أخبار البلد: لم تستثمر أي ثورة اجتاحت بلدان الربيع
العربي ما استثمرته الثورة السورية من أدوات الاتصال الحديث. فأغلب
السوريين لم يعرفوا من أدوات التكنولوجيا والاتصال وخدماتها إلا ما كانت
تسمح به الحكومة السورية، وهو النذر اليسير. لكن بعد انطلاق الحراك الشعبي،
تضاعف الاهتمام بكل وسائل الاتصال التي تنقل الصوت والصورة إلى العالم
خصوصاً برنامج “سكايب”، بحسب نشطاء التقاهم “مركز الدوحة لحرية الإعلام”.

انتعاش الثريا

انتعش سوق هاتف الثريا الفضائي وسط النشطاء السوريين في ظل قطع
الاتصالات المستمر أثناء اجتياح وإغلاق المناطق التي كانت تخرج فيها
التظاهرات من قبل الجيش النظامي. بعض المناطق قطعت فيها الاتصالات لمدة
أسبوع، وبعضها تجاوز ثلاثة أشهر كبابا عمرو في مدينة حمص، بالإضافة إلى بعض
مناطق درعا وجسر الشغور ودير الزور، بحسب ما يوضح تقني المعلومات يعرب
علي. ويقول: “الثريا الحل الوحيد أمام النشطاء للاتصال بالعالم الخارجي،
خصوصا في المناطق غير الحدودية، إذ ساعدت الخطوط الهاتفية الخليوية
الاردنية والتركية واللبنانية والعراقية النشطاء في المدن والقرى الحدودية
للتواصل مع العالم الخارجي. لكن هذه الحدود خدمتنا بطريقة أخرى من خلال
دخول هواتف الثريا والأجهزة التقنية عبرها، منها الجديد والمستعمل. ويتم
شحن رصيدها من قبل المعارف والأصدقاء المتواجدين خارج سوريا، إلا أن سعرها
يبقى عاليا جداً إذ يصل في بعض الأحيان إلى 3 آلاف دولار للجهاز الجديد”.

فنون التمويه

يشرح يعرب كيفية تخزين بعض الأجهزة خوفا من ضبطها. ويقول إن “الهواتف
كانت تغلق وتوضع داخل أكياس بلاستيكية و”تدفن” بمكان بعيد من العيون، ولا
تستخدم إلا عند الضرورة. تطورت الأجهزة وكثر تداولها حين أيقن النشطاء أن
شركات الاتصالات الخلوية المحلية الخاضعة للسيطرة الأمنية تُغيب خدمة
الاتصالات والإنترنت بأوامر المخابرات”.

يقول الناشط عبدالله وليد، وهو مختص بالتواصل مع القنوات الفضائية: “وفر
لنا هاتف الثريا مجموعة واسعة من الخدمات كالصوت والرسائل القصيرة وإرسال
البيانات والفاكس بسرعة قصوى تصل إلى 9600 بايت في الثانية والبريد الصوتي
وانتـظار وتمرير المكالمات، كما أن النظام العالمي gps يتوفر كميزة أساسية
مدمجة بالهاتف الذي ساعدنا لاحقا على توفير ميزة الاتصال الجماعي التي كان
لها الفضل الأكبر في التنسيق في ما بيننا”.

ويضيف: “عندما نكون في منطقة تغطية الثريا، يمكنك استخدام الهاتف
للاتصال أو استقبال أي اتصال، وبإمكانك استخدام الهاتف بوضعية gsm في
المناطق المخدمة من قبل الشبكات المتوافقة مع نظام gsm وهنا للاتصال محاذير
إذ ربما يمكن للأجهزة الأمنية اختراق الاتصال من خلال الشبكة”.

ويتابع: “تعرضنا للملاحقة والتشويش وكل ما أمكن للنظام استخدامه ضدنا
إلا إننا نجحنا في نقل كل ما يحدث واستخدمنا عدة طرق للتمويه منها نزع
البطارية بعد الاتصال وتغيير المكان لإجراء اتصال آخر، بالإضافة إلى الحديث
بنظام “الشيفرة” أي التلميح مع الزملاء للتنسيق.

سلاح تكنولوجيا المعلومات

استخدم النشطاء تقنية البث المباشر عبر أجهزة الجوال أو “سكايب”. ويشير
علاء عبد الرحمن أحد نشطاء تنسيقية حماة في هذا السياق إلى أن “الحجب الذي
يستخدمه النظام السوري وسوء أداء الانترنت، جعلنا نشتري أجهزة أكثر فاعلية
وتطورا كجهازiDirect 3000 الذي يدعم سرعات التحميل حتى 18 و 4.2 ميجابايت”.

من جهته، أعرب المسؤول عن الربط مع المحطات الفضائية عبر “سكايب” الذي
فضل عدم ذكر اسمه عن “عدم ثقته من ناحية البرمجة بمنتجات التواصل عبر شبكة
الانترنت، إلا أن فنيي البرمجة أكدوا أن “سكايب” ومعظم تقنيات VoIP تتمتع
بقيمة عالية من السرية. واستخدام “سكايب” تحديدا يحفظ خصوصية المراسلات
وسرية البيانات الحساسة. نحن نجتمع يوميا في الغرف الخاصة بالتنسيقيات
والمجالس لننقل ما يحدث في المناطق الساخنة ولنتفق على نشراتنا الإعلامية
اليومية أو البيانات التي نصدرها”.

ولفت إلى أنه “في كثير من الأحيان يضطر النشطاء إلى استخدام برامج “كسر
البروكسي” وتقنيات التخفي وفك الحجب وتشفير البيانات المرسلة والمستقبلة
لتأمين اتصالاتهم”.

أما سعيد المحمد عضو تنسيقية دوما في ريف دمشق والمسؤول عن أمن
المعلومات والشبكات، فيؤكد أن ”كسر البروكسي بحاجة لسرعات عالية، ومن
المستحيل حصولنا على مثل هذه السرعات. لذلك نحاول تأمين أجهزة “نت فضائي”
للتخلص من رقابة النظام لكن الأمر صعب”.

يعتبر مختص البرمجيات باسل سالم أنه من الأفضل استخدام شبكة افتراضية
خاصة، إذ تصبح المعلومات الواردة والصادرة من كمبيوتر الناشط مشفرة. أما
بالنسبة لـ”سكايب” فهو آمن جداً، بحكم تشفير بياناته، ولا يمكن فك شيفرة
هذا البرنامج إلا من قبل الشركة الأم. أما بخصوص “فيسبوك”، فتأمينه ممكن من
خلال شهادة ssl، لكن هذا الامر مشكوك فيه، بعد تسريب معلومات تؤكد أن
خدمات الشبكة المعلوماتية في سوريا قادرة على حفظ نسخة طبق الأصل من هذه
الشهادات، وبالتالي يمكن لأجهزة المخابرات استخدامها واختراق حساب الناشط.

معلومات رائعة ستفيد جميع ثوار الربيع العربي