هؤلاء الذين خذلوا الانتفاضة السورية !!!
من خلال متابعة وسائل الاعلام المختلفة سمعت و قرات اصوات تتعالى و تتحدث بمرارة عن خذلان المجتمع الدولي و خاصة حكومات الدول العربية و بالاخص دول الخليج العربي و تحديدا السعودية للانتفاضة السورية التي تتعرض لأبشع انواع الانتقام و الاضطهاد و يقارنون بينها و بين الانتفاضات الاخرى و خاصة الليبية
فمن وجهة نظري إن الامر ليس تخاذل و لكن الظروف المحيطة بالشان السوري تختلف عن الشان الليبي و بقية الانتفاضات فهناك غموض و تعقيدات و عوامل متشابكة في الشان السوري
ففي ليبيا منذ الايام الاولى للانتفاضة حصلت انشقاقات سياسية و عسكرية عالية المستوى و تم تشكيل قيادة للانتفاضة الليبية معروفة و مقبولة من المجتمع الدولي و موجودة و فاعلة على ارض الواقع بينما في سوريا جاء متاخرا و لم يكن منظما على المستوى المطلوب
فازاحة النظام الحالي بدون وجود بديل مقبول يستيطيع ضبط الوضع و السيطرة عليه يعني اشاعة الفوضى و هذا يضر بالشعب السوري اولا و الدول العربية و دول الجوار ثانيا و المجتمع الدولي ثالثا فوجود الحاكم الظالم افضل من الفوضى و هذا ما يسعى اليه النظام السوري فهو يضع العالم بين خيارين احلاهما مر اما الفوضى و اما هو
و الدول العربية و المجتمع الدولي يراهنون على عامل الوقت و يشجعون الشعب السوري ان يحسم امره و يفرز قيادة واعية مقبولة موجودة على ارض الواقع قادرة على ضبط الوضع من الفوضى
هذا من جهة و من جهة اخرى النظام السوري مرتبط بتحالف استراتيجي مع ايران فاي خطوة عملية او تصريح من قبل الدول العربية يجب ان يدرس بعناية فربما يؤدي التدخل المباشر و تبادل التصريحات و الاتهامات الى حرب اقليمية او عالمية او حرب طائفية و هي اخطر تلك الحروب
فالنظام السوري نظام بلطجي ليس عنده رادع اخلاقي او شعور بالمسؤولية فلو تم تدمير بلده و البلدان العربية فلا يبالي بها مقابل ان يبقى في السلطة
فالشان السوري بالغ التعقيد و الغموض و احيانا تكون البيانات و التصريحات ضرها اكبر من نفعها لأن تبادل التصريحات و الاتهامات ربما يؤدي الى توترالعلاقات و قطعها و يدفع المنطقة الى صراع طائفي و المتضرر الاكبر هو الانتفاضة و الشعب السوري و ليس النظام
و إن ما يحدث في سوريا من قسوة مفرطة مقززة يحرك مشاعر اي انسان يملك احاسيس واظن ان معظم دول العالم حكومات و شعوب ما عدا ايران ومن سار في ركابها يتعاطفون مع الشعب السوري و بشكل خاص دول الخليج العربي
و الشعب السوري يحتاج الى افعال اكثرمن الاقوال و التصريحات فواضح ان النظام السوري لا يعير اهتمام لما يقال عنه و يفسر ذلك بانه مؤامرة خارجية
و ان ما يقدمه الاعلام الخليجي الحر يفوق ما تفعله الجيوش الجرارة و انني على ثقة بان هناك دعم سياسي كبير للانتفاضة السورية و النظام السوري يعي ذلك جيدا
و انني استغرب لماذا يتم التركيز على اكبر داعم لتلك الانتفاضة و هي دول الخليج و تجاهل بقية الدول العربية التي تقف مع النظام اليس هذا هو التخذيل بعينه ؟؟
فاذا كان هناك خذلان للانتفاضة السورية و دم الشهداء فهم بالدرجة الاولى المسئولون السوريون السياسيون و العسكريون الذين امات النظام ضمائرهم فلم ينشقوا عن النظام و لم يقدموا استقالاتهم
و بالدرجة الثانية بقية الشعب السوري الصامتون و خاصة في مركز ثقل سوريا الاقتصادي حلب و مركز ثقلها السياسي دمشق
الذين خدعتهم نظرية المؤامرة التي يسوق لها النظام و التبس عليهم الامر
و الذين فضلوا مصالحهم الشخصية المادية الضيقة على حريتهم و كرامتهم و مصلحة وطنهم العليا و مستقبله المشرق الزاهر
والذين تاقلموا على عيشة الذل و المهانة فخارت عزائمهم و ضعفت ارادتهم و جبنت قلوبهم
فالطغاة يتسلقون على اكتاف الشعوب الخانعة و همهم و اهتمامهم صناعة شعب خانع
و الانتفاضة السورية بحاجة الى وا شعباه و ليست بحاجة الى وا معتصماه لأن وا معتصماه تقال عندما يكون العدو خارجي
و التدخلات الخارجية تزيد الامر تعقيدا و الامثلة كثيرة و معروفة
فالذي يحسم الامر هو الشعب السوري لأن ارادة الشعب اذا توحدت لا تستطيع قوة الوقوف بوجهها
الكاتب : عبدالحق صادق