تقوم روسيا وإيران بمساعدة سوريا على
استيراد الوقود الذي تحتاجه للمركبات الثقيلة ومنها الدبابات مما يسمح
لدمشق بتفادي التأثير الكامل للعقوبات الغربية المشددة التي فرضت عليها
بسبب قمعها العنيف للمعارضة.
وتسلمت سوريا شحنات روسية منتظمة من زيت الغاز والديزل خلال الشتاء.
وبالرغم من دعم موسكو الدبلوماسي للأصوات المطالبة بوقف هجمات النظام وسحب قواته أرسلت روسيا شحنة أخرى هذا الشهر.
وتبدو هذه الشحنات قانونية لأن روسيا وإيران لم توقعا على العقوبات
الغربية التي تحظر هذه التجارة. وعرقلت موسكو استصدار عقوبات من مجلس الأمن
الدولي كانت ستطبق على كل الدول.
لكن تتبع الوثائق الخاصة بهذه الشحنات يظهر مدى صعوبة تطبيق العقوبات
الغربية التي تهدف لتقييد القدرات العسكرية السورية مادامت موسكو تحول دون
أخذ قرار في الأمم المتحدة.
ويمكن أن يباع الوقود الذي ترسله روسيا والذي يعرف بزيت الغاز كوقود
الديزل الذي تستخدمه دبابات الجيش السوري والمركبات التجارية الثقيلة أو
كوقود للتدفئة.
وتمتلك سوريا المنتجة للنفط مصفاتين للتكرير لكنها تحتاج لاستيراد كميات
كبيرة من زيت الغاز لتلبية الطلب المحلي لغرض التدفئة والنقل.
وتحظر العقوبات الغربية على الشركات الأوروبية والأمريكية شراء النفط
السوري أو التعامل مع شركات سورية لها نشاط في استيراد الخام أو المنتجات
المكررة.
وقد انسحب معظم الموردين السابقين خشية مخالفة العقوبات التي تهدف لمعاقبة الرئيس بشار الأسد على حملته ضد المعارضين.
وأجبر هذا سوريا على الاعتماد على عدد قليل من الحلفاء من بينهم إيران
للحصول على وقود للنقل والتدفئة. وتواجه إيران نفسها عقوبات مشددة بسبب
برنامجها النووي الذي تقول إنه لأغراض سلمية بينما يقول الغرب إنه يهدف
لإنتاج قنبلة نووية.
ووصلت أحدث شحنة من الوقود الروسي إلى بانياس في سوريا قادمة من ميناء
نوفوروسيسك أوائل الشهر الجاري على متن الناقلة كيب بينات التي ترفع علم
ليبيريا.
وأكد محمود المي الذي يرأس النشاط التجاري في شرق المتوسط لدى مجموعة
جالاكسي انرجي التي مقرها موناكو أن الشحنة بيعت من شركة روسية وتسلمتها
سوريا في 12 ابريل نيسان.
وقال المي إن شركته لم تعد تستطيع إرسال شحنات إلى سوريا لأن العقوبات
التي فرضها الاتحاد الأوروبي في مارس اذار أضافت شركة )المحروقات( السورية
التي تعمل في التوزيع إلى قائمة الكيانات التي تشملها العقوبات.
وأجبرت هذه الخطوة الأوروبية شركة نفتومار اليونانية التي كانت موردا
رئيسيا لسوريا على وقف شحنات غاز البترول المسال الذي يستخدم في المنازل
والمنشآت التجارية في سوريا.
لكن شركات أخرى غير أوروبية قد تتمكن من أخذ مكان جالاكسي ونفتومار لأن العقوبات لا تسري إلا على الشركات التي مقرها في أوروبا.
وقامت روسيا بتزويد سوريا بالأسلحة وحماية الأسد عن طريق عرقلة قرارين
في مجلس الأمن الدولي يدينان نظامه على حملة القمع التي تقول الأمم المتحدة
إنه ا أودت بحياة تسعة الاف شخص منذ مارس اذار 2011.
وانتقدت موسكو الأسد في بعض المناسبات ودعمت خطة السلام التي وضعها
المبعوث كوفي عنان بما فيها المطالبة بوقف العنف وسحب القوات التابعة للأسد
من المدن والبلدات.
لكن ليس ثمة دليل على أن روسيا توشك على تغيير موقفها بشأن التجارة مع
سوريا. وانتقدت موسكو الدول الغربية لفرضها هذه العقوبات وقامت مع الصين
بعرقلتها في مجلس الأمن الدولي حيث تتمتعان بحق النقض.
ورفض وزير الطاقة الروسي اليوم الخميس التعقيب على مسألة وصول شحنات من
زيت الغاز إلى سوريا من موانئ روسية. ورفضت وزارة الخارجية وهي المسؤولة عن
سياسة روسيا بشأن العقوبات الادلاء بتعليق فوري.
وحاجة روسيا إلى زيت الغاز تجعلها شريكا مثاليا للتبادل مع إيران التي
تنتج كميات وفيرة من الديزل لكنها تكافح منذ سنوات للحصول على إمدادت كافية
من البنزين وهو الوقود المستخدم في معظم السيارات العادية.
وأكملت سفينة إيرانية عملية تبادل هذا الأسبوع حيث سلمت نحو 32 ألف طن
من زيت الغاز إلى سوريا وعادت إلى إيران وعلى متنها نحو 33 ألف طن من
البنزين.
وتنتج مصافي النفط كلا من البنزين والديزل بنسب مختلفة بحسب جودة الخام المستخدم وتصميم المصفاة.
ووفقا لبيانات وكالة الطاقة الدولية لعام 2009 احتاجت سوريا لاستيراد
أكثر من 2.8 مليون طن من زيت الغاز على مدى العام لكنها أنتجت كميات كافية
من البنزين والنفتا وحققت فائضا يسمح بالتصدير.
وأفادت مصادر بالصناعة وبيانات تتبع السفن أن شحنة البنزين السورية وصلت
على متن الناقلة ألفان في مطلع الأسبوع ورست في مرفأ إيراني في الخليج قرب
بندر عباس.
ومثل العديد من السفن التي تتعامل مع الشركات الإيرانة غيرت ألفان اسمها
وملكيتها مرارا للالتفاف على العقوبات المفروضة على إيران. وتقول دي.إن.في
وهي منظمة تقوم بتصنيف السفن وإعطائها الوثائق اللازمة للتأمين غيرت ألفان
اسمها ومالكها ثلاث مرات منذ 2011.
ورغم أن صادرات الخام السورية ضئيلة بالمقاييس العالمية إلا أنها مهمة
لخزينة الدولة وقد تأثرت بالعقوبات الأوروبية. ويبدو أن إيران تساعد سوريا
من خلال تحميل سفن بالخام السوري وإدخالها إلى الخليج بالرغم من أن طهران
تواجه صعوبة في إيجاد مشترين لصادراتها.
وقامت الناقلة إم.تي تور المرتبطة بإيران بتحميل خام سوري في نهاية مارس
اذار والرسو قرب بندر عباس في إيران في منتصف ابريل. وكانت السفينة متجهة
أصلا إلى سنغافورة لكنها غيرت وجهتها فيما يبدو.
وقامت الناقلة أمين بتحميل نحو 80 ألف طن من الخام الثقيل من طرطوس و 60
ألف طن من الخام الخفيف من بانياس في مطلع ابريل. ومنذ ذلك الحين أبحرت في
نفس مسار الناقلة إم.تي تور.