قصة شهيدة وابنها الشهيد:
-ماما ماما...انا جوعان.... يصرخ عبد الله ذو الأحد عشر ربيعا...
- طيب حبيبي تكرم عينك هلق رح قوم ساوي أكل بس حقك عليي مناظر شهداء حلب و المجازر و الشهداء ال 100 خلوني أتأخر عليك شوي... ثم تهمس أم جواد لك آآآخ حسبي الله و نعم الوكيل..
- خلص يا أم يا جواد طولي بالك و الله حاسس فيكي اينو طبخ و اينو نفخ و السوريين أرقام عم يموتو بالأخبار العاجلة واحد ورا التاني... خلص رح روح جبلك أكل جاهز... خليكي مرتاحة..
- الله يخليلي ياك يا اب جواد بس و الله بخاف عليك هلق بشوفوك ولادين هالبلد يلي ع الحاجز و بيعتقلوك... بفكروك شي مسلح ما بيخطرلون انك نازل تجيب اكل مشان عبد الله..
- لا تخافي نحنا الله حامينا هلق بوصل بالسيارة عالسريع بروح و بجي...و "أنا بوثق فيون"...
- طيب خلص انا رح انزل معك مشان اذا وقفك الحاجز تقلو ليك معي عيلتي... بركي بتنفد..
- طيب يلا اتفضلي مع أنو مافي داعي هدول ولادين بلدنا ما بيأذونا... "أنا بوثق فيون"...
و مرة أخرى يأبى عبد الله الا أن يرافق والدته الحنونة...
- ماما ماما بدي روح معكوووون الله يخليكي...
- شو رأيك يا اب جواد..
- اي مناخدو لأنو هون بحارتنا "الدبلان" مافي لا جيش حر ولا مسلحين ولا عصابات و لا شي... في بس ولادين بلدنا الجيش و الأمن مسيطرين ع الموقف...
و يستقل ابو جواد سيارته و هو يحلم براحة أم جواد... و تستقلها أم جواد و هي تحلم بأن يعود أبا جواد سالما غانما الى بيته بسبب وجودها... و يستقلها عبد الله و هو يحلم بسندويشة تسد رمق جوعه... سعيدا أنه سيرافق والدته في هذا المشوار... لم يعلم أنه سيشترك معها بمشوارهما الآخير... لم يعلم أن اشارة الدبلان الخضراء التي التزم بها ابو جواد... تعطي اشارة للقتلة في مدرعة دفعنا ثمنها لتحرر فلسطين و تسقط طائرات العدو الغاشم... اشارة يفتحون على اثرها نار حقدهم و طلقات غيهم و سفحهم بلا هوادة لتستقر رصاصة سورية تحمل بارود خيانتهم في رأس أم جواد و رصاصة سورية أخرى تحمل كل مافي قلوب الطغاة من تجبر و تعنت و سفور في قلب عبد الله...
خطفوا جثتها الطاهرة من أمامه و كأنهم يقولون له :لن ندعك حتى تعتذر منها عن ثقتك بنا...
و حاول البعض انقاذ الطفل المحموم بدمائه...لكنه أبى أن أن يكون من أهل هذه الدنيا التي تتكالب فيها الوحوش على برائته...
تغير رقم المئة الذي أحزنها الى مئة و اثنين... و تحققت أحلامهم جميعا... سكنت أم جواد في راحة أبدية كما تمنى لها شريك حياتها... ورافقها ابنها كما تمنى و لكن الى جنان الخلد باذن الله ليأكل معها على موائد الرحمن... وعاد أبو جواد سالما كما حلمت تلك الأم المقدامة الحنونة... غانما يحمل قرة عينه الوفية و نور عينه و آخر عنقوده عبد الله... شهديين يفتحان له أبواب الجنة... و يتركانه إلى ذاك الحين وحيدا يتجرع الصبر وعذاب وطن يُغتال بايدي القتلة كل يوم... مصدمواٍ مع أبناءه الثلاثة الباقين بجنود وطنه الذين خيبو ثقته و ثقة كل مواطن سوري وثق بهم يوما... متوصلا لاستنتاج كلفه كثيرا أنهم لا ينتمون الى الوطن في شئ ولا يربطهم بسوريا الا الدماء التي سفكوها...
لك الله ابا جواد... يسلحك بالصبر والسلوان... اللهم انتقم.. اللهم بسطوة جبروت قهرك.... وبسرعة إغاثة نصرك و بغيرتك على حرماتك و أعراض المسلمين التي انتهكوها... اللهم انتقم من الطغاة الآثمين... مزقهم كل ممزق... شردهم كل مشرد... و اجعلهم لمن خلفهم آية...
حمص الجريحة...27/1/2012