الإكثار من الأكل والشرب الرجيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم
قال أحد العارفين:

"نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع ثلث

للطعام وثلث للشراب وثلث للتنفس ".

إن كثرة الأكل تولد ثقلا في النوم بل حتى الطاعة تقل

والخشوع يذهب لأن من أكل كثيرا شرب كثيرا فتعب

كثيرا فنام كثيرا فغفل كثيرا فخسر كثيرا .

أمرنا القرآن أن نتبع نظاماً غذائياً متوازناً فلا

نبالغ أو نسرف، يقول تعالى:

(وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)

[الأعراف: 31].

ويقول تعالى في صفات عباد الله سبحانه وتعالى:

(وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا)[الفرقان: 67].

إن الذي يتأمل آيات القرآن يلاحظ أن المولى تبارك

وتعالى يأمرنا بعدم الإسراف في كل شيء، سواء في

الطعام أو الشراب، يقول تعالى:

(وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ *

وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ

وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)

[الأنعام: 141-142].

فانظروا معي كيف ربط البيان الإلهي بين النعم التي

سخرها الله لنا من فواكه ونخيل وغير ذلك، وبين الإسراف من جهة، وبين خطوات الشيطان من جهة ثانية.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما ملأ آدمي وعاء شراً من بطن، بحسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه». رواه الترمذي .

هذا الحديث الشريف اشتمل على فوائد كثيرة:

أولاً: أن في تقليل الطعام منافع كثيرة للجسم، فمن ذلك رقة القلب، وقوة الفهم، وانكسار النفس، وضعف الهوى والغضب، وكثرة الأكل توجب ضد ذلك.

قال الشافعي: الشبع يثقل البدن ويزيل الفطنة، ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة.

ثانياً: أن كثرة الأكل تسبب أمراضاً للبدن، قال الشافعي:

ثلاث هن مهلكة الأنام وداعية الصحيح إلى السقام

دوام مدامة ودوام وطء الطعام على الطعام

ثالثاً: أن اللقيمات تكفي لحاجة الجسم فلا تسقط قوته ولا تضعف معها, فإن البطن إذا امتلأ من الطعام ضاق عن الشراب، فإذا ورد عليه الشراب ضاق عن النفس، وعرض له الكرب والتعب، بمنزلة حامل الحمل الثقيل، هذا إلى ما يلزم ذلك من فساد القلب، وكسل الجوارح عن الطاعات، وتحركها في الشهوات التي يستلزمها الشبع.

رابعاً: الحث على التقليل من الأكل, ففي الصحيحين من حديث أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم -قال: «المؤمن يأكل في معي واحد والكافر يأكلُ في سبعة أمعاء». صحيح البخاري.

روى البخاري ومسلم من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «طعامُ الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة، وطعام الأربعة يكفي الثمانية».

خامساً: أن النبي صلى الله عليه وسلم حث على التقليل من الطعام فإنه كان يفعل ذلك هو وأصحابه، وهذا في الغالب، وإن كان ذلك لعدم وجود الطعام فإن الله لا يختار لرسوله إلا أكمل الأحوال وأفضلها, روى الترمذي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: تجشأ رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «كُفَّ عنا جُشاءك، فإن أكثرهم شبعاً في الدنيا أطولهم جوعاً يوم القيامة».

سادساً: أن هذا الحديث فيه الحث على الاقتصاد، وعدم الإسراف، قال تعالى: ﴿ يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31].

سابعاً: أن هذا الحديث فيه تعويد على الصبر والتحمل والانتصار على النفس الشهوانية، ولذلك يسمى رمضان شهر الصبر.

فهذه إشارة إلى ضرورة أن يتجنب المؤمن الإسراف في أكله، وهذا ما ينادي به علماء الغرب اليوم فمن هنا

لنأخذ الرجيم الإلهي!


نسأل الله العفو والعافية.