مع خارجية النظام الأسدي الحق كله وهي تعلن بالأمس أن طاغية دمشق لن يسحب
قواته من المدن وفق مهلة المبعوث الأممي كوفي أنان في العاشر من أبريل
(نيسان) الحالي، وأن عملية سحب القوات من أساسها هي «تفسير خاطئ»، كما قال
بيان خارجية الأسد.
وعندما نقول إن مع نظام الأسد الحق وهو يقول إن العالم قد فهمه خطأً
فلسبب بسيط، هو أن مجرد تصديق أن النظام الأسدي يقبل بمهمة أنان كان خطأً
فادحا، بل وعبثا؛ فالمجتمع الدولي يعي تماما أن نظام الأسد لم يفِ يوما
بوعدٍ قطعه، بل لو كان نظام الأسد مقترضا لما وجد بنكا يقدم له سلفة؛
فالأنظمة مثل الأفراد سجلٌّ من مواقف وسمعة، والنظام الأسدي سمعته هي
التلاعب، والتحايل؛ لذا فمن حق النظام الأسدي أن يقول إن العالم قد فهمه
خطأ؛ لأنه من الأساس يتلاعب بالجميع، وكان يفترض أن الكل يعرف ذلك!
والطريف أن السيد أنان يقول إنه «مصدوم» من مستوى العنف بسوريا،
والحقيقة لا يدري المرء ماذا يقول، فإذا كان أنان «مصدوما» فماذا يقول
السوريون الذين يُقتلون يوميا بدم بارد على يد قوات الأسد؟ بل المحير هو أن
المجتمع الدولي يلوذ بالصمت انتظارا لانتهاء مهلة أنان، بينما القوات
الأسدية تواصل ارتكاب المجازر، والتطهير العرقي بحمص، مما يجعل المرء
يتساءل: أوَليس لهذه الدماء قيمة؟ ومن سيتحمل عواقب تلك الجرائم، طوال عام
كامل من عمر الثورة السورية؟ من سيعاقب الأسد على جرائمه؟ لذا، فلا يمكن
القول فقط إن المجتمع الدولي لم يفهم الأسد خطأ وحسب، بل إن المجتمع الدولي
تواطأ معه حين منحه المهلة تلو الأخرى ليقوم بارتكاب المجازر ضد السوريين.
فالحقائق والوقائع كلها تقول: إن الأسد، وآلة قتله، لا يفهمان إلا لغة
القوة فقط، وليس اللغة الدبلوماسية والقوانين الدولية، وأي محاولة لإيقاف
جرائم هذا النظام بالمبادرات الدبلوماسية، على غرار مبادرة أنان أو خلافه،
فإنها بكل تأكيد «تفسير خاطئ» لطبيعة نظام طاغية دمشق، الذي باع واشترى
بالمجتمع الدولي باسم مبادرة أنان التي يقول اليوم إنه لن ينفذها، وإنه قد
تم فهمه خطأ من الأساس؛ فالأسد يفعل ما يفعله لأنه لا يرى تحركات حقيقية
ضده على الأرض؛ فكل ما يراه تهديدات لا تسمن ولا تغني من جوع، سواء من
تركيا، أو الصمت المطبق من قبل أوباما الذي لا يكترث هذه الأيام إلا بأعداد
الأصوات الانتخابية، وليس أعداد القتلى السوريين على يد نظام الأسد، الذين
تجاوزوا العشرة آلاف قتيل للآن.
وعليه، فمع خارجية الأسد الحق كله حين تقول إن الاعتقاد بسحب قواتها ما
هو إلا «تفسير خاطئ»؛ لأن افتراض حسن النوايا بالنظام الأسدي كان خطأ من
الأساس؛ فالأسد ونظامه لا يفهمان إلا لغة القوة، واستخدامها اليوم بات أمرا
واجبا، ليس لإسقاطه وحسب، بل لحقن الدماء السورية، وعدا عن ذلك فإن كل ما
يُفعل هو إضاعة وقت وعجز وتواطؤ مع مجرم دمشق.
طارق الحميد
قواته من المدن وفق مهلة المبعوث الأممي كوفي أنان في العاشر من أبريل
(نيسان) الحالي، وأن عملية سحب القوات من أساسها هي «تفسير خاطئ»، كما قال
بيان خارجية الأسد.
وعندما نقول إن مع نظام الأسد الحق وهو يقول إن العالم قد فهمه خطأً
فلسبب بسيط، هو أن مجرد تصديق أن النظام الأسدي يقبل بمهمة أنان كان خطأً
فادحا، بل وعبثا؛ فالمجتمع الدولي يعي تماما أن نظام الأسد لم يفِ يوما
بوعدٍ قطعه، بل لو كان نظام الأسد مقترضا لما وجد بنكا يقدم له سلفة؛
فالأنظمة مثل الأفراد سجلٌّ من مواقف وسمعة، والنظام الأسدي سمعته هي
التلاعب، والتحايل؛ لذا فمن حق النظام الأسدي أن يقول إن العالم قد فهمه
خطأ؛ لأنه من الأساس يتلاعب بالجميع، وكان يفترض أن الكل يعرف ذلك!
والطريف أن السيد أنان يقول إنه «مصدوم» من مستوى العنف بسوريا،
والحقيقة لا يدري المرء ماذا يقول، فإذا كان أنان «مصدوما» فماذا يقول
السوريون الذين يُقتلون يوميا بدم بارد على يد قوات الأسد؟ بل المحير هو أن
المجتمع الدولي يلوذ بالصمت انتظارا لانتهاء مهلة أنان، بينما القوات
الأسدية تواصل ارتكاب المجازر، والتطهير العرقي بحمص، مما يجعل المرء
يتساءل: أوَليس لهذه الدماء قيمة؟ ومن سيتحمل عواقب تلك الجرائم، طوال عام
كامل من عمر الثورة السورية؟ من سيعاقب الأسد على جرائمه؟ لذا، فلا يمكن
القول فقط إن المجتمع الدولي لم يفهم الأسد خطأ وحسب، بل إن المجتمع الدولي
تواطأ معه حين منحه المهلة تلو الأخرى ليقوم بارتكاب المجازر ضد السوريين.
فالحقائق والوقائع كلها تقول: إن الأسد، وآلة قتله، لا يفهمان إلا لغة
القوة فقط، وليس اللغة الدبلوماسية والقوانين الدولية، وأي محاولة لإيقاف
جرائم هذا النظام بالمبادرات الدبلوماسية، على غرار مبادرة أنان أو خلافه،
فإنها بكل تأكيد «تفسير خاطئ» لطبيعة نظام طاغية دمشق، الذي باع واشترى
بالمجتمع الدولي باسم مبادرة أنان التي يقول اليوم إنه لن ينفذها، وإنه قد
تم فهمه خطأ من الأساس؛ فالأسد يفعل ما يفعله لأنه لا يرى تحركات حقيقية
ضده على الأرض؛ فكل ما يراه تهديدات لا تسمن ولا تغني من جوع، سواء من
تركيا، أو الصمت المطبق من قبل أوباما الذي لا يكترث هذه الأيام إلا بأعداد
الأصوات الانتخابية، وليس أعداد القتلى السوريين على يد نظام الأسد، الذين
تجاوزوا العشرة آلاف قتيل للآن.
وعليه، فمع خارجية الأسد الحق كله حين تقول إن الاعتقاد بسحب قواتها ما
هو إلا «تفسير خاطئ»؛ لأن افتراض حسن النوايا بالنظام الأسدي كان خطأ من
الأساس؛ فالأسد ونظامه لا يفهمان إلا لغة القوة، واستخدامها اليوم بات أمرا
واجبا، ليس لإسقاطه وحسب، بل لحقن الدماء السورية، وعدا عن ذلك فإن كل ما
يُفعل هو إضاعة وقت وعجز وتواطؤ مع مجرم دمشق.
طارق الحميد