بشار يقامر بورقته الأخيرة
وموسكو لن تستخدم الفيتو
خالد المحاميد
30/1/2012
يمكن للسوريين اليوم أن يقولوا بوضوح تام، لقد انتهى حكم عصابة آل الأسد، فقد أفرغت العصابة جيوبها من كل الأوراق التي كانت يمكن أن تلعب بها قبل شهر من اليوم، وهي على وجه التحديد التخلي عن حزب الله وحماس وفك الارتباط مع إيران، وهذه الأوراق التي احترقت كانت مطالب غربية إسرائيلية منذ وقت طويل، وقد حضر وزير الدفاع الأمريكي كولن باول بعد احتلال العراق مباشرة وقدم هذه الشروط لرئيس عصابة آل الأسد والذي رفضها، وقال عبارة مهمة في حينها يريدون منا أن نموت خوفا ولكننا نفضل أن نموت ونحن نقاتل، كان ذلك قبل أن يكتشف الشعب السوري أن بشار الأسد ليس سوى رئيس عصابة فيعلنها من درعا ثورة في 15 آذار 3011 لاقتلاع العصابة ورئيسها.
اليوم احترقت هذه الأوراق فحزب الله الذي خرج زعيمه في أكثر من خطبة يصف الثورة بأنها مؤامرة وأنه يقف بقوة إلى جانب عصابة آل الأسد يتمنى اليوم لو أن بشار الأسد يتخلى عنه ويعفيه من مهمة رد الجميل، أما حماس فقد سربت عناصرها وقياداتها إلى خارج سوريا وقطعت شبكة خيوطها مع عصابة آل الأسد.
وبقيت إيران التي يثقل كاهلها الخسائر المادية والمعنوية التي سببتها عصابة آل الأسد لمشروعها الإستراتيجي الذي خططت له منذ سنوات وكادت أن تصل إلى ذروته لولا أن حفنة أطفال في مدينة درعا قرروا في إحدى ألعابهم اليومية حسم مصير الأسد بإسقاط النظام فكتبوا على جدران مدرستهم " الشعب يريد إسقاط النظام"
لم يتبق في جعبة عصابة آل الأسد ما تراهن عليه سوى قوة عسكرية منهكة، وموقف روسي انتهازي قد ينقلب في أية لحظة، لهذا سارعت بالموافقة على مقترح موسكو إجراء لقاء غير رسمي بين عصابة آل الأسد والمعارضة السورية، وهو ما يعتبر إهانة واضحة لعصابة آل الأسد التي قررت منذ مطلع الأسبوع هذا حسم الأمور على الأرض بالقوة العسكرية، عبر مقامرة انتحارية تقوم على أن الأمور يجب أن تحسم بأسرع ما يمكن بالنصر أو الهزيمة لأن عملية استنزاف طويلة المدى، لن تسبب لعصابة آل الأسد الهزيمة فقط كما يمكن ان يحدث الآن، بل وأيضا التسليم كليا لحكم الثورة ودفع ثمن الجرائم التي ارتكبت خلال الثورة، وهو مالا تستطيع تحمله عصابة آل الأسد التي إن لم يدب الخلاف بينهم اليوم، فهو حاصل غدا لا محالة حين يحاول كل منهم على حدة إنقاذ نفسه من الغرق.
حبل النجاة الذي تلقيه موسكو لكلابها في دمشق، يأتي في هذا الوقت لتخرج نفسها من المأزق الذي وضعتها فيه عصابة آل الأسد التي لا تزال تراهن على استخدام موسكو لحق النقض في مجلس الأمن، لكن روسيا تواجه معضلتين على هذا الصعيد لم تتنبه لهما عصابة آل الأسد وهي تستجر أقوال محللين وسياسيين من الدرجة الثانية لطمأنتهم بأن موسكو لن تتخلى عنهم.
المعضلة الأولى هي التطورات الميدانية على الأرض، فدمشق شبه محاصرة بكتائب الجيش السوري الحر، وهناك العديد من المناطق في ريف دمشق فقدت عصابة آل الأسد السيطرة عليها ، إلى جانب المظاهرات التي تحيط بالعاصمة في جميع المدن والقرى، كما أن المدن الأخرى درعا وحمص وحماة وإدلب وجسر الشغور يتبادل فيها الجيش السوري الحر وجيش عصابة آل الأسد السلطة فتكون ليلا بيد الثوار ونهارا بيد الأمن، ويأتي انفجار المظاهرات في حلب لتؤكد لموسكو أن الأمور أفلتت من أيدي عصابة آل الأسد، وان طرق المناور أمامها محدودة جدا، فإما الاستمرار بالوقوف مع عصابة آل الأسد وهي مدركة لخسارتها الحتمية، أو التخلي عنها ولكن بطريقة لا تبدو فيها أنها تطعنها من الخلف، ولذلك تلقي بحبل النجاة اليوم حتى تعفي نفسها من اتخاذ قرار مصيري في مجلس الأمن تعلن فيه أحد الموقفين.
المعضلة الثانية التي تواجهها موسكو هي في احتمال رفض المعارضة الاجتماع غير الرسمي بعصابة آل الأسد إلا بعد انعقاد جلسة مجلس الأمن المخصصة لمناقشة الأوضاع في سوريا لاتخاذ قرار بشأنها وهو ملا ترغب فيه موسكو لأنها غير قادرة على استخدام "الفيتو" وهي على بقين من خسارة عصابة آل الأسد، وحتى من دون أية مكاسب ستبدو موسكو في دفاعها عن عصابة آل الأسد وكأنها تحاول إنعاش ميت جفت في عروقه دماء الحياة ، وهذه ممارسة سياسية لا يقوم بها إلا أحمق، وموسكو ليست حمقاء، على الأقل فيما يتعلق بمصالحها في المنطقة، وهي مدركة أنها بوقوفها إلى جانب عصابة آل الأسد ستخسر كل شيء، كما أنها تدرك أيضا ان الأوراق التي يمكن ان تلعب بها ـ وهي على وجه التحديد قوة وصلابة النظام وتماسك الجيش ـ فقدت جزءا كبيرا من قوتها، ومع كل يوم يمر تفقد هذه الأوراق أهميتها مما يعني أن مكاسبها تتآكل يوما بعد يوم، ولهذا سارعت اليوم بطرح فكرة لقاء غير رسمي بين عصابة آل الأسد وبين المعارضة، على أمل أن يعفيها ذلك من الوقوف في مجلس الأمن مؤيدة لقراراته أو في أفضل الحالات ممتنعة عن التصويت لكنها لن ترفع ورقة الفيتو في وجه القرار الأممي ففي هذه الحال تكون قد اختارت الخسارة إلى جانب عصابة آل الأسد وهي خسارة غدت مؤكدة وعلى قدر كبير من الوضوح بحيث لا يمكن لعاصمة مثل موسكو أن تغمض عينيها عنه.
وموسكو لن تستخدم الفيتو
خالد المحاميد
30/1/2012
يمكن للسوريين اليوم أن يقولوا بوضوح تام، لقد انتهى حكم عصابة آل الأسد، فقد أفرغت العصابة جيوبها من كل الأوراق التي كانت يمكن أن تلعب بها قبل شهر من اليوم، وهي على وجه التحديد التخلي عن حزب الله وحماس وفك الارتباط مع إيران، وهذه الأوراق التي احترقت كانت مطالب غربية إسرائيلية منذ وقت طويل، وقد حضر وزير الدفاع الأمريكي كولن باول بعد احتلال العراق مباشرة وقدم هذه الشروط لرئيس عصابة آل الأسد والذي رفضها، وقال عبارة مهمة في حينها يريدون منا أن نموت خوفا ولكننا نفضل أن نموت ونحن نقاتل، كان ذلك قبل أن يكتشف الشعب السوري أن بشار الأسد ليس سوى رئيس عصابة فيعلنها من درعا ثورة في 15 آذار 3011 لاقتلاع العصابة ورئيسها.
اليوم احترقت هذه الأوراق فحزب الله الذي خرج زعيمه في أكثر من خطبة يصف الثورة بأنها مؤامرة وأنه يقف بقوة إلى جانب عصابة آل الأسد يتمنى اليوم لو أن بشار الأسد يتخلى عنه ويعفيه من مهمة رد الجميل، أما حماس فقد سربت عناصرها وقياداتها إلى خارج سوريا وقطعت شبكة خيوطها مع عصابة آل الأسد.
وبقيت إيران التي يثقل كاهلها الخسائر المادية والمعنوية التي سببتها عصابة آل الأسد لمشروعها الإستراتيجي الذي خططت له منذ سنوات وكادت أن تصل إلى ذروته لولا أن حفنة أطفال في مدينة درعا قرروا في إحدى ألعابهم اليومية حسم مصير الأسد بإسقاط النظام فكتبوا على جدران مدرستهم " الشعب يريد إسقاط النظام"
لم يتبق في جعبة عصابة آل الأسد ما تراهن عليه سوى قوة عسكرية منهكة، وموقف روسي انتهازي قد ينقلب في أية لحظة، لهذا سارعت بالموافقة على مقترح موسكو إجراء لقاء غير رسمي بين عصابة آل الأسد والمعارضة السورية، وهو ما يعتبر إهانة واضحة لعصابة آل الأسد التي قررت منذ مطلع الأسبوع هذا حسم الأمور على الأرض بالقوة العسكرية، عبر مقامرة انتحارية تقوم على أن الأمور يجب أن تحسم بأسرع ما يمكن بالنصر أو الهزيمة لأن عملية استنزاف طويلة المدى، لن تسبب لعصابة آل الأسد الهزيمة فقط كما يمكن ان يحدث الآن، بل وأيضا التسليم كليا لحكم الثورة ودفع ثمن الجرائم التي ارتكبت خلال الثورة، وهو مالا تستطيع تحمله عصابة آل الأسد التي إن لم يدب الخلاف بينهم اليوم، فهو حاصل غدا لا محالة حين يحاول كل منهم على حدة إنقاذ نفسه من الغرق.
حبل النجاة الذي تلقيه موسكو لكلابها في دمشق، يأتي في هذا الوقت لتخرج نفسها من المأزق الذي وضعتها فيه عصابة آل الأسد التي لا تزال تراهن على استخدام موسكو لحق النقض في مجلس الأمن، لكن روسيا تواجه معضلتين على هذا الصعيد لم تتنبه لهما عصابة آل الأسد وهي تستجر أقوال محللين وسياسيين من الدرجة الثانية لطمأنتهم بأن موسكو لن تتخلى عنهم.
المعضلة الأولى هي التطورات الميدانية على الأرض، فدمشق شبه محاصرة بكتائب الجيش السوري الحر، وهناك العديد من المناطق في ريف دمشق فقدت عصابة آل الأسد السيطرة عليها ، إلى جانب المظاهرات التي تحيط بالعاصمة في جميع المدن والقرى، كما أن المدن الأخرى درعا وحمص وحماة وإدلب وجسر الشغور يتبادل فيها الجيش السوري الحر وجيش عصابة آل الأسد السلطة فتكون ليلا بيد الثوار ونهارا بيد الأمن، ويأتي انفجار المظاهرات في حلب لتؤكد لموسكو أن الأمور أفلتت من أيدي عصابة آل الأسد، وان طرق المناور أمامها محدودة جدا، فإما الاستمرار بالوقوف مع عصابة آل الأسد وهي مدركة لخسارتها الحتمية، أو التخلي عنها ولكن بطريقة لا تبدو فيها أنها تطعنها من الخلف، ولذلك تلقي بحبل النجاة اليوم حتى تعفي نفسها من اتخاذ قرار مصيري في مجلس الأمن تعلن فيه أحد الموقفين.
المعضلة الثانية التي تواجهها موسكو هي في احتمال رفض المعارضة الاجتماع غير الرسمي بعصابة آل الأسد إلا بعد انعقاد جلسة مجلس الأمن المخصصة لمناقشة الأوضاع في سوريا لاتخاذ قرار بشأنها وهو ملا ترغب فيه موسكو لأنها غير قادرة على استخدام "الفيتو" وهي على بقين من خسارة عصابة آل الأسد، وحتى من دون أية مكاسب ستبدو موسكو في دفاعها عن عصابة آل الأسد وكأنها تحاول إنعاش ميت جفت في عروقه دماء الحياة ، وهذه ممارسة سياسية لا يقوم بها إلا أحمق، وموسكو ليست حمقاء، على الأقل فيما يتعلق بمصالحها في المنطقة، وهي مدركة أنها بوقوفها إلى جانب عصابة آل الأسد ستخسر كل شيء، كما أنها تدرك أيضا ان الأوراق التي يمكن ان تلعب بها ـ وهي على وجه التحديد قوة وصلابة النظام وتماسك الجيش ـ فقدت جزءا كبيرا من قوتها، ومع كل يوم يمر تفقد هذه الأوراق أهميتها مما يعني أن مكاسبها تتآكل يوما بعد يوم، ولهذا سارعت اليوم بطرح فكرة لقاء غير رسمي بين عصابة آل الأسد وبين المعارضة، على أمل أن يعفيها ذلك من الوقوف في مجلس الأمن مؤيدة لقراراته أو في أفضل الحالات ممتنعة عن التصويت لكنها لن ترفع ورقة الفيتو في وجه القرار الأممي ففي هذه الحال تكون قد اختارت الخسارة إلى جانب عصابة آل الأسد وهي خسارة غدت مؤكدة وعلى قدر كبير من الوضوح بحيث لا يمكن لعاصمة مثل موسكو أن تغمض عينيها عنه.