كلمات من وحي الثورة: بعد هذا الليل…

تعود على منهاج النبوة...


أكتب هذه الكلمة
على وقع أصوات القصف الهمجي الذي تقوم به الأذرع الأمنية والجيش والشبيحة
لمدينتنا الغالية، أكتب فيما أنا أعلم أن قتيلا هنا، وجريحا هناك، وأن
الرهائن سيغيَّبون في زنانين القهر والظلم لأمد الله أعلم به، ولكننا ما
زلنا على يقيننا “أن من قدر الله تعالى الابتلاء بهؤلاء الظلمة، وأن من قدر هؤلاء الظلمة الابتلاء بشباب هذه الأمة الثائر



وسنبدأ أولا بقصة
حصلت من قبل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحبه الكرام في أيام غزوة
الخندق، في أيام شبيهة بأيامنا، من الخوف وقلة الناصر والمعين:

فلمَّا كان الصحابة
الكرام يحفرون الخندق، عرَضت لهم في بعض الخندق صخرة لاتأخذ فيها المعاول،
فاشتكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجاء فأخذ المعول فقال: (بسم
الله)، فضرب ضربة فكسر ثلثها، وقال: (الله أكبر، أُعطيتُ مفاتيح الشام،
والله إني لأبصر قصورها الحمر الساعة) ثم ضرب الثانية، فقطع الثلث الآخر،
فقال: (الله أكبر، أُعطيتُ مفاتيح فارس، والله إني لأبصر قصر المدائن أبيض)
ثم ضرب الثالثة، وقال: (بسم الله) فقطع بقية الحجر فقال: (الله أكبر،
أعطيت مفاتيح اليمن، والله إني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا الساعة)
[أحمد].

سبحان الله! الناس في
خوف وجوع وبأس، ورسول الله يبشرهم بمُلكِ أعظم ممالك الدنيا حينها، فارس
والروم، وكأنه يذكرنا بدرس ثابت في الحياة ننساه دائما رغم حصوله دوما مع
كل الأمم: إن التمكين لا يأتي إلا بعد الابتلاء، والنصر مع الصبر، والفرج
بعد الشدة، واليسر بعد العسر. قواعد ثابتة لا تتخلف أبدا.

وتماشيا مع هذه القواعد وتمشيا مع الشارات أذكر لكم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال:
(تكون
النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها، ثم تكون
خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله
أن يرفعها، ثم تكون ملكا عاضا فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء
أن يرفعها، ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا
شاء أن يرفعها، ثُمَّ تَكُونُ خِلافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثم سكت) [أحمد].

طبعا، سيقول
المنافقون والمرجفون بل وبعض الصالحين: أين نحن من ذلك… أما ترى مانحن فيه
من الذل والقهر… ألا ترى أن أحدنا لا يأمن على نفسه النوم في غرفته..

كذلك يا قومي قال
بعض الناس عندما بشَّرهم رسول الله يوم الخندق، حيث لم يفت المنافقين أن
يقولوا وهم يسمعون هذا البلاغ: (نحن نخندق، وهو يعدنا قصور فارس والروم)
[الطبراني].


وحالنا اليوم كحال الخندق، الذي صوره الله تعالى في كتابه الكريم: (إِذْ
جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ
الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ
الظُّنُونَا . هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا
شَدِيدًا . وَإِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ
مَرَضٌ مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُورًا) [الأحزاب].

بل وعدنا الله ورسول وعد الحق (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا) [النساء] ..
وكما بشرنا رسول الله
بفتح فارس… وشكك المنافقون، ثم كان الفتح، فكذلك بشرنا بعودة العز
والتمكين،ويشكك المنافقون، ولكنه ورب الكعبة قادم قادم، (إنا نراه قريبا)…
ولكن لا بد من دفع ضريبة العز من دمائنا وأموالنا.



ستعود الخلافة
الراشدة على منهاج النبوة، ستعود حريتنا وستعود كرامتنا، وستعود زهور
الياسمين لأرض الشام، وستعود الطيور المهاجرة، لأن هذه أرض باركها الله
تعالى وجعلها عقر دار المؤمنين، وجعلها أرض الملحمة الكبرى، أرضٌ قامت كل
حين بطرح الخبث منها، وإن خبث الأسد والبعث قد زاد وانتشر حتى أزكم الأنوف،
وإنا لمزيلوه بقوة الله تعالى:
(فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا . إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا . وَنَرَاهُ قَرِيبًا) [المعارج]..


نقلآ عن المركز الإعلامي لدعم ثوار حمص..