بسم الله الرحمن الرحيم |
بسم الله (كَيفِيَة إتقاء الفِتنة التي تَتَعَدى الظَالم،فَتُصيب الصالح والطالح) قال تعالى:(واتقوا فتنةً لا تُصِيبَن الذين ظَلَمُوا مِنكُم خاصة واعلموا أنَ اللهَ شديدُ العِقَابْ)قال القرطبي في تفسير هذه الآية: قال ابن عباس:أمر الله المؤمنين ألا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم العذاب قلت:وهذه التأويلات هي التي تعضدها الأحاديث الصحيحة ففي صحيح الترمذي عن أبي بكر الصديق قال يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية:ـ (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم)وإني سمعت رسول اللهe يقول:ـ (إن الناس إذا رَأوُا الظَالم فَلَمْ يأخذُوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب من عنده)واني سمعت رسول الله eيقول:(ما من قوم يعمل فيهم بالمنكر ثم يَقدرون على أن يُغيروا ثم لا يُغيروا إلا يوشك أن يُعمَهُم الله منه بعقاب قبل ان يَمُتوُا)صححه الألباني في أبي داود4338 ففي هذا الحديث تعذيب العامة بذنوب الخاصة وفيه استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) قال علماؤنا:فالفتنة إذا عملت هلك الكل وذلك عند ظهور المعاصي وانتشار المنكر وعدم التغيير وإذا لم تُغير وجب على المؤمنين المنكرين لها بقلوبهم هجران العاصين وهكذا كان الحُكم فيمن كان قبلنا من الأمم كما في قصة السبت حين انكروا وهجروا العاصين قال الله تعالى عنهم (فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا به أَنْجَيْنَا الَّذينَ يَنْهَوْنَ عَن ِالسُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ)فكانت النَّجاة للمنكرين عن السوء وبهذا قال السلف,والهلاك العام منه ما يكون طهرةً للمؤمنين ومنه ما يكون نقمة للفاسقين فإن قيل:فقد قال تعالى"ولا تزر وازرة وزر أخرى"وهذا يوجب ألا يؤخذ أحد بذنب أحد وإنما تتعلق العقوبة بصاحب الذنب فالجواب أن الناس إذا تَظاهُروا بالمنكر فمن الفرض على كل من رآه أن يغيره فإذا سكت عليه فكلهم عاصٍ هذا بفعله وهذا برضاه وقد جعل الله في حُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ ان الراضي بمنزلة العامل في العقوبة بالذنب وهو مضمون الأحاديث كما ذكرنا ومقصود الآية:واتقوا فتنة تتعدى الظالم فتصيب الصالح والطالح قال المبرد:إنه نهيٌ بعد أمر والمعنى النهي للظالمين لا يَقُربوا الظلم)(انتهى بتصرف التفسير الجامع) ومن أجل ذلك قيل إنْ لم يُقلع الظّالم عن ظلمه سُلّط عليه ظالم آخر قال الشوكاني: (فتكون الأسباب المُتَعدّية للظالم إلى غيره مختصة بمن ترك ما يجب عليه عند ظهور الظلم ولا تختص إصابتها بمن يباشر الظلم) قال المناوي (وإنما ينشأ الظلم من ظلمة القلب لأنهُ لو استنار بنور الهدى تَجنب سُبل الرَدى فإذا سَعى المُتَقُون بِنُورِهم الحاصل بسبب التَقوى احتوشت ظُلُمَات ظُلم الظَالم فَغَمَرتهُ فَأعمَتهُ حتى لا يُغني عنهُ ظُلمُه شيئا بِسبَب ظُلمِهِ في الدنيا و ربما أوقع قدمه في وَهدَةٍ فهو في حُفرةٍ من حُفَر النَّار)انتهى فإذا لم تُتَقى الفتنة وقعت بين الصالحين والظالمين وكانت نقمة للظالمين وطهرةً للمؤمنين في الدنيا فعن أبي بردة قال:بينما أنا واقف في السوق في إمارة زياد إذ ضربت بإحدى يدي على الأخرى تعجبا فقال رجل من الأنصار قد كانت لوالده صحبة مع رسول الله مما تعجب يا أبا بردة ؟قلت:أعجب من قوم دينهم واحد ونبيهم واحد ودعوتهم واحدة وحجهم واحد وغزوهم واحد يستحل بعضهم قتل بعض!قال فلا تعجب فإني سمعت والدي أخبرني أنه سمع رسول اللهeيقول:[أمتي أمة مرحومة ليس عليها عذاب في الآخرة عذابها في الدنيا:الفتن والزلازل والقتل]صححه الألباني في الصحيحة