السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمن الرحيم
جزاك الله خيرا
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى أله وصحبه وسلم
في هذا الموضوع سأبرهن للمجتمع ولمن يقول :
أن فساد الشعوب من فساد حكوماتها والعكس صحيح!؟
(كيفما تكونوا يولى عليكم- قول) و(الناس على دين ملوكها).
كان الأغلب على سليمان بن عبد الملك حب الطعام والنساء، فكان الناس في أيامه يصفون ألوان الأطعمة ويذكرون أطايبها، ويستكثرون من الحرص على أحاديث النساء، ويتساءلون عن تزوج الحرائر، والاستمتاع بالسراري، ويتجاوزون في ألباه، وكان الأغلب على عمر بن عبد العزيز حب الصلاة والصوم وكان الناس في أيامه يتلاقون فيقول الرجل لأخيه: ما وردك الليلة؟ وكم تحفظ من القرآن؟ وبكم تختمه؟ وكم صليت البارحة؟ وهل أنت صائم؟
إن الإنسان خلق على الفطرة وهي حب الخير وتحريم الظلم وحسن الأخلاق وحب العمل الصالح وهذا ما أكده القرأن الكريم عندما أشهدنا الله على أنه ربنا في عالم الذر فقال الله تعالى:وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ {172}سورة الأعراف.
إلا أن هذه الأعمال غير محببة لكل فئات المجتمع لأنه يتكون من فئات خيرة صالحه وتسمى البطانة الصالحة إذا كانت قريبة أو بعيدة عن الفئة الحاكمة وفئات شريرة عدوانية وهي ما تسمى بالبطانة السيئة وهي كثيراً ما تكون قريبة من أصحاب النفوذ وتسعى جاهدة لأن تكون قريبة منهم ولولا صراع الحق والباطل لفسدت الحياة.
والخير والشر في صراع من وقت إختلاف إبني أدم عليه السلام إلى يومنا هذا ، ولسنوات أو عقود أو قرون يظهر الحق على الباطل وكذلك ممكن أن يظهر الباطل على الحق وسيظل ذلك الصراع إلى أن تقوم الساعة .
قال تعالى:
الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ.[سورة الحج:40]
ولكن لماذا يظهر الباطل على الحق؟؟؟!
إن الحكومات بيدها السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية فهي تسن القوانين التي تلأم سياستها وتقوم بتنفيذها وتنفذ الأحكام التي تصدر عن القضاء في حال مخالفة هذه القوانين من بعض فئات الشعب وهي تقوم بتعيين الموظفين وتنتقيهم بما يتوافق مع سياستها أي هي تملك كل شيء وهذا ما سيدفع البطانة السيئة بالدخول فيها والتقرب منها لتكون صاحبة حظوة ومنفذ لتحقيق رغباتها وذلك إما عن طريق المال أو النساء أو الإثنين معاً كون( البطانة السيئة تحلل كل شيء ولا تُحرم شيء) في سبيل حصولها على المكاسب وفي المجتمع الوظيفي ناس ضعيفي النفوس تقبل الرشاوى وتهفوا نفوسها للنساء فتقع في الهاوية وهذا المرتشي أو الزاني له تابع يرأسه فيغريه بالمال أو النساء فنكون قد وصلنا إلى حكومات فاسدة لأننا لم نأمرهم بالمعروف وننهيهم عن المنكر ولم نشتكي منهم أو نشتكي عليهم ولم نتابع ذلك والصغير جرَ معه الكبير وهذا بسبب غياب البطانة الصالحة أو نفاق بعضها أو عدم الصبر على أذى أصحاب النفوس الشريرة ؟.
وهذا يقودنا إلى المقولة التالية:ما طغى طاغ إلا بجبن قومه .
(فأهم أسباب فساد السلطة هو: سياسة البطش الذي تمارسه ضد من يقف في وجهها وعدم صبر أصحاب الحقوق).
وبذلك يعم الفساد ويستفحل وينتشر في معظم أركان المجتمع.
والحكومة مثل رأس الإنسان فإذا فسد سيؤدي إلى فساد الجسد كله.
فهي العقل المدبر فإذا كان هذا العقل بدون تدبير فهذا سيؤدي إلى تبذير وهذا سيؤدي إلى تنفير وتقصير ونتيجتهم التدمير.
وبذلك وصلنا لحكومة وشعب فاسد بالأكثرية إلا ما رحم ربي.
ولكي نصل إلى هكذا نتيجة وبسبب الحكومة والناس قليلي إيمان وينظرون لبعضهم البعض مع تزايد الحسد وحبهم للتقليد تفتح لهم الحكومات باب الفساد بكل أنواعه ويرتع الناس منه وبذلك يكون الأكثرية رتعت من الفساد فلا تستطيع الحديث عن محاربة الفساد لأنك فسدت ،وإذا تحدثت فيه فالشواهد ثابتة والتهمة جاهزة ولا مفر لك من العقوبة والفضيحة والطرد من العمل لذلك تفضل الصمت مع إنكسار الكرامة لأنك فعلت الغلط ونسيت ربك فتبقى مذلولاً مخذولاً وبدون كرامة.
ولكن الذي لم يرتع من الفساد يبقى حراً كريماً ويحترمه الفاسد لأنه مخلوق على الفطرة كما قلنا سابقاً.
وليعلم الفاسد أنه لم ينم يوماً وضميره مرتاح لأن :
الضمير لا يمنعك من إرتكاب الخطأ ولكن لن يسمح لك بالإستمتاع به.
وعندما يعم الفساد ويستفحل وينتشر في معظم أركان المجتمع فإن الظلم ينتشر وتنتشر الرذيلة وتكثر الجرائم وضحايا هذه الفوضى هم غالبية أفراد المجتمع وهم من الفقراء والمساكين ويدفعون الثمن بكافة أشكاله؟!.
فقد أدى استفحال الفساد بالبعض إلى بيع ضمائرهم ونفوسهم وأعراضهم وباعوا كرامتهم لأنهم لم يتربوا على أن :القناعة كنزٌ لا يفنى ولم يقنعوا أن بذكر الله تطمئن القلوب ولم يصلوا إلى القناعة بأن من يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب.
وبنفس الوقت يحاولون وبشتى الأشكال إلى محاربة الفساد ولكن النجاح لن يتحقق إلا بإنقلاب حقيقي وصحوة من باقي أفراد المجتمع وتغيير أنفسهم وأفكارهم وتنوير عقولهم ورجوعهم للفطرة السليمة التي فطرهم عليها الحق سبحانه وتعالى الذي قال: إنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ.سورة الرعد من الأية11. وفقاً لقوله سبحانه : (وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِلْعَبِيدِ)سورة فصلت الأية46.
وقال تعالى:
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ سورة الأنفال من الآية 53.
فواقع المجتمع لا يتغير إلا بتغيير من صفاته بأن يصبح شجاع ويعدل عن الجبن ويحب الكرم ويكره البخل ويحب العدل ويعمل به ويكره الظلم فإن غيرها المجتمع إلى صفات ايجابية يتغير حال المجتمع من خلال تغيير الوالي عن حالته القديمة التي تتمثل باضطهاد الناس وظلمهم لأن المجتمع غيرَ من صفاته التي مكنت الحاكم أن يقوم بظلمهم من خلالها وعوضت عنها بصفة أوقفته عن ظلمه .
وهذا يؤكده هذا الحديث :عن عمر بن العزيز رضي الله عنه: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لتأمرنّ بالمعروف وتنهونّ عن المنكر, أو ليسلطنّ الله عليكم عدوا من غيركم ثم تدعونه فلا يستجيب لكم. للشيخ الألباني رحمة الله.
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لأصحابه:
تمنوا فقال بعضهم :
أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهبا أنفقه في سبيل الله وأتصدق.
وقال رجل :
أتمنى لو أنها مملوءة زبرجداً وجوهراً فأنفقه في سبيل الله وأتصدق ،ثم قال تمنوا:
فقالوا ما ندرى يا أمير المؤمنين فقال عمر:
أتمنى لو أنها مملوءة رجالا مثل أبى عبيدة بن الجراح
ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبى حذيفة وحذيفة بن اليمان.
فعلينا أن نتعلم ونعقل ونعمل ومن ثم نتمنى وبذلك تتحقق أمنياتنا.
هذا ليس ذماً أو تقريعاً ولكن حتى نتعلم كيف نصلح أنفسنا.
اللهم أرنا الحق حقاً وإرزقنا إتباعه وأرنا الباطل
باطلاً وإرزقنا إجتنابه وطهر قلوبنا من النفاق
وإجعل أعمالنا لوجهك الكريم يا الله.