9/1/2012
مجاهد مأمون ديرانية
كوميديا “بعثة المراقبين العرب”
-1-
جاء في الأخبار أن اللجنة الوزارية العربية المكلفة ببحث الملف السوري “اعتبرت في ختام اجتماع لها في القاهرة مساء الأحد أن الحكومة السورية نفذت جزئياً التزاماتها للجامعة العربية”. ودعت اللجنة في بيانها الختامي الحكومةَ السورية “إلى التقيد بالتنفيذ الفوري والكامل لجميع تعهداتها، مع الأخذ في الاعتبار التقدم الجزئي في تنفيذ بعض الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة السورية بموجب خطة العمل العربية”.
التعليق: حسناً، ما الذي فعله النظام السوري منذ وطئت قدما أول مراقب أرضَ سوريا حتى استحق أن يُشاد مرتين بالتزامه “الجزئي” بالمبادرة؟ انخفضت حصيلة القتل من أربعين شهيداً في اليوم إلى بضعة وعشرين. هذا الأمر يُفهَم على الوجهين، فإما أن النظام كان ينبغي أن يقتل أربعين في كل يوم فنفّذ المهمة جزئياً وقتل عشرين فقط، أو أنه كان ينبغي أن يتوقف عن القتل تماماً ولكنه قتل عشرين. على أي وجه فهمنا المسألة: ماذا تتوقعون من الشعب السوري يا سادة؟ أن يشكركم لأنكم تراقبون باسترخاء وصمت، وربما بشيء من الرضا أيضاً، قتلَ مئة وخمسين سورياً في كل أسبوع؟
-2-
وجاء في التقرير “أن مراقبي البعثة تجوّلوا في معظم المناطق السورية، وأن هناك مضايقات تعرضوا لها من قِبَل الحكومة السورية ومن قِبَل المعارضة”.
التعليق: صحيح، هذه أنا أشهد بها، فقد شاهدت مقطعاً مصوراً يُظهر شخصاً سمجاً ثقيل الدم وهو يصرّ على أحد أعضاء البعثة بالدخول إلى بعض المناطق المنكوبة في حمص، والمراقب يرفض ويتمنع. ما هذه اللجاجة يا أيها المزعج الثقيل؟ لماذا تضايقون الرجل؟ ها هو قد سجّل في تقريره “مضايقات من قبل المعارضة”، هل رضيتم الآن؟ أمَا كان الأفضل أن تتركوه ليتجول في المناطق السياحية ويلتقط بعض الصور التذكارية ويأكل صحن “كشك الفقراء” ثم يعود إلى بلده ليَذْكركم بخير؟ كان على الأقل لم يضمّن تقريره “مضايقات” المعارضة!
-3-
وقال التقرير “إن أفراداً في البعثة رصدوا وجود قتلى في الشارع تتهم الحكومةُ المعارضةَ بقتلهم في حين أن المعارضة تحمّل القوات السوريةَ مسؤولية قتلهم خلال التظاهرات”.
التعليق: هذه المعلومات مهمة جداً؛ ربما قتلت المعارضةُ أولئك الناس وربما قتلتهم الحكومة. أرأيتم كم كانت ستضيع على العالم من حقائق مهمة لو لم تذهب بعثة المراقبين العرب إلى سوريا؟ ومع ذلك يطالب بعض السخفاء بإنهاء مهمتها! من سيكتشف أمثال تلك الحقائق المذهلة لو لم يكونوا موجودين؟
-4-
ثم جاء في التقرير “دعوة الحكومة السورية ومختلف الجماعات المسلحة إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف”.
التعليق: هذا هو رأيي في الموضوع أنا أيضاً. يجب أن يتوقف الجيش الجمهوري الأيرلندي والجيش الأحمر الياباني ومنظمة إيتا الباسكية الانفصالية عن أعمال العنف التي حصدت الضحايا الأبرياء وأساءت إلى سمعة الثورة السورية السلمية. ولا ننسى أيضاً القاعدة التي نقلت مؤخراً قوتها الضاربة من أفغانستان إلى كفرسوسة والميدان! نعم، يجب أن تتوقفوا عن العنف يا جماعة، وإلا فسوف تشعر الجامعة بالحرج ولن تستطيع أن تطالب قوات النظام بالتوقف عن العنف من طرف واحد. أرجوكم أوقفوا العنف ولا تفضحونا!
-5-
وطلبت اللجنة من رئيس البعثة تقديم تقرير شامل في التاسع عشر من كانون الثاني الحالي إلى الأمين العام للجامعة العربية عن مدى التزام الحكومة السورية بتنفيذ تعهداتها بموجب خطة العمل العربية”.
التعليق: أرجوكم (وبالعامية: مشان الله) لا تغلّبوا أنفسكم، فعلاً لا نريد أن نتعبكم أكثر مما أتعبناكم حتى الآن.
-6-
وأخيراً خُتم البيان الهام بالدعوة إلى مساعدة بعثة المراقبين العرب بشتى الطرق.
التعليق: أنا والله لا أملك الكثير، يعني كما يقول العامة في المثل: “العين بصيرة واليد قصيرة”، لكني مع ذلك أتبرع بدستة دفاتر وعشرة أقلام رصاص من النوع الفاخر الذي توجد في رأسه ممحاة، فربما شاهد المراقب دبابة في حمص فكتب “رأينا دبابة”، ثم اختفت الدبابة، فماذا يصنع؟ هنا يأتي دور الممحاة. أرجو أن لا يُقال إني بخيل إذا اقتصرَت تبرعاتي لبعثة المراقبين على ورق وأقلام، فإن الجود بالموجود، ولا تنسوا أن هذه المساهمة البسيطة سوف تسد فراغاً كبيراً في تجهيزات بعثة المراقبين العظيمة.
* * *
يا أيها المجاهدون الثائرون في أرض الشام: هل استأذنتم جامعةَ العرب قبل أن تبدؤوا ثورتكم، فأنتم بانتظار موافقتها اليوم لتكملوا الطريق؟ هل انتظرتم دعماً ومساعدة من حكام العرب حين خرجتم إلى الطرقات تهتفون للحرية، فأنتم تنتظرون دعمهم ومساعدتهم لتمضوا في الثورة؟
أحسبُ أنكم لم تتكلوا يومها إلا على الله، فاعتبروا بعثة الجامعة فاصلاً فكاهياً (كوميدياً) في ثورتكم، استمتعوا به قليلاً واضحكوا قليلاً، ثم امضوا في الثورة على بركة الله.
مجاهد مأمون ديرانية
كوميديا “بعثة المراقبين العرب”
-1-
جاء في الأخبار أن اللجنة الوزارية العربية المكلفة ببحث الملف السوري “اعتبرت في ختام اجتماع لها في القاهرة مساء الأحد أن الحكومة السورية نفذت جزئياً التزاماتها للجامعة العربية”. ودعت اللجنة في بيانها الختامي الحكومةَ السورية “إلى التقيد بالتنفيذ الفوري والكامل لجميع تعهداتها، مع الأخذ في الاعتبار التقدم الجزئي في تنفيذ بعض الالتزامات التي تعهدت بها الحكومة السورية بموجب خطة العمل العربية”.
التعليق: حسناً، ما الذي فعله النظام السوري منذ وطئت قدما أول مراقب أرضَ سوريا حتى استحق أن يُشاد مرتين بالتزامه “الجزئي” بالمبادرة؟ انخفضت حصيلة القتل من أربعين شهيداً في اليوم إلى بضعة وعشرين. هذا الأمر يُفهَم على الوجهين، فإما أن النظام كان ينبغي أن يقتل أربعين في كل يوم فنفّذ المهمة جزئياً وقتل عشرين فقط، أو أنه كان ينبغي أن يتوقف عن القتل تماماً ولكنه قتل عشرين. على أي وجه فهمنا المسألة: ماذا تتوقعون من الشعب السوري يا سادة؟ أن يشكركم لأنكم تراقبون باسترخاء وصمت، وربما بشيء من الرضا أيضاً، قتلَ مئة وخمسين سورياً في كل أسبوع؟
-2-
وجاء في التقرير “أن مراقبي البعثة تجوّلوا في معظم المناطق السورية، وأن هناك مضايقات تعرضوا لها من قِبَل الحكومة السورية ومن قِبَل المعارضة”.
التعليق: صحيح، هذه أنا أشهد بها، فقد شاهدت مقطعاً مصوراً يُظهر شخصاً سمجاً ثقيل الدم وهو يصرّ على أحد أعضاء البعثة بالدخول إلى بعض المناطق المنكوبة في حمص، والمراقب يرفض ويتمنع. ما هذه اللجاجة يا أيها المزعج الثقيل؟ لماذا تضايقون الرجل؟ ها هو قد سجّل في تقريره “مضايقات من قبل المعارضة”، هل رضيتم الآن؟ أمَا كان الأفضل أن تتركوه ليتجول في المناطق السياحية ويلتقط بعض الصور التذكارية ويأكل صحن “كشك الفقراء” ثم يعود إلى بلده ليَذْكركم بخير؟ كان على الأقل لم يضمّن تقريره “مضايقات” المعارضة!
-3-
وقال التقرير “إن أفراداً في البعثة رصدوا وجود قتلى في الشارع تتهم الحكومةُ المعارضةَ بقتلهم في حين أن المعارضة تحمّل القوات السوريةَ مسؤولية قتلهم خلال التظاهرات”.
التعليق: هذه المعلومات مهمة جداً؛ ربما قتلت المعارضةُ أولئك الناس وربما قتلتهم الحكومة. أرأيتم كم كانت ستضيع على العالم من حقائق مهمة لو لم تذهب بعثة المراقبين العرب إلى سوريا؟ ومع ذلك يطالب بعض السخفاء بإنهاء مهمتها! من سيكتشف أمثال تلك الحقائق المذهلة لو لم يكونوا موجودين؟
-4-
ثم جاء في التقرير “دعوة الحكومة السورية ومختلف الجماعات المسلحة إلى الوقف الفوري لجميع أعمال العنف”.
التعليق: هذا هو رأيي في الموضوع أنا أيضاً. يجب أن يتوقف الجيش الجمهوري الأيرلندي والجيش الأحمر الياباني ومنظمة إيتا الباسكية الانفصالية عن أعمال العنف التي حصدت الضحايا الأبرياء وأساءت إلى سمعة الثورة السورية السلمية. ولا ننسى أيضاً القاعدة التي نقلت مؤخراً قوتها الضاربة من أفغانستان إلى كفرسوسة والميدان! نعم، يجب أن تتوقفوا عن العنف يا جماعة، وإلا فسوف تشعر الجامعة بالحرج ولن تستطيع أن تطالب قوات النظام بالتوقف عن العنف من طرف واحد. أرجوكم أوقفوا العنف ولا تفضحونا!
-5-
وطلبت اللجنة من رئيس البعثة تقديم تقرير شامل في التاسع عشر من كانون الثاني الحالي إلى الأمين العام للجامعة العربية عن مدى التزام الحكومة السورية بتنفيذ تعهداتها بموجب خطة العمل العربية”.
التعليق: أرجوكم (وبالعامية: مشان الله) لا تغلّبوا أنفسكم، فعلاً لا نريد أن نتعبكم أكثر مما أتعبناكم حتى الآن.
-6-
وأخيراً خُتم البيان الهام بالدعوة إلى مساعدة بعثة المراقبين العرب بشتى الطرق.
التعليق: أنا والله لا أملك الكثير، يعني كما يقول العامة في المثل: “العين بصيرة واليد قصيرة”، لكني مع ذلك أتبرع بدستة دفاتر وعشرة أقلام رصاص من النوع الفاخر الذي توجد في رأسه ممحاة، فربما شاهد المراقب دبابة في حمص فكتب “رأينا دبابة”، ثم اختفت الدبابة، فماذا يصنع؟ هنا يأتي دور الممحاة. أرجو أن لا يُقال إني بخيل إذا اقتصرَت تبرعاتي لبعثة المراقبين على ورق وأقلام، فإن الجود بالموجود، ولا تنسوا أن هذه المساهمة البسيطة سوف تسد فراغاً كبيراً في تجهيزات بعثة المراقبين العظيمة.
* * *
يا أيها المجاهدون الثائرون في أرض الشام: هل استأذنتم جامعةَ العرب قبل أن تبدؤوا ثورتكم، فأنتم بانتظار موافقتها اليوم لتكملوا الطريق؟ هل انتظرتم دعماً ومساعدة من حكام العرب حين خرجتم إلى الطرقات تهتفون للحرية، فأنتم تنتظرون دعمهم ومساعدتهم لتمضوا في الثورة؟
أحسبُ أنكم لم تتكلوا يومها إلا على الله، فاعتبروا بعثة الجامعة فاصلاً فكاهياً (كوميدياً) في ثورتكم، استمتعوا به قليلاً واضحكوا قليلاً، ثم امضوا في الثورة على بركة الله.