home الرئيسيةpeople_outline الأعضاء vpn_key دخول


chatالمواضيع الأخيرة
new_releasesأفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
new_releasesأفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
bubble_chartالمتواجدون الآن ؟
ككل هناك 395 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 395 زائر :: 3 عناكب الفهرسة في محركات البحث

لا أحد

مُعاينة اللائحة بأكملها

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 2984 بتاريخ السبت أبريل 14, 2012 8:08 pm

طريقة عرض الأقسام

لونك المفضل

تاريخ الصراع بين السلطة البعثية النصيرية الحاكمة والإسلام في سورية Empty تاريخ الصراع بين السلطة البعثية النصيرية الحاكمة والإسلام في سورية

[center]بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته





الصراع بين السلطة البعثية النصيرية الحاكمة والإسلام في سورية

الصراع مع حزب البعث الحاكم



المشكلة الكبرى التي واجهها الإسلاميون ودفعوا ثمنها، هي أنهم لا يتصورون
أن الجيش الذي يُبنى ليحمي الوطن، يمكن أن يكون وسيلةً للقفز إلى السلطة،
وأنّ الدّبابة يمكن أن تحلّ محلّ صندوق الاقتراع!.. هذا التصوّر الذي عمل
به الآخرون، فتمكّنوا من السيطرة على مقاليد الجيش والآلة العسكرية التي
فرضوا من خلالها أنفسهم على الوطن والشعب، وأزاحوا عن الخارطة الوطنية كل
القوى السياسية التي يمكن أن تنافسهم!..


كان الوطن يموج بالحركة والحيوية والنشاط والأمن والأمان .. إلى أن جاءت
صبيحة الثامن من آذار عام 1963م، فوَأَدَ الانقلابُ العسكري البعثيّ كل ما
كان، وأُدخِلَت البلاد في نفقٍ مظلمٍ، ما تزال تعاني من وطأته حتى الآن!..


أولاً : نُذُر الصراع وأسبابه




إنّ خلاف الإسلاميين مع النظام السوري الحاكم، كان في الأصل جزءاً من
الخلاف بين الفكر العلماني والفكر الإسلامي، إلى أن استأثر حزب البعث
بالسلطة عام 1963م، واتبع أساليب القمع والإرهاب ضد خصومه السياسيين، وقام
بخطواتٍ استئصاليةٍ ضد الحركات الإسلامية عامةً في سورية، وذلك تنفيذاً
لمقرراتٍ حزبيةٍ بعثيةٍ اتخذت منذ عام 1965م وما بعده، إذ صُنّفت بموجبها
الحركات الإسلامية ضمن القوى الرجعية المضادة للثورة، فبدأت حملات التصفية،
وفُتحت المعتقلات لأبناء الحركات الإسلامية والإسلاميين، وقد كانت حالة
الطوارئ والأحكام العرفية المفروضة على البلاد منذ عام 1963م، وأساليب
القمع ومحاولات استئصال الآخر التي اتبعها النظام .. كانت الخطأ الأكبر
والأول الذي أسّس للصراع بين الطرفين، كما أنّ الحرب المعلنة على الحركات
الإسلامية وعلى الإسلاميين وتهديدات النظام لهم بالتصفية، والشروع في تنفيذ
تهديداته بحقهم، واتهامهم اتهاماتٍ باطلة، وتحميلهم مسؤولية أحداثٍ
واعتداءاتٍ لا علاقة لهم بها، واستمرار الاعتقالات والتصفيات في السجون،
والإعدامات الظالمة من غير محاكمات، وفرض القانون رقم (49) لعام 1980م،
الذي يحكم بالإعدام على كل مَن ينتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين (مجرد
الانتماء)، واستمرار الملاحقات داخل الوطن وخارجه، وتنفيذ المجازر الجماعية
العديدة التي باتت معروفةً للجميع، كمجزرة سجن تدمر، ومجازر حماة، وحلب،
وجسر الشغور، و.. كل ذلك قاد إلى حالة الاحتقان القصوى، ثم إلى تفجّر
الصراع بين الطرفين!..


ثانياً : انقلاب البعث وبداية احتدام الصراع (في عام 1963م)




لقد كان انقلاب الثامن من آذار عام 1963م كارثةً حقيقيةً ما تزال سورية
تعاني منها حتى اليوم، إذ أدخِلَت البلاد في نفق حكم الحزب الواحد المنفرد
المتسلط القمعيّ، فقُمِعَ الإنسان السوريّ على نحوٍ لم يسبق له مثيل في
تاريخه، وأُدخِلَت سورية في مرحلة تدمير البنية التحتية الأساسية للمجتمع،
عبر صراعاتٍ طبقيةٍ اتخذت فيما بعد الصبغة الطائفية الواضحة، حين فتح حزب
البعث الباب على مصراعيه أمام الأقليات الطائفية، لتمسك بزمام الأمور
ومفاصل القوّة الحقيقية والسلطة في البلاد، وبدأت تظهر الحالة العدائية
الحزبية للإسلام، عبر تحدي قِيَمِه وعقيدته، وإكراه الناس على عقائد
وسلوكياتٍ معاديةٍ لعقيدة الإسلام، وعبر منهجٍ تدميريٍ ثابتٍ أصيلٍ تمتعت
به كل الحكومات المتعاقبة .


كان قفز حزب البعث إلى السلطة نقطة انعطافٍ خطيرةٍ في تاريخ سورية، فقد عمد
إلى مصادرة الحريات العامة، وحلّ الأحزاب السياسية، وإغلاق الصحف والمجلات
ومنابر الرأي، وفرض الأحكام العرفية، واحتكار وسائل الإعلام، وإلغاء كل
دورٍ للمعارضة السياسية!.. فقد بدأ في سورية حكمٌ فرديّ، عطّل الحياة
السياسية، ولاحق الأحرار وأصحاب الرأي المخالف وطاردهم، وأعلن قوائم طويلةً
للإقصاء المدنيّ، كان ضحاياه مئات رجال الفكر والدين والسياسة، وتشبّث
بالشعارات والأدبيّات الاستبدادية، وتبنّىعقيدة (العنف الثوري) لتصفية
خصومه المخالفين له في الرأي، ولم ينجُ من عواقب هذا السلوك حتى رجال البعث
أنفسهم، عبر التصفيات المصلحية التي جرت بينهم، والانقلابات العسكرية التي
وقعت من قِبَل بعضهم على بعضهم الآخر!..


أمام شدّة الهجمة القمعية، وتحت وطأة الاستبداد الدمويّ، التي بدأت بفرض
قانون الطوارئ الصادر بالأمر العسكري رقم (2) وتاريخ (8/3/1963م)، أمام ذلك
كله .. أخلى كثير من القوى السياسية الساحةَ، وتُرك المجتمع السوريّ وحده
يواجه البطش والتنكيل وعمليات التضليل الأيديولوجي والفكري!.. لكنّ الحركة
الإسلامية على الرغم من أنها كانت في رأس قائمة الاستئصال .. فقد وَعَتْ
أنها دخلت مرحلةً صعبةً قاسيةً من التحدي الفكري والعقدي والنفسي، فقرّرت
خوض الصراع الشامل المفروض : فكرياً ودعوياً وعقدياً وتربوياً، وذلك من
منطلق أنّ الدعوة فرض عينٍ على كل مسلم، وأنّ الدفاع عن عقيدة المجتمع
السوري وإسلامه واجب شرعيّ لا يمكن التخلي عنه، وهذا ما بدأ يطبع الفكر
الإسلاميّ وحركة الإسلاميين بطابعٍ مميّز، مختلفٍ عن سائر العهود الماضية
السابقة لهذه المرحلة، كما فرض على الحركة طابع التنظيم السرّي مع المحافظة
على علنية الدعوة، وذلك لتحفظ أبناءها من شرّ الاستبداد، وتحافظ في نفس
الوقت على مسيرة العمل الدعويّ الإسلاميّ .


ثالثاً : تسخين الصراع في المراحل الأولى من حكم البعث (حتى عام 1970م)




تميزت هذه الفترة من حكم البعث بثلاث ميزات رئيسية :




الأولى : بطش السلطة بالقوى المعارضة لاسيما الناصريين والإسلاميين .


الثانية : وقوع سلسلةٍ من التصفيات والانقلابات الانشقاقية داخل حزب البعث
نفسه، انتهت إلى إقصاء مؤسّسي الحزب الأصلاء وملاحقتهم، من مثل : (ميشيل
عفلق، وصلاح البيطار، وشبلي العيسمي، ..)!..


الثالثة : اشتداد زحف الأقليات الدينية (لاسيما النصيريين) باتجاه الحزب
والجيش، والسيطرة عليهما، وقد تُوِّج ذلك بحركة الضابط النصيري (صلاح جديد)
في 23 من شباط عام 1966م، ثم بحركة الضابط النصيري وزير الدفاع (حافظ
الأسد) .




إنّ السيطرة الطائفية على أهم مراكز القوة في الحزب والجيش السوري كان قد
دُبِّر بليل، فمنذ عام 1959م، تشكّلت اللجنة العسكرية للحزب (على الرغم من
قرار حلّه في عهد الوحدة) من خمسة ضباط، ثلاثة منهم نصيريون، هم (محمد
عمران وصلاح جديد وحافظ الأسد)، واثنان إسماعيليان، هما : (عبد الكريم
الجندي وأحمد المير)!.. وبعد انقلاب آذار في عام 1963م، تم توسيع تلك
اللجنة العسكرية، ليصير عدد أعضائها خمسة عشر عضواً .


إن التصفيات التي وقعت في صفوف الحزب ومراكز القوى، آلت أخيراً باللجنة
العسكرية إلى ثلاثةٍ من الطائفيين النصيريين، هم : (محمد عمران، وصلاح
جديد، وحافظ الأسد)، وانتهت أخيراً في عام 1970م، إلى (حافظ الأسد)، الذي
كرّس نظاماً طائفياً، بعد أن تغلغل أبناء الطائفة النصيرية –فضلاً عن الحزب
والجيش- في كل مرافق الدولة السياسية والاقتصادية والأمنية .


من القضايا المهمة التي وقعت في هذه الفترة (1963-1970م)، وكان لها الأثر
الكبير في تحديد معالم الصراع بين الإسلاميين والبعث النصيري الحاكم، ما
يلي :




أولاً : تصعيد السلطة لدرجة الصراع مع الإسلاميين، بتعرّضها الاستفزازيّ
للمسلمين وعقيدة الإسلام، ومن الإجراءات والسلوكيات التي مارستها السلطة :




1- إلغاء كلمة (مسلم) من البطاقة الشخصية .


2- تحويل مالية وزارة الأوقاف (ذات الموارد الضخمة) إلى الموازنة العامة،
وبيع ممتلكاتها بأسعارٍ زهيدة، استغلها أعضاء السلطة المتنفذة، وأصبحوا من
كبار الأثرياء .


3- إلغاء علامة مادة التربية الإسلامية من مجموع علامات الشهادتين الإعدادية والثانوية .


4- تعديل مادتي التربية الإسلامية والتاريخ بشكلٍ ضارٍ سافر .


5- التحرك نحو إلغاء المدارس الشرعية .


6- الاعتداء على القرآن الكريم في بعض المحافظات، لاسيما في حماة ودمشق .


7- الاعتداء على بعض مدرّسي التربية الإسلامية، ونقل عددٍ منهم من مدارسهم نقلاً تعسّفياً .


8- طعن أحد مؤسّسي حزب البعث، هو (زكي الأرسوزي).. طعنه بالإسلام في مقالةٍ
كتبها في مجلة (جيش الشعب)، التي تحدث فيها عما سمّاها بـ (أسطورة آدم)!..


9- السخرية من الإسلام والمسلمين في مجلة (الفجر)، بنشر صورة حمارٍ على رأسه عمامة!..


10- نشر مقالةٍ استفزازيةٍ في مجلة (جيش الشعب) الصادرة عن إدارة التوجيه
المعنوي للجيش والقوات المسلحة، بقلم (إبراهيم خلاص) بتاريخ (25/4/1967م)،
وفيها دعا إلى (وضع الله -جل جلاله- والأديان .. في متاحف التاريخ)!..


11- اعتقال مجموعةٍ كبيرةٍ من رموز الحركة الإسلامية وقادتها في عام 1964م.


12- اعتقال مجموعةٍ كبيرةٍ أيضاً من رموز الحركة الإسلامية وقادتها في عام
1967م، وعدم الإفراج عنهم إلا بعد انتهاء حرب حزيران وهزيمتها.


13- وقوع كارثة هزيمة حرب حزيران في عام 1967م، التي ضاعت فيها الجولان
والجبهة المنيعة جداً، حين أمر وزير الدفاع النصيري (حافظ الأسد) الجيشَ
بالانسحاب الكيفي، بعد أن أعلن في الإذاعة ببلاغٍ عسكريٍ رسميٍ ممهورٍ
باسمه (وزيراً للدفاع) وبتوقيعه .. سقوط عاصمة الجولان : (القنيطرة)، بيد
الجيش الصهيوني، وذلك قبل سقوطها فعلياً بحوالي عشرين ساعة .


14- إسراع حكومة البعث النصيري بإعدام الجاسوس الصهيوني (إلياهو كوهين)، بعد افتضاح علاقته برموز السلطة، وذلك تغطيةً لمن وراءه .


15- تنظيم الحزب النصيري الحاكم ميليشياتٍ عماليةٍ وجمعياتٍ فلاحيةٍ
ومنظماتٍ طلابية، وشحنها بمبادئه وأهدافه المعادية للإسلام والمسلمين،
وبأحقاده ضد أبناء الوطن المخالفين له بالرأي .


16- صدور قراراتٍ عن المؤتمر القطري الثامن لحزب البعث المنعقد في عام
1965م، التي (تعتبر الحركات الإسلامية ظاهرةً خطيرة، وأنّ الموقف منها
ينبغي ألا يكون مقتصراً على الأسلوب العادي الذي يُتَّبَع مع الحركات
التقليدية)!..


17- تصريح الضابط النصيري (حافظ الأسد) من (ثكنة الشرفة) في حماة عام
1964م، بأن نية الحزب تتجه باتجاه تصفية المعارضين جسدياً، حين قال :
(سنصفّي خصومنا جسدياً)!..




ثانياً : وقوع بعض الصدامات بين الإسلاميين من جهة .. وبين السلطات البعثية الحاكمة من جهةٍ ثانية، ومن هذه الصدامات :




1- الاضطرابات والاحتجاجات الدامية، التي وقعت في عددٍ من المدن السورية
الكبرى، بسبب مقالة (إبراهيم خلاص) التي تطاول فيها على الذات الإلهية .


2- اندلاع ثورة حماة الأولى (ثورة جامع السلطان) في عام 1964م، التي استشهد
فيها أكثر من خمسين شخصاً من الإسلاميين، واعتقل عدد كبير منهم، وحُكِمَ
على بعضهم بالإعدام، من مثل : (مروان حديد، وعبد الجبار سعد الدين، و..)،
وهُدِمَ جامع السلطان بالسلاح فوق رؤوس المصلين!..


3- تصدي مجموعاتٍ من الإسلاميين (كتائب محمد) للسلطة في عام 1965م، بعد
اقتحام الحرس القومي البعثي الجامعَ الأمويَ في دمشق بالدبابات والسلاح،
وسقوط العشرات من القتلى والجرحى، واعتقال المئات من الشباب المسلم .




لقد أفرزت هذه الفترة من تاريخ سورية (1963-1970م) وضعاً سياسياً شاذاً،
فقد انتُهكَت الوحدة الوطنية بصورةٍ بشعة، وبدأ الطائفيون يتخندقون حول
الحكم البعثي الذي أصبح طائفياً، إلى أن انتهت مقاليد الأمر إلى اللجنة
العسكرية الطائفية النصيرية الثلاثية (عمران وجديد والأسد)، فاستأثر
أعضاؤها بحكم سورية –حقيقةً وواقعاً- من بابها إلى محرابها؟!.. ثم وقعت
التصفيات بين رؤوس مثلث الطائفيين النصيريين، فآلت الأمور أخيراً إلى (حافظ
الأسد)، الذي حوّل الحكم في سورية إلى حُكمٍ طائفيٍ نصيريٍ عائليٍ وراثيٍ
بشكلٍ مطلق!..







رابعاً : تبلور الصراع واشتداده في عهد حافظ الأسد (1970-2000م)




لقد بيّنا آنفاً، بأنّ حزب البعث قفز إلى السلطة عن طريق تغلغله في الجيش،
وأنّ الأقليات الطائفية تغلغلت في الحزب والجيش، ثم قفز النصيريون الذين لا
تتجاوز نسبتهم (8%) من عدد سكان سورية .. قفزوا إلى الحزب والجيش والسلطة،
ثم قفز وزير الدفاع النصيري (حافظ الأسد) لاستلام الحكم، بعد أن قام
بمجموعة تصفياتٍ ضد منافسيه وشركائه، منها :




1- قام بتاريخ (16/11/1970م) بانقلابٍ عسكريٍ داخل السلطة الحاكمة، اعتقل
بموجبها (بالتعاون مع مؤيديه وأشدهم تأييداً كان رئيس الأركان مصطفى طلاس)
العناصر المناوئة له من كبار رجال السلطة، على رأسهم : رئيس الجمهورية (نور
الدين الأتاسي)، واللواء (صلاح جديد)، ورئيس الوزراء (يوسف زعيّن)، ثم دعا
الشعب (أي حافظ الأسد)، لانتخابه مرشحاً وحيداً لرئاسة الجمهورية!..


2- احتل الانقلابيون بقيادة (حافظ الأسد) مكاتب الحزب والمنظمات الشعبية .


3- أمر الأسد باعتقال قادة الحزب، خاصةً أعضاء المؤتمر القومي الاستثنائي،
الذين كانوا قد أعفوه مع زميله رئيس الأركان (مصطفى طلاس) من منصبيهما، وقد
هرب أعضاء المؤتمر المذكور إلى لبنان .


4- تخلّص من رئيس مخابرات الأمن القومي (عبد الكريم الجندي)، وادعى انتحاره .


5- دبّر بتاريخ (4/3/1972م)، اغتيال شريكه في اللجنة العسكرية الثلاثية (محمد عمران)، في (طرابلس - لبنان) .




منذ سيطرته على رأس هرم السلطة، بدأ (حافظ الأسد) بصياغة المجتمع السوري
صياغةً مخالفةً لدين الشعب وعقيدته وتوجّهاته الفطرية الإسلامية، باتجاه
التغريب والضلال والفساد والانحراف عن الإسلام، فكرياً وثقافياً وعقدياً
وتعليمياً وإعلامياً وتربوياً واجتماعياً وأخلاقياً، وسخّر أجهزة الدولة
وأجهزة الحزب كلها لسلخ الأمة عن قِيَمِها وإسلامها!.. ولفهم حقائق الصراع
مع النظام الحاكم في هذا العهد (منذ عام 1970م)، وتسهيلاً للتقصي والبحث ..
فإننا سنجزّئ هذه المرحلة من الصراع ما بين الإسلام والنظام الحاكم، إلى
ثلاث مراحل :




1- المرحلة الأولى (1970-1979م) : تكامل عوامل الصراع .


2- المرحلة الثانية (1979-1982م) : الانفجار الشامل .


3- المرحلة الثالثة (1983-2000م) : الصراع السياسي والإعلامي والأمني .






1- المرحلة الأولى (1970-1979م) : تكامل عوامل الصراع




على الرغم من أن الحركة الإسلامية في هذه المرحلة لم تقم بأية معارضةٍ
عنيفة، فإنّ سجون النظام لم تخلُ من المعتقلين الإسلاميين، الذين كانوا
يتعرضون لأسوأ الظروف والتعذيب الجسدي والنفسي والإذلال والقهر، وأحياناً
للتصفية الجسدية كما حصل في عام 1976م مع الشهداء : (حسن عصفور، ومروان
حديد)، والفتاة المسلمة الشهيدة (غفران أنيس)، وغيرهم .


كانت هذه المرحلة فترةً خصبةً بالنسبة للحركة وللعمل الإسلامي والدعوي
بشكلٍ عام، فقد توافرت للدعوة الإسلامية (في المجتمع السوري) بيئة مستجيبة
وحماس واضح للإسلام وللالتزام، ومن أبرز ما ميّز هذه المرحلة، على مستوى
العمل الإسلاميّ الدعويّ، ما يلي :




1- اتساع نشاط الإسلاميين اتساعاً كبيراً، إذ انتشرت المساجد والدروس
الدينية وخطب الجمعة التي يقوم بها العلماء والدعاة، واستُقطِبَت شرائح عدة
من المجتمع، وأعداد كبيرة من مرحلة الشباب (ذكوراً وإناثاً)، خاصةً من
المرحلتين الثانوية والجامعية .


2- اتخاذ المناسبات الدينية أشكالاً تظاهريةً شديدة الزخم، وكانت تبدو كأنها مهرجانات ضخمة تعمّ سائر أرجاء البلاد والمجتمع .


3- اتساع ظاهرة احتفالات الأعراس الإسلامية في المساجد، إذ تحولت إلى
مناسباتٍ دعويةٍ علنية، زادت من استقطاب شباب الأمة وشاباتها باتجاه
الإسلام .


4- اتساع ظاهرة انتشار الكتب الإسلامية بشكلٍ كبير، على الرغم من الرقابة
وسياسة منع تداولها التي كانت تُفرَض عليها من قبل السلطات الحزبية والنظام
الحاكم، وكذلك انتشار ظاهرة (الأناشيد الإسلامية) عبر أشرطة الكاسيت،
انتشاراً واسعاً (أشرطة أبي الجود وأبي مازن وأبي عبد الله البربور)، إذ
أصبحت سمةً بارزةً للنشاط الدعوي الإسلامي، وقد لعبت هذه الأشرطة والأناشيد
دوراً كبيراً، في تعويض الشباب المسلم عن الأغاني الماجنة، وفي تزكية
نفوسهم وتحفيزها ضد الظلم والظالمين .


5- ازدياد نشاط الحركة الإسلامية في عقد الندوات والمحاضرات الأدبية
والعلمية، خاصةً في المراكز الثقافية التي تديرها الدولة، بالتعاون مع
أصدقاء الإسلاميين في هذه المراكز .


6- المشاركة في جزءٍ كبيرٍ من الأنشطة الخيرية للمجتمع السوري، ودعمها بالمال والمتطوعين من الإسلاميين .


7- اتساع حركة تداول المجلات الإسلامية، السورية (مثل مجلة حضارة الإسلام)
أو غير السورية التي كانت تدخل سراً إلى البلاد، من مثل : (مجلة الدعوة
المصرية، ومجلة المجتمع الكويتية) .


8- الاتساع الكبير لشريحة المدرّسين الإسلاميين في المدارس والجامعات،
الذين كان لهم دور كبير في الدعوة الإسلامية والتنظيمية والتوسع الأفقي .


9- بروز ظاهرة ازدياد أعداد الإسلاميين من الأطباء والمهندسين والصيادلة
والمحامين، وكان لبعضهم دور بارز في النقابات المهنية، التي كان لها -في
المراحل اللاحقة- دور مهم في التصدي لظلم السلطة ونهجها القمعيّ
الاستئصاليّ .


10- كان الانتشار الواسع للإسلام ودعاته ومؤيديه والمتعاطفين معه، يرافقه
-بدرجاتٍ متفاوتة- سعي جاد للضبط التنظيمي، ولترشيد العمل والحركة.


11- شاركت الحركة -بشكلٍ غير مباشرٍ- في بعض الانتخابات النيابية، ونجح بعض
مرشّحيها في هذه الانتخابات، ودخلوا (مجلس الشعب)، ومن هؤلاء : الدكتور
(زين العابدين خير الله) نقيب أطباء سورية، والشيخ الدكتور (إبراهيم
سلقيني) عميد كلية الشريعة في جامعة دمشق .




كانت الحركة الإسلامية في هذه المرحلة تسعى لبناء قاعدةٍ نخبويةٍ حيوية،
لقيادة عملية تنوير المجتمع المسلم أصلاً.. على أسسٍ إسلامية، وبناء
المجتمع المدنيّ القادر على صيانة حقوق المواطن السوريّ، مهما كان دينه أو
جنسه أو عِرْقه أو مذهبه أو اتجاهه السياسيّ، فالوطن لكل أبنائه، يشتركون
كلهم في بنائه ونهضته وتطويره!.. وكان الإسلاميون وأصحاب الرأي والفكر
منهم، يعملون دائبين على دحض مفتريات ما كان يُعرَف بالاشتراكية العلمية،
ومرتكزاتها المادّية الإلحادية الغريبة عن المجتمع السوريّ المسلم،
وإفرازاتها الاستبدادية والشمولية، ويبشّرون بالمنهج الإسلامي منهجاً
وسطياً بديلاً، يحمل كفاءته وروح أمّتنا وحضارتها على كل صعيد!.. واستمرت
الحركة الإسلامية في تأدية رسالتها العقدية والحضارية والوطنية، دعوةً إلى
الخير والبرّ والإحسان، وتنديداً بالفساد والاستبداد والانحراف، بالحكمة
والموعظة الحسنة، وقد نجحت فعلاً في استقطاب النُخَبِ المتقدّمة في
المجتمع، العلمية والثقافية، التي تركت بصماتها وآثارها العميقة على
النقابات والمؤسّسات العلمية والثقافية، على الرغم من رقابة النظام
الصارمة، وقمعه واستبداده!..


أمام هذا التقدم الذي أحرزته الحركة، واتساع رقعة جماهيرها العريضة، ازداد
حنق النظام عليها وعلى أبنائها، وبدأ بالتضييق على الإسلاميين من أبناء
الشعب، وفق خطةٍ منهجيةٍ استفزازية، كان هدفها الأساس : تفجير الوضع
الداخلي للمجتمع، لإجهاض أي نشاطٍ أو نجاحٍ يمكن أن تحققه الحركة الإسلامية
في سورية، وكان قرار الحركة السياسي واضحاً، هو : ألا تنجرّ وراء هذه
الاستفزازات مهما بلغت شدة المحنة، وأن تبذل كل الجهد لاحتوائها .. لكن
النظام كان له رأي آخر، بل هدف آخر، هو: تفجير المجتمع السوريّ من داخله،
لتسهيل السيطرة عليه، وكبح جماح سيره المطّرد باتجاه الحرية الحقيقية
وإزاحة كابوس البطش والقمع والتسلّط وأحادية الحكم والسلطة .. عن كاهله!..
فكيف كان نهج النظام وتخطيطه وتنفيذه .. تجاه كل ذلك في هذه المرحلة
(1970-1979م)؟!..




1- تنفيذ منهجٍ استئصاليٍ ثابتٍ في الجيش السوري، الذي حوّله النظام إلى
ساحةٍ متخمةٍ بالصراع الحزبيّ والطائفيّ والفئويّ، فتم إبعاد كل الخصوم
السياسيين عن الجيش، كالضباط الذين عارضوا سياسة فك الاشتباك في الجولان،
ومناوئي التدخل العسكري في لبنان ضد الفلسطينيين والمسلمين، (تمت إحالة
مئتي ضابطٍ على التقاعد المسبق عام 1978م، ونقل أكثر من أربع مئةٍ وخمسين
ضابطاً إلى أماكن جديدةٍ في الجيش في عام 1979م) .. وكذلك تنفيذ عمليات
الاختطاف والاغتيال ضد الضباط الشرفاء والعسكريين الإسلاميين، من مثل :
(دريد المفتي، وخليل مصطفى بريز، وعلي الزير، وأحمد الحميّر، وغيرهم..)!..
يضاف إلى ذلك تنفيذ سياسةٍ ثابتةٍ داخل الجيش، في محاربة الشعائر
الإسلامية، والحض على الكفر، والمجاهرة بالمعاصي والكبائر، انطلاقاً من
مقرراتٍ بتنفيذ نهج (تبعيث) الجيش والتعليم والإعلام .


2- تنفيذ سياسة سلخ الأمة عن دينها وعقيدتها، وكان أبرز ما فعله النظام على
هذا الصعيد، إصدار دستورٍ علمانيٍ للبلاد (في عام 1973م)، يحتوي على عيوبٍ
كثيرةٍ لم يسبق لها مثيل في أي دستورٍ سابقٍ لسورية، وكان أهم تلك العيوب :
تجاهل دين الدولة، ودين رئيس الدولة (الإسلام)!.. ما أدى إلى نشاطٍ
إسلاميٍ واسعٍ في طول البلاد وعرضها، لمعارضة الدستور الجديد الذي سمي
بالدستور (الدائم)، ووقعت الاضطرابات لاسيما في الجامعات، وقاد العلماء
والمشايخ والمثقفون ورجال الفكر والقانون حركةَ معارضةٍ نشطةٍ واسعةٍ في
المحافظات السورية الكبرى (دمشق وحمص وحماة و..)، فقابلها النظام بحملة
قمعٍ وحشيٍ عنيف، أدت إلى سقوط قتلى وجرحى، وإلى اعتقال أعدادٍ كبيرةٍ من
الإسلاميين والعلماء والمشايخ، وقد استمر اعتقالهم من بضعة أسابيع لبعضهم،
إلى بضع سنواتٍ لبعضهم الآخر (الشيخ سعيد حوا، والشيخ محمد علي مشعل،
والشيخ فاروق بطل) .


3- دخول النظام في حرب تشرين (1973م) مع الكيان الصهيوني، بوضعٍ داخليٍ
متفجّر، وضاع نتيجتها عدد كبير من قرى الجولان (36 قرية) التي لم يحتلها
الصهاينة في حرب حزيران (1967م)، ثم دخل في مفاوضاتٍ مع العدو الصهيوني،
أعاد الأخير إليه مدينة (القنيطرة) مهدّمة ومنـزوعة السلاح، وأفرج النظام
عن الجواسيس اليهود في السجون السورية، بموجب المرسوم المؤرخ في
(25/2/1974م) المنشور في الجريدة الرسمية، فيما بقي بعض أبناء شعبنا
الوطنيين المخلصين رهن الاعتقال والتنكيل والسجن!.. ثم قام بالتوقيع على
اتفاقية فك الاشتباك مع العدو الصهيوني بتاريخ (30/5/1974م)، واستمر في
الموافقة على تمديد بقاء القوات الدولية في الجولان كل ستة أشهر حتى اليوم .


4- تمزيق الروابط الأسرية عبر منظمة (الاتحاد النسائي البعثية)، وباسم
(حرية المرأة)، وإطلاق العنان لزبانية النظام، لنهش أعراض النساء سراً
وعلانيةً، ولممارسة كل أنواع الفجور والفساد الخلقي، لدرجة اختطاف بعض
الحرائر من الشوارع .


5- تنفيذ خططٍ لبثّ مبادئ الكفر والإلحاد في المناهج الدراسية، وتشويه
مناهج التربية الإسلامية، وتمجيد الحركات الهدّامة كحركة (القرامطة)
وغيرها، ونقل المدرسين الأكفياء إلى دوائر لا تمتّ إلى اختصاصاتهم بِصِلة،
كدوائر التموين والبلدية والإسكان .. وتحريض الطلاب على أساتذتهم للتجسس
عليهم، ووضع خططٍ لإغلاق المعاهد الشرعية، والحؤول دون تعيين المدرّسين
المسلمين والمدرّسات المسلمات في سلك التعليم، وفرض نظام (طلائع البعث)
لأطفال المرحلة الابتدائية، ونظام (الشبيبة البعثية) للمرحلتين الإعدادية
والثانوية .. لإفساد عقيدة الأجيال وتدمير أخلاق أبناء المسلمين وبناتهم،
وإجبار التلاميذ على الانتساب إلى هذه المنظمات الفاسدة والالتحاق
بمعسكراتها السنوية، المختلطة في بعض الأحيان، وذلك بقوة القانون .. وإفساد
التعليم الجامعي بتسليط عناصر الحزب على اتحاد الطلاب وهيئات التدريس
الجامعي، وإقرار التعليم المختلط، وتسريح أكثر من خمس مئة مدرّسٍ ومدرّسةٍ
من مختلف المراحل الدراسية، بعملية إقصاءٍ واسعةٍ في قطاع التعليم طالت
معظم الإسلاميين، وتسريح عددٍ من أساتذة جامعة دمشق الإسلاميين (المرسوم
رقم 1249 بتاريخ 20/9/1979م)، وعددٍ آخر من أساتذة جامعة اللاذقية وموظفيها
(المرسوم رقم 1250 بتاريخ 20/9/1979م)، ونقل عددٍ من أساتذة جامعة حلب إلى
وظائف وأعمالٍ أخرى (المرسوم رقم 1256 بتاريخ 27/9/1979م) .


6- نهب ميزانية الدولة من قِبَلِ رجال السلطة والمتنفّذين من أقربائهم
وعائلاتهم وحاشيتهم، وبناء القصور الفارهة الكثيرة في سورية وخارجها،
وتسليم مؤسسات القطاع العام وشركاته للمرتزقة واللصوص من عصابة الحكم
النصيري البعثي، ما أدى إلى إفلاس معظم هذه المؤسسات، وطبع العملة بلا
رصيد، ونهب واردات النفط التي لم يسمح النظام بإدخالها في حسابات ميزانية
الدولة، بل في حسابات رئيس النظام وعائلته وزبانيته، ونشر الفساد والرشاوى
بشكلٍ مذهلٍ في كل قطاعات الدولة الاقتصادية، وعلى كل المستويات الوظيفية
العليا والدنيا .


7- انتشار مؤسسات الأمن المتعددة الفروع والسجون ومراكز الاستجواب (وصل
عددها إلى أربعة عشر جهازاً أمنياً ومخابراتياً)، لقمع المواطن ومراقبته
والبطش به حين الضرورة، وتأسيس ما سمي بسرايا الدفاع التي يرأسها شقيق رئيس
النظام (رفعت الأسد)، وعددها تجاوز عشرات الألوف من الموالين، لحماية رئيس
النظام والنظام النصيري القائم، وتحويل مهمة المخابرات والمؤسسات الأمنية
عن مهامها الرئيسية في حماية الوطن والشعب من العدو الخارجي وجواسيسه داخل
الوطن .. إلى مهمة حماية النظام الحاكم ورئيسه وحزبه من الشعب والمواطن
السوري .


8- إقصاء القضاة الأكفياء، وتعيين دفعاتٍ جديدة من القضاة ممن ينتمون إلى
حزب النظام، وتعديل قانون الأحوال الشخصية للمسلمين (دون غيرهم)، وانتشار
التوقيف والاعتقال التعسفي دون الرجوع إلى القضاء الذي حوّله النظام إلى
لعبةٍ في أيدي المتنفّذين، فلم يعد المواطن آمناً على روحه أو ماله أو
عِرضه بعد فقدان القضاء العادل، واستمرار العمل بأحكام قانون الطوارئ
المفروض في عام (1963م) .


9- تعطيل الحريات الفكرية والسياسية، وصدور قراراتٍ تمنع تداول الكتب
والمجلات الإسلامية، وتسلّط الحزب على الشعب، وتسلّط الطائفة على الحزب،
وتسلّط عائلة رئيس النظام (حافظ الأسد) على الحزب والدولة والجيش والشعب،
وتأسيس جبهةٍ وطنيةٍ من النفعيين والوصوليين الذين ارتضوا أن يكونوا غطاءً
لممارسات النظام المختلفة بحق الوطن والشعب، تحت اسم (الجبهة الوطنية
التقدمية)، وبروز انتخابات ما يسمى بمجلس الشعب الشكلية، الذي يسيطر عليه
حزب البعث الحاكم .


10- ضرب المقاومة الفلسطينية أكثر من مرة، والتواطؤ على ارتكاب مجازر مخيم (تل الزعتر) الفلسطيني في لبنان .




لقد فعل النظام النصيري البعثي كل ما من شأنه أن يرفع من درجة سخونة الصراع
مع الإسلاميين، للوصول بسياساته الاستفزازية إلى نقطة التفجّر واندلاع
المواجهة معهم ومع الشعب السوري، بهدف ضربهم وتصفيتهم، وتصفية الوجود
الإسلامي في الوطن كله!.. وقد غدت السيطرة على مِرجل الغضب الشعبي المكبوت،
أكبر من طاقة الحركة الإسلامية، بسبب البُعد الطائفيّ الذي كان يزيد من
مشاعر الغضب والإهانة لدى المواطن، فقد كان النظام ينهج نهج تمييزٍ طائفيٍ
حادٍّ في الاستئثار بجميع الفرص أو المواقع ومراكز القوة، بدءاً من مؤسّسة
الجيش التي أصبحت حكراً على أبناء الطائفة النصيرية أولاً، وأعضاء الحزب
ثانياً، وكذلك الحال بالنسبة للمواقع الحكومية الهامة، بدءاً من الوزارات
وانتهاءً بإدارات المدارس، وأصبح أعضاء السلك الدبلوماسي والمسؤولون في
الوزارات والمؤسسات العامة مثلاً، من أبناء الطائفة وبعض البعثيين حصراً،
وكذلك رجال الصحافة والإعلام والبعثات العلمية التي تقتصر عادةً على الطلبة
المتفوّقين، فقد حُصرِت هي الأخرى في أبناء الطائفة النصيرية والبعثيين،
بتجاوز الشروط التأهيلية الحقيقية!..




في هذه المرحلة ونتيجةً للسياسات الشاذة المذكورة آنفاً، بدأ النظام يحصد
ثمار ما زرعه من قمعٍ واستبدادٍ وإذلال، فبدأت عمليات اغتيالٍ مسلّحةٍ ضد
بعض رموزه الأمنية والمخابراتية والسياسية والطائفية والحزبية، التي كان
لها الدور الأكبر في استفزاز المواطن وانتهاك كرامته، وذلك على أيدي عناصر
إسلاميةٍ مستقلة، لكنّ النظام الذي كان يعرف حقيقة الأمر بشكلٍ جليّ،
وبدلاً من تطويق الأزمة التي أسّس لها بنهجه الاستئصاليّ الشاذ .. عمد إلى
شنّ حملاتٍ واسعةٍ من الاعتقال والتنكيل والانتهاكات، بحق الإسلاميين ورموز
الحركة الإسلامية وقواعدهم، فكان لهذه الحملات الشعواء الطائشة، الدور
الأكبر في تسريع الأحداث إلى درجة الانفجار، ثم إلى درجة الانفجار
الشامل!..




:



2- المرحلة الثانية (1979-1982م) : الانفجار الشامل :






لقد نجح النظام فعلاً في تفجير المجتمع السوريّ، وحمّل الإسلاميين مسؤولية
هذا التفجير، الذي كان وقوده شرائح مختلفةً من أبناء الشعب، الذين اتّبع
هذا النظام معهم سياسة الأرض المحروقة، فوجد المجتمع نفسه أمام حرب إبادةٍ
طاحنة، تدور رحاها تحت سمع القوى الدولية الفاعلة وبصرها، وبغطاء الصمت
الذي مارسه المجتمع الدولي، وقد أدّت سياسة القمع والإرهاب والحقد التي
كانت تتم في أقبية السجون، وتصفية بعض المعتقلين من علماء ومثقّفين .. إلى
أن يرى المسلم السوري نفسه بين خيارين اثنين : إما أن يموت تحت سياط
الجلادين فيما لو وقع في قبضة أجهزة الأمن القمعية، أو أن يدافع عن نفسه
بما يصل إلى يديه من وسائل الدفاع!.. وبذلك اختار الشعب خيار الدفاع عن
النفس ومواجهة سياسات البطش، واختارت الحركة الإسلامية لنفسها موقف الثبات
على المبدأ، والإصرار على نَيل حقوق الشعب الإنسانية والمدنية والسياسية!..
علماً بأنّ القمع لم يقتصر على الإسلاميين أو الحركة الإسلامية وحدها، بل
شمل أطراف المعارضة كلها، من إسلاميةٍ وقوميةٍ ويسارية، لكنّ حظ الإسلاميين
من القمع كان الأضخم والأشدّ قسوة!..




وللتدليل على عمق الكارثة التي أخذت تنذر بالانفجار الشامل، وسعي بعض
الشرفاء في الوطن السوريّ -عبثاً- لاستدراك ما يمكن استدراكه، نعيد إلى
الأذهان الحقائق التاريخية التالية :




1- ما سطّره نقيب المحامين السوريين، في مذكّرةٍ خاصةٍ إلى المسؤولين في
النظام الحاكم بتاريخ (17/8/1978م)، التي تضمنت مطالب عدة، أهمها : (..
توفير مناخ الحرية وسيادة القانون، وإطلاق سراح الموقوفين دون مذكّراتٍ
قضائية، أو إحالتهم إلى القضاء ..) .


2- صدور القرار رقم (2) بتاريخ (1/12/1978م) عن المؤتمر العام للمحامين في
سورية، الذي (يكلِف بموجبه مجلسَ النقابة، بمقابلة رئيس الجمهورية،
للمطالبة بإنهاء حالة الطوارئ في البلاد، وللتأكيد على مبادئ الحرية وسيادة
القانون ..) .


3- صدور بيان مجلس نقابة المحامين في سورية بتاريخ (29/9/1979م) جاء فيه :
(إنّ ممارسات النظام نشرت جوّ الهلع والخوف والقلق، وأخلّت بميزان الأمن،
وانتهكت حريات الأفراد والجماعات، واستباحت حُرُمات المنازل، فأصبحت أرواح
المواطنين عرضةً للإزهاق على يد سلطات الأمن، وباتت شرعة الرهائن وتهديم
البيوت وسيلة تأديبٍ جماعية، حتى امتلأت السجون بالرجال والنساء والأطفال،
وبالأعداد الضخمة من صفوف المثقّفين، كالأطباء والمحامين والمهندسين
والمدرّسين..)!..


4- صدور قرار الهيئة العامة لمحامي حلب، الذي يدعو إلى الإضراب العام في يوم (2/3/1980م) .


5- صدور قرار نقابة المحامين في سورية، الذي يدعو إلى الإضراب العام في يوم
الإثنين بتاريخ (31/3/1980م)، بعد فشل كل وسائل المراجعة للمسؤولين في
النظام الحاكم، لتنفيذ مبدأ سيادة القانون، واحترام الحقوق المدنية
والإنسانية للمواطن السوري .


6- اجتماع العلماء والمشايخ في بعض المحافظات (حلب، حماة، حمص، ..) للتداول
في شؤون المسلمين، إذ قرروا في حلب اللقاء مع المحافظ، ليطلبوا منه بعض
المطالب، على رأسها الإفراج عن النساء المسلمات المعتقلات، اللواتي يتعرّضن
في سجون النظام للإهانة والاعتداء والتعذيب والاضطهاد، فرفض المحافظ
مقابلتهم، ما أدى إلى سخط أهل الرأي في المدينة .


7- اندلاع تظاهراتٍ نسائيةٍ في حلب بتاريخ (6/11/1979م)، وفي حمص بتاريخ
(15/7/1981م) وبتاريخ (14/11/1981م) .. وذلك للمطالبة بالإفراج عن أزواجهن
وإخوانهن وأبنائهن وبناتهن!.. وكانت هذه التظاهرات النسائية للنساء
المسلمات المحجّبات .. من ردود الأفعال غير المعهودة في تاريخ سورية!..


8- تنفيذ إضرابٍ عامٍ دعت إليه نقابة المحامين، بتاريخ (31/3/1980م)،
واستجابت له النقابات المهنية الأخرى، وكل فئات الشعب السوري في معظم
المحافظات، وقد كان الإضراب تتويجاً لشهرٍ من الأحداث الهامة، منها انعقاد
المؤتمرات العامة للنقابات العلمية المهنية (الأطباء والصيادلة والمهندسين
والمحامين)، وإصدارها بياناتٍ وقراراتٍ مندّدةٍ بسياسات النظام الحاكم
وممارساته القمعية، ومطالبتها له بإطلاق الحريات العامة، وإلغاء حالة
الطوارئ، والإفراج عن المعتقلين، وتحقيق مبدأ تكافؤ الفرص!.. وقد سبق هذا
الإضراب العام .. إضراب عام في (حماة) بدأ بتاريخ (23/2/1980م)، وفي (حلب)
بدأ بتاريخ (1/3/1980م) .




نعيد إلى الأذهان أيضاً، أنّ الحركة الإسلامية والإخوان المسلمين (الذين
شنّ النظام الحرب على الإسلام تحت غطاء شنّ الحرب عليهم) .. ليسوا تنظيماً
مسلّحاً، والمواجهة المسلّحة مع خصومهم ليست من منهجهم، فهم حركة مسلمة ترى
أنّ الحوار هو الوسيلة الأساس لتحقيق الأهداف، التي تنشد من تحقيقها خير
الفرد والمجتمع والوطن والدولة .. لكنّ النظام أوصد كل منافذ الحوار، وقبل
ذلك بأكثر من عقدٍ من الزمن (كما ذكرنا آنفاً) قام بخطواتٍ منهجيةٍ
استئصالية ضد أبناء الحركة، وضد كل مَن يخالفه الرأي من الإسلاميين أو
غيرهم من الوطنيين، مستخدماً في ذلك أساليب القمع والسحق والإقصاء والتمييز
الطائفيّ العنصريّ، ووضَع الشعب -ومعهم الإخوان المسلمين والإسلاميين-
أمام خيارٍ صعب : إما الإذعان للظلم والخضوع للطغيان، أو الرفض وتحمّل
تبعاته، وقد كانت غطرسة النظام وولعه في إهدار الدماء والأرواح .. أضخم
عائقٍ في طريق حقن الدماء، ودَفْع عواقب الاضطهاد والكراهية والحقد
الطائفيّ الأعمى، وعندما اختار الشعب المقهور مقاومة الاستبداد والاضطهاد
بعد أكثر من عقدٍ من ممارسات النظام القمعية، كانت الحركة الإسلامية جزءاً
من الانتفاضة الشعبية العارمة التي وقفت في وجه الطغيان والتمييز الطائفيّ،
دفاعاً عن أبناء الشعب كلهم، ودفاعاً عن حقوق المواطن السوريّ بشكلٍ عام
!..


لقد قامت هذه الانتفاضة في وجه الطغاة دفاعاً عن النفس، ومقاومةً لإرهاب
النظام الذي مارس سياسة القتل البطيء والسريع ضد أبناء الشعب كلهم، وقد
مارس قمعه وسحقه قبل أن تُطلَقَ طلقة واحدة في وجهه بسنواتٍ طويلة، وكانت
مجازره العلنية التي اقترفها في الثمانينيات، كمجازر تدمر وحماة وجسر
الشغور وحلب وحمص ودمشق وسرمدا و.. كانت الصفحة الأخرى لمجازره السرّية
الصامتة التي ارتكبها في الستينيات والسبعينيات، إذ كان يصنّف خصومه
السياسيين، في خانة الثورة المضادة التي ينبغي استئصالها، وما خطاب الضابط
(حافظ الأسد) في الستينيات في ثكنة (الشرفة) في حماة، إلا الدليل الواضح
على ذلك، فقد قال وقتئذٍ: (سنصفّي خصومنا جسدياً)، وذلك قبل أن يقفز إلى
السلطة بسنوات!.. كل ذلك قاد إلى حالة الاحتقان القصوى، ثم إلى تفجّر
الصراع المسلّح الدمويّ الذي اكتوى بناره أبناء الوطن كلهم!..


مع ذلك، فقد دأبت الحركة الإسلامية في كل مرحلة، على أن تعثر على مخرجٍ
للأزمة بالحوار البنّاء المسؤول، الذي يضع مصلحة الوطن والشعب فوق كل
اعتبار، لكنّ صدى الكلمات كان يضيع أمام تعنّت النظام، الذي أغلق -وما
يزال- كل منفذٍ للحوار!..


هل بعد كل ذلك، يمكن لمنصفٍ أن يحمّل الإسلاميين تبعات ذلك التاريخ الأسود،
الذي كان النظام النصيري، وما يزال، وسيبقى .. مسؤولاً عنه وعن صناعته
وإنتاج مآسيه .. مسؤوليةً كاملة؟!.. فالحركة الإسلامية لم تكن في ذلك، إلا
الضحية التي ما تزال تعاني من طغيان النظام وجبروته واضطهاده المتعدد
الأشكال والألوان!..

تاريخ الصراع بين السلطة البعثية النصيرية الحاكمة والإسلام في سورية Empty رد: تاريخ الصراع بين السلطة البعثية النصيرية الحاكمة والإسلام في سورية

في هذه المرحلة التاريخية (1979-1982م)، يمكننا أن
نُجمل أبرز الأحداث التي وقعت، ودفع بها النظام البعثي النصيري الحاكم
سوريةَ إلى مرحلة الانفجار الشامل، بما يلي :


1- ابتداع طرقٍ قمعيةٍ في مداهمة البيوت وملاحقة المطلوبين، وذلك باحتلال
تلك البيوت، والإقامة مع النساء والأطفال، ونهب المتاع والمال والذهب
والمكتبات، والضغط على الأعراض، واعتقال الزوّار، وكذلك اعتقال ذوي
الملاحقين (آباء وأمهات وأبناء وبنات وإخوة وأخوات ..) رهائن لدى الأجهزة
الأمنية، حتى يسلّم الشخص المطلوب نفسه، وفي كثيرٍ من الأحيان، كانوا
يحتفظون ببعض ذوي المطلوب رهن الاعتقال حتى لو اعتقلوه!..
2- استمرار تنفيذ سياسات الإقصاء والإقالة بحق المدرّسين وأساتذة الجامعات
والعسكريين، كتسريح أكثر من مئةٍ وتسعين مدرّساً ومعلّماً من مختلف
المحافظات السورية (المرسوم رقم 176 بتاريخ 22/2/1980م)، وتسريح ستة عشر
مهندساً عسكرياً من الدورة العسكرية رقم (124) بتاريخ (18/8/1980م) .
3- استمرار هجرة الأدمغة من مختلف الاختصاصات، نتيجة التضييق والضغط
واضطهاد المؤسسات الشعبية كالنقابات العلمية المهنية، وقد ذكرت إحدى صحف
النظام (البعث) بتاريخ (17/3/1980م)، أنّ (أربعة عشر ألفاً) من خريجي
الجامعات السورية، قد غادروا البلاد خلال السبعينيات، وأنه قد غادرها أيضاً
(5668) طبيباً ومهندساً وعالم طبيعةٍ واجتماع، خلال خمس سنوات (من
1970-1975م)!..
4- تكثيف الاعتقالات على الشبهة، بحق كل مَن يُشَك بانتمائه إلى الحركة
الإسلامية، أو مَن يتعاطف معها، وامتدت الاعتقالات إلى كل الفئات السياسية
المعارضة لممارسات النظام، لإشاعة جوٍ من الرعب والخوف في صفوف المواطنين .

5- تنفيذ حكم الإعدام بحق خمسة عشر أخاً مسلماً، بتاريخ (28/6/1979م)،
ومنهم الشهداء : (الدكتور حسين خلوف، والدكتور مصطفى الأعوج، وحسن سلامة،
ومهدي علواني، وخالد علواني، ومجاهد دباح البقر، ومروان دباح البقر، وعبد
العزيز سيخ، وعصام عقلة، ..)، وذلك بأمر محكمةٍ عُرفيةٍ برئاسة المدعو
(فايز النوري).
6- القيام بحملات تعذيبٍ وحشيةٍ شديدة القسوة في السجون، ضد كل مَن
يُعتَقَل، بغض النظر عن التهمة الموجهة إليه، وقد أدى تسرّب أخبار التعذيب
والسجون إلى إشاعة أجواء الرعب والخوف في صفوف المواطنين، وهذا ما جعل
الشباب المسلم يفضل الموت مقاومةً لاعتقاله .. على المصير الذي ينتظره في
السجن، لاسيما أن بعض المعتقلين قد استشهدوا تحت التعذيب، ومن هؤلاء رحمهم
الله : الدكتور المهندس الزراعي (عبد الرحيم الشامي)، الأستاذ في كلية
الزراعة بجامعة حلب، وأحد كبار المختصين بتطوير زراعة القطن في سورية ..
والشيخ (فاضل زكريا) من حمص، الذي استشهد بتاريخ (29/7/1979م) .
7- قيام السلطات بقتل عددٍ من المعتقلين أثناء المداهمات، أو في الشوارع
أمام أعين الناس، استمراراً في نهج إشاعة الرعب والخوف في البلاد .
8- القيام بعمليات الاغتيال والخطف بحق بعض الشخصيات الإسلامية المرموقة، ومن هؤلاء :

- اغتيال الشيخ (محمود الشقفة) في مسجده في حماة، بتاريخ (4/8/1979م) .
- اغتيال الشيخ (أحمد الفيصل) في حلب بتاريخ (11/8/1979م) .
- اغتيال الشيخ (علاء الدين إكبازلي) وهو ابن الشيخ ((أحمد إكبازلي)، في كلية الشريعة في دمشق، بتاريخ (3/6/1980م) .
- اغتيال الشيخ (سليم الحامض) من جسر الشغور، بتاريخ (10/3/1980م) .
- قَتْلُ ثمانيةٍ من الشباب المسلم في حلب، على رأسهم الشيخ (موفق سيرجية)، بتاريخ (18/2/1980م) .
- اختطاف الدكتور الشيخ (ممدوح جولحة) والشيخ (عبد الستار عيروط) في اللاذقية، ثم قتلهما والتمثيل بجثتيهما، بتاريخ (27/6/1980م) .
- اختطاف الشيخ (فتحي يكن) أمير الجماعة الإسلامية في لبنان، والشيخ
الدمشقي (عبد الرحمن المجذوب) من لبنان أيضاً، مع أربعين مسلماً لبنانياً،
وذلك في عام 1980م .
9- اتباع سياسة تهديم بيوت الذين يؤوون الشباب المسلمين الملاحقين، من مثل :
تهديم بيت (عجعوج) و(درويش مكية) في حماة، بتاريخ (15/10/1979م) .. وكذلك
اتباع سياسة مصادرة العقارات والمساكن والأملاك، الخاصة بالمعتقلين أو
المطلوبين الفارّين أو المهجّرين القسريين .
10- اتهام جماعة الإخوان المسلمين بارتكاب عملية (مدرسة المدفعية)، التي
وقعت في حلب بتاريخ (16/6/1979م)، واتخذ من هذه الحادثة ذريعةً، ليعلن
عليها حرباً استئصاليةً عامةً داخل القطر وخارجه!.. وكان قد نفّذ هذه
العملية مجموعة من الشباب المسلمين الذين لا علاقة لهم بالجماعة، وقادها
الإسلامي (عدنان عقلة) والضابط السني (إبراهيم اليوسف) الذي كان عضواً
عاملاً في حزب البعث وموجّهاً حزبياً في مدرسة المدفعية، وقد راح نتيجتها
العشرات من طلاب الضباط النصيريين، ما بين قتيلٍ وجريح، وفاجأ النظام
الرأيَ العامَ داخل سورية وخارجها، بإعلان الحرب على الحركة الإسلامية
والإسلاميين بعد اتهامهم بإثم العملية، وذلك -كما ذكرنا- على لسان وزير
داخلية النظام (عدنان دباغ)، في مؤتمرٍ صحفيٍ عقده لهذه الغاية (أي إعلان
الحرب على الإسلاميين)، بتاريخ (22/6/1979م)، مما اضطر الحركة الإسلامية
-بعد حوالي ثلاثة أشهر من إعلان وزير الداخلية (أيلول 1979م)- .. لاتخاذ
قرار المواجهة المسلحة مع النظام دفاعاً عن وجودها، وقد كان لإعلان الحرب
على الحركة، الأثر الكبير في تفجّر الأوضاع الداخلية في البلاد بشكلٍ شامل،
خاصةً أنّ بيان وزير الداخلية اتهمها بارتكاب عمليات الاغتيال السابقة
لعملية مدرسة المدفعية، التي نفذها بعض شباب المسلمين من تلاميذ الشيخ
(مروان حديد) رحمه الله، وذلك بعد أن أقدمت السلطات على تصفية الشيخ مروان
وبعض الشباب المسلمين في سجونها!..
11- حلّ النقابات المهنية (الأطباء والمهندسين والمحامين) وفروعها في
المحافظات، بموجب المرسوم التشريعي الصادر عن رئيس النظام (حافظ الأسد)
بتاريخ (8/4/1980م)، وتنفيذه من قبل السلطات المختصة في اليوم التالي
(9/4/1980م)، ثم اعتقال رؤساء هذه النقابات وأعضاء مجالسها النقابية بتاريخ
(4/5/1980م)، ومن الذين اعتقلوا : نقيب المحامين في سورية الأستاذ (صلاح
الركابي)، والأساتذة : (هيثم المالح، ومحمود الصابوني، وموفق كزبري، ومحمد
برمدا، وميشيل عربش)، ونقيب المحامين في حلب الأستاذ (أسعد كعدان)، وكذلك :
(سليم عقيل، وعبد المجيد منجونة، وعبد الكريم عيسى، وثريا عبد الكريم،
وأسعد علبي، وسعيد نينو، وجورج عطية، وأمين إدلبي)، وغيرهم من بقية
النقابات المهنية .
12- إصدار القانون رقم (49) بتاريخ (7/7/1980م)، القاضي بإعدام كل منتسبٍ
إلى جماعة الإخوان المسلمين، وبمفعولٍ رجعي : (يُعتبَر مجرماً، ويعاقَب
بالإعدام كل منتسِبٍ لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين)!.. وقد أعدِم بناءً
على هذا القانون الفضيحة، المئات من أبناء الشعب السوري دون محاكماتٍ
أصولية، وكثير منهم ليسوا من جماعة الإخوان المسلمين!..
13- قيام رئيس النظام (حافظ الأسد) بإلقاء سلسلةٍ من الخطابات الهستيرية
الاستفزازية، أكّد فيها نهجه الاستئصاليّ تجاه الإسلاميين والإخوان
المسلمين، وقد قال في أحد هذه الخطابات في (تموز 1980م) : (إنّ الخطة
السياسية إزاء الإخوان المسلمين وأمثالهم من الإسلاميين لا يمكن أن تكون
إلا خطة استئصالية، أي خطة لا تكتفي بفضحهم ومحاربتهم سياسياً، فهذا النوع
من الحرب لا يؤثر كثيراً في فعالياتهم، يجب أن ننفذ بحقهم خطة هجومية)!..
14- قام (رفعت الأسد) شقيق رئيس النظام وقائد سرايا الدفاع، بإطلاق خطةٍ
لما يسمى بالتطهير الوطني، وذلك خلال المؤتمر القطري السابع لحزب البعث،
المنعقد بتاريخ (6/1/1980م)، وفحوى هذه الخطة هو : جمع الألوف من نخب الشعب
السوري الإسلاميين المعارضين للنظام، في معسكرات اعتقالٍ جماعية، تحت ظروف
الأعمال الشاقة وعمليات غسيل الدماغ، لتنفيذ ما أطلق عليه اسم : (تخضير
الصحراء)!.. ومما جاء في خطاب (رفعت) في نفس المؤتمر : (إنّ ستالين أيها
الرفاق، قضى على عشرة ملايين إنسانٍ في سبيل الثورة الشيوعية، واضعاً في
حسابه أمراً واحداً فقط، هو التعصب للحزب ولنظرية الحزب، ولو أنّ لينين كان
في موقع وظرف وزمان ستالين لفعل مثله، فالأمم التي تريد أن تعيش أو أن
تبقى، تحتاج إلى رجلٍ متعصّب، وإلى حزبٍ ونظريةٍ متعصّبة)!..
15- قيام عناصر النظام وزبانيته، بأعمالٍ إرهابيةٍ عدة، منها مهاجمة كلية
الشريعة بجامعة دمشق، وتحطيم ما يمكن تحطيمه فيها (بتاريخ 1/6/1980م)،
وكذلك قامت عناصر المخابرات وسرايا الدفاع التابعة لرفعت الأسد بتاريخ
(2/6/1980م) .. بمداهمة جوامع دمشق ومساجدها في ساعةٍ متأخرةٍ من الليل،
وعاثوا فيها فساداً، ومزّقوا المصاحف وداسوها بالبساطير، وسرقوا محتويات
المساجد من كتبٍ ومسجّلاتٍ وسجّادٍ وأثاث، واستمروا في ذلك حتى الفجر وقدوم
المصلين، الذين تعرّضوا للإهانة والاعتقال والتنكيل!..
16- ممارسة الإرهاب بتنفيذ عمليات الاغتيال لبعض السوريين في خارج سورية،
فاغتيل بهذه العمليات الإرهابية : الضابط المسرّح (عبد الوهاب البكري) في
عمّان بتاريخ (30/7/1980م)، ورئيس الوزراء الأسبق وأحد مؤسسي حزب البعث
(صلاح البيطار) في باريس بتاريخ (21/7/1980م)، والسيدة (بنان الطنطاوي)
ابنة الشيخ (علي الطنطاوي) رحمه الله وزوجة الأستاذ الشيخ (عصام العطار)،
وذلك في آخن بألمانية بتاريخ (17/3/1981م)، والطالب السوري (محمود ودعة) في
بلغراد بيوغسلافية بتاريخ (1/10/1981م)، والتاجر السوري المغترب الشيخ
(نزار الصباغ) في برشلونة بإسبانية بتاريخ (21/11/1981م) .. هذا فضلاً عن
عمليات الاغتيال والاختطاف التي نفذتها أجهزة النظام، ضد رعايا لبنانيين
وفلسطينيين وأردنيين وعراقيين و.. !.. وكذلك تنفيذ عملياتٍ إرهابيةٍ دوليةٍ
ضد شخصياتٍ عربيةٍ ودوليةٍ ومؤسساتٍ صحافية، والتعاون مع الإرهابي الدولي
(كارلوس) لتنفيذ بعض المهمات الإرهابية المدفوعة الأجر من أجهزة النظام
ورفعت الأسد، ضد شخصياتٍ سوريةٍ معارضة!..
17- تنفيذ سلسلةٍ من عمليات الإعدام الجماعي بحق المعارضين، (إعدام خمسة
مواطنين بتاريخ 26/12/1979م)، و(إعدام أحد عشر عسكرياً من الضباط وصفّ
الضباط بتاريخ 5/7/1980م)، و(إعدام عشرين مواطناً في دمشق وسبعين مواطناً
في حماة، في أواسط تشرين الأول من عام 1980م) .
18- نَقْضُ النظام للاتفاق الذي تم بينه وبين جماعة الإخوان المسلمين، عبر
مبادرة الأستاذ (أمين يكن) في عام (1980م)، وذلك بإقدامه على إعدام بعض
المعتقلين الإسلاميين، من مثل : (حسني عابو)، ثم العودة إلى اعتقال عناصر
الجماعة.
19- تنفيذ سلسلةٍ من المجازر الجماعية بحق أبناء بعض المحافظات والمدن الآمنة العزلاء، ومن هذه المجازر المروّعة :

- مجزرة جسر الشغور بتاريخ (10/3/1980م)، التي راح ضحيتها ستون مواطناً،
ومثلهم من الجرحى، مع تهديم وإحراق خمسة عشر منـزلاً وأربعين محلاً
تجارياً!..
- مجزرة حماة الأولى بتاريخ (5-12/4/1980م)، التي قُتل فيها المئات من
المواطنين، ومن أبرز شهدائها : الدكتور (عمر الشيشكلي) رئيس جمعية أطباء
العيون، وقد قُلِعَت عيناه وألقيت جثته في حقلٍ زراعيّ .. و(خضر الشيشكلي)
أحد زعماء الكتلة الوطنية، الذي حرقوه بالأسيد ونهبوا بيته.. والدكتور (عبد
القادر قنطقجي) طبيب الجراحة العظمية، الذي ألقوا جثته في مكانٍ بعيدٍ بعد
تعذيبه وقتله .. والمزارع (أحمد قصاب باشي)، الذي قلعوا أظافره وقطعوا
أصابعه قبل أن يقتلوه!..
- مجازر جبل الزاوية بتاريخ (13-15/5/1980م)، التي راح ضحيتها أربعة عشر مواطناً!..
- مجزرة حماة الثانية بتاريخ (21/5/1980م)، التي راح ضحيتها مؤذّن جامع (الأحدب) وعشرة مواطنين .
- مجزرة حي المشارقة في حلب بتاريخ (11/8/1980م) صبيحة عيد الفطر، التي راح ضحيتها حوالي مئة مواطن!..
- مجزرة حماة الثالثة بتاريخ (10/10/1980م)، وراح ضحيتها ثلاثة عشر مواطناً بريئاً!..
- مجزرة سجن تدمر الكبرى بتاريخ (27/6/1980م)، التي قامت بارتكابها قوات
سرايا الدفاع التابعة لشقيق رئيس النظام (رفعت الأسد)، وتم فيها تصفية
حوالي (ألف معتقلٍ) من خيرة أبناء سورية : الطلاب وخريجي الجامعات والعلماء
والمشايخ وأساتذة الجامعات!..
20- الاعتداء في شوارع دمشق على النساء المسلمات المحجّبات، وعلى حجابهن،
من قِبَلِ سرايا الدفاع والمظليات الحزبيات، اللواتي انتشرن في شوارع دمشق
بتاريخ (29/9/1980م)، وشرعن بالتعرض للنساء المحجّبات تحت تهديد السلاح،
وبنـزع حجابهن من على رؤوسهن، مع شتمهن بالكلمات البذيئة والكافرة، وقد سقط
نتيجة هذه الأعمال الإرهابية الإجرامية عدد من النساء والفتيات المسلمات
قتيلاتٍ وجريحات، دفاعاً عن الحجاب والعِرض!.. ثم أصدرت السلطات بلاغاتٍ
إلى المدارس والمعاهد والجامعات، تدعو فيها إلى طرد الطالبات المحجّبات
ومحاربة الحجاب، وقد أدى هذا السلوك الإجراميّ إلى تخلي الكثيرات من
الفتيات المسلمات عن دراستهن في المدارس والجامعات، حفاظاً على دينهن
والتزامهن!..
21- بلوغ ذروة القمع، بارتكاب مجزرة حماة الكبرى، التي خلّفت دماراً
وضحايا، استحقت نتيجتها أن تسمى بـ (مأساة العصر)!.. فقد بدأت المأساة
بتاريخ (2/2/1982م)، واستمرت شهراً كاملاً، وقد ارتكبتها وحدات من الجيش
وسرايا الدفاع والوحدات الخاصة والمخابرات والأجهزة الأمنية وأجهزة الحزب
المسلحة، وأعملت بالمدينة قصفاً وحرقاً ورجماً بالصواريخ وإبادةً، ما أدى
إلى قتل حوالي (خمسةٍ وعشرين ألفاً) من المواطنين، وتهديم أحياء كاملةٍ في
المدينة، و(88) مسجداً، وأربع كنائس، وتهجير الآلاف من السكان، واعتقال
الآلاف من الرجال والنساء والأطفال، وفَقْد الآلاف أيضاً!..

لقد كانت (مأساة حماة ومجزرتها الكبرى)، نهاية مرحلةٍ من مراحل الصراع بين
الحركة الإسلامية والإسلام من جهة .. وبين النظام البعثي النصيري من جهةٍ
ثانية!.. كما كانت تتويجاً لمرحلة الانفجار الشامل، وبرهاناً للشعب على أنّ
النظام لن يتخلى عن ظلمه وبطشه مهما كلف ذلك من دماءٍ ودَمار!.. وقد كانت
هذه المأساة سبباً رئيسياً للحركة الإسلامية، لإعادة ترتيب أوراقها من
جديد، وإدارة الصراع برؤيةٍ أخرى مختلفةٍ في وسائلها، بعد مراجعةٍ شاملةٍ
لأدوات الصراع وأساليبه وظروفه المستجدّة!..
إنّ حمامات الدم التي ارتكبها النظام الاستبدادي، لم تستطع حل المشكلة
السورية، بل زادتها تعقيداً، وإن اختفت المعارضة المسلحة في نهاية هذه
المرحلة من الصراع، فإنّ المقاومة الشعبية والرفض الشعبي لنهج القمع
والاستبداد .. ما تزال مستمرة، ولن تنتهي إلا بزوال الإرهاب السلطوي،
وإطلاق الحريات العامة، والتخلي عن النهج الشموليّ الاستئصاليّ، وتحقيق
مبدأ تكافؤ الفرص، والاقتناع بأن الوطن لكل أبنائه، وليس لفئةٍ أو حزبٍ أو
طائفةٍ بعينها!..



3- المرحلة الثالثة (1983-2000م) : الصراع السياسي والإعلامي والأمني :


شكّلت مأساة حماة التي دمّرتها أجهزة السلطة .. منعطفاً حاداً في تاريخ
الحركة الإسلامية وتاريخ الصراع مع النظام، وقد كان هذا المنعطف دافعاً
قوياً للمراجعة وإعادة النظر بمواقف الحركة وسياساتها وخطتها، على ضوء
المستجدّات الملحّة، وكان لا بد من مراجعةٍ شاملةٍ للوسائل والأدوات التي
تحقق الهدف، وهو رفع الظلم عن كاهل الوطن والشعب، وهذه المراجعة هي من
النهج الثابت للحركة، فهي تنتقل في صراعها مع النظام من طورٍ إلى طور، ومن
موقعٍ إلى آخر، وفي كل مرحلةٍ تعيد تقويم موقفها، وتطوير رؤيتها، داعيةً
دائماً إلى وطنٍ حرٍ مستقر، ينعم فيه كل أبنائه بالحرّية والعدالة
والمساواة .

من أبرز الأحداث والمنعطفات التي وقعت في هذه المرحلة الطويلة (1983-2000م) التي انتهت بوفاة رئيس النظام (حافظ الأسد) .. ما يلي :

1- استمرار التدهور في الأوضاع الداخلية، الذي كان يظهر على شكل مجازر
مستمرةٍ يرتكبها النظام في سجن (تدمر) وفي حماة .. أو على شكل الاستمرار في
مصادرة الأملاك والاستيلاء على بيوت المعتقلين والملاحقين .. أو على شكل
الاستمرار في التحدي السافر للإسلام وقِيَمِه، كالاستمرار في الاعتداء على
حجاب المرأة المسلمة والفتاة المسلمة في المدارس (نزع الحجاب عن رؤوس
طالبات المدارس في حماة بالقوة بتاريخ 8/3/1983م) .
2- الاستمرار في سياسة الإعدامات والتصفيات الجسدية في الجيش السوري، فقد
أعدم عشرة ضباطٍ في ضواحي مدينة طرطوس الساحلية في (كانون الثاني 1983م)،
وكذلك أعدم (52) ضابطاً في حقل الرمي بعرطوز في (شباط 1983م)، وتم إطلاق
حملة تسريحات واعتقالات في صفوف الجيش في (تموز 1983م)، وإعدام (21) ضابطاً
في اللاذقية في (كانون الثاني 1984م)، وقتل ضابطٍ مسرّح في اللاذقية
بتاريخ (19/4/1984م)، وإعدام تسعة ضباطٍ طيارين بتاريخ (20/7/1984م)،
واعتقال (45) ضابطاً وإعدام عشرة، بعد الزعم بوقوع محاولةٍ انقلابيةٍ في
(تموز 1984م)، .. !..
3- استمرار حملات الاعتقال والتعذيب والقتل والمداهمة وتطويق الأحياء
وتمشيطها من قبل أجهزة النظام العسكرية والأمنية، فقد استشهد مواطن تحت
التعذيب في (فرع الخطيب-251) في (نيسان 1983م)، وقُتِلَت سيدة مسنّة في جبل
العرب في (آذار 1983م)، واغتيل طالب سوري في اليونان بتاريخ (28/7/1983م)،
وتم تطويق حي الميدان بدمشق وتمشيطه في (تشرين الأول 1983م)، وبدأت حملة
اعتقالاتٍ وتمشيطٍ في أحياء حلب بتاريخ (7/5/1983م)، وكذلك حملة اعتقالاتٍ
واسعة شملت حمص واللاذقية وجبل العرب ودمشق (25 معتقلاً) وبلدة التل
القريبة من دمشق (30 معتقلاً)، وذلك في (آذار 1983م)، وحملة اعتقالاتٍ
جديدةٍ في اللاذقية وحماة في (آذار ونيسان 1984م)، ثم تجدد الاعتقالات في
حماة وحلب في (حزيران 1984م)، وكذلك حملة اعتقالاتٍ واسعةٍ في إدلب ودير
الزور، .. !..
4- إحالة (175) مدرّساً ومدرّسةً في حماة إلى وظائف مدنية، وذلك في مطلع العام الدراسي (1983-1984م) .
5- استمرار النظام في سياساته التآمرية على الساحة العربية (تعطيل مؤتمر
القمة العربية الرابع عشر)، وسياساته الطائفية في لبنان، والكيدية
التمزيقية لضرب المقاومة الفلسطينية، والتخريبية الإرهابية ضد تركية!..
6- خوض الحركة جولتين من المفاوضات مع النظام السوري لحل المشكلة بين
الطرفين، وذلك في عام (1984م)، وعام (1987م)، ولم تسفر هذه المفاوضات عن
شيءٍ ذي بال، بسبب تعنّت وفد النظام، ورفضه تحقيق مطالب الحركة العادية
المشروعة، السياسية والحقوقية الفردية الطبيعية لكل مواطنٍ يطمح إلى العيش
في بلده بحريةٍ وأمان، علماً بأن هذه المطالب المشروعة لم تتعدَ ضمان حرية
العمل الإسلامي، والإفراج عن المعتقلين، ووقف ملاحقة المطلوبين، وعودة
المنفيين والمهجّرين، وإلغاء القانون رقم (49) لعام (1980م) الذي ينص على
إعدام كل منتسبٍ إلى جماعة الإخوان المسلمين (مجرد الانتساب)، واحترام
قِيَم الإسلام وشعائره، وضمان الحريات العامة والمساواة بين المواطنين!..
7- استمرار الحركة بشرح قضيتها، ومطالبة النظام الحاكم برفع الظلم عن كاهل
الشعب السوريّ، وردّ حقوقه المسلوبة في وطنه، وأهمها حق التعبير عن رأيه،
وكل الحقوق التي كفلتها شرائع السماء ومبادئ حقوق الإنسان!..
8- دخول الحركة في مرحلة صراعٍ أمنيٍ مريرٍ مع النظام الحاكم وعملائه
وأعوانه، الذين كان يحاول دسّهم في صفوفها، لشقّها، ولنشر الإشاعات،
وللقيام بمحاولات الابتزاز وإيجاد التناقضات مع الدول المضيفة، والنيل من
سمعة رجالات الجماعة ومفكريها!.. وقد كشفت الحركة العشرات منهم، وفوّتت
عليهم الكثير من الفرص .
9- استمرت الحركة برعاية أسر المنكوبين من سياسات النظام، والشهداء
والمعتقلين من ضحاياه، كما قدّمت يد العون لبعض أفرادها في تأمين فرص
العمل، وتأمين القبول الدراسي لطلابها في بعض الجامعات العربية .
10- قام النظام بالإفراج عن أعدادٍ من المعتقلين (أكثر من ألفي معتقلٍ
وسجينٍ سياسي)، بمجموعاتٍ متعاقبة، وبقي مصير الآلاف من المعتقلين
المظلومين مجهولاً!..
11- شنّ حملة اعتقالاتٍ ومداهماتٍ في بعض المحافظات السورية ضد بعض
الإسلاميين، لاسيما أعضاء (حزب التحرير الإسلامي)، وقد اعتُقِل مئات
الأشخاص وهُجِّرَ عدد آخر منهم إلى خارج البلاد خوفاً من الاعتقال والتعذيب
.
12- تجاوبت الحركة الإسلامية مع مبادرة الأستاذ (أمين يكن) رحمه الله، الذي
توسط لحل القضية مع النظام السوري، لكن النظام خذله كعادته، ثم اغتيل على
أيدي مجهولين داخل البلاد، يظن أنهم ينتمون إلى إحدى الجهات الأمنية، التي
تقف حائلاً أمام أي حلٍ للقضية بين الإسلاميين والنظام الحاكم، ويذكَر أنه
سبق مبادرة (يكن)، نزول الشيخ (عبد الفتاح أبو غدة) رحمه الله إلى سورية في
عام 1996م، للتفاوض مع رئيس النظام (حافظ الأسد) حول حل المشكلة، لكنه
أيضاً عاد خائباً، ولم يتمكّن حتى من الاجتماع إلى (حافظ الأسد)!..
13- وفاة رئيس النظام (حافظ الأسد)، وبداية ظهور تصريحاتٍ سياسيةٍ للحركة
الإسلامية، توضح استعدادها لحل المشكلة مع النظام، الذي تمت تهيئته لاستلام
(بشار بن حافظ الأسد) زمام الأمور في سورية، رئيساً للجمهورية بعد وفاة
والده!..
خامساً : انفتاح الحركة الإسلامية على العهد الجديد (2000-0000م)


لقد عانى الشعب السوريّ الأمرّين -وما يزال- طوال أكثر من ثلث قرن، بسبب
الاستبداد والظلم والجور والقهر، على نحوٍ لم يسبق له مثيل، ولقد كان للقوى
السياسية الوطنية الحقة الفاعلة في سورية دورها المشرّف، في مقاومة
الطغيان ومقارعة الظلم والاستبداد، بكل الوسائل الممكنة، وكان للحركة
الإسلامية دورها الطليعيّ الرائد في تلك المقاومة والمنازلة، وما يزال هذا
الدور متوهّجاً فاعلاً، وفق نهجٍ قديمٍ-جديدٍ متطوّر، جاء عصارةً لتجارب
العقود الماضية في العمل والكفاح، وبدأ هذا النهج بالرسوخ والاستقرار،
اقتناعاً بأنه الطريق المجدي المناسب للظروف والمرحلة التاريخية، باتجاه
إحقاق الحق وإبطال الباطل، والعودة بالوطن والأمة إلى حقيقة دورهما
وأَلَقِهِما، ضمن لُحمةٍ وطنيةٍ راقية، يتسامى فيها أبناؤها على جراح
الماضي وآلامه وفجائعه .. فالوطن مستهدَف، والمصير مشترك واحد، والعدوّ على
أبوابه وعند أعتابه، يكاد يُطبق عليه من كل الاتجاهات!.. ومن هذا المنطلق،
الذي يضع المصلحة الوطنية العليا فوق أي اعتبار، فإن الحركة أعلنت بشكلٍ
واضحٍ -على الرغم من اعتراضها على الطريقة التي تم بها تنصيب (بشار حافظ
الأسد) رئيساً للجمهورية، ومطالبتها بأن يُردّ الأمر إلى الشعب ليختار من
يمثله بشكلٍ حرٍ وحضاري، وأن تُرفع الوصاية العسكرية والأمنية والحزبية
عنه- .. على الرغم من ذلك، فقد أعلنت على لسان أعلى سلطةٍ فيها .. أنه ليس
لديها مشكلة مع شخص الحاكم الجديد (بشار الأسد)، ولا تحمّله مسؤولية
الماضي، وأنّ المهم عندها هو منهاج الحكم والسياسات وبرامج العمل والإصلاح،
وموضوع الحرية، وقبول التعددية الفكرية والسياسية، والمساواة بين
المواطنين، وتحقيق الوحدة الوطنية وبرامج التنمية، .. وأنّ الحركة
الإسلامية تطمح أن تقوم بدورها كاملاً في الساحة الوطنية، من مثل : تدعيم
الوحدة الوطنية على أساس أنّ الوطن لجميع أبنائه، والمشاركة في الحياة
السياسية بشكلٍ إيجابيّ، ومناهضة المشروع الصهيوني والهجمة التطبيعية
بالتعاون مع جميع القوى الوطنية، والمساهمة في برامج التنمية الاقتصادية
للخروج من الوضع الاقتصاديّ الذي ينوء تحته المواطن، وإزالة عوامل الفساد
والاحتقان السياسي والاجتماعي!..
لقد أعلن النظام على لسان رئيسه الجديد في (خطاب القَسَم) أمام مجلس الشعب
في (تموز 2000م)، أنه سيسير في طريق الانفتاح والإصلاح السياسي والاقتصادي
والتربوي والاجتماعي والأمني، وقطع على نفسه الوعود، بأنه سيحارب الفساد
بكل أشكاله، وسيرسّخ دولة القانون، وسيحفظ للمواطن حقوقه الكاملة .. لكن
وبعد مرور أكثر من ثلاث سنواتٍ على الوعود التي قُطِعَت في (خطاب القَسَم)،
ما يزال النظام يتخبّط في خطواته، ويُصرّ على نهجه الاستبداديّ الأحاديّ .


من أبرز المنعطفات والأحداث التي وقعت حتى الآن خلال هذا العهد الجديد (عهد بشار بن حافظ الأسد):

1- قام النظام بعملية (غض نظر) عن بعض مظاهر الحراك السياسي ونشاط المجتمع
المدني، الذي أفرز تشكيل بعض المنتديات السياسية والثقافية في المحافظات
الكبرى الرئيسية، وقد شهدت الساحة السياسية السورية بعض الحرية في إبداء
الرأي غابت عنها عشرات السنين، لكن ذلك كله تم إجهاضه من قبل النظام،
وألغيت المنتديات، واعتقل بعض مؤسسيها والمنتمين إليها!..
2- صدور بيان المثقفين، الذي سمي ببيان الـ (99) في عام 2001م، الذي يطالب
السلطات السورية بالديمقراطية والانفتاح وإطلاق الحريات العامة، وكذلك صدور
بيان الـ (ألف) عن ألف مثقفٍ سوريّ، يطالب بإطلاق الحريات العامة، وقد كان
لمثل هذه البيانات غير المعهودة في الساحة السورية، أثرها لدى الشارع
السوري المتعطّش للحرية ولرفع كابوس الظلم والاستبداد عن كاهله، لكنها لم
تلق أي تجاوبٍ لدى النظام الحاكم، بل هوجم أصحابها على لسان رئيس العهد
الجديد أكثر من مرةٍ بمقابلاتٍ أو تصريحاتٍ صحفيةٍ وتلفزيونية .
3- استمرار فرض قوانين الطوارئ والأحكام العرفية، المفروضة أصلاً منذ عام
1963م، واستمرار محنة المعتقلين والمفقودين والمهجّرين من أبناء الوطن،
واستمرار حرمان عشرات الألوف من المواطنين الإسلاميين وغيرهم من أبسط حقوق
المواطنة .
4- بروز ظاهرة تحدي السلطات الحاكمة، بالمجاهرة في إبداء الآراء المخالفة
لرأي النظام والمعارِضة لبعض سياساته، لكن هذه الظاهرة قُمِعَت بقسوة،
واعتُقِل أصحابها وحُكِم عليهم بالسجن، كما حصل مع النائِبَيْن في مجلس
الشعب (رياض سيف ومأمون الحمصي) ومع زعيم حزب العمل الشيوعي السوري (رياض
الترك) في عام 2002م، الخارج لتوّه من غيابة السجن الذي قبع فيه قرابة سبعة
عشر عاماً!..
5- قامت الحركة الإسلامية بإطلاق (ميثاق الشرف الوطني) في عام 2002م، الذي
اتفقت عليه بعض الأحزاب والشخصيات السياسية المعارضة للنظام، وشُكِّلَت له
لجنة باسم (لجنة الميثاق)، وعقد المتعاقدون عليه (مؤتمر الحوار الوطني
الأول) خارج سورية، وعرضوا رؤيتهم المشتركة لمستقبل سورية السياسي الذي يجب
أن يكون، وتم إصدار بياناتٍ عدة باسم اللجنة المشتركة للميثاق .
6- كما قامت الحركة بإعداد (المشروع الحضاري لسورية المستقبل)، الذي تعرض
فيه رؤيتها الإسلامية والسياسية لمستقبل سورية : (الوطن والشعب)، وتأكيدها
على إقامة بنيان دولةٍ حديثةٍ، تَستمدّ من الإسلام روحَ العدالة والمساواة
والتسامح، وروحَ العقد السياسي الذي يوظَّف الحاكم بموجبه مشرفاً على صيانة
العدل وحماية الحق ورعاية الناس، وفيها من الحداثة كل معطياتها الإيجابية،
وأساليبها العصرية، بما يحقق الأمل المعقود عليها، والمنصوص عليه في مقاصد
الشريعة العامة، في إطارٍ من الرحمة الإسلامية العامة .
7- ما يزال النظام الحاكم يتمسك بثوابته في حكم (الحزب القائد)، وقد نص على
ذلك بالمادة رقم (8) في الدستور، وما يزال يُصرّ على النهج الاستبداديّ،
على الرغم من أنه أطلق سراح مئات المعتقلين السياسيين، وحاول أن يغزل للناس
وعوداً عن ضمان الحرية والأمن والديمقراطية والإصلاح والانفتاح!..
8- توظيف النظام توجّه أميركة والغرب في ما يسمى بـ (مكافحة الإرهاب)،
واستغلال ذلك للابتزاز، وللإيقاع بالإسلاميين وأبناء الوطن، بعد تلفيق تهم
الإرهاب لهم، وخضوعه خضوعاً تاماً للإرادة الخارجية والأميركية، مع تصنّعه
التزام الوطنية والصمود والثبات على المبادئ في أجهزة إعلامه .
9- استمرار نهج الاعتقال والتوقيف من غير محاكمة، وتزوير إرادة المواطن في
الاستفتاءات والانتخابات، والإذلال والاضطهاد .. وقد روى أحد المعتقلين
العراقيين في سورية (هلال عبد الرزاق)، من حَمَلَة الجنسية البريطانية ..
لجريدة (القدس العربي) الصادرة في لندن، الذي أفرِجَ عنه بعد عامٍ تقريباً،
من أحد سجون النظام السوري في العهد الجديد بلا أية تهمة .. روى أموراً
رهيبةً مخزيةً شاهدها في السجن وعايشها، عن القمع والبطش والتعذيب
والابتزاز واللصوصية والقهر، فقد شرح كيف يُقمَع المواطن السوريّ، وكيف
يُحارَب الطفل المسلم، وكيف تُحارَب المرأة المسلمة، وكيف تُنتَهَك الكرامة
الإنسانية للسوريين، وكيف تُزوَّر إرادة الشعب في الانتخابات، وكيف
تُحارَب الجالية الفلسطينية ويُتآمَر عليها، وكيف تنمو عصابات الفساد
والمافيات واللصوصية، وكيف ينافق النظام الحاكم ويقدّم صورةً مشرقةً
مزوَّرةً خادعةً عن نفسه، وكيف تُحصى على المواطن أنفاسه وتُراقَب حركاته
ومكالماته الهاتفية، ثم يُسَلَّط عليه أنذل خَلْقِ الله وأشدّهم انحطاطاً
وساديّةً وشذوذاً، وكيف تُمارَس سياسات التمييز بين المواطنين، من قِبَلِ
ثلّةٍ انسلخت عن الشعب والوطن، وغدت لا تمثّل إلا نفسها، وتقترف ما تقترف
باسم طائفةٍ كاملة!.. وذلك كله، من خلال ما شاهده بنفسه وعايشه في السجن،
في الفترة الواقعة ما بين (23/7/2000م) و(22/6/2001م)، أي في العهد
الجديد!..
10- استمرار تعامل النظام مع أبناء الشعب بعقليةٍ أمنية، وعقلية القمع
والبطش وحمّامات الدم والأحكام العُرفية، وخير دليلٍ على ذلك طريقة تعامله
مع شريحة الأكراد السوريين في القامشلي وحلب في (آذار 2004م)، التي بدأت
بمباراةٍ رياضيةٍ عادية، وذهب ضحيتها قتلى وجرحى!.. وكذلك طريقة تعامله مع
بعض الاعتصامات المدنية السلمية، كالاعتصامات التي قام بها طلاب (جامعة
حلب) في (آذار 2004م)، التي قام من خلالها بحملة اعتقالاتٍ تعسفيةٍ في صفوف
الطلاب، وقام وكلاؤه في مجلس الجامعة ومجالس الكليات بحملة تطهيرٍ أدت إلى
فصل عددٍ من الطلاب من الجامعة، وتجميد الدراسة لعددٍ آخر منهم!.. وكذلك
موقفه القمعيّ من الاعتصام الذي قام به أنصار المجتمع المدني وحقوق الإنسان
في (آذار 2004م) عند مبنى (مجلس الشعب)، للمطالبة باحترام حقوق الإنسان
السوري!..





قام النصيريون الشيعة بعدة مجازر في حق أهل السنة العُزّل الأبرياء , ومن هذه المجازر التي يندى لها جبين التاريخ ما يلي :

1. مجزرة مدينة طرابلس لبنان على يد الشيعة النصيرية
: ففي عام 1985م خشي النظام النصيري السوري الشيعي من صحوة أهل السنة في
بلاد الشام , وبالتحديد في مدينة طرابلس اللبنانية , فأمر النصيري السوري
حافظ الأسد بتحريك عملائه وأعوانه من الرافضة والنصارى لهدم مدينة طرابلس
الفيحاء , فحرك أعوانه في حي بعل محسن النصيري , كما تحركت الأحزاب العميلة
كالحزب السوري القومي والمعروف بعلاقاته المشبوهة مع المخابرات
الإسرائيلية , والحزب الشيوعي اللبناني , والنصارى الأرثوذكس , ومنظمة حزب
البعث بقيادة الشيعة الحاقدة أمثال عاصم قانصول وعبدالأمير عباس , وبدأ
النصيريون في حي بعل محسن بتنفيذ أوامر القيادة فأطلقوا قذائفهم ونيران
أسلحتهم المتطورة على حي التبانة الذي يبعد عنهم بضعة أمتار ولا يفصله عنهم
إلا شارع سوريا , وكانت القوات النصيرية السورية قد شددت حصارها على مدينة
طرابلس , واستقدمت تعزيزات عسكرية تتألف من 4000 جندي نصيري أحاطت بمدينة
طرابلس من كل جانب , كما حاصرت الطائرات الحربية النصيرية طريق البحر إلى
ميناء طرابلس , وبدأت مدفعية الجيش النصيري بقصف مدينة طرابلس السنية
بالتعاون مع الدبابات المرابطة فوقها وبالتحديد فوق منطقة الكورة وتربل
والتبان , وأستمر القصف النصيري الشيعي المركز على أهل السنة العُزّل في
طرابلس قرابة العشرون يوماً , حيث انصب على المدينة أكثر من مليون صاروخ
وقذيفة , مما أدى إلى تدمير نصف مباني طرابلس , كما تم تدمير معظم الشوارع ,
وأحاطت النار بمداخل المدينة البرية والبحرية وأنقطعت عن العالم هاتفيا
ولاسلكيا , وقد وصف المراسلون في ذلك الوقت مدينة طرابلس بقولهم إن طرابلس
أصبحت تبدو في النهار كمدينة أشباح تغطيها أعمدة الدخان الأسود وتهزها
انفجارات القذائف المدفعية والصاروخية , وفي الليل تصطبغ سمائها بلون أحمر
منعكس من لهيب نيران المدفعية .

2. مجزرة مخيم تل الزعتر في عام 1976م :
رتب الجيش النصيري السوري بالتعاون مع الميليشيات الصليبية المارونية
الحاقدة حصار واقتحام تل الزعتر الفلسطيني , الذي كان يحتوي على 17000
فلسطيني من أهل السنة , حيث دكت المدفعية الشيعية النصيرية المخيم , وكانت
البحرية الإسرائيلية تحاصره من البحر وتطلق القنابل المضيئة , عندها دخلت
قوات الكتائب الصليبية المارونية وارتكبت مجزرة رهيبة بالتعاون مع النظام
السوري النصيري الملحد , كانت نتيجة هذه المجزرة 6000 قتيل من أبناء السنة
وعدة آلاف من الجرحى , ودُمر المخيم بالكامل .

3. مجزرة سجن تدمر على يد الشيعة النصيرية قاتلهم الله
, ففي عام 1980م تعرض الرئيس الشيعي النصيري حافظ الأسد إلى محاولة إغتيال
فاشلة من قبل أحد عناصر حرسه الخاص , فحمل المسئولية مباشرة لأهل السنة
والجماعة , فأمر شقيقه رفعت ورئيس سرايا الدفاع في ذلك الوقت أن يقوم بعمل
إنتقامي إجرامي يستهدف نزلاء سجن تدمر الصحراوي الواقع في بادية الشام شرق
سوريا , حيث كان معظم السجناء من أهل الخير والصلاح والاستقامة .. يقول
تعالى : ** وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَن يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ
الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ **8} الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ
وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ **9}} . ففي فجر اليوم السابع
والعشرين من شهر يونيو عام 1980م ,قام حوالي 200 عنصر من اللواء 40 واللواء
138 من سرايا الدفاع التابعة مباشرة للطاغوت النصيري رفعت الأسد بالإنتقال
بالطائرات المروحية من مناطق تمركزهم من دمشق إلى سجن تدمر , حيث قاموا
بإلقاء القنابل على السجناء من أبناء أهل السنة , وفتح نيران أسلحتهم عليهم
وهم في زنزاناتهم حيث ماتوا عن آخرهم خلال نصف ساعة , ثم قامت بعد ذلك
شاحنات كبيرة بنقل جثث القتلى ورميها في حفر قد أعدت مسبقا لرمي الجثث فيها
وادي شرق بلدة تدمر , ثم عاد الشيعة النصيريون المنفذون إلى قواعدهم في
دمشق وقد تلطخت ثيابهم بدماء أهل السنة الأبرياء ووزع على كل واحد منهم
مكافأة مالية , حيث راح ضحية هذه المجزرة أكثر من 700 شاب مسلم من حملة
الشهادات العليا فلا حول ولا قوة إلا بالله , وقد ناقشت لجنة حقوق الإنسان
التابعة لمنظمة الأمم المتحدة وقائع هذه المجزرة الرهيبة في مدينة جنيف في
دورتها السابعة والثلاثين , ووزعت عل اللجنة الوثيقة رقم 1469/ 4 بتاريخ
4-3-1981م .

4. مجزرة هنانو عي مدينة حلب على يد الشيعة النصيرية ,
ففي شهر آب عام 1980م , وفي صبيحة أول أيام عيد الفطر المبارك أجبرت عناصر
القوات الخاصة النصيرية مجموعة من سكان منطقة المشارقة على الخروج منازلهم
وحوانيتهم , وأرغمت المصلين على ترك المساجد , وجمعتهم في مقبرة هنانو ,
ثم فتحت نيران الأسلحة المختلفة عليهم وأجهزت بعد ذلك على الجرحى منهم ,
وقد عدد بلغ ضحايا هذه المجزرة 83 شخصاً فلا حول ولا قوة إلا بالله .

5. مجزرة جسر الشغور : ففي شهر آذار عام 1980م
حاصرت القوات الخاصة النصيرية والتي حملتها 16 طائرة عمودية بلدة جسر
الشغور الواقعة في محافظة أدلب شمالا , ووجهت صواريخها ومدفعيتها نحو
البيوت حيث هُدم في هذه المجزرة 20 منزلا و 50 حانوتا كما قُتل نحو 100 شخص
من أهل السنة وأعتقل المئات من أبناء أهل السنة والجماعة , وقد استمرت هذه
المجزرة ثلاثة أيام تحت القصف والتمثيل بالأطفال والنساء والشيوخ , وروى
ناجون من هذه المجزرة حوادث وقعت فيها مثل شق جسم طفل صغير لا يتجاوز عمره 6
أشهر إلى شطرين أمام أمه التي توفيت فور رؤية المشهد .

6. نزع حجاب المسلمات العفيفات في دمشق , ففي صيف
وخريف عام 1980م قامت المظليات النصيريات التابعات لجيش السرايا النصيري
بالاعتداء على النساء المحجبات من أهل السنة وذلك بنزع الحجاب من على
رؤوسهن في شوارع المدينة , وقد قالت الصحيفة السويسرية لوسيرم رونويسته
الصادرة في يوم 17 –10-1980م ما نصه : ( إن عملية الاعتداء على المحجبات في
سوريا هي إحدى الطرق التي يحارب بها الأسد الإسلام ) .

7. مجزرة مدينة حماة السورية , تلك المجزرة
الرهيبة التي هزت كيان كل مسلم في ذلك الزمان , ففي عام 1982م أصدر العميد
رفعت الأسد أوامره بجمع القوات الشيعية النصيرية , والمدربة تدريبا خاصاً
والمتواجدة في كل من لبنان وجبهة الجولان , وحوصرت مدينة حماة المسلمة
بقوات من جيش السرايا , جيش السرايا إخواني في الله كان يتكون من وحدات
تدعى سرايا , وهي مجهزة تجهيزاً ممتازاً بالآليات والصواريخ وأحدث المعدات
المضادة للدبابات , حتى وصل عدد هذه الوحدات إلى 55 ألف جندي نسبة الشيعة
النصيرية تصل على 95% , حيث كان يتمتع هذا الجيش باستقلالية كاملة عن سائر
القوى العسكرية السورية ..

فحوصرت مدينة حماة المسلمة بقوات من جيش السرايا والقوات الخاصة الشيعية
النصيرية , وذلك بإقامة حزامين حولها , إضافة إلى قوات من المشاة والمدفعية
والدبابات , مما أدى إلى عزل هذه المدينة المسلمة عن المدن السورية , وسد
جميع منافذها والطرق المؤدية إليها , وقطع الماء والكهرباء عنها إضافة إلى
المؤن الغذائية والإسعافات الأولية , وعندها أعطيت إشارة البدء في اليوم
الثاني من شهر فبراير عام 1982م , فبدأت القوات النصيرية الشيعية تقصف
المنطقة المعزولة عن العالم الخارجي بمختلف الأسلحة الفتاكة المدمرة ,
وقُصفت المدينة قصفاً مركزاً ومستمراً منذ الساعات الأولى في فجر ذلك اليوم
, بينما كانت وحدات المشاة تقوم باقتحام الأحياء السكنية ومداهمة المنازل
وقتل من فيها , ومن المشاركين في هذا الهجوم اللواء 47 المدرع واللواء 21
المدرع وقوات من الفرقة الثالثة المدرعة بقيادة العميد النصيري شفيق فياض ,
وقوات من سرايا الدفاع تقدر ب 10000 عنصر تابعة للشيعي النصيري رفعت الأسد
, وقوات من الوحدات الخاصة تقدر ب 3000 عنصر بقيادة العقيد النصيري سليمان
الحسن والتي سُحبت من لبنان , وقوات من لواء المهمات الخاصة بقيادة العقيد
النصيري علي ديب , وعناصر من سرايا الصراع بقيادة النصيري عدنان الأسد .

أما الأسلحة التي استخدمت في تدمير هذه المدينة وإبادة سكانها العزل فشملت
راجمات للصواريخ ومدفعيات ثقيلة ودبابات ومدرعات ومدافع هاون ومدافع محمولة
عيار 106 ملم , إضافة إلى الصواريخ المحمولة على الأكتاف والتي تسمى آر بي
جي سفن ( RBJ-7 ) , وطائرات مقاتلة عمودية وطائرات إنزال مروحي وقنابل
مضيئة وحارقة وعنقودية , إضافة إلى الأسلحة الرشاشة والأسلحة الفردية .

وقد تم تدمير وهدم 88 مسجد وزاوية من أصل 100 , وهدم 21 سوقاً تجارياً تضم
المئات من المحلات والدكاكين , كما هدمت 7 مقابر على رؤوس الأموات , و 13
حياً سكنيا دُمر تدميرا كاملا , وتم إبادة 27 عائلة بكامل أفرادها , والتي
من بينها عائلة الكيلاني التي قُتل منها 280 شخص , وفُتح 11 مركزا أمنياً
للاعتقال والتصفية لشباب أهل السنة .

كما أسفرت هذه الجريمة , إخواني في الله , وهي الجريمة النكراء التي قام
بها الشيعة النصيرية على مقتل ما يربو على 40000 ( أربعين ألف) مسلم من أهل
السنة والجماعة , واعتقال 15000 شخص آخرين يعتبرون إلى الآن في عداد
المفقودين , بينما تشرد حوالي 150 ألف مسلم في المدن السورية الأخرى , وبعض
البلاد العربية الأخرى المجاورة , وتعرض ما يقارب ثلث المدينة للتدمير
الكامل .

وقُدرت الخسائر المالية بحوالي 550 مليون دولار فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
ارسال رد

هــــــام

ندعوك للتسجيل في المنتدى لتتمكن من ترك رد أو تسجيل الدخول اذا كنت من اسرة المنتدى

صلاحيات هذا الموضوع
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى