في البدء يجب ان أقول انه كما ان ليس كل سني موالي للعصابة الاسدية و مستفيد منها، فكذلك ليس كل علوي موالي للعصابة الاسدية و مستفيد منها. و كما ان هناك من بين أبناء السنة من هو مجبر على المشاركة في الأفعال الإجرامية لعصابة الأسد من قتل و تجسس و تعذيب، فكذلك هناك من بين أبناء الطائفة العلوية من هو مجبر على ارتكاب أفعال القتل و التجسس و التعذيب. و أخيرا، فأنني اقر بان هناك من بين العلماء و الشيوخ المحسوبين على السنة من هو كاذب و منافق و يوالي النظام.
و لكن مع كل هذا و ذاك فهناك دائماً العقلاء من كل طائفة الذين يستطيعون النظر فيما وراء الأحداث و لا ينخدعون بالمظاهر و الدعايات الكاذبة، و يتفكرون في ما ستؤول إليه الأمور فيما لو تركت على حالها.
و نبدأ بالحلقة الأضيق في عصابة الأسد و شاليش و مخلوف، فهؤلاء كانوا اكبر المستفيدين و لديهم ثروات هائلة بالبلايين سرقوها من هذه الأرض الطيبة و اخرجوا جزءاً كبيراً منها إلى الخارج على شكل أرصدة في البنوك الدولية و عقارات في الخارج و مساهمات في الشركات الأجنبية. و هذه سيقوم الغرب و الشرق بالاستيلاء عليها بعد ان تسقط عصابة الأسد و تلجأ إلى إيران. و هذه العصابة قد كونت هذه الثروات ليس عن طريق التنمية و الاستثمار الشريف، و إنما عن طريق سرقة عوائد البترول و تحصيل العمولات عن الصفقات الحكومية، و أيضا عن طريق الرشاوى و الإتاوات من كبار التجار و الاستيلاء على عقارات و ممتلكات الآخرين.
و لذلك فان هذه الثروة لم يكن يشارك عصابة الأسد و أقرباؤه فيها احد، سوى اقرب المقربين من أصهار و رجال أعمال يسجلون أجزاء من هذه الثروات بأسمائهم مقابل عمولات و ضمانات. أما باقي أفراد الطائفة العلوية فقد فتح لهم نظام عصابة الأسد أجهزة الجيش و المخابرات و الأفرع الأمنية المختلفة و استحدث لهم وظائف حكومية، كنوع من المكافأة و لشراء الولاء. مثل صدام حسين و أي طاغية أخر عندما يقسم ثروات البلد على أسرته و أبناء عشيرته المقربين.
و لكن في الحقيقة، لا يمكن لأي نظام يقوم على توزيع ثروات البلد على الأسرة و أبناء العشيرة ان يستمر طويلاً. لان موارد البلد الطبيعية (بترول، زراعة، سياحة) مهما كانت فهي محدودة، و تنمية موارد البلد تحتاج إلى الاستثمار في الموارد البشرية و إطلاق قدرات الشعب. و لكن نظم الطغيان و نهب الثروات العامة لا تستطيع إطلاق قدرات الشعب، بل هي تستخدم الثروات الطبيعية للصرف على أجهزة القمع و التعذيب و التجسس، و تكديس الأسلحة ليس لمواجهة الأعداء، و إنما لإرهاب الشعب.
و عندما ترهب الحكومة الشعب بالأسلحة و الأجهزة القمعية، فان الشعب لا يستطيع محاسبة حكومته على الفساد لان أدوات العقاب و التخويف تكون في يد الفاسدين أنفسهم. و من ناحية أخرى، فان النظام الحاكم يستطيع شراء ذمم الناس بالمال، و بالتالي لا يعود هناك قضاء عادل و نزيه، و إنما يصبح هناك قضاء مرتشي و جبان، يتبع الأقوياء و يشارك في عملية الإفساد.
و الفساد يدمر المجتمع و يقضي على مستقبل البلد من ناحيتين، فهو أولا يسرق الأموال العامة المخصصة للتنمية و الاستثمار، و يشل القطاع العام (طرق، مستشفيات، مدارس، جامعات). و الناحية الثانية هي تدمير العنصر البشري نفسه، لان نمو المجتمع و عماره إنما يقوم على العدالة و تحصيل الحقوق. فالمثل الذي يقول من جد وجد، و من زرع حصد، هو المثل الذي يبني ثروات الشعوب، بإطلاق قدراتها على العمل و التنافس الشريف. و لكن عندما يقوم نظام الحكم بالاستيلاء على المال العام و توزيعه على المقربين، فان أفراد الشعب سيتجهون تدريجياً لاستجداء المال من النظام الحاكم و العمل على التقرب من رجال الحكم بدلاً من العمل الشريف و الإنتاج.
و التقرب من رجال الحكم يكون بإظهار الولاء الشديد و دفع الرشاوى بأشكالها المختلفة. و الأسوأ من هذا، هو إجبار النظام الحاكم للناس الشرفاء على دفع الرشاوى لهم و إلا قام بعرقلة أعمالهم و إيذائهم. و هو ما يعرف بالسلبطة و البلطجة. و عندما يحصل ذلك، فان الشباب ينصرفون عن العمل الجاد الشريف، و ينضمون إلى قوافل السلبطة و البلطجة بأشكالها و أنواعها المختلفة، لأنها اقصر و أسهل و اربح الطرق. او يهربون من بلدهم إلى الخارج، ليرسلوا الأموال بعد ذلك إلى بلدهم، حيث يسرق جزء كبير منه بسبب مافيات السلبطة و البلطجة.
و كنوع من التمويه و الخداع، فان النظام السارق يقوم بعمل بعض المباني و المنشات الفاخرة ليضلل الناس عن حقيقة الوضع الاقتصادي المدمر. فيقوم ببناء جسر هنا و مشفى هناك، و ربما أوحى إلى بعض شركائه ببناء مجمع تجاري فاخر. و لو قمنا بعملية حسابية بسيطة، فانه لو قام النظام بسرقة 10 دولارات يومياً من كل مواطن سوري فان ذلك سيكون في حدود 84 بليون دولار سنوياً. فإذا قام النظام ببناء سوق فاخر (بحدود 50 مليون دولار)، و جسر رئيسي (بحدود 250 مليون دولار)، و مستشفى كبير و مجهز (بحدود 50 مليون دولار)، فانه لم يصرف شيئاً من هذا المبلغ الضخم، و يتم تحويل معظم المبلغ إلى حسابات آل الاسد و مخلوف و شاليش، كما يوزع المتبقي على رجال المخابرات و الشبيحة لضمان ولاؤهم.
و المشكلة ان النظام الاسدي كما يعتمد على سرقة الموارد الطبيعية، و سرقة ارزاق الناس عن طريق السلبطة و البلطجة، فانه يسرق مستقبل الناس عن طريق اغلاء أسعار العقار، بحيث ان الذي يريد ان يفتح ورشة أو دكان يدفع جزءاً كبيراً للإيجار. هذا طبعاً إذا تأمن السكن.
هذا هو النظام الاسدي الإجرامي الذي نسعى لإسقاطه. فهو نظام سرق البلد و دمر مستقبل شبابها، ثم اتبع ذلك بارتكاب أفظع الأفعال الإجرامية لحماية نفسه من الشعب الثائر على الظلم و القهر و التخويف. و هذا النظام ليس له مستقبل على اية احال، لان اعداد اللصوص في ازدياد و اعداد المسروقين المحرومين في ازدياد بينما كمية المال المتحصل من الموارد الطبيعية في تناقص. فارجوكم دعونا من موضوع المؤامرات الخارجية، فحتى لو كان نظام الاسد على كوكب معزول، فان الشعب الجائع المحروم سيثور على حكامه السارقين. و ليس ذنب الاعداء اننا فينا لصوص لم نستطع ان نوقفهم او نحاسبهم.
و نحن لا نهدف إلى إقامة دولة طائفية سنية، بل نهدف إلى إقامة دولة عدل و احترام و محاسبة. و قد انعم الله على هذه الثورة انه ليس هناك قائد لها، فيتحول إلى طاغية أخر يستولي هو و أتباعه على الدولة و يدخلون الناس في دوامة النهب و السرقة من جديد. فهي ثورة للعدالة و ليس لها أي طابع فئوي أو طائفي أو حتى عرقي.
و أخيراً، فان من يظهره بعض الزعماء الفاسدين الطائفيين (خامنئي، و المالكي، و حسن نصر الله) من مساندة و دعم لعصابة الأسد فهو لن يفيد إلا في إشعال الحرب الطائفية. و هذه الحرب لو اشتعلت، فهي لن تكون مزحة، أو شيء يمكن تحمله، و ستغير المنطقة ربما إلى قرون قادمة. و اسألوا أهل لبنان عن الحرب الأهلية، و ماذا حصل فيها من فظائع.
و ليت الأمر سيكون على شاكلة حرب لبنان و فظائعها، بل سيضاف إلى هذه الفظائع حروب الطائفيين من بلدان أخرى على ارض سوريا. علماً، بان السنة في العراق لن ينسوا ما قامت به فرق الموت و الجرائم الشيعية بحماية و دعم الأمريكان، و أما وقد رحل الأمريكان، فلن يكون هناك قدرة لنوري المالكي و لا لمقتدى الصدر على إرسال فرق شيعية إجرامية لدعم نظام صديقهم الفاسد الأسد.
كما ان نظام الفاسد المنافق الأحمق خامنئي، لن يستطيع ان يمد يد العون لصديقه في الفساد و الحمق الأسد، لان أمريكا حريصة على جره كالثور الأبله لمواجهة مع دول الخليج و مع الأسطول الأمريكي و الناتو من وراءه. و لا ادري ما الذي سيكسبه هذه الأبله خامنئي من وراء ذلك، إلا إذا كان مستعداً لحرق إيران مقابل ان يقبض الخمس من مال من تبقى من أتباع. علماً بان في عهد الإصلاحيين في إيران، كانت إيران دولة صديقة للجميع و لم تكن هناك مشاكل أو توترات، و كان الاقتصاد الإيراني في حالة انتعاش.
و أما المنافق الخائن حسن نصر، فهو لن يستطيع ان يتدخل لينقذ سيده الأسد، لأنه قد تكلم أمام أتباعه و العالم و كأنه فتاة بلهاء لا تدري عما يحصل في حمص، و قامت برفع السماعة و اتصلت بخالتو تسألها. كما ان اندلاع الحرب الطائفية مرة أخرى بلبنان لن يسمح به احد، و في ظل إحساس اللبنانيين بأنهم مهددون بالحرب الأهلية بسبب شخص غير مسؤول كحسن نصر، فان موضوع نزع أسلحة حزب الله سيكون موضوعاً جاداً هذه المرة.
و روسيا و الصين، ليسوا أصدقاء لأحد و لا أعداء لأحد. هم لهم مصالح و مخاوف و مشاكل مع أمريكا و الدول الكبرى، و سوريا لا تعني شيء بالنسبة لهم، هي فقط ورقة من أوراق اللعب. فروسيا تريد تصفية حسابات مع أمريكا و الناتو بسبب موضوع الدرع الصاروخي، و بسبب دعم أمريكا و الغرب للدول المجاورة لروسيا ضد روسيا. و وجدت في بشار الأسد الشخص المناسب لإهانة سمعة الغرب و إظهار عجزه عن التدخل. و لكن روسيا لن تتدخل بشكل مباشر في الحرب لا على بشار الأسد و لا على إيران، بل ستكون فرصة لها فقط لبيع الأسلحة و بيع النفط و الغاز بأسعار مرتفعة. و عندما تستنفذ المطلوب من ورقة بشار الأسد، فهي لن تهتم بما يحصل له.
أما الصين، فهي تريد أيضا ان ترد على استفزازات أمريكا لها و إعلان أمريكا عن نقل قواتها إلى قواعد في آسيا و استراليا لاستفزاز الصين. كما ان الصين لا تريد ان تجعل موضوع الانشقاق و تغيير النظام الحاكم يمر بدون تكاليف باهظة، و لكن الصين أيضا لن يهمها بشار و لا ما يحصل له بعد ان تكون قد حصلت على أهدافها.
و أخيرا، فان المستقبل هو للأمم العادلة الحية التي تحترم شعوبها و ليس لدول العصابات الحاكمة مهما كانت التسميات و الانتماءات. و نحن نعدكم بان نعمل سوياً على إنجاح حلم التحرر من الظلم و الظلمة، فقط المطلوب هو سحب تام و متكرر لغطاء الطائفة العلوية عن كل من يقوم بالقتل و التعذيب، و ان يكون ذلك من خلال بيانات معلنة واضحة و متكررة، و لا يكتفي بالبيانات الخجولة. كما نحن ندعو جميع من تلوثت يديه بالدماء من جميع الطوائف، إلى الاعتراف بذنبه بشكل علني و طلب العفو ممن تبقى من ضحايا.