سعود القصيبي
كاتب سعودي
***
كشر الأسد عن
أنيابه في حمص وغيرها من مدن سورية بعد أن استعملت كل من روسيا والصين حق
النقض على القرار الخاص بإدانة نظامه, ويرد الغرب الغاضب كاشفاً عن حرب
باردة مقبلة لا يعرف مداها ولا إلى أين ستأخذ العالم الا الله . فبعد أن
طرد العرب سفراء النظام السوري إثر مجازره الأخيرة مع تعاظم الدعوة إلى وقف
شراء المنتجات الصينية والروسية المنشأ وإعلان الحداد المجتمعي, بينت
الولايات المتحدة ودول الإتحاد الأوروبي عزمهم على فرض المزيد من العقوبات
المالية على نظام الأسد تشابه في مضمونها قرارات جامعة الدول العربية .
وتستهدف العقوبات الجديدة والتي يُتوقع صدورها نهاية الشهر الجاري تجميد
أصول مصرف سورية المركزي ووقف شراء وبيع الفوسفات والمعادن الثمينة. حيث
تستورد دول الاتحاد الاوروبي 40% من صادرات الفوسفات السورية التي تعد أهم
روافد الدخل لنظام الأسد, فيما تقدر كميات الإنتاج من الفوسفات بأربعة
ملايين طن سنوياً يتم تصنيع 600 ألف طن منها محلياً ويتم تصدير المتبقي إلى
عدد من الدول. كما ذكرت مصادر في الولايات المتحدة عن عزمهم تشديد
العقوبات على سورية إثر قرار الفيتو الروسي والصيني من دون ذكر تفاصيل, لكن
من المتوقع أن تأتي مشابهة للعقوبات الأوروبية أو تزيد عنها نتيجة التنسيق
الدائم بين دول الاتحاد الأوروبي مع الجانب الأميركي.
ويبقى تجميد أصول البنك المركزي في العقوبات التي ستفرض هو العنصر الأهم
والذي يتوقع كنتيجة عند النظر إلى ما حل بالريال الإيراني إثر تجميد أموال
مصرفها المركزي, أن تتهاوى قيمة الليرة السورية في السوق الموازية إلى أكثر
من 90 ليرة للدولار أو ما يقارب 30% على أقل تقدير من سعرها الحالي البالغ
73 ليرة للدولار. وكذلك يتوقع أن يكون هبوط السعر الرسمي إلى ما بين 64 و
71 للدولار ما سيشكل عامل ضغط كبير على نظام الاسد ويجفف الاحتياطي الأجنبي
المتبقي من أموال مصرف سورية المركزي.
وقد أكد المركزي بطريقة غير مباشرة في تصريح لمحافظه جاء فيه عن عزم
المركزي ضخ المزيد من العملات الأجنبية في السوق لحماية الليرة وكذلك
لتغطية النقص في الموارد لمساعدة المصارف على تمويل المستوردات, ويبين
التصريح قلق المركزي جراء العقوبات الجديدة المتوقعة في إشارات دالة على
استنزاف رصيد العملات الاجنبية للقطاع المصرفي التجاري وقرب نضوبه. كما
يتوقع نتيجة مقاطعة مبيعات الفوسفات جفاف موارد النظام الأخرى والتي ستنعكس
سلباً على نظام الأسد الذي دأب في الأشهر الأخيرة إلى زيادة مبيعاته
الخارجية لتعويض النقص في الإيرادات الأجنبية.
وقد أشارت نشرة لويدز للتأمين إلى عدم تمكن النظام من تصدير النفط إلا شحنة
نفط واحدة فقط منذ المقاطعة الأوروبية. ما يعني فقدان النظام جُل مبيعات
النفط الخارجية والتي تعادل ثلث الموارد الأسدية أو أكثر من 3 مليارات
دولار سنوياً. كما أشارت مصادر متعددة عن استمرار طباعة الليرة السورية في
مطابع مخلوف أنسباء الأسد لسد العجز في أوراق النقد المحلية بعد المقاطعة
الأوروبية.
وتبقى العقوبات المالية على نظام الأسد الخيار الدولي المرغوب فيه للضغط
عليه بينما تتزايد النداءات لدعم جيش سورية الحر لحماية المتظاهرين بعد فشل
الخطة العربية لمعالجة الأزمة السورية. لكن العقوبات المالية الجديدة ستحد
من قدرة النظام على الاستمرار في سداد مستحقاته الدولية والمحلية, مما
سيؤدي إلى تزايد مضطرد في الإنشقاقات وانتشار أكبر للعصيان المدني وخصوصا
بعد تحرير بعض المدن السورية من قبل الجيش الحر ودخول حلب عصب الاقتصاد
السوري في غليان ثورة الكرامة, وحينها لا يتبقى للأسد إلا إعلان تاريخ ووقت
رحيله.
جريدة السياسة