هذه
المرة منحوا نظام بشار الأسد ثلاثة أشهر أخرى، أي صار بإمكان قواته القتل
والتدمير حتى شهر أغسطس (آب) المقبل. وفي نهاية الصيف على الثلاثمائة مراقب
دولي أن يكتبوا استنتاجهم، الاستنتاج الذي يعرفه الجميع، أن قوات النظام
تستخدم العنف، تطلق النار على المتظاهرين وتقصف أحياءهم. وسيكون من بين
المراقبين من يسجل أن هناك جماعات مسلحة دون أخذ في الاعتبار أن الناس
تدافع عن نفسها في داخل أحيائها.
لن تعود المداولات في مجلس الأمن إلا بعد أغسطس، أي سينتهي الربيع
وينتهي الصيف، وفي الخريف سيعود المجلس لمراجعة تقارير المراقبين. وسيكون
الاجتماع حينها وسط نفس الجدل إذا كان النظام السوري يمارس العنف أم لا، في
وقت كلنا نعرف أنه يمارس الإبادة، لا العنف فقط. الإبادة، الكلمة التي
كررها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قبل أيام مشيرا إلى أن ما تفعله قوات
الأسد في مدينة حمص الآن عملية إبادة بتفريغ المدينة من سكانها. حيث يتم
استهداف أحياء سكنية بالقذائف على الرغم من أنه لا يوجد مقاتلون هناك منذ
تدمير حي بابا عمرو والخالدية والبياضة. تقصف منازلها بعشوائية ووحشية منذ
إعلان وقف إطلاق النار في العاشر من شهر أبريل (نيسان) وإلى اليوم، مما
يؤكد أنها خطة لتفريغ أحياء في المدينة من سكانها.
والمأساة أن قوات جيش النظام لا تكتفي بتدمير الأحياء، بل تقوم بمطاردة
المدنيين عندما يريدون الهرب بحثا عن النجاة، وهذا لا يحدث في محيط حمص
فقط، أو على حدود تركيا، بل في كل مكان. قبل يومين لاحقت قوات من الجيش
اللاجئين الذين كانوا يحاولون النزوح من درعا، ووضعت القوات كمينا بعد أن
تجاوزوا الطريق الحربي بمئات الأمتار في طريقهم إلى الحدود، وقد كان
النازحون مجموعة من العائلات، نحو 200 شخص، عبر الحدود 56 شخصا فقط وصلوا
إلى المخيم، وعادت البقية بعد أن طاردتهم قوات الجيش إلى سوريا، وهناك قامت
قوات الأمن باعتقال ما يقارب 35 شخصا من العائدين. أي أنهم في أحيائهم
ويلاحقون عندما يفرون لاجئين.
ما الحل أمام هذا الوضع المأساوي؟ الأمم المتحدة تمنح النظام ثلاثة أشهر
دون أن تقول ماذا سيحدث بعد ذلك. كل ما نعرفه أن اجتماعات مجلس الأمن
ستعقد في سبتمبر (أيلول) للبحث في تقرير المراقبين الدوليين، ثم ماذا؟ في
أحسن الأحوال سيتم التصويت على قرار يعاقب النظام السوري، والنتيجة شبه
مؤكدة بفيتو روسي. هذه نهاية رحلة المراقبين، بلا شيء. وعلى الأرجح سيضطر
مجلس الأمن، بسبب استمرار القتل والتدمير، إلى الانعقاد وعقد جلسات متابعة
في شهر ديسمبر (كانون الأول) حيث تبدأ إجازات نهاية العام.
لنكن واقعيين، الوضع لا يمكن أن يترك مستمرا في انتظار الحل السلمي الذي
يروج له الأمين العام للجامعة العربية بدعوى أن الدول ترفض التدخل
والقتال. وهو مخطئ في حساباته وسيأتي يوم صعب لن يغفر له الناس ما فعله وما
قاله. ما نراه فعلا عملا متعمدا لإنقاذ النظام السوري تمارسه مجموعة من
الحكومات العربية والأجنبية. ومع أن هذه الجماعة عجزت حتى الآن عن وقف
الثورة السورية، على الرغم من أنها أمدت نظام بشار بالمال والعتاد والرجال
والوقت والدعاية، فإنها نجحت في شيء واحد فقط؛ في إراقة المزيد من الدماء.
السوريون لن يتعايشوا مع هذا النظام، والنظام لن يقبل بالتنازل عن السلطة،
وبالتالي عن أي حل سلمي يمكن أن يوقع، كما يزعم الأمين العام نبيل العربي.
إن الحل الوحيد القديم الذي لم يفعل بعد هو تمكين السوريين من الدفاع عن
أنفسهم؛ لأنها الوسيلة الوحيدة للجم الآلة العسكرية والأمنية السورية
المتوحشة، ولأنها آلة الضغط القادرة على إقناع الروس والبقية أن يتخلوا عن
رجلهم في دمشق.
عبد الرحمن الراشد
المرة منحوا نظام بشار الأسد ثلاثة أشهر أخرى، أي صار بإمكان قواته القتل
والتدمير حتى شهر أغسطس (آب) المقبل. وفي نهاية الصيف على الثلاثمائة مراقب
دولي أن يكتبوا استنتاجهم، الاستنتاج الذي يعرفه الجميع، أن قوات النظام
تستخدم العنف، تطلق النار على المتظاهرين وتقصف أحياءهم. وسيكون من بين
المراقبين من يسجل أن هناك جماعات مسلحة دون أخذ في الاعتبار أن الناس
تدافع عن نفسها في داخل أحيائها.
لن تعود المداولات في مجلس الأمن إلا بعد أغسطس، أي سينتهي الربيع
وينتهي الصيف، وفي الخريف سيعود المجلس لمراجعة تقارير المراقبين. وسيكون
الاجتماع حينها وسط نفس الجدل إذا كان النظام السوري يمارس العنف أم لا، في
وقت كلنا نعرف أنه يمارس الإبادة، لا العنف فقط. الإبادة، الكلمة التي
كررها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قبل أيام مشيرا إلى أن ما تفعله قوات
الأسد في مدينة حمص الآن عملية إبادة بتفريغ المدينة من سكانها. حيث يتم
استهداف أحياء سكنية بالقذائف على الرغم من أنه لا يوجد مقاتلون هناك منذ
تدمير حي بابا عمرو والخالدية والبياضة. تقصف منازلها بعشوائية ووحشية منذ
إعلان وقف إطلاق النار في العاشر من شهر أبريل (نيسان) وإلى اليوم، مما
يؤكد أنها خطة لتفريغ أحياء في المدينة من سكانها.
والمأساة أن قوات جيش النظام لا تكتفي بتدمير الأحياء، بل تقوم بمطاردة
المدنيين عندما يريدون الهرب بحثا عن النجاة، وهذا لا يحدث في محيط حمص
فقط، أو على حدود تركيا، بل في كل مكان. قبل يومين لاحقت قوات من الجيش
اللاجئين الذين كانوا يحاولون النزوح من درعا، ووضعت القوات كمينا بعد أن
تجاوزوا الطريق الحربي بمئات الأمتار في طريقهم إلى الحدود، وقد كان
النازحون مجموعة من العائلات، نحو 200 شخص، عبر الحدود 56 شخصا فقط وصلوا
إلى المخيم، وعادت البقية بعد أن طاردتهم قوات الجيش إلى سوريا، وهناك قامت
قوات الأمن باعتقال ما يقارب 35 شخصا من العائدين. أي أنهم في أحيائهم
ويلاحقون عندما يفرون لاجئين.
ما الحل أمام هذا الوضع المأساوي؟ الأمم المتحدة تمنح النظام ثلاثة أشهر
دون أن تقول ماذا سيحدث بعد ذلك. كل ما نعرفه أن اجتماعات مجلس الأمن
ستعقد في سبتمبر (أيلول) للبحث في تقرير المراقبين الدوليين، ثم ماذا؟ في
أحسن الأحوال سيتم التصويت على قرار يعاقب النظام السوري، والنتيجة شبه
مؤكدة بفيتو روسي. هذه نهاية رحلة المراقبين، بلا شيء. وعلى الأرجح سيضطر
مجلس الأمن، بسبب استمرار القتل والتدمير، إلى الانعقاد وعقد جلسات متابعة
في شهر ديسمبر (كانون الأول) حيث تبدأ إجازات نهاية العام.
لنكن واقعيين، الوضع لا يمكن أن يترك مستمرا في انتظار الحل السلمي الذي
يروج له الأمين العام للجامعة العربية بدعوى أن الدول ترفض التدخل
والقتال. وهو مخطئ في حساباته وسيأتي يوم صعب لن يغفر له الناس ما فعله وما
قاله. ما نراه فعلا عملا متعمدا لإنقاذ النظام السوري تمارسه مجموعة من
الحكومات العربية والأجنبية. ومع أن هذه الجماعة عجزت حتى الآن عن وقف
الثورة السورية، على الرغم من أنها أمدت نظام بشار بالمال والعتاد والرجال
والوقت والدعاية، فإنها نجحت في شيء واحد فقط؛ في إراقة المزيد من الدماء.
السوريون لن يتعايشوا مع هذا النظام، والنظام لن يقبل بالتنازل عن السلطة،
وبالتالي عن أي حل سلمي يمكن أن يوقع، كما يزعم الأمين العام نبيل العربي.
إن الحل الوحيد القديم الذي لم يفعل بعد هو تمكين السوريين من الدفاع عن
أنفسهم؛ لأنها الوسيلة الوحيدة للجم الآلة العسكرية والأمنية السورية
المتوحشة، ولأنها آلة الضغط القادرة على إقناع الروس والبقية أن يتخلوا عن
رجلهم في دمشق.
عبد الرحمن الراشد