هل من مصلحة العلويين إقامة دولة مستقلة لهم؟
ظهرت في الفترة الأخيرة عدد من الإشارات إلى ان بشار و بقية المجرمين السفاحين معه، ربما يحاولون سلخ إقليم الساحل و تحويله إلى دولة علوية كما كانت أيام الاستعمار الفرنسي. و ذلك بعد ان يكونوا قد أتموا تدميرهم لباقي جسد سوريا. و ربما تطلب هذه الدولة الحماية من روسيا أو حتى إسرائيل فيما بعد. حيث ان إسرائيل تسعى إلى الاعتراف بها كدولة للأقلية الدينية اليهودية في المنطقة ذات الأغلبية الإسلامية، كما ان إسرائيل ليس عندها مانع من تكرار ما فعلته في لبنان عندما أنشأت جيش لبنان الجنوبي و رعته و أمدته بالسلاح و الدعم الكامل.
و حزب الله طبعاً لن يحرك ساكناً لان المهم عنده هو الاحتفاظ بنفوذه و سطوته في لبنان، و سيجد المبررات لسادته آل الأسد عما فعلوه في سبيل حماية أنفسهم من بطش السنة أعداء الشيعة و العلويين. لا سيما و ان الحرب الطائفية اللازمة لصنع الظروف المبررة للانفصال هي ما تسعى إليه عصابة الأسد بكل الوسائل منذ بدء الانتفاضة الشعبية، و طبعاً هذا يتم بعلم و موافقة حزب الله. كما و ان الكيد لتركيا سيكون احد أهم أهداف عصابة خامنئي في إيران، و حيث ان تركيا ستكون في موقف لا تحسد عليه إذا وجد إقليم مستقل للعلويين على حدودها الجنوبية، مما سيثير قلاقل بسبب وجود الأقاليم العلوية المتاخمة له في تركيا. و هذا المأزق التركي سيكون مصدر سعادة لإسرائيل.
من هنا نرى انه توجد مكاسب لعصابة خامنئي الفاسدة في إيران، كما توجد مكاسب لإسرائيل من انسلاخ إقليم الساحل السوري و إثخان باقي الجسد السوري بالجراح.
و لكن لنوجه السؤال إلى العلويين أنفسهم، هل لهم مكاسب حقيقية لو حصل هذا السيناريو الكارثي؟
و بالطبع لا أستطيع ان أجيب بالنيابة عن العلويين، لكن ينبغي للجميع ان يتذكر الحقائق التالية:
أ- على الرغم من ان نظام آل الأسد قد أعطى لعدد من العلويين مناصب كثيرة في الجيش و الدولة، لكن هذه النسبة لا تشمل إلا جزءاً قليلاً من العلويين، و باقي العلويين يعيشون في فقر مدقع. فسرقات أل الأسد و آل مخلوف و آل شاليش، لم تكن توزع بالتساوي بين أبناء الطائفة، و ليس لدى كل علوي في سوريا سيارات و قصور فارهة و حسابات و استثمارات في الخارج. و كما يدفع آل الأسد الآن للشبيح مبلغاً زهيداً، مع ان الشبيح يضحي بكل شيء في سبيل المجرم بشار، فلن يكون آل الأسد كرماء مع أبناء طائفتهم بعدما تحصل حرب الانفصال و تتبدد معظم هذه الأموال و تضيع الاستثمارات في الخارج.
ب – على الرغم من حصول أبناء العلويين على امتيازات تعليمية كثيرة مقارنة مع عددهم، إلا ان نظام حكم الأسد القائم على الفساد لم ينجح في صنع طاقات بشرية تعمل بجد و اجتهاد و إخلاص، و إنما نجح في صنع طاقات بشرية تعيش على الرشاوى و الإتاوات، و لا تفهم الفرق بين اللقمة الحلال و اللقمة الحرام. و هذه الطاقات البشرية الفاسدة لا تعرف إلا الفساد و التطفل على أرزاق الناس. و لا ادري ما الذي سيصلح أولئك الضباط الفاسدين، و الموظفين المرتشين، و يحولهم إلى سواعد شريفة و عقليات فذة، بعدما ينتقلون للعيش في قراهم التي تركوها تعاني الفقر، و لم يبذلوا أي جهد لتطويرها أو لتحسين حالة أهلها؟
جـ - أن وسيلة بشار الأسد هي القيام بأفظع الجرائم و توريط اكبر عدد من أبناء طائفته في هذه الجرائم الفظيعة حتى يكونوا شركاء له و لا يفكرون في التمرد عليه، لأنهم سيخافون من الانتقام. فهل يظن العلويين إنهم سيحسون بالرضا و الهناء عندما يعود إليهم أبناؤهم و يعترفون لهم بما فعلوه من فظائع في حق جيرانهم؟ و هل تصلح هذه البداية الإجرامية لبناء دولة؟
د – و هل تظنون ان الناس ستسكت على المهانة و الجرائم و الفظائع، و تترك المجرمين يعيشون بسلام؟ لقد دفعت أمريكا مبالغ و مساعدات هائلة لإسرائيل، فهل تظنون أنها ستدفع مبالغ مماثلة لكم؟ و حتى لو كنتم تظنون انكم ممكن ان تحصلوا على دعم من روسيا، فهل سيصل كل واحد منكم هذا الدعم، ام سيستولي عليه المعلم بشار و اقارب المعلم و اصدقاء المعلم و لن يصلكم الا الفتات.
على العموم أنا اعلم ان الناس تحت التخويف و التهديد لا تستطيع ان تظهر طيب معدنها. و هناك من العلويين من شارك في هذه الثورة المباركة و دفعوا حياتهم في سبيل نصرة الحق. نحن لا نريد للناس إلا الخير،
نريد ان يعمل الجميع بشرف و أمانة و كرامة. نريد ان يمشى الإنسان مطمئناً على حقه، لا يخشى ضابطاً و لا عنصراً امنياً و لا صاحب واسطة. ينتخب من يحكمه و يحاسبه، و ينتقد أي شيء لا يعجبه بدون خوف أو حتى حياء من ان يأخذ حقه. و تكون المناصب على حسب القدرة و الكفاءة، و لا تكون على حسب القرابة و الصداقة و الولاء.
و عندما ينتشر العدل، تخرج الناس طاقاتها و يظهر أصحاب المواهب و الإبداعات، و يتحول الفقر إلى ثراء و غنى. و تعود سوريا تجذب العلماء و التجار و الصناع، فتكون مستقراً لهم كما كانت عبر تاريخها الطويل.
أرجو من الله العلي القدير ان يغفر و يهدي و يرحم و هو قدير و هو خير الراحمين
_____________________________________________________________
روابط المقالات:
http://www.knntv.net/details.php?id=2132
http://www.marefa.org/index.php/%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%8A%D9%8A%D9%86