..
يا شعب سورية, لا تحزن رغم خذلان القريب, رغم تخلي الصديق, وانكسار الجار, وخضوع العالم, وهم يتفرجون على الحريق.
لا تحزن, ولو كان الشهداء بآلاف القوافل, ورائحة الدم في كل زاوية, وأشلاء
الأحرار في كل ركن, وأنات الثكالى تملأ الآفاق, وتتردد في جنبات الكون,
صارخة بقوة, ومنادية بعنف, والبسمة لم تغادر ثغرك… الله أكبر.
لا تحزن, في الوقت الذي يتفطر فيه القلب, أسى وألماً, حسرة, على الذي حلّ
بك, من ظلم وقهر وويل, هدم وحرق, حرمان وجوع… وأنت من أنت, عنوان مجد,
ورفعة دهر, مشردون في البلدان, يهجرون المدائن, التي طالما أوت الذين
يحتاجون الإيواء.
لا تحزن رغم أنك ما تركت أهل خير, يحتاجون لنجدة, ولم تترك محتاجاً دون
غوث, بعون الله وتوفيقه, بلا منة, ولا أذى, بل تشعر من أحسنت إليه’ أنه هو
رب الدار.
لا تحزن, وأنت ترى شبيحة النظام, يتطاولون في
الكلام, ويرقصون على جراحك, فهذه هي العادة, مع القوم الذين لا همّ لهم سوى
ذواتهم, ولا يفكرون إلاّ في بطونهم, فهم يهبطون حتى رضعوا الوحل, ومصوا
الذباب, وأنت من سيسطر تاريخك بصحائف النور, وماء الذهب, والدنيا زائلة,
والناقد بصير.
لا تحزن, في الوقت الذي, تقف فيه حكومة روسيا, موقفها المؤيد لذبحك,
والمساند لجلاّدك, والموقع على قتلك, والمساوم على حساب دمك, والمراهن على
مصالحه, ولو على دماء الأطفال, وأشلاء النساء, وتخريب البيوت على رؤوس
ساكنيها النائمين في جوف الليل.
لا تحزن فهذا هو الطريق, وبدّ من بروز
ثنائياته, وظهور أضداده, ووضوح تناقضاته, ليميز الله الخبيث من الطيب,
ويفرز الناس بالمحنة إلى فرق, والفوز في هذا لمن عرف واجب الوقت, والتزم
بفقهه, ولو خان بعض حملة الفقه, فرب مبلغ أوعى من سامع, وعلى المنافقين
تدور الدوائر, وهم في الدرك الأسفل من النار.
لا تحزن, وكل العالم يشاهد أصحاب العمائم السوداء,
يتآمرون عليك, وينددون بك, ويصفونك بما أنت منه براء, ويلقبونك بألقاب سوء
تعود عليهم بالإبطال لصالحك, وينبزونك بكلمات, هي بئس الفسوق, وأبوا إلاّ
ما ألفوا عليه, فقد فعلوا هذا بمن هو أطهر منك, وتأبى العقرب, أن تألف غير
طبيعتها.
يا شعب سورية, لم تعرف الطائفية, وتأبى أن تذكرها فضلاً عن أن تمارسها,
ولكنهم أبوا إلاّ هي, وبقيت كبيراً بفقهك, بعلمك, بعقلك الكبير, بترفعك عن
أساليب الهمج الرعاع, وسقطوا هم في لجج الغواية والعماية, وأنت الرابح, وهم
الخاسرون.
(وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون).
يا شعب سورية,,,,, لا تحزن. رغم التسويف بنصرك, وبطء الحراك في نجدتك,
وينطبق المثل الشعبي عليهم (لقمة الشبعان على الجوعان
بطية) رغم أنهم أبناء العمومة, وإخوة الدم, وتجمعنا بهم رابطة الدين, فالله
من فوقهم محيط, والأيام دول.
يا شعب سورية,,, لا تحزن لسبب بسيط, هو: (أنّ الله معنا)..
لأنّك مظلوم… مقهور… معتدى عليك…. لكنك في النهاية,,, منصور منصور, بإذن
الله تعالى, فأنت -لأنك صاحب الحق في قوانين الأرض, وشرائع السماء- لن تخذل
مهما طال الزمن, ونهارك قادم مهما تطاول الظلام, وغدك الجميل حاصل, ولو
انتشرت بعض القمامات هنا وهناك.
إنها سنة الله الماضية, وقانونه الذي لا يتخلف.
(ويومئذٍ يفرح المؤمنون بنصر الله).