هل يفكر الرئيس السوري الدكتور بشار الأسد في مخرج سياسي من الأزمة
الحالية؟.. طرحت هذا السؤال على سياسي عربي، قابله مؤخرا، ويعرفه جيدا عن
قرب.
الصورة كما رسمها وحددها السياسي العربي كانت على النحو التالي: «الرجل
(أي الرئيس بشار) يرى أن ما يحدث في سوريا مؤامرة متكاملة الأركان ضد
البلاد وضد نظام الحكم».. كما أنه «يضيف أن سوريا تدفع فاتورة عمليات ثأر
إقليمية، أهمها حالة الاستنفار والعقاب السياسي التي تقوم بها الولايات
المتحدة والاتحاد الأوروبي وإسرائيل ضد إيران، وأن محاولات إضعاف النظام
السوري هي ركن رئيسي في مشروع إضعاف إيران وتغيير المعادلات الإقليمية».
ويضيف السياسي العربي أن «الدكتور بشار يؤمن إيمانا راسخا بأن كل العرب
الذين أدانوا نظامه هم شركاء في مؤامرة كبيرة ضده، وأنه لا يفهم أسباب
وقوفهم مع المعارضة ومع الشارع السوري المتظاهر»!!
بالطبع كلام الرئيس السوري يعكس حالة خطيرة من الخلل الشديد في الإدراك
السياسي، وهو يوضح حالة مخيفة من التفسير السياسي للأحداث. وكنت أتمنى أن
يكون تفسير الرئيس بشار أن النظام قرر أن يواجه حركة الشارع بالعنف إلى آخر
مدى وحتى آخر جندي وآخر مواطن!
وعلى الرغم من سلطوية هذا التفسير، فإنه التفسير المنطقي الملائم لحكم
استبدادي، لكن المثير للخوف والجدل هو أن القراءة الحقيقية للرئيس بشار،
حتى وهو جالس في غرفة مغلقة بعيدا عن وسائل الإعلام، هي أن كل ما يحدث هو
«مؤامرة متكاملة الأركان».
خطأ الغير، ومؤامرة الغير، ومسؤولية الغير، تفسيرات أدت بموسوليني إلى
القتل على يد الجماهير، وأودت بهتلر إلى الانتحار، وبصدام حسين إلى الشنق،
ومعمر القذافي إلى القتل الشنيع، وأدت إلى فقدان المئات من الحكام على مر
التاريخ عروشهم ومناصبهم بأكبر تكلفة ممكنة!
هذا التصور، وهذه المعلومات إن صحت، فإنهما يؤشران إلى أن الاحتمال
الضعيف بأن يتخلى الدكتور بشار عن السلطة طواعية، أو أن يقبل أي تسوية
سياسية، أو أن يقبل العروض المقدمة له باللجوء السياسي الطوعي خارج البلاد،
أصبح شبه مستحيل!
فاتورة ذهاب هذا النظام غالية إلى أقصى حد، وسوف يدفعها الشعب السوري من اقتصاده، وجيشه، وأمنه، ومواطنيه الأبرياء العزل.
عماد الدين أديب