إطلاق فرق الموت على الشعب السليب
على مدى عشرة شهور ينتفض الشعب السوري ويتظاهر، ويصيح بأعلى ما أوتي من قوة الصوت ونبراته، ويقدم الشهيد تلو الشهيد، ويصبر على الآلام ويتصابر، أملاً بفجر جديد، وحلم سعيد، ينال فيه الحرية والكرامة، ويشيح عن كاهله الذل والمهانة.
إلا أنَّ رئيس البلاد وزعيمها ظهر إلى شعبه بعد طول صمت، ومزيد قتل، ليطلق فرق الموت من جحورها ومخابئها، أطلقها جائعة مسعورة لا تعرف رحمة بطفل، ولا رأفة بامرأة، ولا حقاً لشيخ كبير، إنما همُّها بقاء الرئيس، ولو تناثرت الأشلاء وتطايرت الرؤوس.
ثم تسارع الرئيس في اليوم التالي ليتكلم من جديد، وهو الذي يدعو للسرعة لا التسارع، تسارع إلى ساحة الأمويين، وخطب في جمعٍ من الشبيحة والمرتزقة، ليعلن مرَّة أخرى أن فرق الموت انطلقت بكل قواها، وستنال كل شيء، فلن تقف في وجه الثائرين والمطالبين بالحقوق والحريات فحسب، بل ستصل حتى الساكتين:" فلا حياة بيننا لمن يعيش في الوسط"، كما يقول. وكان جواب جمهوره:"شبيحة للأبد، لأجل عيونك يا أسد". فصفق لهم الرئيس، وفرح بمقولتهم، وأعلن بذلك انتماءه العريق، وأصله القديم، وخلقه المستديم، بأنه الشبيح الكبير.
يطلق الرئيس فرق الموت على شعبه المقهور، وهو لا يدري أن حال الشعب يقول له، ومن سنين:
كلابكَ المفترساتُ مزّقت ردائي
ومخبروكَ دائماً ورائي..
عيونهم ورائي..
أنوفهم ورائي..
أقدامهم ورائي..
كالقدرِ المحتومِ، كالقضاءِ
ولكن هل يوقف هذا التهديد والوعيد مسيرة الثورة السورية المباركة...؟ اتضح للعيان أنه لا يمكن دحر هذه المسيرة الشعبية، أو إيقافها عن تحقيق أهدافها؛ فهي طالبة حق، سلمية المسار، يزداد تجذُّرها واتساع رقعتها في أرجاء البلاد، يحميها أحرار شرفاء منشقون عن جيش النظام، يقودها ثلة تميزوا بالقوة والوحدة والحنكة في الداخل، وأخرى لا تعرف الجلوس أو الفتور في الخارج، تظفر بالدعاء الصادق من كل شعوب الأرض، ثم هي مسيرة قد أعلنت تقديم المهج والأرواح، حتى يزول عن كاهلها الطاغية السفاح.
عبدالرحمن الجميلي
الجمعة 19صفر1433هـ - 13يناير2012م