أقسمنا أن لا ننسى ولا نسامح Safe_image


أقسمنا أن لا ننسى ولا نسامح

انتشرت أمس في مواقع الثورة وصفحاتها صورةُ أصغر شهداء التعذيب في سوريا، بل في العالم كله، الصغيرة البريئة عفاف ذات الشهور الأربعة. هل رأيتموها؟ أنا رأيتها. هل كررتم مشاهدتها عشر مرات؟ أنا فعلت. هل بكيتم من هول الصورة وبشاعة الجريمة؟ أنا بكيت. هل أحسستم في قلوبكم نيراناً من الأسى والغضب؟ أنا أحسست. هل عزمتم على أن لا تنسوا وجهها البريء وجسدها المكدوم؟ أنا عزمت. هل أقسمتم أن لا تنسوا تلك المشاهد حتى تقتصّوا لها من قَتَلتها؟ أنا أقسمت.

هل نسيتم صورة علا الجبلاوي؟ وصورة هاجر الخطيب؟ وصور رضا علوية ومنذر المسالمة وتمام الصيادي وأنس الحريري وإسراء يونس ومجد الرفاعي وإبراهيم الشيباني؟ وصور حمزة وثامر المريعة الفظيعة؟ أنسيتم أياً من تلك الصور؟ إياكم أن تفعلوا!

أرجو أن تتذكروها كما تتذكرون صور وجوهكم التي تنظرون إليها في المرآة في الصباح وفي المساء. شاهدوها كل يوم مرة أو مرتين، إياكم أن تنسوها إذا جاء اليوم الموعود، وإنه لآتٍ لا ريب فيه إن شاء الله.

ذات يوم سيسقط هذا النظام الفاجر؛ قد يسقط بين الساعة التي أكتب فيها هذه الكلمات والساعة التي تقرؤونها فيها على المواقع والمنتديات والصفحات، وقد يسقط بعد شهر أو شهرين أو سنة أو سنتين أو سنوات… سوف يسقط لا محالة بإذن الله، فلقد أقسم هذا الشعب أنه لا يعود إلى البيوت حتى يسقط النظام، ولو طال الزمان ولو تعاظمت التضحيات.

في ذلك اليوم ستسمعون كلاماً من أعجب الكلام، سوف يظهر قوم يدعونكم إلى التسامح والغُفران، سوف يتحدث قوم عن طيّ صفحة وفتح صفحة والنظر إلى الأمام. لا بد أن يحدث ذلك، فهؤلاء الناس موجودون على الدوام، لا يهمّني ما نيّاتهم وما دوافعهم، أخيرٌ أم شر، لكنهم موجودون وسوف يقولون ما يقولون.

إياكم أن تُصغوا إلى ما يقولون. إياكم أن تصغوا إلى دعاة التسامح والغفران. أنتسامح مع من قتل أطفالنا؟ أنتسامح مع من اغتصب نساءنا؟ أنتسامح مع من عذب شبابنا؟ أنتسامح مع من نهب بلادنا؟ أنتسامح مع من أكل أعمارنا؟

لا والذي بعث محمداً بالحق، لا والذي رفع السماء بلا عمد، لا نرضى إلا بالقصاص، القصاص الكامل من أصغر مجرم إلى كبير المجرمين، القصاص العادل الذي يقرره القضاء العادل، بلا زيادة ولا نقصان. {إنّما جزاءُ الذين يحاربون الله ورسولَه}، اللهمّ إنا ما عرفنا أشدّ حرباً عليك وعلينا منهم، {ويسعَون في الأرض فساداً}، اللهمّ إنهم يفسدون في الأرض ولا يصلحون، {أنْ يُقَتّلوا}، اللهمّ إنا قد عزمنا على أن نقيم فيهم حكمك الذي قضيت به من فوق سبع سماوات.

ثم لا يظن أولئك أنهم سينجون من عذاب الآخرة: {ذلك لهم خزيٌ في الدنيا، ولهم في الآخرة عذابٌ عظيم}، فإن أفظع قصاص نَقتصُّه منهم لا يعادل عُشر معشار ما فعلوه بنا، وإن القصاص والقتل لا يردّ شهيداً قتلوه ولا يمحو عذاباً عذّبوه… لا، إنما القصاص الحقيقي هناك في دار البقاء، في محكمة السماء.

يا أيها القتلة المجرمون: لا تعتمدوا على طيبة قلوبنا بعد اليوم، لقد جاوزتم في إجرامكم كل الحدود وبلغتم في الوحشية غاية الغايات. إنّا أقسمنا أن لا ننسى، أقسمنا أنه لا تَسامحَ ولا غُفران.


12/1/2012
مجاهد مأمون ديرانية