في حواره مع جوليان أسانج، مؤسس موقع «ويكيليكس» الذي تم لحساب قناة «روسيا
اليوم»، أعلن الأمين العام لحزب الله سرا عظيما مفاده أن الحزب قد اتصل
بجهات في المعارضة السورية من أجل تشجيعها على الحوار مع النظام، لكنها
رفضت!!
في البدء ليست مصادفة أن يكون الحوار الذي منحه نصر الله لجوليان أسانج
لحساب «روسيا اليوم» وليس لجهة أخرى، والسبب هنا لا يخفى على المراقب؛ إذ
يرجح أن الوساطة التي رتبت اللقاء هي من النظام السوري نفسه الذي يعتبر ذلك
جزءا من آليات المجاملة والتقدير للموقف الروسي من الثورة.
لم يخبرنا نصر الله بالطبع من هي تلك الجهات التي عرض عليها الحوار
ورفضت، والأرجح أنه يتحدث عن هيثم مناع ومن معه ممن يسمون معارضة الداخل
الذين يدركون أن حوارا من هذا النوع سيحرقهم شعبيا، هم الذين لا يجدون
تأييدا يذكر في الداخل رغم وجود شخصيات من بينهم كانت تحظى باحترام شعبي
قبل الثورة، والسبب بالطبع هو تلك النعومة التي يعكسها خطابهم، والذي دفعهم
في الآونة الأخيرة إلى رفع سقفه خوف المزيد من العزلة الشعبية.
أما إذا كانت الجهات المذكورة من مكونات المجلس الوطني، فإن الرفض هو
ردها الطبيعي، ليس فقط بسبب القناعة بأن أي حوار على قاعدة الإبقاء على آل
الأسد هو محض إنقاذ للنظام وخيانة لثورة الشعب، وإنما أيضا لأن الوسيط هنا
ليس محايدا بحال، ومسلسل المواقف التي أعلن عنها نصر الله طوال عام مضى،
وإنكاره للدم السوري النازف في الشوارع مقابل إصراره على جدية النظام في
الإصلاح، هذا المسلسل يؤكد انحياز الحزب للنظام، لاسيَّما أن حكاية الجدية
في الإصلاح لا تمر على عقل طفل، بدليل الدستور الجديد الذي أخرجه النظام
مفصلا على مقاس الرئيس مع أنه لم يكن في حاجة إلى ذلك في ظل سيطرته وأسرته
وبعض أركان طائفته على المؤسسة الأمنية والعسكرية التي تهيمن على البلاد،
ولا يقلل من شأنها وجود حكومة معارضة، فضلا عن حكومة تخضع لإشراف ذات
المنظومة.
وفي سياق دفاعه عن موقفه أكد نصر الله أن الحزب ليس عميلا لسوريا، وإنما
يتعامل معها من موقع الصداقة، وفي هذا يمكن القول إن الرجل لم يبتعد كثيرا
عن الحقيقة، لأن إيران لن تقبل منه الولاء المطلق لغيرها، لكن اعتبار
الأخيرة ما يجري في سوريا بمثابة تهديد استراتيجي لنفوذها يجعل موقف الحزب
حيال الثورة واضحا في انحيازه للنظام. ولم يعد سرا أنه يشارك في دعم النظام
بوسائل كثيرة كجزء من الدعم الإيراني غير المحدود.
وفي معرض البحث عن المبررات لموقف يستحيل تبريره يتمثل في الانحياز
لنظام دكتاتوري فاسد ضد شعب أعزل خرج يطلب الحرية والكرامة، ذهب نصر الله
إلى ضرورة النظر إلى ما يجري في سوريا «بعينين وليس بعين واحدة»، لأن
«الجماعات المسلحة في سوريا قتلت الكثير من المدنيين»، بحسب رأيه، فيما وجد
في تصريحات أيمن الظواهري حول القتال في سوريا متكئا لتأكيد نظريته،
معتبرا أن «هناك مقاتلين من تنظيم القاعدة وصلوا إلى سوريا، وآخرون يلتحقون
أيضا بهم من مختلف البلدان.. ويريدون أن يحولوا سوريا إلى ساحات قتال».
لندع المبالغة التقليدية في هذا البعد، أعني دور الجماعات المسلحة
الخارجية، لأن الجزء الأكبر من فعاليات الثورة لا يزال سلميا، ولنسأل السيد
نصر الله: منذ متى بدأ العمل المسلح، وهل كانت انتفاضة أهل درعا ضد من
انتهكوا كرامة أطفالهم وكرامتهم مسلحة، وهل تنظيم القاعدة هو من أطلق
الانتفاضة؟!
إنها المحاولة اليائسة لتبرير موقف لا يليق بمسلم، فضلا عن أن يكون
ثائرا ضد الظلم، وناهيك عن أن يرفع كل يوم قميص الحسين الشهيد رضوان الله
عليه، والذي يبرأ إلى الله من هذه المواقف البائسة، هو الذي قاتل يزيد
وجيوش الأخير تواجه الأعداء وتفتح الأمصار كما كررنا غير مرة.
لقد قلنا وسنظل نكرر مهما استبد بهم وبأبواقهم الغيظ، إن الحزب والأهم
إيران وسائر المنظومة التي تسير في ركابها قد خسرت جماهير الأمة، ومن يخسر
غالبية الأمة لن ينفعه بقاء بشار الأسد في شيء، مع أن الأخير لن يبقى بحال،
لأن انتصار الشعب السوري قادم مهما طال الزمن وعظمت التضحيات.
ياسر الزعاترة
اليوم»، أعلن الأمين العام لحزب الله سرا عظيما مفاده أن الحزب قد اتصل
بجهات في المعارضة السورية من أجل تشجيعها على الحوار مع النظام، لكنها
رفضت!!
في البدء ليست مصادفة أن يكون الحوار الذي منحه نصر الله لجوليان أسانج
لحساب «روسيا اليوم» وليس لجهة أخرى، والسبب هنا لا يخفى على المراقب؛ إذ
يرجح أن الوساطة التي رتبت اللقاء هي من النظام السوري نفسه الذي يعتبر ذلك
جزءا من آليات المجاملة والتقدير للموقف الروسي من الثورة.
لم يخبرنا نصر الله بالطبع من هي تلك الجهات التي عرض عليها الحوار
ورفضت، والأرجح أنه يتحدث عن هيثم مناع ومن معه ممن يسمون معارضة الداخل
الذين يدركون أن حوارا من هذا النوع سيحرقهم شعبيا، هم الذين لا يجدون
تأييدا يذكر في الداخل رغم وجود شخصيات من بينهم كانت تحظى باحترام شعبي
قبل الثورة، والسبب بالطبع هو تلك النعومة التي يعكسها خطابهم، والذي دفعهم
في الآونة الأخيرة إلى رفع سقفه خوف المزيد من العزلة الشعبية.
أما إذا كانت الجهات المذكورة من مكونات المجلس الوطني، فإن الرفض هو
ردها الطبيعي، ليس فقط بسبب القناعة بأن أي حوار على قاعدة الإبقاء على آل
الأسد هو محض إنقاذ للنظام وخيانة لثورة الشعب، وإنما أيضا لأن الوسيط هنا
ليس محايدا بحال، ومسلسل المواقف التي أعلن عنها نصر الله طوال عام مضى،
وإنكاره للدم السوري النازف في الشوارع مقابل إصراره على جدية النظام في
الإصلاح، هذا المسلسل يؤكد انحياز الحزب للنظام، لاسيَّما أن حكاية الجدية
في الإصلاح لا تمر على عقل طفل، بدليل الدستور الجديد الذي أخرجه النظام
مفصلا على مقاس الرئيس مع أنه لم يكن في حاجة إلى ذلك في ظل سيطرته وأسرته
وبعض أركان طائفته على المؤسسة الأمنية والعسكرية التي تهيمن على البلاد،
ولا يقلل من شأنها وجود حكومة معارضة، فضلا عن حكومة تخضع لإشراف ذات
المنظومة.
وفي سياق دفاعه عن موقفه أكد نصر الله أن الحزب ليس عميلا لسوريا، وإنما
يتعامل معها من موقع الصداقة، وفي هذا يمكن القول إن الرجل لم يبتعد كثيرا
عن الحقيقة، لأن إيران لن تقبل منه الولاء المطلق لغيرها، لكن اعتبار
الأخيرة ما يجري في سوريا بمثابة تهديد استراتيجي لنفوذها يجعل موقف الحزب
حيال الثورة واضحا في انحيازه للنظام. ولم يعد سرا أنه يشارك في دعم النظام
بوسائل كثيرة كجزء من الدعم الإيراني غير المحدود.
وفي معرض البحث عن المبررات لموقف يستحيل تبريره يتمثل في الانحياز
لنظام دكتاتوري فاسد ضد شعب أعزل خرج يطلب الحرية والكرامة، ذهب نصر الله
إلى ضرورة النظر إلى ما يجري في سوريا «بعينين وليس بعين واحدة»، لأن
«الجماعات المسلحة في سوريا قتلت الكثير من المدنيين»، بحسب رأيه، فيما وجد
في تصريحات أيمن الظواهري حول القتال في سوريا متكئا لتأكيد نظريته،
معتبرا أن «هناك مقاتلين من تنظيم القاعدة وصلوا إلى سوريا، وآخرون يلتحقون
أيضا بهم من مختلف البلدان.. ويريدون أن يحولوا سوريا إلى ساحات قتال».
لندع المبالغة التقليدية في هذا البعد، أعني دور الجماعات المسلحة
الخارجية، لأن الجزء الأكبر من فعاليات الثورة لا يزال سلميا، ولنسأل السيد
نصر الله: منذ متى بدأ العمل المسلح، وهل كانت انتفاضة أهل درعا ضد من
انتهكوا كرامة أطفالهم وكرامتهم مسلحة، وهل تنظيم القاعدة هو من أطلق
الانتفاضة؟!
إنها المحاولة اليائسة لتبرير موقف لا يليق بمسلم، فضلا عن أن يكون
ثائرا ضد الظلم، وناهيك عن أن يرفع كل يوم قميص الحسين الشهيد رضوان الله
عليه، والذي يبرأ إلى الله من هذه المواقف البائسة، هو الذي قاتل يزيد
وجيوش الأخير تواجه الأعداء وتفتح الأمصار كما كررنا غير مرة.
لقد قلنا وسنظل نكرر مهما استبد بهم وبأبواقهم الغيظ، إن الحزب والأهم
إيران وسائر المنظومة التي تسير في ركابها قد خسرت جماهير الأمة، ومن يخسر
غالبية الأمة لن ينفعه بقاء بشار الأسد في شيء، مع أن الأخير لن يبقى بحال،
لأن انتصار الشعب السوري قادم مهما طال الزمن وعظمت التضحيات.
ياسر الزعاترة