«قل لي من أصدقاؤك أقل لك من أنت».. هكذا تقول الحكمة القديمة المعروفة،
واسترجعت المعنى العميق والبليغ لهذه الكلمة وأنا أتأمل في مواقف الدول
الداعمة لنظام بشار الأسد (ولا أقول الداعمة لسوريا وشعبها أبدا)، وأيقنت
بالتالي حقيقة المعنى وبلاغته.
فاليوم «المواقف المعلنة» والمبررات المعطاة لدعم بشار الأسد ونظامه القمعي فيها من التناقضات ما يسبب الاستغراب والسخرية بوضوح.
فالعراق على لسان رئيس وزرائه، نوري المالكي، يتخذ موقفا رافضا لتغيير
النظام وإسقاط الأسد، وضد أي تدخل خارجي لتحقيق ذلك، وهو شخصيا نتاج صارخ
وفاضح لتدخل أميركي لم يكن لنظام الطاغية صدام حسين أن يزول ويأتي هو للحكم
إلا بالتدخل العسكري الأميركي، فكيف من الممكن الاقتناع بوجاهة موقفه علما
بأن نوري المالكي، إلى وقت قريب جدا، كان يتهم النظام السوري بأنه بوابة
الإرهاب في العراق وقناة العبور لكل المجموعات المتطرفة التي تعيث في بلاده
قتلا ودمارا، وقدم بذلك شكوى رسمية ضده، موجودة حتى الآن في الأمم
المتحدة!
وهناك الموقف الروسي الذي يجيء من دولة اختارت بصورة متواصلة دعم الطغاة
وأنظمتهم وتزويدهم بالسلاح والعتاد والاستخبارات، بغض النظر عن مصالح
ومطالب الشعوب، وهي نفسها تطبق «وسيلة» الديمقراطية لترسيخ الطغيان بشكل
حضاري عن طريق لعبة كراسي موسيقية يتم تبادل السلطة بين رئيس وزراء ورئيس
جمهورية تابع له، في تحايل واضح على الدستور وعلى الناخب وعلى العالم، ولا
ريب إذن أن «تنصح» بشار الأسد بأن يتبع ذات الشيء بالتحاور السياسي مع
خصومه فيقدم لهم الاستفتاء وتعديل الدستور والانتخابات لإشغالهم بالوسائل
التي «تضمن» له البقاء وبالتالي الاستمرار في نفس نهج الطغيان والقمع الذي
لم يعرف سواه.
وهناك الصين هي أيضا دولة الحزب الواحد المركزي المسيطر والمهيمن
والقامع للحريات والأقليات شاغل الناس بالمكاسب الاقتصادية عن حرياتهم
وحقوقهم، لن تكون قادرة على استيعاب معنى حماية الأقليات ومطالب الحرية ولا
مطالب الكرامة ولا الخلاص من طغيان حكم الحزب الواحد المستبد والعائلة
الواحدة القمعية.
وهناك إيران التي تطبق عمليا وحرفيا خطابا ثوريا مزدوجا، «تبارك» ثورات
و«تبارك» حكم طغاة مستبدين، فتقرر ما هي الثورة وفي أي بلد من جهة، وبعين
طائفية تقرر أن ثورة على استبداد وقتل وطغيان ما هي إلا «فتنة»، فكيف من
الممكن أخذ موقف كهذا بأي محمل من الجدارة والمصداقية والجدية؟
ويتبع إيران فورا موقف واجهة لبنان اليوم السياسية، حركة حزب الله التي
تتبع ولاية الفقيه في إيران مباشرة، بحسب تصريحات أمينها العام بنفسه، حسن
نصر الله، الذي يوضح أهمية وضرورة الدفاع، بكل الوسائل وحتى الرمق الأخير،
ومهما كانت الأثمان والتكلفة، عن «نظام الممانعة والمقاومة الوحيد بالمنطقة
العربية اليوم»، وهو ادعاء لا أعتقد أن النظام السوري نفسه يصدقه في ظل
سلام وأمن وسكينة واطمئنان وهدوء دام لأكثر من أربعة عقود مع حدوده
المواجهة لإسرائيل لم تعبر فيه «ذبابة» لا «دبابة»!
هذه النوعية من المواقف والدول التي تدعم بشار الأسد، ويضاف لها الخوف
والقلق الإسرائيلي المفهوم في حالة سقوط هذا النظام الذي ضمن أمان الحدود
معها ودخولها من بعده في مجهول عميق، توضح من بعد ذلك تعليق المندوب الأممي
وجامعة الدول العربية المشترك، كوفي أنان، وهو يدلي بشهادته عن الوضع في
سوريا للدول الأعضاء في مجلس الأمن مؤخرا عبر الشاشة التلفزيونية، وقال
جملة هي بيت القصيد بلا أدنى شك، فالرجل قال: «علينا أن نأخذ في الاعتبار
الصفة (الخاصة) للأزمة السورية»، وهو لم يوضح أو يفسر أو يشرح أو يسهب في
ما يقصد بكلمة «الخاصة» في ذلك الأمر!
ولا توجد خصوصية سوى «حماية» أمن إسرائيل أولا وأخيرا لضمان عدم حدوث
فوضى وتدهور في الوضع بعد رحيل النظام، ولكن الثورة في سوريا تدفع يوميا
ثمنا باهظا من دماء أبنائها، وكل يوم يمضي يزداد تعاطف العالم معها وتضعف
حجج مؤيدي بشار الأسد، والمهلة الممنوحة حتى العاشر من أبريل (نيسان) ستمضي
كـ«كذبة أبريل» جديدة أخرى ولا حل يرضي الثورة إلا برحيل النظام الذي أذاق
شعب سوريا سنوات طويلة من الذل والمهانة والقتل والقمع.
الإجرام الذي مورس من بشار الأسد ووالده في سوريا لم يصلنا منه إلا
القليل، وكل من يقف معه هو مشارك في هذه الجريمة القذرة. الثورة السورية لن
تهزم.. هذه هي الحقيقة الوحيدة مهما طالت الثورة ومهما تكالب عليها
المجرمون.
واسترجعت المعنى العميق والبليغ لهذه الكلمة وأنا أتأمل في مواقف الدول
الداعمة لنظام بشار الأسد (ولا أقول الداعمة لسوريا وشعبها أبدا)، وأيقنت
بالتالي حقيقة المعنى وبلاغته.
فاليوم «المواقف المعلنة» والمبررات المعطاة لدعم بشار الأسد ونظامه القمعي فيها من التناقضات ما يسبب الاستغراب والسخرية بوضوح.
فالعراق على لسان رئيس وزرائه، نوري المالكي، يتخذ موقفا رافضا لتغيير
النظام وإسقاط الأسد، وضد أي تدخل خارجي لتحقيق ذلك، وهو شخصيا نتاج صارخ
وفاضح لتدخل أميركي لم يكن لنظام الطاغية صدام حسين أن يزول ويأتي هو للحكم
إلا بالتدخل العسكري الأميركي، فكيف من الممكن الاقتناع بوجاهة موقفه علما
بأن نوري المالكي، إلى وقت قريب جدا، كان يتهم النظام السوري بأنه بوابة
الإرهاب في العراق وقناة العبور لكل المجموعات المتطرفة التي تعيث في بلاده
قتلا ودمارا، وقدم بذلك شكوى رسمية ضده، موجودة حتى الآن في الأمم
المتحدة!
وهناك الموقف الروسي الذي يجيء من دولة اختارت بصورة متواصلة دعم الطغاة
وأنظمتهم وتزويدهم بالسلاح والعتاد والاستخبارات، بغض النظر عن مصالح
ومطالب الشعوب، وهي نفسها تطبق «وسيلة» الديمقراطية لترسيخ الطغيان بشكل
حضاري عن طريق لعبة كراسي موسيقية يتم تبادل السلطة بين رئيس وزراء ورئيس
جمهورية تابع له، في تحايل واضح على الدستور وعلى الناخب وعلى العالم، ولا
ريب إذن أن «تنصح» بشار الأسد بأن يتبع ذات الشيء بالتحاور السياسي مع
خصومه فيقدم لهم الاستفتاء وتعديل الدستور والانتخابات لإشغالهم بالوسائل
التي «تضمن» له البقاء وبالتالي الاستمرار في نفس نهج الطغيان والقمع الذي
لم يعرف سواه.
وهناك الصين هي أيضا دولة الحزب الواحد المركزي المسيطر والمهيمن
والقامع للحريات والأقليات شاغل الناس بالمكاسب الاقتصادية عن حرياتهم
وحقوقهم، لن تكون قادرة على استيعاب معنى حماية الأقليات ومطالب الحرية ولا
مطالب الكرامة ولا الخلاص من طغيان حكم الحزب الواحد المستبد والعائلة
الواحدة القمعية.
وهناك إيران التي تطبق عمليا وحرفيا خطابا ثوريا مزدوجا، «تبارك» ثورات
و«تبارك» حكم طغاة مستبدين، فتقرر ما هي الثورة وفي أي بلد من جهة، وبعين
طائفية تقرر أن ثورة على استبداد وقتل وطغيان ما هي إلا «فتنة»، فكيف من
الممكن أخذ موقف كهذا بأي محمل من الجدارة والمصداقية والجدية؟
ويتبع إيران فورا موقف واجهة لبنان اليوم السياسية، حركة حزب الله التي
تتبع ولاية الفقيه في إيران مباشرة، بحسب تصريحات أمينها العام بنفسه، حسن
نصر الله، الذي يوضح أهمية وضرورة الدفاع، بكل الوسائل وحتى الرمق الأخير،
ومهما كانت الأثمان والتكلفة، عن «نظام الممانعة والمقاومة الوحيد بالمنطقة
العربية اليوم»، وهو ادعاء لا أعتقد أن النظام السوري نفسه يصدقه في ظل
سلام وأمن وسكينة واطمئنان وهدوء دام لأكثر من أربعة عقود مع حدوده
المواجهة لإسرائيل لم تعبر فيه «ذبابة» لا «دبابة»!
هذه النوعية من المواقف والدول التي تدعم بشار الأسد، ويضاف لها الخوف
والقلق الإسرائيلي المفهوم في حالة سقوط هذا النظام الذي ضمن أمان الحدود
معها ودخولها من بعده في مجهول عميق، توضح من بعد ذلك تعليق المندوب الأممي
وجامعة الدول العربية المشترك، كوفي أنان، وهو يدلي بشهادته عن الوضع في
سوريا للدول الأعضاء في مجلس الأمن مؤخرا عبر الشاشة التلفزيونية، وقال
جملة هي بيت القصيد بلا أدنى شك، فالرجل قال: «علينا أن نأخذ في الاعتبار
الصفة (الخاصة) للأزمة السورية»، وهو لم يوضح أو يفسر أو يشرح أو يسهب في
ما يقصد بكلمة «الخاصة» في ذلك الأمر!
ولا توجد خصوصية سوى «حماية» أمن إسرائيل أولا وأخيرا لضمان عدم حدوث
فوضى وتدهور في الوضع بعد رحيل النظام، ولكن الثورة في سوريا تدفع يوميا
ثمنا باهظا من دماء أبنائها، وكل يوم يمضي يزداد تعاطف العالم معها وتضعف
حجج مؤيدي بشار الأسد، والمهلة الممنوحة حتى العاشر من أبريل (نيسان) ستمضي
كـ«كذبة أبريل» جديدة أخرى ولا حل يرضي الثورة إلا برحيل النظام الذي أذاق
شعب سوريا سنوات طويلة من الذل والمهانة والقتل والقمع.
الإجرام الذي مورس من بشار الأسد ووالده في سوريا لم يصلنا منه إلا
القليل، وكل من يقف معه هو مشارك في هذه الجريمة القذرة. الثورة السورية لن
تهزم.. هذه هي الحقيقة الوحيدة مهما طالت الثورة ومهما تكالب عليها
المجرمون.