17 نيسان 1946 يوم خالد في تاريخ سورية الحديثة، أنتصرت فيه إرادة
الشعب و حققت التحرر و الوحدة السياسية و الإدارية التي فرضتها عصبة الأمم
بعد مؤتمر سان ريمو و تفكك السلطنة العثمانية، و قسمت سورية الطبيعية
الى ثلاث مناطق وزعتها على فرنسا و انكلترا تطبيقا لاتفاقية سايكس-بيكو،
و التي شكلت خيانة لعهود قٌطعت للعرب، و ضربة قاسية للآمال الشعبية
و التطلعات الى الاستقلال و الوحدة.
لقد قوبل هذا التصرف الإستعماري بإستياء عميق على المستوى الوطني نخبا
و قيادات و قواعد، فبادر الشعب السوري لإنتخاب ممثلين كسلطة تشريعية
أٌطلق عليها المؤتمر العام (1919-1920) و أٌنتخب الأمير فيصل أبن الشريف
حسين ملكاً في 8 آذار 1920، فقابلته فرنسا بعقلية و صلف دولة استعمارية
إذ وجّه الجنرال غورو في 11 تموز 1920 إنذارا للحكومة السورية
طالبا موافقتها على الإنتداب و إلغاء التجنيد الإجباري و لقد تخاذلت
الحكومة و انصاعت للانذار، إلا إن وطنية و شهامة يوسف العظمة و من كان حوله
و إعتدادهم بشرفهم العسكري، دفعهم للمقاومة في معركة غير متكافئة جرت
في منطقة ميسلون قرب دمشق سقط فيها العظمة شهيداً مع أعداد كبيرة
من المقاومين، و دخلت الجيوش الغازية دمشق.
لقد عملت فرنسا على تجزئة المجزء الى ثلاث دول و هو ما رفضه الشعب
و قاومه و عمل على التحرر و الوحدة التي تحققت سياسياً و إدارياً بعد
17 نيسان.
لقد كانت معركة ميسلون بداية لمرحلة جديدة من الصراع، قادها رجال
وطنيون بالسلاح و الثورات أحياناً و بالسياسة أخرى، و أثبتوا حكمتهم
الوطنية و كفاءتهم في تكييف البنية الاجتماعية و توحيد مسارها و حركتها و
أهدافها قاطعين الطريق على الإنتداب من استغلال ما كان سائدا من جهل و
أٌمية و خلق تناقضات في النسيج الوطني و مكوناته الدينية و المذهبية و
العرقية و الإرث الثقافي و الإجتماعي و إستغلالها لصالح مشروعه الإستعماري.
لقد أثبتت النخبة الوطنية عن سمو وعيها و قدرتها على تحقيق التلاحم
بين أبناء الوطن المتنوع بنسيج واحد وألوان متعددة تحت سقف الوطن و
مصالحه العليا.
إن ذكرى 17 نيسان و تحقيق الاستقلال هي استحضار للتاريخ و استلهام
لدروسه لا سيّما في هذه الفترة العصيبة من تاريخه و هو يخوض معركة
التحرر الثانية من الإستبداد و أحتلال المدن و الارياف و يناضل من أجل
حريته و كرامته وإقامة دولة المواطنة و المساواة دون تمييز أمام القانون.
لقد كان 17 نيسان حداً فاصلاً بين مرحلتي الإنتداب و التحرر و
بداية لبناء سورية دولة مدنية ديموقراطية تسودها العدالة في ظل
التعددية الفكرية و السياسية، و برغم الإنقلابات العسكرية من 1949 – 1954
التي أعاقت مسيرتها فإنها عاشت فترة عصر ذهبي للديمقراطية و الأخوة الوطنية
من 1954 – 1958، ما لبثت أن خضعت مرة أخرى الى الحكم البوليسي و
الإنقلابات العسكرية المتتالية و التي كان أسوءها و اخطرها إنقلاب 16 تشرين
الثاني 1970 الذي قاده حافظ أسد، و ما آل إليه من حكم إستبدادي و بناء
مؤسسات عسكرية و أمنية لدعم إستمراره مستغلاً الطائفية السياسية البغيضة، و
عاث فساداً و قتلاً و تدميراً و أرتكب مجازراً عديدة ذهب ضحيتها أكثر من
100 ألف شهيد و 25 الف مفقود و عشرات ألوف المعتقلين و مئات ألوف المنفيين،
و هذا البناء المؤسساتي سهّل فيما بعد تحول الجمهورية الى وراثية.
و في مناخ الربيع العربي الذي أسقط بعضا من الدكتاتوريات هبّ
الشعب السوري مطالباً بحريته و كرامته و حقه في إقامة نظام ديموقراطي و
دولة مدنية، فقوبل بالاتهام تارةً بتنفيذ مؤامرة و بالتخوين و أخرى
بإثارة الطائفية و الأرهاب، لتبرير القتل و البطش و التدمير و أستمرار
التسلط.
إن تصرفات النظام و جهله و خطئه في تقدير الموقف قاده الى رفض الأصلاح
و التغيير مبرهناً أنه غير قابل للإصلاح و لا يوجد لديه النية و الإرادة
و أدت سياسته الحمقاء لإتباع الحل الأمني الى رفع سقف مطالب الشعب
باسقاطه و تحرير البلاد و العباد، و أفرزت الجيش الحر و إزدادت الأمور
تعقيداً.
إن رفع المتظاهرين علم الأستقلال ليس صدفة و إنما هي حالة رمزية
بالعودة الى الكفاح من أجل التحرر الذي تحقق في 17 نيسان، و هذا يتطلب
إتباع نهج قادة الإستقلال و الرعيل الأول بالحرص على الوحدة الوطنية و
تعزيزها و الأستمرار بالكفاح السلمي و عدم الوقوع في أفخاخ النظام و سعيه
لتفكيك اللحمة الوطنية. إن الأستمرار بالتظاهر و العصيان المدني و الإعتماد
على الله أولاً ثمّ الذات هي عوامل النصر الحقيقية على الإستبداد و
للإنتزاع الحرية و تحقيق الديموقراطية.
الرحمة للشهداء و الشفاء العاجل للجرحى و الحرية للمفقودين و المعتقلين.
الحركة السورية للديموقراطية و العدالة
الشعب و حققت التحرر و الوحدة السياسية و الإدارية التي فرضتها عصبة الأمم
بعد مؤتمر سان ريمو و تفكك السلطنة العثمانية، و قسمت سورية الطبيعية
الى ثلاث مناطق وزعتها على فرنسا و انكلترا تطبيقا لاتفاقية سايكس-بيكو،
و التي شكلت خيانة لعهود قٌطعت للعرب، و ضربة قاسية للآمال الشعبية
و التطلعات الى الاستقلال و الوحدة.
لقد قوبل هذا التصرف الإستعماري بإستياء عميق على المستوى الوطني نخبا
و قيادات و قواعد، فبادر الشعب السوري لإنتخاب ممثلين كسلطة تشريعية
أٌطلق عليها المؤتمر العام (1919-1920) و أٌنتخب الأمير فيصل أبن الشريف
حسين ملكاً في 8 آذار 1920، فقابلته فرنسا بعقلية و صلف دولة استعمارية
إذ وجّه الجنرال غورو في 11 تموز 1920 إنذارا للحكومة السورية
طالبا موافقتها على الإنتداب و إلغاء التجنيد الإجباري و لقد تخاذلت
الحكومة و انصاعت للانذار، إلا إن وطنية و شهامة يوسف العظمة و من كان حوله
و إعتدادهم بشرفهم العسكري، دفعهم للمقاومة في معركة غير متكافئة جرت
في منطقة ميسلون قرب دمشق سقط فيها العظمة شهيداً مع أعداد كبيرة
من المقاومين، و دخلت الجيوش الغازية دمشق.
لقد عملت فرنسا على تجزئة المجزء الى ثلاث دول و هو ما رفضه الشعب
و قاومه و عمل على التحرر و الوحدة التي تحققت سياسياً و إدارياً بعد
17 نيسان.
لقد كانت معركة ميسلون بداية لمرحلة جديدة من الصراع، قادها رجال
وطنيون بالسلاح و الثورات أحياناً و بالسياسة أخرى، و أثبتوا حكمتهم
الوطنية و كفاءتهم في تكييف البنية الاجتماعية و توحيد مسارها و حركتها و
أهدافها قاطعين الطريق على الإنتداب من استغلال ما كان سائدا من جهل و
أٌمية و خلق تناقضات في النسيج الوطني و مكوناته الدينية و المذهبية و
العرقية و الإرث الثقافي و الإجتماعي و إستغلالها لصالح مشروعه الإستعماري.
لقد أثبتت النخبة الوطنية عن سمو وعيها و قدرتها على تحقيق التلاحم
بين أبناء الوطن المتنوع بنسيج واحد وألوان متعددة تحت سقف الوطن و
مصالحه العليا.
إن ذكرى 17 نيسان و تحقيق الاستقلال هي استحضار للتاريخ و استلهام
لدروسه لا سيّما في هذه الفترة العصيبة من تاريخه و هو يخوض معركة
التحرر الثانية من الإستبداد و أحتلال المدن و الارياف و يناضل من أجل
حريته و كرامته وإقامة دولة المواطنة و المساواة دون تمييز أمام القانون.
لقد كان 17 نيسان حداً فاصلاً بين مرحلتي الإنتداب و التحرر و
بداية لبناء سورية دولة مدنية ديموقراطية تسودها العدالة في ظل
التعددية الفكرية و السياسية، و برغم الإنقلابات العسكرية من 1949 – 1954
التي أعاقت مسيرتها فإنها عاشت فترة عصر ذهبي للديمقراطية و الأخوة الوطنية
من 1954 – 1958، ما لبثت أن خضعت مرة أخرى الى الحكم البوليسي و
الإنقلابات العسكرية المتتالية و التي كان أسوءها و اخطرها إنقلاب 16 تشرين
الثاني 1970 الذي قاده حافظ أسد، و ما آل إليه من حكم إستبدادي و بناء
مؤسسات عسكرية و أمنية لدعم إستمراره مستغلاً الطائفية السياسية البغيضة، و
عاث فساداً و قتلاً و تدميراً و أرتكب مجازراً عديدة ذهب ضحيتها أكثر من
100 ألف شهيد و 25 الف مفقود و عشرات ألوف المعتقلين و مئات ألوف المنفيين،
و هذا البناء المؤسساتي سهّل فيما بعد تحول الجمهورية الى وراثية.
و في مناخ الربيع العربي الذي أسقط بعضا من الدكتاتوريات هبّ
الشعب السوري مطالباً بحريته و كرامته و حقه في إقامة نظام ديموقراطي و
دولة مدنية، فقوبل بالاتهام تارةً بتنفيذ مؤامرة و بالتخوين و أخرى
بإثارة الطائفية و الأرهاب، لتبرير القتل و البطش و التدمير و أستمرار
التسلط.
إن تصرفات النظام و جهله و خطئه في تقدير الموقف قاده الى رفض الأصلاح
و التغيير مبرهناً أنه غير قابل للإصلاح و لا يوجد لديه النية و الإرادة
و أدت سياسته الحمقاء لإتباع الحل الأمني الى رفع سقف مطالب الشعب
باسقاطه و تحرير البلاد و العباد، و أفرزت الجيش الحر و إزدادت الأمور
تعقيداً.
إن رفع المتظاهرين علم الأستقلال ليس صدفة و إنما هي حالة رمزية
بالعودة الى الكفاح من أجل التحرر الذي تحقق في 17 نيسان، و هذا يتطلب
إتباع نهج قادة الإستقلال و الرعيل الأول بالحرص على الوحدة الوطنية و
تعزيزها و الأستمرار بالكفاح السلمي و عدم الوقوع في أفخاخ النظام و سعيه
لتفكيك اللحمة الوطنية. إن الأستمرار بالتظاهر و العصيان المدني و الإعتماد
على الله أولاً ثمّ الذات هي عوامل النصر الحقيقية على الإستبداد و
للإنتزاع الحرية و تحقيق الديموقراطية.
الرحمة للشهداء و الشفاء العاجل للجرحى و الحرية للمفقودين و المعتقلين.
الحركة السورية للديموقراطية و العدالة