجميع القوى على الأرض
كما يجب على المتظاهرين السلميين ضبط النفس وعدم استفزاز عصابات الأمن
والجيش مع القيام بالمظاهرات المعتادة من حيث المكان والزمان والعدد بدون
تصعيد وهذا لمدة ثلاثة أسابيع على الأقل وذلك حتى يكتمل عدد المراقبين
الدوليين ويتعرفون على الأمكنة والأجواء .
إن تثبيت وقف اطلاق النار وعودة الهدوء سيؤدي التقاط الأنفاس من الجميع
وعودة الوعي والتفكير الجدي بما آل إليه الوضع في البلد والبحث عن حلول
للمشكل, خاصة من طرف ضباط وأفراد الأمن والجيش الذين كانوا خلال عام كامل
في حالة شلل فكري كامل جالسين وراء اسلحتهم وكل همهم الحفاظ على أرواحهم
مصدقين كل ما يقوله لهم النظام .
لكن وقف اطلاق النار يتيح لهم الذهاب إلى أهلهم وقراهم ولو لأيام قليلة
ليطلعوا على حقيقة الوضع ولو جزئيا ومعرفة من قتل أو جرح منهم وتبادل
المعلومات والنقاش في خطورة الوضع الحالي عليهم وعلى مستقبلهم وتبادل
الآراء في كيفية الخروج من هذه الأزمة التي من المؤكد ستطالهم في حال
استمرارها , خاصة أن استخدام القوة المفرطة والقتل من قبل النظام لم تقضي
على الثورة بل أججتها وأن الوضع ذهب إلى التدويل وسيؤدي إلى التدخل العسكري
الدولي ولو بعد حين , وبالتأكيد سيطرح العقلاء منهم عدم ربط مصير الطائفة
بمصير نظام ساقط لا محالة ورفض توريطها بالقتال مع أبناء الوطن للدفاع عن
العائلة الحاكمة .
بالنتيجة عودة الهدوء سيساهم باستعادة الوعي واطلاع الجميع على حجم
الاجرام الذي قام به النظام مع احتدام النقاش وتفاعله والذي سيؤدي إلى خروج
قسم كبير من دائرة تأييده والانتقال إلى تأييد الثورة, كما سيؤدي إلى
زيادة الخلافات بين الزمرة الحاكمة مما سيعجل كثيراً من انهياره
2- بعد وقف اطلاق النار ينتقل الضغط الدولي لمجلس الأمن من الضغط لوقف
اطلاق النار إلى الضغط على النظام لسحب وحدات الجيش والأسلحة الثقيلة إلى
ثكناتها وهذا سيؤدي إلى التراجع عن الحل الأمني والتداول في حلول أخرى مما
يعزز الصراعات بين أصحاب القرار .
3- بعد تثبيت الهدوء بأسبوع على الأقل يمكن تحديد وقت واحد في كل المدن
السورية للقيام مظاهرات حاشدة والنزول إلى الساحات الرئيسية في المدن عندها
لا يستطيع النظام إعادة هذه القوات إلى داخل المدن أمام أعين المراقبين
وأمام عدسات الصحفيين الأجانب الذين نصت مبادرة عنان على السماح لهم بدخول
إلى سورية كما نصت كذلك على السماح للمتظاهرين السلميين , بذلك نستطيع حشد
جموع ضخمة من المتظاهرين كما حدث في تونس ومصر مما يؤدي إلى زلزلت أركان
النظام وسقوطه .
4- إن عودة الهدوء ولو لفترة محدودة يتيح للجيش الحر تنظيم صفوفه خاصة
أنه منذ بدايات نشوئه وحتى الآن لم يلتقط أنفاسه ولو لساعات فهذه فرصة
ثمينة جداً وضرورية لتوحيد مجموعاته المختلفة وتكوين خطط موحدة وبرنامج
تدريب على الأسلحة الجديدة والأهم تأمين أسلحة نوعية وذخائر بعدما عانى
كثيراً من قلتها, فكل جيوش العالم تطلب هدنة لإعادة تنظيم صفوفها .
5- تنص المبادرة أيضاً على إطلاق حوار تفاوضي بين السلطة والمعارضة للوصول إلى حل سياسي للمشكلة السورية يلبي مطالب الجماهير
هنا يبدأ الصراع السياسي الذي أقصده لذلك يجب إعداد عدة هذا الصراع وهي :
أ- تأليف وفد موحد تتمثل فيه معظم أطياف المعارضة خاصة الداخلية منها
شرط أن يكون جميع أعضاء هذا الوفد ممن يتميزون بالصفات التالية الاخلاص
للوطن , رجاحة العقل والفكر, لديهم ثقافة سياسية كبيرة , يجيدون إدارة
الصراع السياسي التفاوضي من فن المناورة والدهاء والحكمة والحنكة السياسية
لكنني أشك أن توجد هذه الكفاءات في المعارضة الخارجية المعروفة والتي تسلط
الأضواء عليها يومياً والذين لم يتركوا مكاناً لهذه الكفاءات لذلك يجب
الاستعانة بهذه الخبرات .
ب- مجرد طرح بعض الأفكار وتداولها على طاولة الحوار مثل تأليف محاكم
خاصة لمحاسبة كل ممن قام بالقتل أو أصدر الأوامر بالقيام به وكذلك ممن قام
بالقصف بالأسلحة الثقيلة على المناطق الآهلة بالسكان.
ت- طرح فكرة تنحي بشار الأسد على السلطة تؤدي إلى نشوب صراعات بين
مختلف قيادات أجهزة الأمن والقيادات العليا والمتوسطة لوحدات الجيش وكذلك
جميع أركان السلطة في مختلف المواقع الحزبية والادارية وغيرها من أجهزة
الدولة , لأن كل منهم سوف يفكر بأن نعيم السلطة والاستبداد الذي اعتاد عليه
لفترة طويلة سوف يزول وأن ساعة الحساب قد دنت لذلك الكل سوف يفكر بمستقبله
الشخصي وإذا كان باستطاعته أن يحجز مكاناً في العهد القادم
الخاتمة
يتضح مما سبق أن هذه الطريقة ستؤدي حتماً إلى انهيار النظام من داخله
وبسرعة كبيرة قد لا تتجاوز شهر واحد أو أكثر قليلاً (إذا أحسنا إدارة هذا
الصراع بمهارة) , وبدون أي خسائر من جانب الشعب , فلماذا نتردد في سلوك هذا
الطريق .
لا يغرنك أخي الكريم قوة هذا النظام وجبروته ودرجة إجرامه لكنه من
الداخل أوهى من بيت العنكبوت لأن الخيوط الذي تربط مفاصله قائمة على
المصالح الشخصية فقط , وهو يعرف أن توقفه عن القتل والإجرام سيدمره لذلك
يتهرب من هذا التوقف مثله كمثل راكب الدراجة الهوائية فكلما كانت تسير
يتوازن راكبها لكن عند أي توقف سيفقد توازنه وسيقع بالتأكيد .
سقراط أتاسي