ابتكر النظام السوري وسيلة جديدة لمعاقبة الشعب على ثورته وانتفاضته،
ولعل انتشار أكوام القمامة في تلك المدن هي آخر ابتكاراته في هذا المجال.
ريف دمشق، حمص، حماة، دير الزور وإدلب، جميعها مدن تتلقى انتقام النظام
السوري بشتى الطرق، وفي بعض الأحيان بطرق يصعب على أي إنسان متحضر ينتمي
لهذا العالم تصديقها.
موظفو القطاع العام المسؤولون عن جمع القمامة وترحيلها في إجازة مفتوحة،
وتبدو هذه الإجازة مجزية المردود، إذ أنها مدفوعة مسبقاً مع مكافآت تكبر
كلما عبر ذلك الموظف عن إخلاصه، والتعبير عن الإخلاص في هذه الحالة يتمحور
في حمل الهراوات والعصي الكهربائية التي تم توزيعها عليهم، والخروج لتفريق
أي مظاهرة تخرج هنا أو هناك، وكلما زاد عدد ضحايا تلك العصي كلما نال
الموظف علاوة ومكافأة أكبر.
صيف سوريا شديد الحرارة، والحشرات بدأت بالظهور وبأعداد ضخمة على أكوام
القمامة المتروكة في الشوارع، ما جعل الناس في يقين من أن انتشار الأمراض
أمر محتوم.
ورغم أن معظم سكان تلك الأحياء والمدن حاولوا أن يشكلوا لجان شعبية فيما
بينهم تتحدد مهمتها في ترحيل القمامة، إلا أن ذلك المجهود لا يأتي بنتائج
ملموسة على الأرض، بسبب القصف المستمر على بعض تلك المدن وحالة القتل
والاعتقال العشوائية التي أصبحت أشبه بالرجل الأعمى فاقد البصر والبصيرة،
فالقتل والاعتقال يمكن أن يصيب أي مار في الشارع في دوما وحمص وحماة وإدلب.
النظام السوري قرر أن يعاقب شعبه بالقمامة والحشرات والأمراض السارية
المؤكدة، وهي بالتأكيد ابتكار جديد يحسب له على اعتبار أنه استنفذ الأساليب
الأخرى من قتل وقصف واعتقال وتعذيب.