شاهد عيان على المجزرة
تقع بلدة جسر الشغور في نهاية سـهل الغاب ، قبل أن يدخل نهر العاصي لواء اسكندرونة ، وتتوسط المسافة بين حلب وحماة واللاذقية ، ويمتاز أهلها بالمحافظة على دينهم وعاداتهم العربية الإسلامية ، وقد هبت هذه البلدة مع حماة وحلب وإدلب وحمص في آذار ( 1980 م ) ، تعلن رفضها لنظام القهروالتسلط ضد الشعب الحر الأبي.
أضربت بلدة جسر الشغور يومي السبت والأحد ، وفي يوم الاثنين ( 10/3/1980م ) خرجت مظاهرة بدأها طلاب المدرسة الثانوية ، وانضم إليهم عدد كبير من المواطنين ، فجابت الشارع الرئيسي في البلدة يهتفون شعارات تندد بالنظام الحاكم.
هاجمت المظاهرة المؤسسة الاستهلاكية رمز الجوع والحرمان في النظام الأسدي ، ثم توجه المتظاهرون إلى مكتب حزب البعث ففـر البعثيون . ( ولابد من القول أن الإخوان المسلمين كانوا غير راضين عن هذه الأفعال ، لتوقعهم الجرائم التي سيرتكبها النظام في رده على هذه المظاهرة ،ولم يشاركوا بهذه المظاهرة ، وإنما حركتها عدة تيارات من الشعب كالناصريين والشيوعيين والبعثيين القوميين .
وصلت إلى البلدة أكثر من خمس وعشرين طائرة عمودية محملة بجنود الوحدات الخاصة يقودهم العميد علي حيدر ، ويعاونه عدنان عاصي ،قائد مخابرات إدلب ، وتوفيق صالحة ،محافظ إدلب ، ولما أقلعت هذه الطائرات اتجهت شمالاً ، وكان المفروض أن تتجه جنوباً نحو العدو الصهيوني .
نزلت الطائرات حول البلدة ( في معمل السكر ، والثانوية ، وطريق حمام الشيخ عيسى ، وساحة البريد ، ومحطة القطار ... ) ، ونام أهل هذه البلدة الوديعة تلك الليلة تحت قصف طائرات الهلكوبتر ومدافع الهاون بعد أن طوقتها الوحدات الخاصة وفرضت منع التجول .
مذابح الليلة الأولى
وبدأت الوحدات الخاصة تعتقل كل من تصل يدها له وتقتله في الحال ، دون معرفة شيء عنه ، وهكذا قتلوا قرابة خمسين مواطناً مسلماً ومسيحياً وكل من وقع في يدهم خلال الليلة الأولى . كما أنهم أحرقوا قرابة ثلاثين محلاً تجارياً للمواطنين بعد أن نهبوا مافيها من البضائع ، ومنها محلات الذهب ، ومحلات الأقمشة ومحلات الأدوات الكهربائية ، ومكتبة داسوا مصاحفها ومزقوها قبل حرقها ، في الشارع الرئيسي للبلدة .
مذابح اليوم الثاني
بدلت الكتيبة الأولى بعد أن ذبحت خمسين مواطناً ، لاذنب لهم سـوى أنهم من أهالي جسر الشغور ، واستلمت كتيبة ثانية صارت تعتقل الرجال من البيوت ويجمعونهم في مراكز تمركز الوحدات الخاصة ، ثم يسومونهم أقسى أنواع التعذيب كالضرب بالكابلات الحديدية ، ويحرقون لحاهم ، ويصعقونهم بالكهرباء ...إلخ .
وكانوا يسألون الرجال المعتقلين من هم من طلاب الجامعات ، فيقتلونهم حالاً دون تحقيق معهم ، وكأن جريمتهم أنهم من طلاب الجامعات ، وقد استشهد قرابة خمسة عشر طالباً من طلاب الجامعات بعضهم من آل الشيخ ، والحلي ، وغيرهم .
وفي اليوم الثاني أو الثالث قامت الجرافات بتحميل الجثث من الشوارع ودفنوها في حفر جماعية بدون كفن أو صلاة جنازة .
حفلة الوداع قبل نقل الرجال إلى إدلب :
وبعد التحقيق المبدئي ، والتعذيب الرهيب نقلوا عدداً كبيراً من رجال جسر الشغمور الأبطال إلى إدلب ، بعد تحميلهم في السيارات مكبلة أيديهم وأرجلهم بالأسلاك الشائكة ، يضربونهم ضرباً شديداً .
وفي اليوم الثالث ذهبت الوحدات الخاصة بطائراتها العمودية إلى القرى المحيطة بجسر الشغور مثل الجانودية ، وزرزور ، والحمامة ، والشغر ، وخربة الجوز ، وبكسريا ( يقتلون أبناء هذه القرى ويعتقلون رجالها)
عدل سابقا من قبل مندس يمني في السبت مارس 10, 2012 12:44 pm عدل 1 مرات