بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله حمدا دوما أبدا والصلاة
والسلام على نبينا محمدا أرنا الهدى بعد العمى فقلوبنا مُوقِينَات انه علم الهدى ومن
يهدي الله فهو المهتدي ومن يضلل فانا له الهدى وبعد موضعي هو(حكم الإسلام في الدم
حياة لكل الأمم) قال تعالى:{ وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا
أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فقد أَخْبَرَ الله تعالى أَنَّ قصاص النفس بالنفس فِيهِ حَيَاةٌ الامم؛فَإِنَّهُ
إِذَا عَلِمَ مَنْ يُرِيدُ الْقَتْلَ أَنَّهُ يُقْتَلُ كَفَّ عَنْ الْقَتْلِ
وَأَيْضًا فانه يَحْقِنُ دَمَ غَيْرِ الْقَاتِلِ قال تعالى{أَنَّهُ
مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ
النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}ومعنى قوله تعالى{فكأنما قتل الناس جميعا}أي
من حيث انه هتك حرمة الدماء وسن القتل وجرأ
الناس على القتل وأن من قتل نفسا فيلزمه القصاص ومن ترك ذلك فكأنما قتل الناس جميعا
وَأَكْثَرُ سَبَبِ الفساد الْوَاقِعَ بَيْنَ النَّاسِ فِي الْعالم هوَ تَرْكُ الْقصاص
النفس بالنفس وقوله تعالى{وَمَنْ أَحْيَاهَا}أي من منع وحال دون قتل هذه النفس التي لم تستحق القتل بعفو
أو منع عن القتل أو استنقاذ من بعض أسباب الهلكة فقد صار سبباً في إحيائها وبقاء حياتها
ومن فعل ذلك فكأنما فعل ذلك بالناس جميعا قال ابن رجب الحنبلي في هذه الايه :(يدلُّ على أنَّه
إنَّما يُباحُ قتل النفس بشيئين : أحدهما : بالنفس والثاني : بالفساد في الأرض ، ويدخل
في الفساد في الأرض : الحرابه والرِّدَّة ولو أتى بالشهادتين ، فلو سبَّ الله أو رسوله
وهو مقرٌّ بالشهادتين،أُبيح دمُه ؛ لأنَّه قد ترك بذلك دينه،وزنا المحصن فإنَّ ذلك
كلَّه فساد في الأرض وكذلك قطعُ الطَّريق بمجرَّده يبيحُ القتلَ لأنَّه مظِنَّةٌ لسفك
الدِّماء المحرَّمة وقد صحَّ عن النَّبيّ الأمر بقتال الخوارج وقتلهم قالُ مالكٍ وطائفة
من أصحابنا :إنَّما يُقتلون لفسادهم في الأرض بسفكِ دماءِ المسلمين وتكفيرهم لهم
فقد روي من وجوه متعددة أنَّ النَّبيَّrأمر بقتل رجلٍ كان يُصلي فقال رجل يا نبي الله كيف اقتل رجلا
ساجدا يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فقال النبيr:((لو قتل لكان أوَّلَ فتنةٍ وآخرها)صححه الألباني في الصحيحة وقال في رواية عن النبي rقال:(أيكم يقوم إلى هذا فيقتله؟ قال علي : أنا فقال النبيr:(أنت له
إن أدركته فذهب علي فلم يجده فرجع فقال رسول اللهr:(أقتلت الرجل؟قال:لم أدر أين سلك من الأرض فقال النبيr:(إن هذا أول قرن خرج من أمتي لو قتلته
ما اختلف من أمتي اثنان) وورد
بلفظ آخر في آخره:(فاقتلوهم هم شر البرية) وإسناده حسن وفي رواية (فإنه من
ضئضيء هذا قوم يخرجون في آخر الزمان يقتلون أهل الإسلام ويتركون أهل الأوثان لئن أدركتهم
لأقتلنهم قتل عاد)صحيح
ظلال الجنة وقال كثيرٌ من العلماء
يجوز قتل المنافقين إذا استخفَوا ودعوا
إلى البدع التي تخرج عَنِ الدِّين لتَغَلَّظ جرمُهم بإفساد دين الأمة قال الله
تعالى عنهم (مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلا}فإن استخفوا بذلك ولم يَدْعُ غيرَهم لم يقتلوا)انتهى
كلامه بتصرف والإسلام لما
أمر بقتل هؤلاء رحمة للعالمين لان قتلهم يكف طغيانهم عن الناس أجمعين ولذلك
لما قتل الخضر الغلام إنما قتله رحمه
لأبويه من طغيانه قال تعالى {فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما} أي ليبدلهما بأخير و أرحم من الأول الذي قتله الخضر قال
النبيr (الغلام
الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو أدرك لا رهق أبويه طغيانا وكفرا)قال الأرنؤوط :حديث صحيح ومثل ذلك فعل نوح عليه السلام فقال:{رَبِّ
لا تَذَرْ عَلَى الأرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا
عِبَادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلا فَاجِرًا كَفَّارًا}أراد نوح بالكافرين الذين كانوا موجودين في زمانه فاستجيب دعاؤه
فعمهم الطوفان بالغرق وكذلك دعا موسى على فرعون وَمَلَئه قال تعالى(وَقَالَ
مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ
الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ
وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ)وقد استجاب الله لهذه الدعوة،التي أمَّنَ عليها أخوه هارون
فقال تعالى{قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا}وهذه الدعوات التي كانت من نوح وموسى عليهم السلام غضبًا لله
ورحمه لعباده من طغيان قومهم بعد أن تبين لهم أنهم لا يؤمنون،ولا يزدَدُون إلاطغياناًوكفرا
والنبيrلو أدرك الذين يقتلون أهل الإسلام لقتلهم رحمة للعالم من
طغيانهم مع انهrلم يقتل نفسا في حياته