الحل الأمثل لنجاح الانتفاضة السورية
ذكرت في المقال السابق (الانتفاضة السورية في الميزان ) أسباب تأخر النصر
و هنا سأذكر الخيارات المطروحة لنجاح الانتفاضة السورية و سأرشح من بينها الحل الأمثل الذي أراه مناسبا لأن الخسائر تكون فيه اقل ما يمكن و بأسرع وقت ممكن و الآثار السلبية بعد سقوط النظام اقل
الخيار الأول
استمرار المظاهرات بالشكل الحالي مع الصبر و المصابرة حتى ينهار الجيش و الأمن نتيجة الإرهاق أو ينهار النظام اقتصاديا
و هذا يتطلب دعم مادي و سياسي و إعلامي للمتظاهرين مع بذل جهود لتوسيع حجم الاحتجاجات عن طريق حملة توعية منظمة لحس الصامتين الخروج عن صمتهم مع بذل جهود لزيادة الضغوط و العزلة الدولية على النظام و سحب الاعتراف به و منحها للمجلس الوطني
و هذا الخيار غير معلومة مدته و حجم خسائره و لكن من خلال استقراء الواقع يتطلب مدة طويلة و خسائره كبيرة
الخيار الثاني
عسكرة الانتفاضة و طلب الحماية الدولية و هذا الخيار خطير و حساس ينبغي دراسته بعناية و تأني بسبب تحالف هذا النظام مع إيران و اللعب على وتر الطائفية
فالنظام السوري ليس لديه أدنى شعور بالمسؤولية فهو على استعداد أن يشعل حرب طائفية في المنطقة بأسرها و ليس في سوريا فقط إذا تم سحب الكرسي منه بقوة خارجية و ذلك تحت غطاء محاربة أمريكا و إسرائيل و دول الكفر
و الحرب الطائفية ليست في مصلحة احد و لا يوجد فيها منتصر وعواقبها وخيمة على الجميع و خاصة الأقلية و خسائرها فادحة و خير شاهد العراق
و عسكرة الانتفاضة إذا لم يتم الإعداد لها بشكل جيد بحيث ينضوي جميع المسلحون تحت قيادة سياسية موحدة مثل المجلس الوطني فان لها عواقب مدمرة بعد انتصار الانتفاضة و خير شاهد الصومال و أفغانستان
الخيار الثالث :
هو الخيار الأمثل الذي أشرت إليه في مقدمة المقال و الذي انصح به و أتوقع أن خسائره لا تزيد عن ألف شهيد و ذلك عن طريق الآتي :
- القيام بحملة توعية واسعة عبر وسائل الإعلام و الانترنت و على ارض الواقع من خلال التنسيقيات و النشطاء من اجل فضح النظام و إظهاره على حقيقته للأغلبية الصامتة و المخدوعين من الشعب السوري و الجيش و الأمن عن طريق إزالة الأقنعة التي يحتمي بها مثل المؤامرة و الممانعة و الإصلاح
- الإعداد الفكري و النفسي لمظاهرة مليونية سلمية يتسلح كل فرد منهم بإرادة صلبة و عزيمة لا تلين من اجل تحقيق الهدف و هو إزاحة هذا النظام عن طريق الوصول إلى الساحة الرئيسية بدمشق و الثبات بها حتى إسقاط النظام و مهما كلف الأمر من تضحيات
- على كل من يشارك في هذه المظاهرة المليونية أن يعتبر نفسه مشروع شهيد في سبيل الله إذا اخلص النية لله لأنه يقول كلمة حق أمام سلطان جائر و لأن معهم كبار علماء الأمة و أن يعلموا أن ما يقومون به هو أمر عظيم يستحق التضحية لأنه ليس دفاعا عن كرامة و حرية و مستقبل سورية فقط بل دفاعا عن كرامة امتنا العربية و الإسلامية بسبب ارتباط هذا النظام بمشروع إيران الطائفي و بالتالي إزاحة هذا النظام هو إفشال لمشروع إيران الطائفي
- أن يعلم كل من يشارك في هذه المظاهرة بأنه يشارك في حركة تحرر من نظام طاغوتي يعتبر من اعتى الأنظمة الطاغوتية في عصرنا الحاضر
و من العار الكبير أن يبقى الشعب السوري محكوما بنظام المافيا و الشبيحة القمعي الاستبدادي الذي تجاوز الخطوط الحمراء في شدة قمعه و تفنن في إذلاله و إهانته للشعب وجعل سوريا في مؤخرة الركب بعد أن كانت في المقدمة و الذي لم يبقى له مثيلا في العالم فهذا النظام هو نظام احتلال بل من أقسى أنواع الاحتلال
- أن يأتي هؤلاء المتظاهرون من حوران و حمص و باقي المناطق و المحافظات بالإضافة إلى ريف دمشق و يتجمعون في أماكن محددة من ريف دمشق و في توقيت محدد و في كل موقع أعداد كبيرة بعشرات الآلاف
- دخول هذه الجموع الغفيرة دمشق عبر عدة محاور ينضم إليهم الأحرار من أهالي دمشق ليلتقوا في الساحة الرئيسية و الحساسة لدمشق و المحددة مسبقا مع التكبير بصوت عالي
و على أسوار دمشق سوف تكون معركة كسر الإرادات بين الشعب و النظام فالذي يتحلى بالإرادة و الإصرار أكثر سوف ينتصر وهنا سوف يسقط العدد الأكبر من الشهداء فإذا كانت دماء هؤلاء الشهداء و الجرحى وقودا لإشعال لهيب الحماس و الإصرار من اجل تحقيق الهدف فسوف ينهزم الجيش و الأمن و الشبيحة أمام قوة إرادة هذه الجموع الضخمة و ربما ينضموا إليهم
و إذا كانت سبيلا لبث الخوف و الرعب بين هذه الجموع و من ثم هروبها و تفرقها فسوف ينتصر الطاغية
- الصمود في هذه الساحة حتى تحقيق الهدف و الذي يدعم هذا الصمود التخطيط المسبق و الجيد له عن طريق الإعداد لكيفية تقديم الغذاء و الأغطية و العلاج و الخدمات لهؤلاء المعتصمون و الإعداد المسبق للتمويل اللازم
- اختيار التوقيت المناسب لهذه المظاهرة الضخمة من حيث الجو و الاطمئنان على إمكانية اجتماع العدد الكبير المطلوب
- اختيار قيادات واعية و موثوقة لهذه المظاهرة موجودة على ارض الواقع و موزعة على جميع المناطق تتحلى بالشجاعة و المعنويات العالية من اجل تنظيم هذه المظاهرة الضخمة و حث المعتصمون على الصبر و المصابرة و رفع معنوياتهم
- المحافظة على سلمية هذه المظاهرة مهما استفزهم النظام و ذلك عن طريق المحافظة على الممتلكات العامة و الخاصة و محاولة استعطاف الجيش و عدم الصدام معه و لا ينافي سلمية هذه المظاهرة حمايتها بالعصي و الحجارة من هجمات الشبيحة و الأمن و منعهم من اعتقال أي متظاهر
- الالتفاف حول المجلس الوطني الذي تم اختياره و منحه الثقة والالتزام بتعليماته و توجيهاته حتى و إن خالفت رأي البعض و هواه من اجل أن يثبت للمجتمع الدولي أن لديه مصداقية و كلمة مسموعة على ارض الواقع حتى يمنحوه الثقة و يعترفوا به و حتى يستطيع زيادة حشد التأييد و طلب زيادة الضغوط الدولية على النظام
- ضرورة انضواء الجيش السوري الحر تحت القيادة السياسية للانتفاضة و التي يمثلها المجلس الوطني
- تقديم النصح و الرأي لهذا المجلس من الأبواب و ليس عبر وسائل الإعلام و بطريقة التشهير
فالوحدة ورص الصفوف و السمع و الطاعة و تأجيل الخلافات من أهم أسباب النصر فالذي يراه المسئول لا يراه الإنسان العادي
- أن يحرص رئيس المجلس على المحافظة على الثقة الممنوحة له عن طريق الاستماع لمطالب الناس على ارض الواقع و اخذ رأي ذوي الشأن من خارج المجلس و محاورتهم لكي يقنعوا المنتفضون و استشارة أعضاء المجلس و ذوي الخبرة في هذا المجال من الأصدقاء و المؤيدين و بعد ذلك يقدر المصالح و المفاسد المترتبة على أي إجراء و يتخذ القرار المناسب بعيدا عن العواطف و يشرح وجهة نظره لعامة الناس و ذوي الشأن لكي يقنعهم بوجهة نظره و لا يظهر بمظهر المستبد بالرأي و القرار .
الكاتب : عبدالحق صادق