بسم الله الرحمن الرحيم
روسيا الدولة الحمقاء.. تريد أن تنفع فتضر، و تريد أن تضر فتنفع؛ فهنيئا للثورة السورية بعداوة هذه الحمقاء
قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و رضي عنه: "إياك و مصاحبه الأحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك"، يبدو أن منطق العكس بالعكس يصح مع هذه الدولة الحمقاء روسيا، فإنها تريد أن تضر عدوها فتنفعه.
نقلا عن جريدة الجمهورية اللبنانية للكاتب شارل جبـــّــور.......
)) : تعتبر مصادر ديبلوماسية غربية أنّ موسكو قدّمت وتقدّم، من حيث تدري أو لا تدري، أكبر «هدية» للشعب السوري من خلال إصرارها على استخدام حق النقض ضدّ أي مشروع قرار دولي بشأن سوريا.
قد يبدو هذا الكلام غريباً للوهلة الأولى، خصوصاً أن سلوك القيادة الروسية يدعو للقرف والاشمئزاز من هذه الدولة التي لا تقيم أيّ وزن واعتبار لقدسية الانسان وكرامته، ولا تأبه لما يرتكب من مجازر غير مسبوقة بحق الشعب السوري، وتتمسّك باستخدام الفيتو لاعتبارات مصلحية ضيقة بعيدة كل البعد عن المفاهيم الانسانية الكونية في القرن الواحد والعشرين، وكأنها ما زالت في الزمن الستاليني الغابر.
وفي هذا السياق، لفتت المصادر الديبلوماسية الغربية أن إحباط روسيا لمشروع القرار المقدّم من المغرب، والذي يدعو إلى دعم مبادرة الجامعة العربية لحل الأزمة السورية، يدلّ إلى أن العقل السياسي الروسي لا يختلف عن الذهنية الأسدية وما سبقها من ديكتاتوريات هَوَت منذ بداية الربيع العربي، كونه فَوّت على نفسه فرصة التقاط اللحظة السياسية التي تمكنه من رعاية حل سياسي يحظى بدعم عربي-دولي بانتقال سياسي في سوريا على الطريقة اليمنية، ويتيح له ضمان حسن تنفيذ الخطة المقترحة، واستمرار نفوذ "الدب الروسي" في المياه الدافئة.
أمّا أهمية الموقف الروسي، بالنسبة للمصادر نفسها، فتكمن في الآتي:
أوّلاً، أفسحَ التعَنّت الروسي في المجال أمام الولايات المتحدة للتخلص من أي شراكة محتملة مع الروس في صناعة سياسات المنطقة ما دامت المعطيات الميدانية كفيلة بالإطاحة بالنظام البعثي، وأيّ متابعة لهذه المعطيات تفيد أن ثمة تحوّلاً مفصليّا ونوعيّا على الأرض يؤشر إلى أن العد العكسي لسقوط هذا النظام قد بدأ، ولن يتجاوز بأقصى حدوده الثلاثة أشهر، وبالتالي من مصلحة واشنطن أن تحافظ موسكو على تصَلّبها، بُغية عدم اقتسام النفوذ معها ومنحها أي موطئ قدم على البحر الأبيض المتوسط.
ثانياً، ساهم الموقف الروسي في استبعاد إعادة إنتاج تسوية على شاكِلة النموذج اليمني أو الـ"سين-سين"، لأنّ أي تسوية من هذا النوع تُبقي النظام السوري على قيد الحياة وتُفسِح في المجال أمامه لاستعادة المبادرة في ظل ضعف مكوّنات المعارضة وتشرذمها، الأمر الذي يصبّ في خانة المعارضة التي تقضي مصلحتها بمَحو آثار النظام البعثي، وليس إقامَة نوع من مُساكنة معه.
ثالثا، قدّمت موسكو للغرب والخليج فرصة ثمينة جدا لاقتلاع النفوذ الإيراني من سوريا، لأنّ التسوية-الخطة التي وَضعتها الجامعة العربية وحَظيَت بالدعم الدولي كانت ستقلّص الحضور الإيراني من دون أن تلغيه، لمجرد استمرار جزء لا يُستهان به من مكوّنات النظام القديم وبنيته، فيما المصلحة الغربية تقضي في محاصرة طهران ونزع أوراقها التي تؤهلها تأدية دور إقليمي. وبالتالي، يسعى المجتمع الدولي إلى الاستفادة من سقوط النظام السوري لتضييق الخناق على نظام الملالي، وانتقال التركيز على الملف النووي الإيراني.
رابعاً، أعطَت موسكو الغرب فرصة إقامة نظام إسلامي في سوريا امتدادا للأنظمة الناتجة عن الربيع العربي، والتي استطاع هذا الغرب مَدّ جسور التواصل معها، وهذا ما دفع الإمام خامنئي إلى الإعلان عن "استعداد إيران للتعاون مع الثورات في العالم العربي"، في محاولة للانفتاح على التيارات الإسلامية الصاعدة في ظلّ خشية طهران من الاصطدام معها. غير أن هذه المحاولات لن تفلح، لأنّ الحوار مع الأخوان المسلمين لا يمكن أن يتطوّر في ظل عقبتين: حاجته إلى الولايات المتحدة، وخوفه من السلفيين. وبالتالي، يعمل الغرب على تطويق إيران بـ"زنّار" من الدول الإسلامية، الأمر الذي سيدخلها في أزمتين: أزمة اقتصادية في الداخل وأزمَة دور في الخارج.
وقالت المصادر إنّ موسكو لم تتنبه إلى أن الانفتاح الأوروبي-العربي على النظام السوري بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري، كان شرطه فَصل دمشق عن طهران، هذا الفصل الذي تحوّل إلى أمر واقع بفِعل الثورة السورية. وبالتالي، فإنّ موقفها "الأعمى" في دعم الأسد قدّم أكبر خدمة للسياسات الغربية والثورة السورية.))