بادئ ذي بدء، كما قالت العرب، شكرا لمجلس الأمن بعموم فروعه ودوله الكبرى
والمتوسطة، لأنه توافق بعد عام حول الموت في سوريا. وشكرا لدمشق أنها خفضت
عدد القتلى اليوميين إلى الخمس. وإنما نشكر لعل ينقص، في هذه الحال، عدد
الضحايا إلى الصفر، ويتذكر الجيش العربي السوري أن حمص وحماه وإدلب
وأريافها، أجزاء من بلده وشعبه وأهله.
لا نفع من التساؤل.. فلا ميتا يحيي ولا مدينة يبني ولا ألما يزيل ولا
لوعة يخفف. لكن من طبائع البشر أنهم في الكوارث يتساءلون: ماذا لو أن
النظام السوري تدارك حادثة أطفال درعا، فأصغى إليهم بدل أن يقتلع أظافرهم؟
وماذا لو ترك علي فرزات يرسم بدل أن يحيل الكاريكاتير على الشبيحة؟ وماذا
لو أقدم الرئيس السوري على إعلان الإصلاح فورا بدل أن يمضي ساعة في شرح
فوائد «السرعة لا التسرع» وكأن تلبية مطالب عمرها نصف قرن تسرع أحمق وسرعة
هوجاء؟
انظروا أين نحن بعد عام من الكلام عن السيادة ورفض التدخل الخارجي
والمؤامرة الكونية وإزالة أوروبا عن الخارطة: نوعان من المراقبين الدوليين؛
النوع الأول بين الدولة والعدو الإسرائيلي في الجولان، والنوع الثاني بين
الدولة والناس، في شوارع المدن والأرياف. «مراقبون» دوليون بعد المراقبين
العرب، ولكن «من دول موضوعية» كما تمنى واشتهى واشترط وزير الخارجية السوري
وصاحب مبدأ تعديل خريطة العالم وإزالة القارة الأوروبية.
مراقبون دوليون وسفارات العالم مغلقة، بما فيها اليابان. وروسيا نفسها
توافق على قرار دولي للفصل بين النظام والعصابات المسلحة التي دفعت حتى
الآن عشرة آلاف قتيل وآلاف الجرحى والمعتقلين والنازحين. أي سيادة هي تلك
التي تقبل مشهد المخيمات والنزوح إلى جميع بلدان الجوار؟ أي كرامة وطنية مع
سقوط عشرة آلاف إنسان بينهم نساء وأطفال؟ أي عبث سياسي ووطني هذه المكابرة
التي تجر خلفها أنهار الدماء منذ اللحظة الأولى؟
تسلح النظام السوري بأن المنطقة كلها سوف تشتعل إذا استمرت المؤامرة
عليه.. ماذا ينفعه إذا خربت المنطقة كلها.. إذا كانت سوريا أيضا سوف تخرب؟
كم كان أفضل لسوريا أن يتمعن النظام في مطالب أهلها، وطلب المتآمرين: وقف
العنف والدخول في حوار حقيقي مع الناس وإزالة آثار التكبر والغطرسة من
الدستور والسلطة؟ ماذا لو عزلت الدولة رمزا أو رمزين من رموز العنف والقمع
وسوء السمعة؟ ماذا لو حل خطاب الالتقاء محل خطب التبرير؟ ماذا لو قبلت
النصيحة بدل تكرار الذريعة؟
هل هذا أفضل الآن؟ مراقبون دوليون وسط الركام الداخلي ومراقبون آخرون في
الجولان؟ أليست الكلمة الطيبة أجمل من الدبابات، والإصغاء إلى الناس أجدى
من الإصغاء إلى عويل الأطفال والأمهات؟
سمير عطا الله
والمتوسطة، لأنه توافق بعد عام حول الموت في سوريا. وشكرا لدمشق أنها خفضت
عدد القتلى اليوميين إلى الخمس. وإنما نشكر لعل ينقص، في هذه الحال، عدد
الضحايا إلى الصفر، ويتذكر الجيش العربي السوري أن حمص وحماه وإدلب
وأريافها، أجزاء من بلده وشعبه وأهله.
لا نفع من التساؤل.. فلا ميتا يحيي ولا مدينة يبني ولا ألما يزيل ولا
لوعة يخفف. لكن من طبائع البشر أنهم في الكوارث يتساءلون: ماذا لو أن
النظام السوري تدارك حادثة أطفال درعا، فأصغى إليهم بدل أن يقتلع أظافرهم؟
وماذا لو ترك علي فرزات يرسم بدل أن يحيل الكاريكاتير على الشبيحة؟ وماذا
لو أقدم الرئيس السوري على إعلان الإصلاح فورا بدل أن يمضي ساعة في شرح
فوائد «السرعة لا التسرع» وكأن تلبية مطالب عمرها نصف قرن تسرع أحمق وسرعة
هوجاء؟
انظروا أين نحن بعد عام من الكلام عن السيادة ورفض التدخل الخارجي
والمؤامرة الكونية وإزالة أوروبا عن الخارطة: نوعان من المراقبين الدوليين؛
النوع الأول بين الدولة والعدو الإسرائيلي في الجولان، والنوع الثاني بين
الدولة والناس، في شوارع المدن والأرياف. «مراقبون» دوليون بعد المراقبين
العرب، ولكن «من دول موضوعية» كما تمنى واشتهى واشترط وزير الخارجية السوري
وصاحب مبدأ تعديل خريطة العالم وإزالة القارة الأوروبية.
مراقبون دوليون وسفارات العالم مغلقة، بما فيها اليابان. وروسيا نفسها
توافق على قرار دولي للفصل بين النظام والعصابات المسلحة التي دفعت حتى
الآن عشرة آلاف قتيل وآلاف الجرحى والمعتقلين والنازحين. أي سيادة هي تلك
التي تقبل مشهد المخيمات والنزوح إلى جميع بلدان الجوار؟ أي كرامة وطنية مع
سقوط عشرة آلاف إنسان بينهم نساء وأطفال؟ أي عبث سياسي ووطني هذه المكابرة
التي تجر خلفها أنهار الدماء منذ اللحظة الأولى؟
تسلح النظام السوري بأن المنطقة كلها سوف تشتعل إذا استمرت المؤامرة
عليه.. ماذا ينفعه إذا خربت المنطقة كلها.. إذا كانت سوريا أيضا سوف تخرب؟
كم كان أفضل لسوريا أن يتمعن النظام في مطالب أهلها، وطلب المتآمرين: وقف
العنف والدخول في حوار حقيقي مع الناس وإزالة آثار التكبر والغطرسة من
الدستور والسلطة؟ ماذا لو عزلت الدولة رمزا أو رمزين من رموز العنف والقمع
وسوء السمعة؟ ماذا لو حل خطاب الالتقاء محل خطب التبرير؟ ماذا لو قبلت
النصيحة بدل تكرار الذريعة؟
هل هذا أفضل الآن؟ مراقبون دوليون وسط الركام الداخلي ومراقبون آخرون في
الجولان؟ أليست الكلمة الطيبة أجمل من الدبابات، والإصغاء إلى الناس أجدى
من الإصغاء إلى عويل الأطفال والأمهات؟
سمير عطا الله