نريد ضمانات لحماية الأكثرية
مجاهد مأمون ديرانية
12/3/2012
الغرب يريد ضمانات لحماية الأقليات، الاتحاد الأوربي يريد ضمانات لحماية الأقليات، وزيرة الخارجية الأميركية تريد ضمانات لحماية الأقليات، وأخيراً -وفي أثناء لقائه مع قيادة المجلس الوطني قبل أيام- شدّد وزير الخارجية التركي، داود أوغلو، شدّد على “ضرورة تطمين الأقليات” في سوريا.
السادة العباقرة مسؤولي ووزراء أميركا وأوربا وتركيا: لقد مللنا منكم ومن آرائكم ومن اقتراحاتكم ووجهات نظركم، ومللنا بشكل خاص من هذه الجملة المكرورة، فنرجو أن تعيرونا صمتكم، ونتمنى أن تحتفظوا بآرائكم ونصائحكم لأنفسكم، ونأمُل أن تتابعوا الأخبار لأنكم -فيما يبدو- لا تقرؤون الجرائد ولا تشاهدون الفضائيات. ثم إننا نحب أن نسألكم (لو كنتم تجرؤون على الجواب):
كم عائلةً علوية في سوريا ذُبح فيها الأب والأم والأطفال ذبحَ النعاج والدجاج، وكم عائلةً درزية أو إسماعيلية أو مسيحية أو يهودية أو بوذية أو هندوسية لقي أفرادها هذا المصير؟
كم اغتُصب في سوريا من نساء وفتيات علويات، وكم اغتُصب في سوريا من نساء وفتيات درزيات أو إسماعيليات أو مسيحيات أو يهوديات أو بوذيات أو هندوسيات؟
كم حياً علوياً في سوريا قُصف بالمدافع وراجمات الصواريخ وهُدمت بيوته فوق ساكنيها، وكم حياً درزياً أو إسماعيلياً أو مسيحياً أو يهودياً أو بوذياً أو هندوسياً قُصف بالمدافع والصواريخ؟
إن كنتم لا تعرفون الجواب -أيها السادة- لأنكم لا تقرؤون أخبار الحاضر فلعلكم قرأتم أخبار الماضي، فأخبرونا إذن: من أين جاء ملايين العلويين والدروز والإسماعيليين والمسيحيين الذين يعيشون اليوم في سوريا؟ أجاؤوا مع الفرنسيين يوم احتل الفرنسيون بلاد الشام؟ أم وُلدوا بعد ذلك من غير آباء ومن غير أمهات؟ هل هؤلاء في سوريا أقليات أم أكثريات؟ أمَا عاشوا الدهرَ الأطول مع المسلمين من أهل الشام في عافية وأمان؟
لو كان مسلمو سوريا بحاجة إلى دروس في “حماية الأقليات” لما عاش في سوريا هذا العدد الكبير من أبناء الأقليات، وما هم إلا أحفادُ الأجداد الذين عاشوا مع أجدادنا وأولادُ الآباء الذين عاشوا مع آبائنا، الذين كانت ديارُنا لهم دياراً وكانت بلادنا لهم البلاد.
لا يا أيها السادة، إنكم لم تفهموا المسألة ولم تحسنوا الخطاب. افتحوا أعينكم -لو كانت لكم عيون- وانظروا تَرَوا أن الذين تُقصَف أحياؤهم وتُهدّم بيوتهم على رؤوسهم، والذين يُذبَح أطفالهم وتُغتصَب بناتهم، والذين يحاصَرون ليموتوا جوعاً ويُمنَع عنهم العلاج لتفتك بهم الإصابات والأمراض، كل أولئك ليسوا من أبناء الأقليات، إنهم أبناء طائفة واحدة لو كنتم تبصرون!
أيها السادة: نحن في سوريا نريد ضمانات لحماية الأكثرية، فمن منكم يجرؤ على تقديم هذه الضمانات؟