أن تستعين الجامعة العربية، وأمينها العام نبيل العربي، بحركة حماس الإخوانية لإيصال رسالة مع خالد مشعل إلى بشار الأسد من أجل إقناعه بضرورة وقف العنف ضد السوريين العزل، فإن ذلك يعني، وبكل بساطة، أمرين اثنين؛ الأول أن نظام بشار الأسد بات مرعوبا فعلا من اقتراب لحظة سقوطه، والأمر الثاني هو فشل الجامعة العربية، وأمينها نفسه، وبشكل واضح.
فعندما نقول إن الأسد بات مرعوبا من مآل الثورة السورية، التي أصبح من الواضح أنها تؤدي إلى تصدع كيانه الداخلي، فلذلك أسباب يعرفها جل المعنيين بالملف السوري من المسؤولين العرب، وخصوصا من زاروا دمشق أول أيام الثورة، ففي ذلك الوقت تبرعت قيادة حماس بعرض إمكانية توسطها بين الإخوان المسلمين في سوريا والنظام الأسدي الذي، وقتها، جُن جنونه من «تجرؤ»، و«تطاول» قيادة حماس على تقديم مثل ذلك العرض، بل إن ردة فعل النظام الأسدي بلغت حينها حد المرارة، وكانت القيادة الأسدية تروي قصة عرض حماس لزوارها، من باب «هل تصدقون هذه الوقاحة؟!»، لكن ما حدث اليوم هو أن النظام الأسدي نفسه قَبِل بتلك الوساطة، وهذا يعني أن نظام بشار الأسد بات في ورطة وضعف، ورعب كذلك، مما جعله يقبل بوساطة شخص مثل خالد مشعل الذي كان، وإلى العام الماضي، ورقة من ضمن أوراق اللعب بيد بشار الأسد نفسه!
وهذا ما يختص بنظام الأسد، وقبوله وساطة مشعل، أما بالنسبة للجامعة العربية، وأمينها العام، بعد الإعلان عن وساطة حماس، فإن ذلك يعني، وبكل وضوح، فشل الجامعة العربية، وأمينها العام، كما أن تلك الوساطة تعد بمثابة خيبة أمل حقيقية لكل من اعتقد، مخطئا، بأن الجامعة العربية باتت تحاول العمل وفق مفهوم الدول والمؤسسات، وليس مفهوم الاستعانة بخالد مشعل الذي تموَّل حركته من قبل إيران، مما يجعل حماس مثلها مثل العميل الإيراني الآخر حزب الله، حيث يعدان حليفين لطهران، التي تعلن دعمها للنظام الأسدي، بل إن إيران تقول بأن دعمها للأسد أمر لا يقبل المساومة..فكيف بعد كل ذلك تستعين الجامعة العربية بحماس، أو خالد مشعل، من أجل إقناع الأسد بوقف العنف؟
أمر لا يصدق بالطبع، ودليل واضح، وفاضح، على فشل الجامعة العربية، وأمينها العام فهل يعقل، وبعد كل التصريحات الصادرة من الجامعة، وأمينها، ورئيس اللجنة الوزارية المعنية بسوريا، الشيخ حمد بن جاسم، أن ينتهي الأمر بأن تلجأ الجامعة العربية لخالد مشعل من أجل إقناع الأسد بوقف العنف؟ وعليه، وطالما أن هذا هو مستوى الجامعة العربية، وهذه هي العقلية التي تدار بها، فعلينا ألا نفاجأ غدا في حال استعانت الجامعة العربية بزعيم حزب الله حسن نصر الله من أجل إقناع إيران بعدم إغلاق مضيق هرمز! حقا إنه أمر محزن، ومعيب والله.